أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - احسان العسكري - الضياع - من كتاب مجتمعي - قراءة في ما يراه المجتمع مثاليا















المزيد.....

الضياع - من كتاب مجتمعي - قراءة في ما يراه المجتمع مثاليا


احسان العسكري

الحوار المتمدن-العدد: 4338 - 2014 / 1 / 18 - 18:34
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


الضياع Loss
التفكير الانساني الراقي يُبنى على تخطي العقبات ودمج الصراعات وفرزها واهمها التي يحول بين الانسان وبين تطور شخصيته والارتقارء بها .. ويبقى السؤال المنطقي مطروحا على طاولة الضمير الانساني الناظر لوجه الحياة ..هل يمكن ان يغير الانسان سلوكه ؟
- في احدى المناطق شبه النائية في مدينة منزوية من مدن العراق الجميلة – الطينية شتاءاً الترابية صيفاً الخانقه خريفاً العليلة ربيعاً يعيش شاب مع زوجته في مداولة متقاربة مستمرة متصلة للعقد والمشاكل والـ (طلايب) وهما في سجالٍ عن كيفية تطبيق نظرياته في ادارة شؤون البيت وبين عنادها واصرارها على تطبيق نظريات والدها الذي وهبها لهذا الشاب زوجة تشاركه حياته . عجز الاقارب والاهل والاصدقاء عن وضع حد لسجالهما اللامنتهي واصبح الضرب والاعتداء الجسدي سيد الموقف والذي غالبا ما يحل بت الشاب معضلته مع هذه الزوجة التي ترفض إن تستقيم على ما يراه هو ملائماً 0
وفي يوم من أيام حياتهما البعيدة عن الحياة قرر هذا الرجل إن يغير سلوكه وجعل لضميره صوتاً مسموعاً وقرر إن ينفصل عن هذه الزوجة ويرسلها إلى أهلها مطلقة طلاقاً إسلاميا واحداً ..وفعلاً تخطى هذا الرجل عقبة قلبه الذي ربما كان يعشق هذه المرأة وأخرجها منه إخراجا شرعياً وأعادها إلى أبيها لتطبق نظريات والدها في بيته على مرأى ومسمع منه وبعد شهرين تبين إن هذه المرأة حاملا بجنين وسرعان ما أعادت تحركات أصحاب الصلة بان يرجعها وقدموا الضمانات تلو الضمانات والمقترحات تلو المقترحات والآليات تلو الآليات لعله يعدل عن قراره ويرجعها طالما لم تكتمل عدتها الشرعية لان الإرجاع هنا حسب الدين الاسمي سيكون بمجرد إن يقبل بها راجعة إليه .. لكنه وربما كان متألما من حياته معها رفض كل هذه المحاولات وأصر على إبقائها خارج حياته ..وتزوج بأخرى وقبل إن تضع طليقته حمله حملت زوجته الجديدة بطفل وبعد انقضاء فترة الحمل وضعت هذه الزوجة طفلةً جميلة وهنا تدخل والد المرأة صاحب النظريات والرؤى المستقبلية واخذ الطفلة من أمها وجاء بها الى ابيها قائلا: هذه ابنتك اما تدعني اربّيها وتتنازل عنها او تأخذها ولا تجعلني اراها في بيتي مطلقاً . واي شخص في مكان الاب سيفعل ما فعل , اخذ ابنته وقبلها وعاد بها الى زوجته وكانت في أيامها الأولى لما تزل طفلة رضيعة لاطعي من الحياة إلا البكاء ولاتشعر الا بالجوع والمغص .. ربتها زوجته الجديدة وارضعتها عندما وضعت طفلها وعاشت مع شقيها او شقيقتها الجديدة معتبرةً هذه المرأة امها وشاركت المولود الجديد الحنان والحليب والالم وكل شيء يحدث في البيت .. واستمرت الحياة وكبرت البنت واصبح لديها اخوة من ابيها وهنا ابتدأت نظرية (زوجة الاب) تظهر وتتنامى وتضمحل بوادر الحنان والشفقة والرقة والعطف وغيرت هذه المرأة سلوكها تجاه هذه الطفلة البريئة فجعلتها تقوم باعمال المنزل نيابة عنها , معلمتها في المدرسة لاحظت اثار تعذيب وضرب واعتداء جسدي على جسدها النحيف الرقيق وحين استفسرت منها أخبرتها إن امها التي لا تعلم انها ليست امها هي من يفعل بها هذه الافعال الشنيعة فقررت المعلمة التحقق من صحة كلام الطفلة وكأي مدينة صغيرة من مدننا الكل يعرف الكل فجاءت هذه المعلمة وراقبت بيت هذه الطفلة ولكنها شاهدت مالم يك في الحسبان .. سمعت صوت صراخ الطفلة وهي تُظرب وتُتعذب ثم بعد ذلك خرجت الام الجديدة واقفلت الباب وكان الجو بارداً والمدينة موحشة والشارع فارغ تقريباً من الناس ..اقفلت الباب واجلست هذه الطفة المسكينة على اعتابه بملابس رثةٍ تكاد اعضاء جسدها البريء تصرخ من البرد , وتركتها وانصرفت وحين تابعتها المعلمة وجدتها تذهب الى بيت اهلها مع اطفالها تاركة هذه الطفلة في الشارع تنتظر عودتها لتدخلها معها الى البيت ( لم احصل على الاجابة التي تدور في ذهنك سيدي القاريء – اين والدها ؟) 0
وجاء الليل الشتائي العراقي الحزين المظلم البارد وهنا وهناك كلبٌ سائب وقطط تتصارع على كومة من القمامة ولك ان تتصور سيدي القاريء ما هو وضع هذه الطفلة الصغيرة فهي بالنتيجة طفلة صغيرة لا قلب لها يمكن ان يحتمل اجواء الرعب هذه .
اسئلة مشروعة ؟
- ماذا يدور في راس هذه الطفلة وهي تنظر للتي تعتبرها امها تفضل اخوتها عليها ؟ فتصحبهم وتتركها في هذا الجو المرعب ؟
