|
بين الخصاء والخصاء العقلي !!
اسعد الامارة
الحوار المتمدن-العدد: 1234 - 2005 / 6 / 20 - 06:10
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عندما نتحدث عن ظاهرة بعينها فأننا نعيد اسنادها الى مصدرها الاصلي وكيفية نشوء تكوينها حتى اصبحت مصطلحاً ينسب الى نظرية بعينها او مدرسة او اتجاهاً محدداً في علم النفس،فالشق الاول من العنوان وهو عقدة الخصاء Castration Complex ،ما من شك في انتسابه الى مدرسة التحليل النفسي التي وضع اسسها عالم النفس الشهير سيجموند فرويد . اما الشق الثاني وهو الخصاء العقلي Castration Mintel فهو من ابتداع مدرسة التحليل النفسي الشهيرة في مصر وفي مدرسة عين شمس بالتحديد،حيث تعلم كاتب هذا المقال في هذه المدرسة سنوات دراسته الجامعية الاولية في قسم علم النفس ،كلية الاداب ،جامعة عين شمس في النصف الثاني من العقد السابع في القرن الماضي حيث كانت المدرسة التحليلة في عين تضم رجال الفكر وعلم النفس التحليلي وابرزهم عالم النفس الشهير مؤسس اول مدرسة للتحليل النفسي في الوطن العربي الاستاذ الدكتور مصطفى زيور رحمه الله وتلامذته الاستاذ الدكتور فرج احمد فرج الذي اختط بنفس منهج الراحل"زيور"في رؤيته وفكره وكذلك الاستاذ الدكتور فرج عبد القادر طه والاستاذ الدكتور محمد شعلان استاذ الطب النفسي والاستاذ الدكتور عادل صادق رحمه الله والاستاذ الدكتور قدري حفني والاستاذ الدكتور سيد محمد عبد العال والاستاذة الدكتورة نيفين مصطفى زيور واخرين ،هؤلاء وضعوا اسساً جديدة تحليلية تناسب وتتلائم مع طبيعة المجتمع العربي وكتبوا عن الانسان العربي في وجوده وتكوينه النفسي ونشوءه وما نشأت معه من مكونات في منظومته النفسية،الان نحاول استعراض الموضوع انطلاقاً من القاعدة النفسية للتحليل النفسي في اتجاهاته الواسعة والتحليل النفسي لمدرسة عين شمس تحديداً كما ركز عليهامؤسسها الراحل(زيور)رحمه الله وتلامذته ومنهم(فرج احمد فرج). تعرف عقدة الخصاء بانها القلق الشديد الناشئ من الطفولة المبكرة حول الاعضاء التناسلية وهويبشكل عقدة عندما يصبح مرتبطاً بعدد من الافكار المتصلة به،واوضح التحليل النفسي ان هذا القلق يحتل مكان المركز في كثير من اشكال العصاب"الامراض النفسية" ، الطفل اهمية بالغة باكتشافهِ ذكره"قضيبه" والاخيلة المرتبطة به فضلا عن التحذيرات الصادرة عن الاخرين تجاهه حتى انها لكثرة التأكيدات عليه اخذت تثير الاحساس بالذنب لديه مع خوف مصاحب من الحرمان من هذا الجزء من جسده"الذكر"كعقوبة لذلك او خوفاً من ان يفقده وازاء ذلك يقول سيجموند فرويد ،عقدة الخصاء تدل على الخوف اللاشعوري من فقدان الاعضاء التناسلية او ما يقابلها من الاعضاء عقاباً على اتيان الفرد بعض الافعال الجنسية المحرمة او شعوره ببعض الدوافع الجنسية تجاه موضوع محرم،فالخوف من الخصاء ينشأ نتيجة لوجود الموقف الاوديبي،والموقف الاوديبي هو"عقدة اوديب"وعقدة اوديب تعني تعلق الطفل بالوالد من الجنس الآخر تعلقاً يتناوله الكبت بسبب الصراع الذي ينشأ من اصطدام هذا التعلق بمشاعر الحب والكره والخوف التي يشعر بها الطفل تجاه الوالد من نفس الجنس وتسمى هذه العقدة بعقدة اوديب الايجابية،اما عقدة اوديب السلبية فتتكون حين يحل التعلق الشبقي محل مشاعر العدوان التي يستشعرها الطفل حيال الوالد من نفس الجنس. ان الخصاء يحدث بسبب طغيان فكرة المحرمات على ذهن الطفل تجاه احد والديه،فأن المجتمعات تحرم العلاقة الجنسية بين الوالدين واولادهم حتى وان