أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - بيسان عدوان - مخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين















المزيد.....


مخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين


بيسان عدوان

الحوار المتمدن-العدد: 1234 - 2005 / 6 / 20 - 06:19
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


مخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين
من 1948 - 2004

رغم عقود التهجير الطويلة لا زالت ثقافة العودة تشكل قلقا كبيرا في الكيان الاسرائيلي اذ ان معاناة اللاجئين في مخيماتهم وإصرارهم على حق العودة دليلا واضحا علي بقاء المشكلة الفلسطينية حية ولا يمكن ان تحل دون تطبيق قرار 194 القاضي بعودتهم وتعويضهم، ولا يمكن لاي قيادة سياسية ان تتنازل عن تلك المسالة او تتجاهلها . اخذت اسرائيل تدرك حقيقة حق العودة كمركب رئيسي في معادلة الصراع، ولذلك حاولت منذ عقود خلت تفريغ حق العودة من مضمونه بمشاريع وخطط سياسية الى ان وصل الأمر الى حد المناداة العلنية بتنفيذ عمليات توطين اللاجئين حيث هم في اماكن اللجوء بمساعدات دولية وعربية ،وكان مؤتمر هرتسيليا الخامس نوفمبر 2004 ذروة الهجوم الاسرائيلي على حق العودة بمطالبة واضحة بتوطين اللاجئين قبل حل القضية الفلسطينية كما اعلن وزير الخارجية والمالية الاسرائيليين شالوم ونتنياهو والتصريح الواضح لرئيس الوزراء الاسرائيلي شارون باسقاط حق العودة.
مشاريع التوطين ليست جديدة فهي قديمة طرحت منذ عقود عديدة، ولكنها لم تجد طريقها للتطبيق، وهي في مجملها ستشكل بطريقة او بأخرى الصيغة التي تطرح الآن لتوطين اللاجئين وتوزيعهم في اماكن تواجدهم وعدد من دول العالم ، وما يلاحظ ان المشاريع الدولية التي تطرح لتوطين اللاجئين الفلسطينيين خاصة الأمريكية منها يتم اعدادها في مراكز ابحاث ودراسات يشرف عليها يهود امريكيون من بينهم الباحثة اليهودية دونا ايزرت ،التي اعدت عام 1999 مخطط توطين على طلب الحكومة الامريكية لصالح جامعة سيركوز في ولاية نيويورك، تضمن الدعوة لتهجير واعادة توزيع خمسة ملايين و257 الف فلسطيني على دول منطقة الشرق العربي وبعض دول الغرب كحل نهائي للصراع العربي الصهيوني.
ويطالب المخطط الاردن باستيعاب (توطين) 168 الف لاجئ حتى عام 2005، بالاضافة الى توطين 1,182,000 لاجئ فلسطيني يتواجدون حاليا في الاردن، وسوريا 75 الفا وتوطين مثلهم في لبنان ،اضافة الى 519 الفا في السعودية والكويت والعراق ومصر، بالاضافة الى 446 الفا موجودين حاليا في الدول الاربعة الاخيرة.
وتقترح ايزرت استيعاب (توطين) 90 الف لاجئ في دول اوروبا والولايات المتحدة وكندا، عدا المتواجدين فيها اصلا، كما اقترحت 75 الف لاجئ من الدول العربية الى فلسطين المحتلة من عام 1948 بشرط ان يثبتوا انهم سكنوا فلسطين قبل النكبة او ان لهم اقارب حاليا يعيشون في "اسرائيل" وهؤلاء سيدفع لهم تعويضات من كيس الدول العربية، عبر التعويضات التي تطالب بها مقابل املاك اليهود، الذين غادروها منذ بدء الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، وكل ذلك يتوافق تماما مع الموقف الاسرائيلي المطالب بالتوطين واستيعاب رمزي محدود لعدد من اللاجئين الفلسطينيين في الكيان الاسرائيلي وعدم الاستعداد للمشاركة في أي تمويل من خلال اقتراح ايزرت مشاركة دول الغرب ودول الخليج في توفير الموارد المطلوبة لما تسميه باعادة توزيع الفلسطينيين في العالم، أي توطينهم.
