|
العمل السياسي ممارسة إنسانية الإنسان : رد على أسئلة الحوار المتمدن
باقر جاسم محمد
الحوار المتمدن-العدد: 1234 - 2005 / 6 / 20 - 10:39
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
إسهام في الحوار حول العمل المشترك بين القوى اليسارية و العلمانية و الديمقراطية السؤال الأول: ما هي الدروس التي يمكن لقوى التيار اليساري و الديمقراطي العراقي استخلاصها من المرحلة المنصرمة ومنها الانتخابات الانتقالية للاستفادة منها في نشاطها الراهن وفي المشاركة الفعالة في صياغة دستور ديمقراطي علماني مدني للعراق ؟ الجواب : قبل أن أبدأ الجواب أود القول إن السؤال يوحي ضمنيا بأن قوى اليسار و العلمانية و الديمقراطية تمثل تيارا موحدا . و هذا ما لا نجده على أرض الواقع السياسي في العراق الآن . و لعل ذلك أهم أسباب طرح السؤال لأن من شأن الإجابات المختلفة أن تقدم تصورات سياسية تسهم في توحيد جهود الأحزاب و الحركات السياسية الحالية و صهرها بحيث يؤدي ذلك إلى حصول متغيرات مستقبلية إيجابية على وفق التصورات السياسية لهذه الأحزاب . إن التيارات الدينية التي تفرض هيمنة في جنوب العراق و غربه قد تجد طريقة للتفاهم و حل المشكلات التي تصطرع حولها حاليا. و لو حصل ذلك فأن السلم الاجتماعي سيسود ، و ينعم العراقيون بشيء من الاستقرار . و هو أمر ناضلت القوى الاجتماعية اليسارية و العلمانية و الديمقراطية من أجله طويلا لأنها تؤمن به هدفا جوهريا من أهداف عملها السياسي . غير أن ذلك الاستقرار سيكون متزامنا مع إمكانية عودة للدكتاتورية و إن كان بلبوس أخرى ؛ فالظروف الداخلية و الإقليمية و الدولية مهيأة لولادة دكتاتورية خانقة تؤجل حلم العراقيين بالخلاص من الأنظمة الاستبدادية لزمن ليس بالقصير ؛ كما تجعلهم يدفعون الثمن مضاعفا حتى يتخلصوا من الاستبداد المتوقع . لذلك على القوى الموصوفة بالسؤال أن توحد جهودها من أجل صوغ مشروع تغيير ديمقراطي و دستوري حقيقي عبر الإسهام الفعّال في صوغ الدستور بما يكفل سد الثغرات التي يمكن أن توضع في الدستور عن قصد أو غير قصد لتكون بمثابة حججا قانونية و دستورية لانبعاث الدكتاتورية مستقبلا. و أعيد التأكيد هنا على ضرورة عدم تضييع الوقت المتبقي ، و هو غاية في القصر ، بالنقاشات و الجدل غير المثمر و لن يكون ذلك ممكنا ما لم يتم الاتفاق على أن الهدف الأكبر و الوحيد في المرحلة القادمة هو ترصين التجربة الديمقراطية الوليدة ، و منع العودة إلى الدكتاتورية بكل السبل السلمية و السياسية الممكنة . فالكثير من القوى المحافظة تحاول جاهدة أن تستثمر الوضع المأساوي للبلاد من أجل دفعها للتكتل طائفيا و عرقيا . و هي قد تستغل ما حظيت به من تفويض انتخابي لتجعل من الدستور المنشود وسيلة لتأبيد سطرتها على الحكم . و لذلك أرى ضرورة الانصراف إلى التوعية السياسية بما يمكن أن يكون الوضع عليه من خطر عودة الدكتاتورية لو وضع العراقيون كل بيضهم في سلة واحدة . كما أدعو إلى كسب الجماهير إلى المشروع الديمقراطي الحقيقي . فهذه الجماهير هي غاية التغيير و وسيلته معا . و أرى إن الكلمة العلمية النبيلة هي العمل الثوري السليم و الحقيقي في الوقت الراهن . كما أرى ضرورة عدم الانجرار إلى تخطئة كل ما تفعله القوى التي تسنمت سدة الحكم حاليا أو تسفيه آرائها . و بدلا من ذلك أرى ضرورة أن يكون للقوى الديمقراطية موقف فكرى منفتح إزاء ما تقوم به الحكومة يستند إلى النقد الإيجابي النزيه و إلى طرح البديل الموضوعي . السؤال الثاني: أين تكمن أهمية وضرورة قيام تحالف لقوى التيار اليساري و الديمقراطي العراقي في المرحلة الراهنة ؟ و ما هي تأثيراته على تقارب وتحالف الأحزاب اليسارية والديمقراطية في دول الجوار و الشرق الأوسط ؟ الجواب: إن المشكلة الأساسية في العراق هي مشكلة سياسية في جوهرها . و هي تفرض على القوى السياسية اليسارية و الديمقراطية ، في جانب منها ، البحث في التكييف الفكري للعمل السياسي المشترك بين قوى مختلفة إيديولوجيا و لكنها تلتقي عند هدف واحد . كما تتمحور هذه المشكلة حول تحديد طبيعة التناقضات السياسية و الاجتماعية الراهنة و أسلوب توحيد المواقف إزائها . و أرى أن معركة صوغ الدستور بوصفه الوثيقة السياسية الأرفع التي ستقرر شكل الحكم تمثل نقطة استقطاب لكل القوى الديمقراطية لتوحيد جهودها في المرحلة الراهنة . فالدستور القادم قد يوطئ لعودة قريبة للدكتاتورية و يحرم العراقيين من مكاسبهم السياسية و الاجتماعية المتحققة لحد الآن . كل هذا يمكن أن يحصل في حال حدوث غفلة من القوى و التيارات الموصوفة بالسؤال عمّا يمكن أن يؤول إليه الأمر في حال عدم تضمين الدستور مواد قطعية الدلالة تمنع عودة الدكتاتورية و تضمن حقوق الإنسان الأساسية بما فيها الحقوق السياسية والاجتماعية. أما كيف يمكن أن يؤثر ذلك في وحدة و تقارب القوى اليسارية و الديمقراطية في دول الجوار فالجواب ليس سهلا نظرا لأن تحالفات القوى السياسية المناظرة للقوى اليسارية و العلمانية و الديمقراطية في كل دولة من الدول المجاورة مختلفة استنادا إلى اختلاف المتناقضات السياسية والاقتصادية في كل دولة . لذلك فإن المهم حاليا إنجاز الوحدة الداخلية للقوى الموصوفة بالسؤال . و يمكن لهذه الوحدة المنشودة ، في حال قيامها ، أن تؤثر إيجابيا على القوى المناظرة في دول الجوار الإقليمي و في باقي دول العالم ، ذلك عبر تقديم الأمثولة الصالحة و عبر إقامة شبكة من التحالفات لعزل القوى السياسية التي يمكن أن تسند الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة و العالم من دون التدخل بالشؤون الداخلية لتلك الدول . السؤال الثالث: ما هي المهمات التي ترون ضرورة أن تكون أساسا صالحاً لهذه التحالفات المنشودة؟ الجواب : يمكن أن نشتق المهمات الأساسية للتحالفات المنشودة من دراسة أمرين أساسيين ؛ أولهما مشكلات الواقع العراقي الراهن ، و ثانيهما المسوغات التي تجعل التحالفات ضرورة لا مندوحة منها. فمن ناحية المشكلات فأن أهم ما يواجه العراقيين الآن هو إعادة بناء الدولة و أجهزتها على أسس ديمقراطية حديثة ، و القضاء على آفة الفساد ، و تجفيف منابع الإرهاب و القضاء على مسبباته ، و استكمال السيادة الوطنية . و المهمات التي تفرضها هذه المشكلات واضحة تماما و مختلفة عما تطرحه القوى المحافظة و يجب أن