كانت اشتهاءاً لا شعوريا على المستوى المتخيل لا على المستوى الواقعي والامر سيان بينهما ومن هنا كانت فكرة الزنا بالمحارم وتحريمها دينياً وشرعياُ وقانونياُ،ومثل هذه المواقف من الجنسية المحرمة سادت لعصور تاريخية متعاقبة وخصوصاً عندما حظيت المرأة بمناصب زمام السلطة والسيطرة على ادارة الدولة وتبوأت اعلى الادارات،ففي بعض الاحيان والحالات التي رصدها(فرويد)في الواقع انه يتلاقى شعور الاب باوجه الشبه بين زوجته وبين ابنته مع شعور البنت بالتعلق بوالدها وفي حالات اخرى قد يندفع الفرد لهذه الممارسة المحرمة بضرورات اجتماعية او مادية . يقول(مصطفى زيور)بوساطة منهج التحليل النفسي يمكننا من النفاذ الى اعماق النفس ويكشف لنا عن عالم لا عهد لنا به يحكمه منطق يختلف اختلافاً جذرياً عن منطقنا الشعوري بل انه يتعارض ويهدر قواعد منطقنا المألوف لنا في حالة اليقظة اثناء تفكيرنا الشعوري المنطقي وهكذا فأن التحليل النفسي يكشف الكثير من الحقائق ليست بصورتها السطحية ولكن بكل عمقها وما تحمل كما هو الحال في ظاهرة احلام الليل او ظواهر الانحرافات الجنسية اوظاهرة مصادرة العقل عند البعض والتعويض عنه بأحد اعضاء الجسم،فعندما يفقد الانسان جزءاً من قدرته العقلية في حل المشكلات اليومية السلوكية التي تواجهه يفقد اعصابه ويلجأ الى حل آخر بديل هو القوة والعنف والسلوك العدواني حتى وان كان سلوكاً لفظياً مشيناً او به من القسوة او الغلاظة في التعامل مع الاخرين فأنه يتم عن عطل واضح في استخدام العقل لحل الاشكالات اليومية فضلا عن التهجم المستمر والنميمة بين الناس ،وقمة الخصاء العقلي تظهر في الجنسيةالعارمة عند البعض من الناس فنراهم على مستوى عال من التهيج الجنسي بشكل دائم ،هذا الاهتمام الجنسي الزائد يزيد لدى البعض التوتر الفكري ويولد اثارة جنسية لا تهدأ فنراهم يبحثون عن المتعة الجنسية مهما كان ثمنها حتى وان كلفته سمعته او فقدان عمله او هدم بيته واسرته ومعظم هؤلاء الذين اعطوا العقل اجازة طويلة ،يكون تعويضهم عن فقدان استخدام العقل بالتركيز على تنشيط القضيب"الذكر"ويصبح محور الاهتمام والشاغل الدائم حتى وان تزوج البعض وانجب الابناء،فالجنسية العارمة هي شبق جنسي غير موجه ولا يجد الاشباع الكافي،رغم ان علماء النفس التحليلي يؤكدون ان ادراك النزعات الجنسية واشباعها بصورتها المعتدلة انما هي لحمة الحياة الانسانية وسداها ولكن الادمان الجنسي المفرط هو مصاردة لعمل العقل وتعويضا عنه باثبات الوجود بوساطة القضيب ويضيف"زيور"بقوله ان الجنسية بما هي قصدية وفهم عشقي،هو نسج لانماط سلوكية ناضجة سليمة تتميز بالمودة والرحمة ازاء الاخرين،ولا يكون للعدوان فيها مكاناً بقدر ما تقتضيه الحياة من الكفاح. اما اذا تحولت الجنسية الى افراط متزايد وكبت دائم فترتد على الذات الانسانية اولا وتسيطر في هذه الحالة الكراهية والحنق ونزعات التدمير على الفرد وعلى الاخرين ،فيصدر السلوك العدواني من البعض بشكل واضح بسبب الكبت الجنسي بينما تحقق الجنسية المعتدلة الاتزان لدى الفرد ،ونلاحظ في الاضطرابات الجنسية العالية الغاء العقل وتعطله وتوجهه فقط نحو الاشباع غير المنتهي وتبرز في مثل هذه الحالات الانحرافات الجنسية المتعددة مثل مضاجعة الاطفال او الحيوانات او حتى الاغتصاب من اجل اطفاء الشهوة الجنسية العارمة ،والبعض يمارس مع الجثث من النساء وهو انحراف جنسي ذكره علماء النفس ايضا ويسمى(الجثمانية- اختيار جثة الميت Necrophilia) وفي مثل هذا الانحراف يميل الفرد الى المواقعة الجنسية مع جسم الميت ويقول (د.