هذه هي الصورة الرئيسية للمشروع الامريكي لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في اماكن تواجدهم وعدد من دول العالم وهو قابل للتغيير في بعض بنوده الخاصة فيما يتعلق بلبنان،اذ ان المعارضة اللبنانية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ،واخذت الولايات المتحدة بالحسبان مسألة التوزيع الديمغرافي المسيحي والإسلامي وتأثيره على استقرار المسيحيين في لبنان من خلال رجحان كفة المسلمين بإضافة نصف مليون مسلم من اللاجئين الفلسطينيين في بلد يبلغ عدد سكانه مليون نسمة سيكون دافعا للتراجع الأمريكي بشأن التوطين في لبنان ،وهو ما يفتح صفحة العراق كي يتم توطين مليون لاجئ فلسطيني في جنوبها او وسطها ،وقد طرح هذا الموقف في رسالة سلمت لرئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز في عهد الرئيس السابق صدام حسين من مجموعة اللوبي اليهودي في الكونغرس الأمريكي ، عندما زار وفد من مساعدي اعضاء في الكونغرس الامريكي العراق عام 1999، والثمن المفهوم مقابل ذلك هو رفع الحصار عن العراق في حينه،واحتلال العراق الآن يشكل الان فرصة مناسبة لتنفيذ مخطط التوطين في العراق
ان مسألة التوطين، ترتبط بشكل متلازم مع التعويض، وبما ان المشاريع التوطينية تقترح توطين ما يقارب من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، فان المبالغ المطروحة تعويضا عن ذلك ستسيل لعاب البعض ،خاصة الدول، التي تعاني من اوضاع اقتصادية صعبة، من بينها الاردن ،اذ تقدر خسائر الفلسطينيين الذين هاجروا من فلسطين عام 1948 وفق صحيفة القدس 18/1/1999 بحوالي 1,182 مليار جنيه فلسطيني حسب تقرير مخمن الارض في لجنة التوفيق في شأن فلسطين التابعة للامم المتحدة في الخمسينات باسعار عام 1948 وتصل الى 184 مليار دولار باسعار عام 1984 حسب تقديرات محايدة ،وباسعار عام 99 فان المبلغ سيزيد بما لا يقل عن 25% من قيمته في عام 1984 ،وهكذا فان مائتي مليار دولار ستكون ساحة صراع مفتوحة بين اطراف المنطقة العربية للفوز بها ،مما سيجعل مشروع التوطين يلاقي النجاح المطلوب.
تستغل تل ابيب الوضع الجديد الذي عقب رحيل الرئيس عرفات من اجل إعادة طرح وتطبيق الخطط التوطينية للاجئين الفلسطينيين والتي تتشابه الى حد كبير مع خطة ايزرت اذ أكد مصدر دبلوماسي اوروبي لصحيفة الوطن السعودية 1/1/2005 ان رئيس الوزراء الاسرائيلي أرييل شارون طرح على دول الاتحاد الأوروبي خطة تهدف إلى إنهاء مشكلة لاجئي 48 الفلسطينيين من حيز الوجود، وذلك عبر إقامة مناطق عمرانية ثابتة ومبان، وتسكينهم داخل دول الجوار المتواجد بها مخيمات اللاجئين، وأكد المصدر أن الخطة الاسرائيلية تتضمن، مطالبة الدول التي تساعد السلطة الفلسطينية على رأسها الاتحاد الأوروبي الممول الرئيسي لعملية السلام، وكذلك البنك الدولي بتوجيه نسبة من أموال الدعم والمساعدات إلى بناء مساكن دائمة للاجئين وأسرهم بدلا من المخيمات المؤقتة التي يقيمون بها حاليا،ونقل عدد من اللاجئين المتواجدين في دول الجوار بالمخيمات إلى أماكن أخرى عمرانية داخل دول الجوار لتذويبهم في المجتمعات العربية وتوفير الخدمات لهم والمرافق وإزالة أسباب شكواهم من الاقامات المؤقتة بالمخيمات.
