أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - رثاء المهندس خالد الغازي














المزيد.....

رثاء المهندس خالد الغازي


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4340 - 2014 / 1 / 20 - 12:44
المحور: المجتمع المدني
    


رثاء المهندس خالد الغازي
بعض البشر يغيبون روحا وذكرا قبل غياب الاجساد ، والبعض الآخر يبقى روحا وذكرا سنوات بل مئات السنوات وربما يبقون إلى يوم النهاية بعد موتهم , كما في قول الشاعر :
كم مات قوم وما ماتت مكارمهم ... وكم عاش قوم وهم في الناس أموات .
صحيح أن الزمن لابدّ أن يُقلّص ما قد يكون لدى الإنسان من آمال وطموحات ، وصحيح أيضا أن طموحاتنا وآمالنا تتضاءل مع مرور الأزمان وتصبح أقل إلحاحية ، وصحيح كذلك أنّ حماسنا وسعينا لتحقيقها قد يتناقص كلما تقدمت بنا الأعمار . لكن تعلقنا بالحياة لا يتناقص مهما تقدمت بنا السنين ، وتشبتنا بالبقاء والخلود لا يتضاءل ولو شاخت الأجساد و ترهلت الأطراف ..
ونحن في عز جنون نسياننا للموت ، وفي غمرة تعلقنا بخلود زائف ، ووهم بقاء كاذب ومخادع ، رنت فجر اليوم الخامس عشر من شهر يناير من العام 2014 ، ، نفس الأجراس التي رنت في نفس شهر الأحزان والأكفان من العام الماضي والذي سبق ان حرمني في 2/1/2013 منه ، حنان والدتي ، وقبلها ، حرمت زوجتي من أمها "حماتي " في 17/1 من نفس الشهر ، وها هي أجراس الموت عينها ترن مرة أخرى خلال شهر المشؤوم هذا ، العامر جعبته بأخبار اليتم المفاجئ ، بسهامه المعدة ، والتي تبحث لها عن ضحايا تصيبهم اليوم أو غدا . رنت اجراس يناير تحمل نبأ موت احد الأحبة من مصر ، المهندس خالد الغازي ، الذي جحظت من وقعه رزيته الأعين ، وصمتت من هولها الأصوات ، وبهتت من قسوتها النفوس ، وكادت القلوب من شدة وطأتها تتوقف عن نبضها ، وقاربت الأنفاس من جراء ثقل ألمها من الاختناق في مسالكها ؛ كان المصاب جللا ، والوقع مؤلما . ونحن كما نحن ، نلطم الكف بالكفّ ، نتحسر ونتأسف ، مسلمين للقضاء ، غير مصدقين بوقوع البلاء ، وكأننا لم نكن نعرف أن الموت هو نهاية الرحلة ، وأن زورق الحياة تدفع به الرياح من غير توقفٍ صوب النهايات!! .
حاولتُ أن ألطف أجواء الحزن والأسى المخيم على روحي ووجدان زوجتي ، باستعادة مخزون ذكرياتي مع الفقيد رحمه الله ، فمرت بخاطري أحداث من الماضي القريب جعلت بسمة خفيفة حميمة تعتلي وجهي ، ما أثار فضول زوجتي الغارقة في دموعها ، متسائلَة بحزن عينيها عما حل بي ... فاسترسلت أسرد عليها ما تذكرته من لحظات فرح عشناها صحبة المرحوم ، غفر الله له ، خلال عقيقة حفيدتنا الغالية "لينا" حفظها المولى عز وجل ، وضحكاته ذات النكهة الخاصة المعبقة بالصدق والعفوية -المفقودة بين الأنام في هذا الزمان - التي لازلت موسيقاها تداعب سمعي ، وهو يسوق الاطفال في "قطار زغنطووط" ويلف بهم جنبات الحديقة ، مرددا أغنية " سوق سوق قطر زغنطوط " وملامح الرضا المشعة من خنايا روحه الطيبة ، تطفح بريقاً ولمعاً على أديم وجهه كالطوفان يغمر الحفل والمدعوين بمرحه الذي لا تغيب عنه كياسته اللامحدودة ، وتواضعه العظيم .
هزت زوجتي المصعوقة رأسها بكل ما تبقى لديها من قوة وطاقة هزة خفيفة مؤكدة على أن طيبته حكاية نقشتها أنامل الزمان على بهاء طلعته التي كلما أمعن المرء النظر فيها ، كلما زادت ملاحها سطوعا وألقاً ورقيا ، وزاد تقديره لذاك الألق المتفرد والرقي النبيل والمتميز .
فكن على يقين أيها الطيب النبيل ، أن خروجك المبكر من قلب حياتنا ، تركِنا نلوك الوحدة متعطشين لرنين صوتك ، وبسمة ثغرك ، ورقة أحاديثك ، وبهاء نظراتك ، تلك النظرات التي علمت المحيطين بك معاني التحمل والصمود ، وعلمتنا أن الإرادة خير معين للبقاء تحت سماوات الوجود .
وكن على يقين كذلك أيها الصديق الصادق ، والأخ الحنون ، والرفيقة النبيل ، أن روحك ستحوم في أرجاء دنيانا طالما بقينا من أهلها ، ووجهك الباسم سيتربع على محراب صلواتنا وادعيتنا ما عمرنا فيها ، ونجمك المشع حنانا ، سيسطع ألقاً في آفاق حياتنا مع كل مطلع الشمس ومغربها دون أن يأفل ..
وكن على يقين أيضا أيها الخل الوفي ، أن هذه الكلمات لا تفي بحق مقامك ولا مقدارك ، ولكنها حروف من وفاء نابعة من الاعماق لا بد منها لرجل يستحق كل الوفاء ، وسلام على روحك ، وارقد بطمأنينة وسكينة في مضجعك السرمدي تحت وشاح ثرى وطنك الذي أحببته وخدمته بقلبك وروحك وفكرك ، واعلم أنّك ستبقى خالداً في ذاكرة أهلك وأحبابك وأصدقائك وكل عشاق رياضة سباقات السيارات ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا المهندس خالد غازي .
- كفى فتنة ، فقد بلغ السيل الزبى!
- الحملات العنصرية الخاسرة للإسلاميين ضد الأمازيغ .
- كل عام و -رجال العام - ، بكل خير !
- الويسكي والشمبانيا في ميزانية 2014 للحكومة الإسلامية !
- كل عام وانتم بالف خير ...
- تشييع جماعة الإخوان إلى مثواها الأخير !
- بياض الثلج يزين حمرة لافتات المشاركة في استفتاء الدستور..
- الرياضة والسياسة (5) .
- حفل افتتاح الكارثي وفاشل بكل المقاييس
- جولة في مطاعم الفول الشعبية 2
- جولة في مطاعم الفول الشعبية
- رحيل طود الشعر العامي المناضل ، أحمد فؤاد نجم..
- الرياضة والسياسة (3)
- الرياضة والسياسة (4)
- الرياضة والسياسة (2) الشعارات السياسية في ملاعب كرة القدم .
- الرياضة والسياسة ، شارة رابعة مثالا !
- أكاذيب موضوعة لزعزعة الأمن القومي !!
- محاكمة رؤساء مصر جرس إنذار لجميع الرؤساء .
- مراسلة حية من دار أبرا القاهرة .


المزيد.....




- الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت ...
- الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
- اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
- الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
- عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي ...
- غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب ...
- أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
- جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
- العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - حميد طولست - رثاء المهندس خالد الغازي