أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - مقارنة بين امريكا والامبراطوريات السابقة 2 من 2














المزيد.....

مقارنة بين امريكا والامبراطوريات السابقة 2 من 2


هشام القروي
كاتب وشاعر وروائي وباحث في العلوم الاجتماعية

(Hichem Karoui)


الحوار المتمدن-العدد: 1234 - 2005 / 6 / 20 - 06:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقول اليوت كوهين , استاذ الدراسات الدولية بجامعة جون هوبكينز , في معرض مقارنته بين الامبراطورية الامريكية وسابقاتها ان النظرة من الداخل تعطي صورة غير تلك التي تعطيها النظرة من الخارج. فالجنرالات والأدميرالات يتأففون من الافراط في نشر القوات بشكل يفقدها العمق ويتوقعون التعرض للتهديدات من جانب اعداد غير تقليديين ولا نظاميين ممن سيتجنبون مواجهة القوة الأميركية ويبحثون عن نقاط ضعفها لضربها ويخشون من أن قادتهم السياسيين سيقعون في فخ غواية القوة العظمى وان المدنيين لن يفهموا أبدا الثمن الذي سيدفع مالا ودما لاي حرب.
هؤلاء القادة العسكريون يدركون أكثر من قادتهم المدنيين هشاشة القوة العسكرية العظمى. غير ان هذا لا يغير حقيقة الهيمنة الأميركية. الامبراطور اغسطس والزعيم ديزرائيلي فقدا قواتهما امام خصوم بدائيين اقل شأنا بالسلاح، وحسب الاعتقاد الامبراطوري، بالثقافة ايضا. حتى في فيتنام، التي بلغت فيها هذه الاعتبارات ذروتها، لم تتعرض الولايات المتحدة لمثل تلك الهزائم. اليوم، لا يوجد للقوات الاميركية شبيه، والفجوة التي تفصلها عن غيرها تزداد وليس العكس.
غير انه لا يمكن لأي امبراطورية ان تستديم نفسها بالاعتماد على القوة العسكرية المباشرة وحدها. بل تحتاج، على اقل تقدير ممكن الى موارد كافية لتوليد هذه القوة. لكن هنا ايضا تبرز التناقضات بين الحالة الاميركية وسابقاتها الامبراطوريات بقوة. فروما لم تكن سوى مدينة وبريطانيا مجموعة جزر متوسطة الحجم على المحيط اليورو آسيوي. اما الولايات المتحدة فهي قارة ضخمة وغنية. اواسط القرن التاسع عشر، لم يكن عدد سكان بريطانيا سوى اكثر بقليل من نصف سكان فرنسا .
وأقل بكثير من القوى الاخرى الناهضة ـ ألمانيا والولايات المتحدة وروسيا. وتقدمها الاقتصادي السابق على باقي أوروبا كان قد تراجع على كل الصعد باستثناء ميدان التمويل. ومع نهاية القرن تخلفت عن ألمانيا في انتاج الفولاذ والطاقة الكهربائية. اما الولايات المتحدة في المقابل فهي ثالث اضخم دولة سكانياً في العالم وبخلاف معظم الدول المتقدمة، تتمتع بمعدل ولادات يعادل تقريبا نسبة الاستبدال الموجودة. كما انها صاحبة الانتاج الاقتصادي الذي يقل قليلاً عن ثلث الانتاج العالمي برمته. كما انها لا تعيش على الاموال المتراكمة او الاراضي الزراعية الضخمة، وإنما يبقى اقتصادها هو الاضخم والاكثر انتاجية وديناميكية في العالم.
ان هيمنة روما وبريطانيا كانت تعتمد على الافكار بقدر اعتمادها على القوة والموارد: القوة الامبراطورية تكمن في العلوم والآداب والتعليم. الغوليون كانوا يتعلمون اللاتينية والهنود تعلموا الانجليزية. لكن الولايات المتحدة ايضا بمقدورها ان تزعم نفوذاً اكبر في مجال الافكار. في الزمن الغابر، كانت اليونانية لغة الفلسفة، وفي القرنين التاسع عشر والعشرين كانت الالمانية لغة العلوم.
اليوم، الانجليزية هي اللغة العالمية للعالم في كل شيء، من التحكم بالحركة الجوية للطائرات وحتى الترفيه. الجامعات الاميركية هي المهيمنة على التعليم العالمي فيما الثقافة الاميركية الدنيا والمتوسطة هي المهيمنة على العالم ايضا.
ان التاريخ «لا يعطي الراحة للكثير من العقول المقتدرة والهادئة والمخلصة التي تعمل على استخلاص النتائج النهائية والحتمية،» كما كتب جاك بارزون. غير انه يوفر التدريب لتلك العقول الشديدة القادرة على قبول اللاحتميات والعمل ضمنها.
في النهاية ليس هناك فرق كبير بين اعتبار الولايات المتحدة امبراطورية او قوة عظمى او نظاماً جديداً من الكيان السياسي او اي شيء آخر. الا ان الكثير من المشكلات التي تواجهها تشبه تلك التي واجهتها امبراطوريات سابقة، وهذا وحده هو الامر الذي يستحق التفكير. غير ان النتائج التي يعطيها هذا التفكير مخيفة لانه سريعاً سيأتي الوقت الذي لا تبدو فيه الامبراطورية جذابة كما سبق لها ان كانت في ذروة نجاحها ونفوذها.
ثيوسيديوس وضع يده على هذه الفكرة بعرضه لخطابين ألقاهما زعيم اثينا بيريكلس. ففي الجنازة المهيبة لأوائل قتلى اثينا في حربها مع اسبارطة مجد قومه بالقول انهم «قدوة للآخرين» وليسوا «مقلدين». كانت كلمات شبيهة بما قاله كيندي اوائل رئاسته حين وعى جيله للعظمة. لكن الزعيم الاثيني بعد نكسات الحرب وبلاء الاوبئة حذر ابناء قومه قائلا: «ان التراجع لم يعد ممكناً الآن، اذا ما كان احدكم في رعب اللحظة الراهنة قد اغواه صدق هذه المرحلة. ذلك ان ما تقبضون عليه الآن، ولنتكلم بصراحة، هو طغيان، اعتناقه كان خطأ وتركه غير آمن».
وهنا تكمن واحدة من لعنات الامبراطورية: التخلي عنها ليس شيئاً آمناً، وبالفعل نادراً ما كان كذلك. لقد انسحبت بريطانيا من الشئون الدولية بدون كثير ضرر على نفسها (رغم الثمن الدموي الباهظ الذي دفعته في أماكن مثل الهند واليمن)، لكن ذلك يعود في الوجه الأكبر منه لكون الولايات المتحدة كانت مستعدة للحلول بدلاً منها في هذا الانسحاب لتملأ الفراغ الذي تركته القوة الامبراطورية البريطانية والقيام بالدور البريطاني في الكثير من أنحاء العالم.
كما لم يكن البريطانيون مختارين في انسحابهم من امبراطوريتهم بأكثر مما أسماه ماكيافيللي «توقع الاضطرار» للانسحاب قبل أن تأتي قوات أقوى بكثير لتطردهم رغماً عنهم.الولايات المتحدة اليوم ربما ليس لديها خيارات كثيرة بشأن دورها في الشئون الدولية, بالرغم مما يعتقده قادتها القلقون ونقادهم وحلفاؤها المرتبكون وأعداؤها الكثر.إن منطق الامبراطورية هو منطق التوسع، والمبدأ الاستراتيجي لها هو الالتزام والتوسع المفرطان.