وذكر المصدر أن وزارة الخارجية الاسرائيلية تعد الآن للتحرك الدبلوماسي والسعي لدى دول عربية وأوروبية، لممارسة الضغوط للحصول على دعم لهذه الخطة وزيادة موازنة الأنروا للعام الجديد 2005 بمبلغ 339 مليون دولار وبنسبة قدرها 7و2% عن العام المنصرم 2004، لتحويل هذه الزيادة لإقامة مساكن ثابتة يستوطن بها اللاجئون.
وأشار المصدر الأوروبي الى ان اصرار شارون لإبعاد الدور الأوروبي عن عملية السلام أو أي مفاوضات مرتقبة وراءه رفض معظم دول الاتحاد لهذه الخطة، وسبق وأن حاول وزير الإسكان الصهيوني السابق ناتان شارانسكي مثل هذه الخطة حيث تقدم في 2002 للمجتمع الدولي بحل مشكلة اللاجئين على هذا النحو، إلا أن العرض لاقى الرفض، خاصة من الدول الأوروبية والدول الغربية الديمقراطية على رأسها كندا.
الهجمة الاسرائياية على حق العودة ومحاولة إخراج خطط التوطين إلى حيز الوجود تتطلب موقفا فلسطينيا جادا وحازما يؤكد على التمسك بحق العودة وعدم الاكتفاء بحل عادل لقضية اللاجئين وفق القرار 194 كما يطالب أبو مازن في برنامجه الانتخابي ومواقفه المعلنة الأمر الذي يعني إخضاع قضية اللاجئين للتفاوض وفق الرغبات والمخططات الاسرائيلية هذا بجانب الخروج بوثيقة فلسطينية تؤكد على إجماع جميع القوى الفلسطينية على حق العودة ورفض مخططات التوطين.
كان مؤتمر هرتسيليا الخامس الذي انعقد بين 14-16 كانون اول الماضي المنبر الأول الذي يطالب فيه قادة اسرائيليين رسميين بتوطين اللاجئين حتى قبل التفاوض حول مشكلتهم، وجعل ذلك شرطا لإمكانية التوصل الى تسوية مع السلطة الفلسطينية فاعتبر سيلفان شالوم في خطابه امام المؤتمر ان "حجر الاساس المركزي في بناء الثقة كان وما زال المطالبة بـ(حق) العودة واستخدام (الارهاب). علينا ان نعمل من اجل ازالة حجر الاساس الكامن في ادعاءات العودة الفلسطينية" ، وزاد الامر وضوحا "ان الطريق للقيام بذلك هي بواسطة اقوال واعمال فلسطينية. ان يقول الفلسطينيون انهم ينوون ترميم مخيمات اللاجئين في الاماكن التي تتواجد فيها اليوم. على العالم اجمع ان يرمم مخيمات اللاجئين. ثمة فائدة كبيرة في الجهود لترميم مخيمات اللاجئين للفلسطينيين ولنا وللعالم".
وذهب شالوم بعيدا بجعل التوطين يزيل اسس ما اسماه العداء لاسرائيل، وأشار قول شالوم بان "ترميم المخيمات سيثبت ان الادعاء بالعودة ليست جزءا من العلاقات بين الشعبين" الى ان قضية اللاجئين تبقى الجزء الحي والمعلم الأساس الذي بدون حلها لا يمكن تصفية القضية الفلسطينية"، واكد حقيقة المراد الاسرائيلي من الحل الذي ترتأيه بطي صفحة اللاجئين عبر قوله ان "ثمة حاجة لان يقول الفلسطينيون بوضوح ان تطلعاتهم الوطنية لا تشمل عودة اللاجئين الى تخوم (إسرائيل)".
