أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الطاغية والسلطة














المزيد.....

الطاغية والسلطة


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1234 - 2005 / 6 / 20 - 10:24
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المتابع لمسيرة حياة الطاغية وحتى وصوله إلى السلطة، يجد أنه يمتهن القتل والتنكيل بالمنافسين أو المتقاطعين معه بالآراء والأفكار. تلك النزعة الشريرة لسلوكه، هي انعكاس عما يكمن في داخله من أمراض نفسية متأصلة في ذاته ولايمكنه تجاوزها، ويبدي بعض الأحيان سلوكاً سوياً تحاشياً للكشف عما يكمن في نفسه حتى ينال ما يضمر في داخله من سعي للوصول إلى مكانة اجتماعية من خلالها يفرض احترامه بالقوة والعنف على الجميع.
لايشعر الطاغية بالسعادة للوصول إلى مبتغاه دون سفك الدماء وانتهاك المحرمات، لأنه يعتقد إنها تمثل الشجاعة والقوة بغرض الاستحواذ على حقوق الآخرين. وهي نزعة بدوية-متخلفة قائمة على النهب والسلب والقتل للتعبير عن الشجاعة والمكانة الاجتماعية مستمدة من قيم مجتمع البداوة!.
ولايهتم الطاغية باكتساب الشرعية لسلطته، لأنه يعي بأنه محتقر ومنبوذ من المجتمع. لذا يمعن بالقتل والتنكيل ويعلن صراحةً بأنه ليس بحاجة إلى من يمنحه الشرعية، فالسيف وحده يمنح الشرعية ويشق طريقه نحو السلطة. والتنكيل بالمعارضين وإذلالهم وإخضاعهم لسلطته يجعل الآخرين، يبدون ولاءهم ويعلنون طواعيةً عن شرعية سلطته.
في خطبة للخليفة الأموي ((معاوية بن أبي سفيان)) بالناس في المدينة المنورة يقول:" أما بعد، فإني والله ما وليتها بمحبة علمتها منكم ولامسرة بولايتي ولكني جادلتكم بسيفي هذا مجادلة".
لايجد الطاغية غضاضة في الكراهية والازدراء وما يبديه المجتمع ضده في الخفاء، إنه يعي تماماً بأن المجتمع كارهاً لسلطته ويتحين الفسحة اللازمة للإجهاز عليه. لذا تجده متحفزاً ومستفزاً أبداً، ويمارس أبشع أنواع القتل والتنكيل ضد المجتمع. إنه في حالة حرب دائمة، فالمجتمع عنده يقسم إلى جبهتين: جبهة السلطة وما تمتلك من وسائل عنف وتنكيل وجبهة المجتمع الأعزل وما يبديه من خضوع واستسلام مقابل الحفاظ على ذاته من الهلاك!.
يعبر ((كرومويل)) عن حجم كراهية المجتمع له قائلاً:" أن تسعة مواطنين من أصل عشرة يكرهونني، ما أهمية ذلك إن كان العاشر وحده مسلحاً".
إن سمة الطغيان وما تنخر ذات الطاغية متعددة الصور والأساليب لإخضاع وإذلال المجتمع، أهمها إفقار المجتمع لدرجة كبيرة تجعله يستجدي قوت يومه ويتفرغ تماماً إلى شؤون حياته الخاصة للحفاظ على ذاته المستلبة والمهددة بالفناء في كل لحظة!.
يعمد الطاغية على إرهاق المجتمع، بغرض شل حركته المضادة وجعله أسير هواجس الخوف والرعب والمستقبل المجهول. ويتضرع للتمسك بخيط الحياة الذي تمسكه السلطة مما يجعله يبدي من فروض الطاعة والخنوع لأجل الحفاظ على ذاته من الهلاك. وعند تعدد صور التنكيل يشتد الطغيان، لايجد المجتمع أمامه فسحة للنجاة سوى إبداء المزيد من الخضوع والطاعة للطاغية تحاشياً لبطشه وتنكيله واستجداءً لفسحة استمراره في الحياة.
يرى ((جون لوك))" ليس للطغيان صورة واحدة...فمتى استغلت السلطة لإرهاق المجتمع وإفقاره تحولت إلى طغيان أياً كانت صورته".
تبيح شريعة الطاغية، اغتصاب حقوق الآخرين. وهذا الاغتصاب تجسده أساليب العنف والقسوة ليس لانتزاع حقوقهم حسب، بل لتكريس الشعور بالحط من كرامتهم وإذلالهم باعتبارهم مخلوقات ذو شأن أدنى وعديمي الحقوق وعليهم من الواجبات ما لاحصر لها!. إن الاغتصاب لحقوق الآخرين، هو انعكاس لنهج سلطة الطغيان وما تسعى من تكريس وتسلط على المجتمع وسلب موارد البلاد والعباد.
يعتقد ((جون لوك))" إذا كان الاغتصاب هو ممارسة إنسان ما لسلطة ليست من حقه، فإن الطغيان هو ممارسة سلطة لاتستند إلى أي حق، ويستحيل أن تكون حقاً لإنسان ما".
إن الوصول إلى السلطة والاحتفاظ بها لأمد غير محدود بالنسبة للطاغية مسألة حياة أو موت، لأن حياته مبنية على الاستحواذ والقهر للآخرين. وموته مرتبط بتحرر الآخرين من سطوته، وإمساكهم بمقاليد السلطة للانتقام منه. ونتيجة المعادلة بين الطاغية والمجتمع ببساطة، هي الفوز بالسلطة. فالأول يسعى للاحتفاظ بها من خلال إلحاقه بالأذى والقهر بالمجتمع، والثاني يسعى إلى رفع الأذى والقهر عنه من خلال إلحاق الهزيمة بالطاغية ونظامه ومن ثم الانتقام منه.
إذاً المعادلة بين الطاغية والمجتمع، غير قابلة للحل إلا من خلال هزيمة أحدهم للآخر. ولم يسجل التاريخ هزيمة واحدة للمجتمعات المقهورة، لكنه سجل الهزائم لجميع الطغاة على مر التاريخ.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممارسات الطاغية
- شريعة الطاغية
- حاشية الطاغية
- الطاغية والاستبداد
- الطاغية ووعاظ السلاطين
- الطاغية والدين
- الفلسفة وعلم المنطق
- مفهوم الخير والشر في الفلسفة
- الفرق بين العالم والجاهل
- مفهوم الحب عند جلال الدين الرومي
- *الصراع بين السياسي والمثقف: قيم أم مصالح؟
- دولة القبيلة بين القيم والمصالح
- أسلوب المقاومة السلمية ضد الأنظمة المستبدة
- انماط السلوك غير السوي في المجتمعات المقهورة
- الخطاب العلني للقوى المقهورة ضد القوى القاهرة
- لقاء صحافي مع الباحث وخبير المياه في الشرق الأوسط السيد صاحب ...
- سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة
- ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد
- الصراع السياسي المستور بين القوى القاهرة والمقهورة
- الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - الطاغية والسلطة