عبدالحكيم سليمان وادي
الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 21:44
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
مراعاة التدابير اللازمة في حال توجيه ضربة عسكرية للأعيان المدنية الفلسطينية زمن النزاع المسلح.
من دراسة: المسئولية الدولية في حماية الأعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة "العدوان الإسرائيلي على غزة 2008-2009- نموذجا
الفقرة الثالثة: مراعاة التدابير اللازمة في حال توجيه ضربة عسكرية للأعيان المدنية زمن النزاع المسلح.
الحلقة 4
د.عبدالحكيم سليمان وادي
بالرجوع إلى نصوص البرتوكول الأول الإضافي سنة 1977 نجدة ينص على في فحواة على ضرورة اتخاذ التدابير الاحتياطية قبل الهجوم.وذلك من خلال المادتين : 57-58 واللتين تم عنونتهما في إطار الفصل الرابع المتعلق بالتدابير الوقائية.
فالمادة 57 تولت الإشارة إلى الاحتياطات التي يجب أن يتخذها الطرف المهاجم,أما المادة 58 فتولت الإشارة إلى الاحتياطات (ضد أثار الهجوم) اى الاحتياطات التي يتعين على أطراف النزاع المسلح اتخاذها تحسبا للآثار المحتملة للهجمات على أهداف عسكرية تقع تحت سيطرتها.
وللإشارة فالاحتياطات في الهجوم ليس مبدأ مستحدث بموجب المادة 57 من البرتوكول الأول سنة 1977,بل ظهر لأول مرة في المادة 3 الفقرة الثانية من اتفاقية لاهاي التاسعة سنة 1907 التي تنص على انه : إذا كانت هناك ضرورة لعمل فوري لأسباب عسكرية ضد أهداف بحرية أو عسكرية تقع ضمن بلدة أو مرفأ,ولم تكن هناك إمكانية لإعطاء مهلة للعدو.فعلي قائد القوة البحرية اتخاذ كافة التدابير اللازمة من اجل التقليل قدر المستطاع من الضرر الذي يلحق البلدة.15
وللإشارة فقد أرست الفقرة الأولي من المادة 57 مبدأ يقضي بان: تبذل رعاية متواصلة في أدارة العمليات العسكرية من اجل تفادي السكان المدنيين والأشخاص والأعيان المدنية.
فالفقرة-أ من المادة 57-2 موجة إلى من يخطط لهجوم أو يتخذ قرار بشأنه.ففي حالة العمليات العسكرية الكبرى يكون هذا الشخص هو القائد العام وهيئة أركانه,إما في العمليات العسكرية الصغيرة التي تقوم بها دورية من بضعة جنود أو مجموعة من العسكريين فيكون هذا الشخص المخاطب هو قائد الوحدة,ويقع على هؤلاء الأشخاص التزامات ثلاثة:
- أن يبذلوا ما في طاقتهم عمليا للتحقيق من أن الأهداف المقرر مهاجمتها أهداف عسكرية يجوز مهاجمتها بصفتها هذه.
- أن يتخذوا جميع الاحتياطات ألمستطاعه عند تخير وسائل وأساليب الهجوم من اجل تجنب أحداث خسائر في أرواح المدنيين أو إلحاق الإصابة بهم أو الإضرار بالأعيان المدنية,وذلك بصفة عرضية.وعلى أي الأحوال حصر ذلك في أضيق نطاق.
- أن يمتنعوا عن اتخاذ قرار بشان هجوم قد يتوقع منه إحداث مثل هذه الخسائر أو الإصابات أو الإضرار,بما يفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عنة ذلك الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة.
وتأكيدا لقاعدة التناسب بين الضرورة العسكرية وبين القواعد الإنسانية.فقد ألزمت الفقرة الثالثة من المادة 57 على من يتخذ قرار الهجوم إذا كان هناك مجالا للاختيار في عدة أهداف عسكرية,أن يختار الهدف الذي يتوقع أن يسفر عنه الهجوم علية إحداث اقل قدر من الأضرار في أرواح المدنيين والأعيان المدنية.