اما رئيس الوزراء الاسرائيلي ارئيل شارون فقد تباهي بتوافقه مع الولايات المتحدة بشأن اسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى حدود 1948، فيما طالب نتنياهو وزير المالية الصهيوني بجانب إجراء الانتخابات الحرة، النقاش المفتوح والشفافية الاقتصادية لدى الفلسطينيين ان يتم" جهد حثيث لتفكيك مخيمات اللاجئين وابعاد العنف عن هذا المجتمع". وبذلك جعل نتنياهو اصرار الفلسطينيين على حق العودة هو ارهاب وعنف كما فعل شالوم حين وصف تمسك الرئيس الراحل ياسر عرفات بحق العودة بأرث عرفات (الارهابي) ، وقال نتنياهو" كل الخطوات التي يفعلها حكم متنور وحر، هي في واقع الامر الضمانة الافضل في ألا يقوم خلف الجدار نظام (ارهابي) جديد".
وبجانب هذه المواقف العلنية بادرت تل البيب الى تحركات فعلية لاخراج رؤية التوطين الى حيز الواقع ففي تصريحات للمدير العام لوزارة الخارجية الاسرائيلية رون بروسور قال لإذاعة الجيش الاسرائيلي 15/12/2004 أن وزارته تعد مخططا لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة وسوريا ولبنان. والذي في سياقه يمول المجتمع الدولي تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، في قطاع غزة أولا وبعد ذلك في الضفة الغربية ثم في سوريا ولبنان. وأشارت إلاذاعة إلى أن وزير الخارجية الاسرائيلية سيلفان شالوم، توجه مؤخرا إلى الدول المانحة والبنك الدولي مطالبا برصد أموال للمخطط الاسرائيلي، ونقلت الإذاعة عن مصادر سياسية اسرائيلية قولها إنها "ستطلب من دول العالم أن تستوعب لاجئين فلسطينيين في أراضيها"!
وفي ذات السياق تعتبر تل ابيب ان وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات فرصة مناسبة لإزالة هذا الموضوع عن جدول الأعمال اليومي وعن المباحثات المستقبلية حول الاتفاقات الدائمة، وتشير مصادر أوروبية وفلسطينية عن تكثيف نشاط عدد من المنظمات اليهودية وسعيهم لدى الجاليات الفلسطينية من اللاجئين في الدول الأوروبية، لتشجيعهم وحثهم على شراء عقارات وتملك أراضي في العراق. وتزعم المنظمات اليهودية أن مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في العراق سيكون أفضل من مستقبلهم في أوروبا،. وكشفت المصادر أن المنظمات اليهودية أوفدت رجالات المال والأعمال والاستثمار إلى أوساط الجاليات الفلسطينية لعقد اتفاقيات لاستثمار وشراء العقارات، والقيام نيابة عن الفلسطينيين بكافة الإجراءات المعقدة لإتمام عمليات الشراء مقابل نسبة طفيفة من العمولة، وأن هؤلاء يقومون أيضا بإغراء الفلسطينيين عن طريق القيام بهمزة وصل لتوصيلهم بوكالة أمريكية للاستثمار في العراق، وتقوم الوكالة الأمريكية بتقديم التسهيلات اللازمة للفلسطينيين، ولا يقتصر التركيز على الأثرياء من اللاجئين الذين استطاعوا تكوين ثروات في البلدان الأوروبية، بل على اللاجئين المعدمين أيضا والذين يمتلكون القليل. وأجمعت المصادر على أن الوكالة الأمريكية للاستثمار والتي يشتبه في أنها تابعة للاستخبارات الأمريكية، بجانب المنظمات اليهودية تبذل مساعي مماثلة لدى اللاجئين الفلسطينيين في الأردن، وأن هذا المخطط تهدف تل أبيب من ورائه لترحيل مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين إلى العراق بوصفهم ملاكاً للأراضي والعقارات ومستثمرين، بعد أن فشلت سياسيا في تنفيذ مثل هذا المخطط وإزاحة اللاجئين الفلسطينيين للأراضي العراقية، وذلك لإنهاء مشكلة اللاجئين والذي يعد من أهم وأخطر الملفات الخلافية بين إسرائيل وفلسطين في كل محاولات التفاوض والتسوية التي مر بها الجانبان.
وأكدت المصادر على خطورة هذا المخطط، حيث سيفتح مستقبلا في العراق نيران خلافات تهدد بحرب أهلية بين العراقيين والأقليات الفلسطينية على غرار ما حدث في لبنان سابقا.
