فوزي الاتروشي
الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 23:03
المحور:
حقوق الانسان
مواطن التردي في حياتنا الاجتماعية كثيرة ومتعددة وكلما كشفنا عن ظاهرة سيئة تتراءى أمامنا عشرات أخرى. أحد هذه الظواهر انعدام النظافة في المكاتب والمؤسسات والدوائر والشوارع والأسواق، مما جعل بغداد وكل المدن العراقية تغرق في أكوام النفايات والقاذورات، إلى حد دخلت بغداد في سجل المنظمات الدولية كأسوأ مدينة للعيش. والأنكى من ذلك إن اللوم كله يلقى على قطاع التنظيف والجهات المعنية مباشرة بالنظافة، في حين إننا جميعا كمواطنين ومسؤولين مطالبون بهذا الأمر الذي يؤشر للأناقة والجمال وكل ما هو حضاري، فمهما عمل واجتهد عمال التنظيف لن يكونوا قادرين على انجاز المهمة دون أن نتعاون معهم ونشاركهم العمل من خلال الحفاظ على نظافة أماكن العمل والتقليل من كمية النفايات .وابعد من ذلك فان العراق احد البلدان القلائل التي ينظر فيها إلى عاملات وعمال التنظيف نظرة دونية وهامشية متعالية دون اعتبار لإنسانية هؤلاء وكونهم في الواقع رفعة رأس لهذا الوطن. فنجد هذا الموظف أو ذاك يحجم عن القيام حتى بمسح الغبار عن كرسيه ومكتبه وجهاز الكمبيوتر الذي يعمل عليه بدعوى وجود منظفين وبدعوى أن هذا العمل ليس من صلب مسؤولياته وبحجة انه خريج كلية وتنظيف مكانه امتهان لكرامته أو استصغار لقيمة الشهادة التي حصل عليها، دون أن يدرك إننا كلما ازددنا ثقافة وتعليما وكلما كانت شهاداتنا اكبر تكون مسؤولياتنا تجاه النظافة اكبر وأوسع، لان النظافة مؤشر حضاري وجمالي وبيئي وجزء من شخصية الإنسان في محيطه، وفي النهاية هو جهد وطني أيضا يؤشر لمسؤولية المواطن أيا كان مقامه تجاه الوطن.
إن المواطن الذي يتقاعس ويتكاسل ويعمد إلى رمي الأوساخ في الشوارع والموظفة والموظف الذي يمتنع عن المشاركة في جهد النظافة في المكتب ويعتبره أمراً لا يليق به إنما يرتكب فعلا اجتماعيا كريها ويساهم في مراكمة النظرة غير الإنسانية إلى العاملين في قطاع التنظيف.
لذلك نقول بصوت عال أن كل الدول المتقدمة في العالم لم تظهر بهذا المظهر اللائق الذي نراه الا بعد ان تحول كل المواطنين الى مساهمين في نظافة واناقة البلد وبعد ان رفعوا من قيمة واجر وأهمية الجهود المبذولة من العاملين في قطاع النظافة ، وفي النهاية تحول الكل الى عامل نظافة في موقعه وفي بيته ومحيطه وفي الدائرة التي يعمل فيها، وبدون ذلك يبقى البلد جبالاً من النفايات ومصدراً للأمراض وفاقدا لأي مظهر من مظاهر الأناقة والجمال.
انها دعوة منا للحفاظ على المباني والمؤسسات التي كلفت الدولة العراقية ملاييـــن الدولارات من خلال صيانتها وحمايتها والحفــاظ على جماليتها، ولا يكون ذلك الا بان نكون نحن جميعا وفي أي مستوى كنا عمال تنظيف بالمعنى الحضاري للكلمة، وأي مثقف يدعي خلاف ذلك تنعدم عنه صفة الثقافة مهما علا شأنه، فالثقافة في أجمل تجلياتها هي الطهارة والنقاء والجمال والبيئة الصالحة للعمل والحياة.
19/1/2014
#فوزي_الاتروشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