وما يجب التذكير به في هذا المقام هو أن الالتزام بهذه القاعدة لحماية الأعيان المدنية من الهجمات العسكرية من قبل القادة العسكريين للدول الأطراف في النزاع,يجد أصلة في الفقرة الثالثة من المادة 50 من النص الأساسي الذي قدمته اللجنة الدولية للصليب الأحمر لمؤتمر الخبراء الحكوميين لتأكيد وتطوير القانون الدولي الإنساني أثناء النزاعات المسلحة في دورته الثانية سنة 1972.مرجع رقم 16
أما بالعودة إلي المادة 58 من البرتوكول الأول سنة 1977,فقد تناولت الاحتياطات التي يجب على أطراف النزاع اتخاذها تحسبا لأثار الهجمات على أهداف عسكرية موجودة في أراضيها أو في ارض تقع تحت سيطرتها.
حيث دعت المادة 58 إلى ضرورة أن تسعي أطراف النزاع إلي إبعاد كل من السكان المدنيين والأفراد المدنيين والأعيان المدنية عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية,كما طالبت المادة 58 بضرورة تجنب إقامة الأهداف العسكرية داخل المناطق التي يكثر فيها السكان المدنيين والأعيان المدنية حيث تؤدي الهجمات الموجهة ضدها إلي خسائر فادحة في أرواح المدنيين وفي تدمير كبير للأعيان المدنية.
كما أن المادة 58 من البرتوكول الأول سنة 1977على قيام أطراف النزاع قدر المستطاع بما يلي:
أ- السعي جاهدة إلي نقل ما تحت سيطرتها من السكان المدنيين والأفراد والأعيان المدنية بعيدا عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية وذلك بعدم الإخلال بالمادة 49 من الاتفاقية الرابعة.
ب- تجنب إقامة أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها.
ج- اتخاذ الاحتياطات الأخرى اللازمة لحماية ما تحت سيطرتها منسكان مدنيين وأفراد واعيان مدنية من الأخطار الناجمة عن العمليات العسكرية.17
وعلى غرار المادة 57 أكدت على ضرورة اتخاذ الاحتياطات الكافية لحماية المدنيين و الأعيان المدنية من أثار العمليات العسكرية.
وزبده القول : انه بالرغم من هذه التدابير والاحتياطات التي تلزم أطراف النزاع بتنفيذها عند قيامها بالهجمات العسكرية.وللإشارة لا يمكن أن نتصور أن الدولة العبرية بما يسمي إسرائيل سوف تلتزم بها أو تطبيقها على ارض الواقع داخل الإقليم الفلسطيني حتى وبعد أن أصبحت فلسطين دولة عضو غير مراقب في الأمم المتحدة منذ سنة 2012.لاسيما وان العدوان الإسرائيلي وتوجيهها لبعض الهجمات العسكرية ضد المدنيين الفلسطينيين والأعيان المدنية الفلسطينية ما زال مستمرا حيث وبتاريخ 24 ديسمبر 2013 قتلت طفلة فلسطينية وأصيب سبعة آخرون جراء سلسلة غارات وقصف مدفعي إسرائيلي على قطاع غزة. مع العلم إن الطفلة حلا أبو سبيخة (3 أعوام) قتلت جراء إصابتها بشظايا قصف إسرائيلي على مقربة من منزلها في مخيم المغازي وسط القطاع.
أن القصف الإسرائيلي ذاته أسفر عن إصابة والدة الطفلة أبو سبيخة وثلاثة من أشقائها بجروح، وجرى نقلهم إلى مستشفى (الأقصى) في دير البلح وسط القطاع لتلقي العلاج. وشن الطيران الإسرائيلي نحو 15 غارة جوية في مناطق متفرقة من قطاع غزة وفق ما أفادت مصادر فلسطينية وإسرائيلية متطابقة.18
وهذا الاعتداء والعدوان الإسرائيلي المستمر على المدنيين والأعيان المدنية الفلسطينية يحيلنا إلي ضرورة تدعيم مبدأ حظر وتقييد أسلحة معينة لا تستطيع التمييز بين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية وبالتحديد عندما تستخدم قنابل فسفورية وعنقودية وطائرات حربية إسرائيلية من نوع أف-16 وصورايخها ضد الفئات الهشة الفلسطينية وأعيانها المدنية زمن النزاع المسلح.لاسيما وان التقدم الحاصل في أساليب وفنون القتال وتطور نظام التسلح الإسرائيلي الذي هو بدعم أمريكي,قد ابرز ظهور أسلحة إسرائيلية متطورة وكثيرة التنوع لا تقارن بأي شكل من الإشكال مع سلاح المقاومة الفلسطينية الذي يعتبر مجرد سلاح بدائي للدفاع الشخصي عن النفس,إضافة إلى بعض القذائف المصنعة محليا والتي يطلق عليها الإعلام والصحافة بالصواريخ الفلسطينية ذات المدي المحدود,إضافة إلى بعض الصواريخ المهربة من الخارج نحو قطاع غزة والتي تسمي صواريخ غراد محدودة المدي.وبغض النظر عن أنواع الأسلحة التي تملكها المقاومة الفلسطينية فأنها في الوزن العسكري لا تساوي طائرة إسرائيلية واحدة من نوع هيلوكبتر أباتشي. وكل هذا التطور العسكري الإسرائيلي في كمية ونوع الأسلحة التكنولوجية قد أطاح بمبدأ النسبة والتناسب ومبدأ التمييز بين الأعيان المدنية الفلسطينية والأعيان العسكرية التي في اغلبها عبارة عن مجموعات من المقاتلين الفلسطينيين التي تتنقل حسب ضرورة المرحلة التي تحددها المقاومة الفلسطينية وبالتالي فان اغلب المواقع والأهداف العسكرية الفلسطينية تكون فارغة من محتواها القانوني الذي لا يعتبر هدفا عسكريا بالأساس كونه مجرد مكان مهجور وفارغ.لا يجوز توجيه هجمات عسكرية ضده لأنه لا يشكل أي خطورة عسكرية على الطرف الأخر.