وتتماثل هذه الفكرة مع فكرة الترحيل التي كشفت عنها معاريف بتاريخ 13/8/2004 بعد حرب حزيران عام 1967 وكانت محاولة لإغراء سكان غزة على الهجرة الى امريكا اللاتينية لقاء حفنة من الدولارات والوعود الكاذبة حيث عملت في غزة وحدة سرية حددت المرشحين، انتظرهم الموساد في باراغواي، ولكن الصفقة تعقدت، عندما اندفع أحد المهاجرين الفلسطينيين الى السفارة الاسرائيلية وقتل زوجة القنصل.
ولم تكف تل ابيب عن طرح مشروع توطين اللاجئين في سيناء ورغم ان زعيم حزب المفدال الديني ايفي ايتام هو الذي اقترح في السنة الماضية هذا المشروع الا ان المعلومات تشير الى ان حكومة شارون بحثت هذا الموضوع وقامت أوساط اكاديمية اسرائيلية بطرحه في خطة متكاملة في مؤتمر هرتسيليا الخامس ضمن تسوية ثلاثية مع مصر والاردن وسوريا تشمل تبادل لللاراضي بحيث يتم توطين أبناء غزة في سيناء مقابل 200كم2 تحصل عليها مصر في منطقة النقب والأردن مطالب بالتنازل عن 300كم2 لتعويض سوريا عن أراضي الجولان وإقامة طريق بري بين مصر والأردن والعراق والسعودية لإنشاء كويز إقليمي بقيادة الاسرائيلي.
وأكدت المعلومات أن شارون هو الذي شكل الفريق الذي صاغ الخطة وتشاور بالفعل حول هذه الخطة مع وزيرة الخارجية الأمريكية الجديدة كونداليز ارايس، وأن الأخيرة قدمت تقريرا مرفقة به الخطة إلي الرئيس جورج بوش، وترى الخطة انسحاب الاسرائيلية من غالبية أراضي قطاع غزة، بحيث لا يكون الانسحاب كاملا ، وتشير الخطة هنا إلي أن قطاع غزة في أراضيه ذو حجم ضيق، وفي نفس الوقت فإن الكثافة الفلسطينية فيه تبدو غير طبيعية وانه إذا تم اقتطاع أي جزء من القطاع، فلابد أن يكون هناك أحد حلين اما تعويض الفلسطينيين بالحصول علي جزء آخر من الأراضي،او وإما ترحيل عدد من الفلسطينيين المقيمين في هذه الأراضي إلي خارج القطاع.
وتشمل الخطوة الثانية من الخطة الدخول في مفاوضات مع الحكومة المصرية تحت رعاية واشنطن التي يجب أن تبدأ اتصالات أولية بهدف تشكيل لجنة للدخول في مفاوضات مع الحكومة المصرية لارغامها علي التنازل عن مساحة تصل إلي نحو 1600 كيلو متر من أراضي سيناء وضمها لقطاع غزة، لتكون عوضا عن الأراضي التي ستقتطعها تل أبيب من قطاع غزة بهدف توطين اللاجئين في هذه الأراضي.
جميع ما هو مطروح هو خطط وأفكار يراد لها ان تخرج فكرة اسقاط حق العودة الى شكل عملي لكنها تصطدم بتمسك الشعب الفلسطيني بحق العودة وإصرارهم على رفض مخططات التوطين الا الخطورة في مثل هذه الافكار انم هناك اطراف فلسطينية مثل فريق وثيقة جنيف الذي يتخذ بعضه مواقع رسمية في السلطة الفلسطينية اخذ يقبل بفكرة التوطين جزئيا والأخطر ان التلفاز الفلسطيني بعد وفاة عرفات بدأ في بث دعاية لهذه الوثيقة، وقد اصدرت 560 شخصية فلسطينية الشهر الماضي اعلانا نشر في الصحف الفلسطينية تضمن مطالبة بحل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين وفق القرار 194 وقرار قمة بيروت في اذار 2001 ، ويعني ذلك اخضاع مسألة اللاجئين لإمكانية التوطين في بعض مفاصلها عبر المطالبة بحل عادل ومتفق عليه دون المطالبة الحازمة بالعودة واسقاط كلمة حق العودة من مثل هذا الاعلان، وتنبع الخطورة ايضا من ان رئيس السلطة الفلسطينية الجديد محمود عباس في برنامجه الانتخابي أتى على نفس الصياغات الواردة في اعلان هذه الشخصيات.