تكون هذه المهمات موضع اتفاق تام بين القوى المتحالفة . أما من ناحية مسوغات التحالفات فإن أهم ما يمكن الإشارة إليه بهذا الصدد هو إن العمل السياسي المشترك هو المعول عليه في التصدي لمهمات جسيمة كالتي ذكرناها سابقا كما إنه الضامن لتوسيع قاعدة الفعل الاجتماعي للقوى السياسية اليسارية و العلمانية ففي عراق المستقبل لا مكان للقفز إلى السلطة عبر الانقلابات كما إنه لا مكان للزعم بأن حزبا بعينه يمكن أن ينجز مهمات البناء و التغيير لوحده . و من يرم التغيير على وفق برنامج واسع و طموح عليه أن يضمن القاعدة الشعبية التي تسنده فيما يروم . و لذلك كله أرى ضرورة استثمار حرية النشر لتكريس المفاهيم الفكرية الديمقراطية و ضرورة التعاون على مستوى قواعد الأحزاب ، و خصوصا العمل المشترك في منظمات المجتمع المدني كالنقابات و الاتحادات المهنية . و هذا يستلزم دفع الجماهير إلى العمل السياسي الذي لحقه التشويه في فترة الحكم الممتدة لعقود خلت نتيجة اقترانه بشهوة التسلط على مستوى قمة هرم السلطة ، و بالمنافع الذاتية و بالكذب و التدليس و الخوف على مستوى قاعدته ، و لم يتحسن أداء النخب السياسية كثيرا بعد التاسع من نيسان 2003 . وهذا مما يجعل الجماهير تحجم عن الاشتراك في العمل السياسي و تشكك كثيرا بنوايا المتصدين له. من هنا أرى من الضروري العمل على إعادة الاعتبار إلى العمل السياسي عبر التأكيد على الطابع الموضوعي و الحضاري لهذا العمل و أنه ممارسة لإنسانية الإنسان ، و على كون الفائدة المتوخاة منه تكون عبر بناء عراق ديمقراطي حر و فدرالي متقدم يحظى الجميع فيه بفرص متساوية لازدهار شخصياتهم و لضمان حقوقهم الأساسية و الاطمئنان إلى مستقبلهم دونما خوف أو تسبيح بحمد هذا الصنم أو ذاك .
****************************************************** دعوة للمشاركة في الحوار حول العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=39349
#باقر_جاسم_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الترجمة و حوار الحضارات / مقابلة مع الأستاذ باقر جاسم محمد
-
حوار في مشكلة المصطلح في الكتابات الماركسية
-
اليتم الكوني
-
الفكر اللغوي الإغريقي:سقراط: حول الأسماء
-
الماركسية: أهي فلسفة أم أيديولوجيا
-
الوعي الذاتي المأزوم و الوعي الموضوعي الحر
-
قوى اليسارو الديمقراطية و إمكانات العمل المشترك
-
أهمية اللغة في الدستور العراقي المنشود
-
جريمة الحلة : بين الحقيقة و الإدعاء
-
من المسؤول عن تعطيل العملية السياسية في العراق
-
المقاطعون و المغالطة الكبرى
-
بمناسبة يوم المرأة العالمي : المرأة العراقية بين الواقع و ال
...
-
الحلة : جورنيكا القرن الحادي و العشرين
-
حول السامي و الوضيع : قرأة في كتاب المراحيض
-
الدجل الإعلامي في مواجهة الحقيقة الدامغة
-
الفدرالية : أهي خير مطلق أم شر مطلق
-
عبد الكريم قاسم : ما له و ما عليه بمناسبة مرور 42 عاما على ا
...
-
ما بعد الانتخابات العراقية : قاعدة الشرعية الدستورية
-
الانتخابات العراقية :دلالات و استحقاقات
-
تسونامي في ميزوبوتاميا
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|