ونتيجة هذه الهجمات الإسرائيلية التي تستخدم أسلحة متطورة وجديدة ضد المدنيين والأعيان المدنية الفلسطينية.نري ظهور ضرورة لحظر وتقييد استخدام أنواع مختلفة من هذه الأسلحة نظرا لما تتسبب فيه من أخطار لا يمكن تداركها في الجانب الفلسطيني الذي كثيرا ومرارا وتكرارا قد دفع فيه المدنيين والأعيان المدنية فاتورة هذه الأخطاء العسكرية الإسرائيلية والنماذج عديدة وكثيرة.
ومع الأسف الشديد وبعد استقرائنا لاتفاقية جنيف الأربع سنة 1949 وللبرتوكوليين الإضافيين لسنة 1977,وبالعودة إلى أسلوب الحرب الجوية الذي أصبح هو الأسلوب الاسرائيلي الأكثر إتباعا ضد الفلسطينيين زمن النزاعات المسلحة.عبر استخدامه القصف المفرط للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية.فلم نجد مع الأسف الشديد جدا أي نصوص قانونية تنظم هجمات سلاح الجو في الحروب الدولية بشكل عام.والذي ينعكس على أسلوب و هجمات طائرات الاحتلال الإسرائيلي بشكل خاص ضد الفلسطينيين,مما يجعل هذا العدوان الإسرائيلي على المدنيين والأعيان المدنية الفلسطينية خارج القانون.
وهذا ما ندعو له من خلال دراستنا هذه المتواضعة بضرورة صياغة قانون خاص بأساليب الحرب الجوية والعمل على تقيدها قدر الإمكان لتقليل الخسائر البشرية من المدنيين ووقف التجاوزات بكافة أشكالها ضد الجنود داخل المعارك,أو ضد الأعيان المدنية أو الممتلكات الثقافية والبيئة الطبيعية...الخ
فالحروب الجوية هي حرب تدمير بمعني الكلمة حتى وان وجهت هذه الهجمات الحربية الجوية العدائية ضد الأهداف العسكرية,وذلك بالنظر إلي تواجد الأعيان المدنية جنبا إلى جنب مع هذه الأهداف العسكرية وصعوبة التمييز بينهما.بل أن اغلب الهجمات العسكرية الإسرائيلية الجوية تكون مقصودة بإلحاق الإضرار بالمدنيين وبالأعيان المدنية الفلسطينية وخير دليل استهداف محطات توليد الكهرباء الفلسطينية وكذلك استخدام الطائرات الإسرائيلية بدون طيار في اغتيال العديد العديد من الشخصيات الفلسطينية.أما وهم داخل منازلهم أو وهم داخل سياراتهم ومعهم أولادهم وهذا ما يسمي بعمليات القتل خارج القانون.
وللإشارة فأن عدد الفلسطينيين الذين اغتالتهم قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي في الضفة الغربية و قطاع غزة بلغ حوالي525 فلسطينيا منهم 378مستهدفا بشكل مباشر حسب ما أسمتهم هذه القوات بنشطاء الانتفاضة، فيما قتل حوال147 من غير المستهدفين أو غيرهم ممن تواجدوا في مكان عمليات الاغتيال فيما لقى 59طفلاً حتفهم أثناء تواجدهم في المكان المستهدف من قبل قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي.