وبنفس الصياغة جاء في وثيقة جنيف ان الطرفان يعترفان بضرورة التوصل الى اتفاق متبادل حول قضية اللاجئين لكن من دون ان يأتيا على ذكر حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين هربوا او طردوا من ديارهم خلال عام 1948 وأبنائهم اي نحو 4 ملايين شخص. ويمكن للاجئين وفق الوثيقة الاقامة في الدولة الفلسطينية الجديدة او في بلد اخر. وقد يتمكن البعض منهم من العودة الى " دولة اسرائيل " التي تكون مؤهلة وحدها لتحديد عددهم الذي سيكون ضئيلا في اي حال من الاحوال ، ما يعني ان فريق وثيقة جنيف الفلسطيني قد قبل عمليا للمرة الثانية في وثيقة مكتوبة بفكرة اسقاط حق العودة بعد ان قبلت به وثيقة بيلين / ابو مازن للمرة الاولى عام 1995.
ولعل الورقة الاساسية من وثيقة جنيف التي نحن بصددها " موضوع اللاجئين الفلسطينيين" الذي احتل اكثر من اربع عشر فقرة اشتملت مبادئ وتفاصيلات واليات عمل للحل الذي اتفق عليه موقعي الوثيقة رغم ان القرار 194 ورد في الوثيقة لكنه اشارة فقط ولكن مضمونه قد جرد حيث قالت الوثيقة بأن الطرفين «يعترفان بأن قرار الجمعية العمومية 194، قرار مجلس الأمن 242، ومبادرة السلام العربية المتعلقة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، هي الأساس لحل موضوع اللاجئين». لكنها أضافت بأن حقوق اللاجئين «تستفذ بقوة المادة 7 من هذا الاتفاق»، وتحصر المادة السابعة المذكورة حقوق اللاجئين بنص الاتفاق وآليات تطبيقه بقولها «هذا الاتفاق هو حل كامل ودائم لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، لا يجب طرح مطالب أخرى غير تلك المتعلقة بطبيعة تطبيق هذا الاتفاق». إذن فأي تناقض أو تعارض ما بين القرار 194 وبين ما جاء في نص الاتفاق يحسم لصالح الأخير حكماً. وهو ما سيظهر جلياً مع استعراضنا ما جاء في الاتفاق حول قضية اللاجئين الفلسطينيين ومن بند «اختيار مكان سكن دائم»
يعطي نص الوثيقة للاجئ الفلسطيني حق «اختيار حر وواع« لمكان السكن الدائم الذي يرغب في الإقامة فيه، وقبل فتح باب الخيارات يربط النص حرية اللاجئ ووعيه بـ «الخيارات والأنظمة المتقررة في هذا الاتفاق».، إن المطروح فعلياً كسكن دائم للاجئين يندرج في إطار خيارات كلينتون التي عرضها في كامب ديفيد2 وهي : اما التوطين اوالتشتيت ما بين أراضي الدولة الفلسطينية (شرط اعتراف إسرائيل بقيامها) والدول المضيفة حالياً للاجئين ودول أخرى يجري تشتيت اللاجئين إليها ، ولا ينسى النص أن يؤكد أن هذه الخيارات التصفوية ستكون «بقوة التفكر السيادي للدول المضيفة الآن حيثما يطبق هذا الخيار.. في إطار بـرامج التنمية وإعادة البناء السريع والشامل لمجتمعات اللاجئين..».