- لمذا تضربها ؟ وتعذبها وتجعلها تقوم باعمال الكبار ؟
- وهنالك سؤال اهم مالذي يجري داخل هذا البيت ؟ اذ لم استطع ان اصل لما يجري فعليا فيه غير الضرب والقيام بأعمال المنزل الصعبة
- هل تسأل الطفلة نفسها لمذا تكرهني امي ؟ او هل هي على يقين انها تكرهها فعلاً ؟
- مالذي جعل هذه المرأة تغير سلوكها وتستبدل الحنان بالقسوة ؟
- مالذي يراه المجتمع مثالياً في التعامل مع هذا الوضع ؟
مالذي فعلا يدور في رأس هذه الطفلة وهي في هذا الوضع المزري؟ترى وسط هذا الجو من الرعب والبرد والخوف يمكن ان تتسائل عن سبب هذه القسوة ؟ لا اعتقد ان ثمة سؤال من هذا النوع يدور في راس طفلة بهذا العمر وبهذا الحال التي هي عليه .
اذن لماذ تضربها ؟ هل هذه الطفلة تتسبب بالمشاكل داخل البيت ؟ ولو سلمنا بهذا فهل سيكون الضرب حلاً لمشكلة نفسية لدى طفلة عمرها لم يتجاوز ال8 سنوات ؟ اذا قلنا ان الضرب يعد من الحلول التي يعتبرها البعض تفضي الى حلحلة الاخفاقات وتقويم البشر بما يتلائم مع وضعهم المعيشي والاجتماعي كان يكون الطفل عبثياً يخرب الاشياء المنزلية او يثير المشاكل او يتسبب في كسر بعض المقتنيات او الاشياء النفيسة ولست اضع تبريراً للضرب فهو امر مرفوض برأيي جملةً وتفصيلاً . لكن عدم علمي بما يجري فعلياً داخل البيت يجعلني ارجح ان قسوة هذه المرأة ليست وليدة مرحلة بل انها قاسية فعلاً والقسوة هنا جزء من شخصيتها 0
اما الاجابة على التساؤل المهم وهو هل ان هذه المرأة تكره هذه الطفلة ؟ لا اعتقد ان ثمة من يكره طفلاً سيما اذا كانت طفلة لا انسانية في هكذا تصرفات مطلقاً
مالذي يراه المجتمع مثاليا في هذا الوضع ؟ اعتقد ان من البديهي ان يقال اعيدوها لامها الحقيقة وهنا تبدأ حالة من الصراع بين نفس الطفلة وتفكيرها ولنفترض ان الاب رفض ان تعاد ابنته الى امها فبماذا ستتسبب قوة زوجته ؟
الضياع ... ضياع هذه الطفلة وهو اخطر ما يصل اليه الانسان وعلى وجه الخصوص الانسانة , سنناقش مسألة اعادتها الى امها الحقيقة ونبدا بالقبول كيف ستتقبل هذه الطفلة اماً اقسى من زوجة ابيها ؟ فهي السبب في وصولها لهذه المرحلة من العذاب والالم وان تقبلتها فكيف سيتقبل ابوها وجود حفيدته التي تخلى عنها منذ اليوم الاول من ولادتها وستحل هنا لعنة جديدة هي دفاع من امها وقسوة من جدها والسؤال الاكثر اهمية هل سيغير الجد سلوكه تجاه حفيدته ؟ انا شخصياً لا اعتقد هذا اذاً سنعود الى المربع الاول فمن جهة كيف ستجيب هذه الطفلة على التساؤلات البريئة اذا كانت هذه امي لماذا تخلت عني ؟ ولم قبلت بان اتعذب وأشقى كل هذا الشقاء ؟ وستنفرد هنا بكرهٍ عظيم حقيقي لامها الحقيقة وهنا تتجلى بوادر الضياع داخل الأسرة وستتعرض حتماً للتعذيب والإيذاء مرة اخرى لأنه ترفض أصلا ان تكو تابعة لهذه الأم لدرجة انها ستفضل زوجة الاب على هذه الام .. اذن عدنا لزوجة الاب فهل ستتخلى عن هذه الطفلة التي ربتها واعتنت بها لوقت ليس بالقصير وفي أصعب ايام تربية الطفل الرضيع ؟ اذا مسالة إعادتها الى امها الحقيقية ستكون صعبة .
لو افترضنا جدلاً ان الاب انتبه الى ما يجري على ابنته وقرر ان يصلح الوضع فهل ستستجيب زوجته لهذا الانتباه وتتقبل فكرة انتصار ابنته عليها ؟ لا اعتقد انها ستتقبل هذه الفكرة اساساً ولن تتقبلها وهنا ازادت الاوضاع تعقيداً فهذه المرأة ستستجيب لرغبة زوجها ظاهرياً ولكنها ستكيد المكائد وستضع الخطط للايقاع بها وجعل الاب هو من سيقوم بنفسه بتعذيبها وضربها وهنا تعقدت الامور اكثر . وسنعود لفكرة الامل
الامل هو الشيء الوحيد الذي يمكن ان نعتمد عليه في هذه الحالة الامل في ان يُصلح حال هذه المرأة والا فإن هذه البنت في خطر فهي سوف لن تبقى بهذا العمر فبعد عامين او ثلاثة ستتحول الى امرأة ولكن ما غفلت عنه زوجة الاب وحتى الاب نفسه شيء مهم وخطير وهو الشعور بالضياع فالشعور بالضياع وسط مثاليات هذا المجتمع شيء خطير للايمكن ان نتصور مدى خطورته لان زوجة الاب ان لم تترك هذه الشابة في الشارع تنتظر عودتها فإنها ستتركها في البيت وحيدة وانا اكاد اجزم ان اول شاب يداعب مشاعرها البريئة ويستخدم ورقة حياتها لهذه اللعبة ستكون في غضون لحضات بيده وينطلق بها معلناً اشعال فتيل ثورة الضياع وخلق عنصر سيء في المجتمع وللقاريء الكريم ان يقرر النتائج فهي ليست بحاجة لاستنتاجات او نظريات يمكن ان نعتمد عليها في ايجاد نتيجة لمثل هذه التصرفات . في مجتمع مثالياته سطحية وافكارة عدائية واستنتاجاته دائماً تاتي من النصف الفارغ للقدح ولا يقول لي احد انت مخطيء فلدي من الادلة ما يثبت هذا فأنا بالنتيجة فرد من هذا المجتمع 0