علي كمال)قد يدفع بهم ذلك الى نبش القبور لتحقيق هذا الشذوذ او القيام بالقتل لتهيئة هذه الممارسة الجنسية الشاذة. ويمكنك عزيزي القارئ الكريم ان ترى كيف ان الخصاء العقلي ومصادرة العقل تدفع البعض الى الانحرافات الجنسية بانواعها والى العنف والقتل،فخصاء العقل هو نشاط الذكر"العضو التناسلي"بينما استخدام العقل هو احداث الاتزان النفسي الداخلي والخارجي وينتج عنه النجاح في المهنة والابداع فيها فضلا عن تحقيق اعلى المراتب العلمية في كل التخصصات ، هذا الابداع هو تسامي للرغبة الجنسية وتحولها الى طاقة منتجة في العلم والفن والرسم والانتاج الخلاق ويخفف هذا من الجنسية والذكورة العارمة عند الرجال وعند النساء ايضا ، فالبعض من النساء لا تكتفي بالممارسة المعتدلة حتى تجد نفسها تبحث عن المزيد ،فالانوثة العارمة تدفع بالمرأة لان تبحث عن المزيد مهما كان الثمن حتى وان كلفها اعز ما تملك من ذاتها او عملها او ابناءها. هناك امثلة كثيرة في المجتمعات الانسانية تمارس التعدد المفرط للزوجات عند الرجال بدون اسباب منطقية لذلك هو احد نتائج الخصاء العقلي. والمرأة "المزواجة" كثيرة البحث عن الازواج وتبديلهم هي الاخرى نموذج للخصاء العقلي ويكون دائماً الشخص (امرأة- رجل)ممن يتميز بالخصاء العقلي انه لايحقق ذاته الا في البحث عن المتعة الجنسية فقط كما هو حال مدمن المخدرات او الكحول فما يبحث عنه فقط المتعة الجنسية وعدا ذلك لا يوجد طموح آخر علمي او فكري او مهني او حرفي او اقتصادي ،فالخصاء العقلي يتعارض ويتناقض مع الاداء العقلي الفكري ، نقيضا سلبياً وكما نجد عند هذه الشريحة من البشر الغلو والتطرف والذكورة او الانوثة العارمة ، ونجد نقيضها في البرودة الجنسية عند المرأة او عند الرجل.
#اسعد_الامارة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابني المراهق في ازمة ..كيف اتعامل معه؟
-
الهفوات وفلتات اللسان وزلات القلم!!رؤية نفسية
-
الايحاء ..المدخل السيكولوجي لمصادرة العقل
-
الجامعة العربية المفتوحة في الدانمارك التنوع العلمي المتجانس
...
-
الشخصية الفيتشية Fetishism انحرافات
-
الشخصية بين اضطرابها ونضجها
-
العنف والتعصب ..كسب وهمي ناقص
-
الشخصية المازوخية وانحرافاتها
-
العنف يسود العالم
-
رؤية في الفكر العلمي العملي
-
الشخصية السادية وانحرافاتها
-
التوحد(التقمص)..بين القوة واصطناعها!!
-
الارق ..واضطرابات النوم
-
الشخصية المتقلبة Cycloid
-
الخيال الفكري عند الفصامي
-
الشخصية المتفجرة Explosive
-
فيدراليةجنوب العراق..السمات والخصائص
-
اطفال العراق بين المدرسة والكفن
-
التعصب .. تعزيز لصورة الذات السلبية
-
الشخصية المتزنة
المزيد.....
-
أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل
...
-
في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري
...
-
ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
-
كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو
...
-
هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
-
خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته
...
-
عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي
...
-
الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
-
حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن
...
-
أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|