بينما يتم إقفال باب الخيار الوحيد المشروع و الذي يدرك القائمون على الوثيقة بأن اللاجئين سيقدمون عليه باختيار العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها. فحدد النص بأن خيار «العودة إلى إسرائيل.. سيكون بقوة التفكر السيادي لإسرائيل»
الوثيقة قامت بإعادة تكييف قرارات الأمم المتحدة وعلي الأخص القرار 194، وعليه قد اسقطت الوثيقة حق العودة واعادة توصيف هذا الحق بحيث يكون من حق اللاجئين الاستقرار في مناطق الدولة الفلسطينية الوليدة، ويتغير الوضع القانوني "لإسرائيل" في البحث عن حل لمشكلتهم لتكون في خانة الدول المستضيفة للاجئين، وقرار قبول لعدد منهم أو رفض ذلك قرار تختص به السيادة الإسرائيلية.
ولذلك فقد شطبوا مضمون القرار الدولي المذكور ، و نص الاتفاق في مكان آخر على ضرورة إنهاء الأونروا كتعبير عن التزام المجتمع الدولي بقضية اللاجئين وباعتبارها تؤكد باستمرارها استمرار القضية الجماعية للاجئين الفلسطينيين واستحقاقاتها السياسية. وتضع الوثيقة الأونروا في عداد مكونات لجنة دولية مخولة تتحمل «مسؤولية منفرده وكاملة لتطبيق كل جوانب هذا الاتفاق المتعلق بالاجئين» إلى جانب الأمم المتحدة، والولايات المتحدة، والدول العربية المضيفة، الاتحاد الأوروبي، البنك الدولي، روسيا وغيرها.
فعليا فان مسألة حق العودة فالوثيقة تنسف بالكامل صفتها الحقوقية والوطنية بـتعريفها لـ "إسرائيل" كدولة "للشعب اليهودي"، وتحدد تالياً حل "قضية اللاجئين" في التوطين عبر ما أطلق عليه "الخيارات الخمسة" أحدها افتراضي، وهي: توطينهم حيث يقيمون الآن، أو توطينهم في الدولة الفلسطينية ، أو توطينهم في الأراضي التي يتم تبادلها بين المتفاوضين. وأخيراً الخيار الافتراضي بأن يحدد الكيان الاسرائيلي بضع مئات أو آلاف يقبل بعودتهم إلى أراضي48 على أن يكون ذلك في إطار صيغة مغايرة وليس حق العودة، وشريطة أن تكون "اللحظة والقرار بإدخال أو إخراج أي شخص من إسرائيل بأيدينا" على حد تأكيدات رئيس حزب العمل الاسرائيلي سابقا عميرام ميتسناع" لبنود الوثيقة.
ولا تكتفي الوثيقة هذه بذلك بل إنها تهدد كل لاجئ فلسطيني لا يتقدم إلى اللجنة الدولية بطلب يحدد خياراته في التوطين والتشتيت، في موعد لا يتجاوز السنتين بعد بدء عمل اللجنة بأنهم «يفقدون مكانتهم كلاجئين». ولم تشر الوثيقة الموقرة ما هي المكانة التي سيجري التعامل معهم على أساسها إذا فقدوا مكانة اللاجئ ورعاية اللجنة الدولية «لتصفية حقوق اللاجئين».ومقابل إسقاط كل مسئولية قانونية أو أخلاقية عن "إسرائيل" في نشوء قضية اللاجئين وطردهم من ديارهم والاستيلاء علي أراضيهم وممتلكاتهم، تقبل "إسرائيل" بلم شمل رمزي لبضعة آلاف ضمن جدول زمني طويل، وفي هذا السياق ستشكل لجنة دولية تتولي إعادة توصيف من هو اللاجئ؟.. وما هي التعويضات التي يستحقها؟.. كل هذا سيضع اللاجئين الفلسطينيين أمام حل وحيد التوطين أو التهجير.