#احسان_العسكري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صحة ذي قار ترفد اقضية الاهوار والشطرة ب ٢-;-٥-;- ...
- اشعال فتيل الغضب ثورة وان اخفت اسلحتها
- النضوج - عن كتاب (مُجتمعي) قراءة في ما يراه المجتمع مثالياً
- نباء عن تنفيذ الاتفاق السري بين المالكي من جهة وحكومة السعود ...
- هذا ما حدث بالضبط - قراءة في قصة قصيرة للكاتب قيصر اللامي -
- وزارة الصحة العراقية (الواقع والطموح) /ح6 مدير المؤسسة الصحي ...
- وزارة الصحة العراقية (الواقع والطموح) /ح5
- سأدخل الانتخابات هذا الموسوم ولكن ....
- وزارة الصحة العراقية (الواقع والطموح) /ح4 الطبيب
- وزارة الصحة العراقية الواقع والطموح ح 3
- ظاهرة (الملاّ ’ الحجي ’ السيد ’ الشيخ) في مؤسسات الدولة
- وزارة الصحة العراقية (الواقع والطموح 9ح2
- كامل سواري ذلك النهر السومري
- مهرجان المتنبي العاشر نبوءة المتطفلين نحو مربد جديد
- وزارة الصحة العراقية (الواقع والطموح)ح1
- نقابة الصحفيين العراقيين نقابة من ؟


المزيد.....




- وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق ...
- جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
- فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم ...
- رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
- وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل ...
- برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية ...
- الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في ...
- الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر ...
- سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة ...


المزيد.....

- -فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2 / نايف سلوم
- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - احسان العسكري - الضياع - من كتاب مجتمعي - قراءة في ما يراه المجتمع مثاليا