#هشام_القروي (هاشتاغ)       Hichem_Karoui#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقرير غربي يميز أنواع الاسلاميين
- مقارنة بين امريكا والامبراطوريات السابقة 1 من 2
- هل كل هذه الاعمال -استفزاز أقلية-؟
- خطط البنتاغون للحرب الاعلامية
- العميل بابل الذي أرق اسرائيل
- أوروبا والعراق وملف الارهاب
- دليل البقاء للصحفيين
- نساء مصر وبلطجية الحزب الوطني
- في كتاب هام للباحث حسن المصدق يورغن هابرماس ومدرسة فرانكفورت ...
- المسلمون في الانتخابات البريطانية
- الاعلام المضلل
- الاشتراكية الدولية في فلسطين
- أين تتجه سوريا ؟
- -دار الحرية - والتمييز ضد النساء في الدول العربية
- النساء يتفوقن على الرجال في تونس
- صدام حاول تمويل حملة اعادة انتخاب الرئيس شيراك
- العرب في أمريكا
- خاص بالمطبعين مع اسرائيل
- الفلسطينيون في أوروبا يصدرون إعـلان فيينـا للتمسك بحق العودة
- حملة المقاطعة الاكاديمية لاسرائيل تتطور


المزيد.....




- هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ ...
- المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل ...
- -تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
- صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري ...
- تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ ...
- بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل ...
- برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا ...
- سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية ...
- -تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات ...
- شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هشام القروي - مقارنة بين امريكا والامبراطوريات السابقة 2 من 2