أن مشكلة اللاجئين الفلسطينيين هي من أكثر المشكلات تعقيدا في الملف الفلسطيني وان حل دولتين لشعبين حتى وان كان انسحاب إسرائيل لحدود الرابع من حزيران / يوليو 1967 لا يفي بالحقوق الفلسطينية الأساسية ، كما أن حل قضية اللاجئين لا تستطيع أن تطالب به بشكل فعال لا الدولة الفلسطينية المستقلة في حالت قيامها ولا السلطة الفلسطينية حيث أن موازين القوي لا ولن تسمح للسلطة الفلسطينية بتطبيقه ، ولن تستطيع فرض عودتهم إلي الوطن السياسي أي أراضي الدولة الفلسطينية الناتجة عن خارطة الطريق إلا تحت الحل الإنساني لبعض الآلاف من الفلسطيني تحت بندي " لم شمل العائلات " و " وما تقتضيه الدواعي الأمنية الإسرائيلية " وفي حال تمت إزاحة مستوطنات في الضفة الغربية وقطاع غزة سواء كانت قانونية أو غير قانونية( خطة الانسحاب احادي الجانب ) ، فسيكون علي حساب فلسطيني ال1948 عن طريق تخصيص أراضي بديلة للمستوطنين داخل الخط الأخضر، أي مرة أخري علي حساب احتياطي الأراضي الخاضع للدولة العبرية ولدائرة أراضي إسرائيل أي بالأساس علي أراضى الفلسطينيين في ال1948 أملاك اللاجئين في الداخل الاسرائيلي وفي الخارج بالإضافة للأراضي التي صودرت بعد 1948 والمخطط لمصادرتها من الفلسطينيين الذين ظلوا في أراضيهم1948 ، وعليه سيتم للمرة الثانية علي التوالي إسقاط فلسطينيو عام 1948 والذين يشكلون أغلبية لاجئة للفلسطيني الداخل من حسابات التسوية الفلسطينية للصراع الفلسطيني / الاسرائيلي ، وكثمن أخرى لقيام الدولة الفلسطينية مقابل إهدار حقوقهم السياسية من جهة ، ووضعهم تحت رحى الإجراءات التعسفية الاقتصادية والاجتماعية التي تمارسها الدولة الإسرائيلية " الديمقراطية " عليهم والتي زادت حدتها بعد انتفاضة الأقصى الحاسمة في الهوية الفلسطينية داخل أراضي الدولة الإسرائيلية في مواجهة عنصرية هذه الدولة تجاه حقوق المواطنة باعتبارهم مواطنين يحملون الجنسية الإسرائيلية ، ومن جهة أخري لاعتبارات حقوقهم الثابتة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشروعة.
تبقي العودة حق شخصي لكل لاجيء لا تستطيع اية هيئة فلسطينية رسمية او غير رسمية ان تنوب عنه في قبول فكرة التوطين ولو بشكل جزئي وقد رفضت قطاعات فلسطينية، رسمية وشعبية، المخطط الذي طرحته وزارة الخارجية الاسرائيلية لإعادة تأهيل مخيمات اللاجئين الفلسطينيين معتبرة ذلك خطوة تمهيدية لتصفية وشطب حق العودة إلى الأراضي المحتلة عام 48.



#بيسان_عدوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدعم الامريكي للاستيطان ثقافة دينية ام سياسة
- الاستيطان الإسرائيلي في ضوء القانون الدولي
- هل بدأ العد التنازلي لدمشق؟
- الوضع الاقليمي الدولي بعد رحيل عرفات
- ايران النووية في مؤتمر هرتسليا الخامس
- الفلسطينيون 2004 عام الحزن
- الانتخابات الفلسطينية هل تحقق الاصلاح والديمقراطية
- الفلسطينيون في مصر بين السياسات التمييزية و الإقصاء من الجنس ...
- القضية الفلسطينية ما بين الإرهاب والكفاح المسلح جدلية الشرعي ...
- القنبلة الديمغرافية في إسرائيل وخداع النفس
- 2003 فيلم أمريكي طويل
- قراءة في أوراق فلسطيني 1948 : حول الوعي الجماعي والضبط الاجت ...
- خارطة الطريق المتاهة القادمة للفلسطينيين
- إشكالية الهوية الفلسطينية بين المركز والأطراف - مقدمة لدراسة ...


المزيد.....




- رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق ...
- محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا ...
- ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة، ...
- الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا ...
- قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك ...
- روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
- بيع لحوم الحمير في ليبيا
- توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب ...
- بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
- هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر ...


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - بيسان عدوان - مخططات توطين اللاجئين الفلسطينيين