أن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية باتت جزءاً من الممارسات اليومية لقوات الاحتلال في مختلف المناطق الفلسطينية، كما كشف التقرير أن هناك ارتفاعا في نسبة من هم غير المستهدفين في قطاع غزة بسبب استخدام قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي طائرات (F16) للقصف بقنابل ثقيلة الوزن شديدة الانفجار أثناء تنفيذ عمليات القتل خارج نطاق القانون بحق المستهدفين الفلسطينيين.
هذا وقد استخدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي كافة أشكال وصور القتل من أجل القضاء على من أسمتهم بنشطاء الانتفاضة، فلجأت إلى قتل المطلوبين لديها عبر طائراتهم الحربية والأباتشي العسكرية لقتل المطلوبين، ومن خلال العمليات العسكرية التي تنفذها إسرائيل والتي لا تفرق بين القادة السياسيين والعسكريين لكافة نشطاء الانتفاضة الفلسطينية، حيث بدأت علميات الاغتيال السياسي حين أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي باغتيال الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أبو علي مصطفى يوم الاثنين 27 آب (أغسطس) 2001 في عملية اغتيال نفذها الاحتلال ، بقصف منزله في مدينة البيرة مباشرة من طائرة مروحية، وصولاً إلى اغتيال القائد السياسي زعيم حركة المقاومة الإسلامية حماس الشيخ أحمد ياسين الذي يبلغ من العمر (68) عاماً. وهو رجل كهل طاعن في السن معاق بإعاقة حركية، وهو زعيم ومؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس. لقد اغتيل بتاريخ 22/4/2004 في تمام الساعة الخامسة وعشرون دقيقة عندما أغارت طائرات الأباتشي على منطقة الصبرا في مدينة غزة (مصحوبة بصوت طائرات (F16) ) بينما كان الشيخ يغادر مسجد المجمع الإسلامي في المنطقة، والجدير ذكره أن عملية الاغتيال طالت أيضا الشاب خليل عبد الله أبو جياب( 30) من سكان مخيم المغازي، والشاب أيوب أحمد عط الله (26 عاماً) من سكان مخيم جباليا، والشاب ربيع عبد الحي عبد العال ( 18 عام) من حي الصبرة، وثلاثتهم هم مرافقوا الشيخ ياسين، بالإضافة إلى استشهاد آخرون ممن تواجدوا في المكان وهم: الشاب مؤمن إبراهيم اليازوري ( 28 عام) ، والشاب أمير أحمد عبد العال ( 25 عام ) من سكان حي الصبرة ، والشاب راتب عبد الرحمن العالول (25 عام) من سكان حي الصبرة ، والشاب خميس سامي مشتهى (32 عام) وهو أيضاً من سكان حي الصبر بمدينة غزة، وخلفت عملية الاغتيال أيضاً (17) مصاباً بينهم أربعة أطفال هم من تواجدوا في مكان عملية الاغتيال.
إلى محاولة اغتيال أخري والتي تمثلت بمحاولة اغتيال محمد الهندي وهو أحد قياديي حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة بتاريخ 15/5/2004 ، حين حاولت طائرات الأباتشي قصف مكتبه الموجود داخل عين مدنية في مدينة غزة.
كما أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على تنفيذ عمليات قتل خارج نطاق القانون ل ( 378) شخص من النشطاء الفلسطينيين ممن تعتبرهم خطرا على أمنها وفق معايرها الخاصة والغير قانونية.
لقد تعرض العديد من المدنيين الفلسطينيين للقتل الناجم عن سياسة الاغتيالات المتبعة من قبل قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي، حيث صادف وجود مدنيين فلسطينيين في موقع الاغتيال عندما تقوم قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي بقصف مكان مستهدف عبر طائرات الأباتشي، أو عن طريق القوات الخاصة الإسرائيلية، أو عن طريق العبوات الناسفة التي تزرعها قوات الاحتلال الإسرائيلي في السيارات في أماكن تواجد المستهدفين. حيث راح ضحية الغير المستهدفين ومن تواجدوا في مسرح عمليات القتل خارج نطاق القانون في الضفة الغربية وقطاع غزة أكثر من (243) شخص من بينهم (86) طفل لم يتجاوز سن الثامنة عشر.
ونظراًَ لازدحام الأماكن السكنية في قطاع غزة يروح ضحية القصف العديد من المواطنين ليس لهم ذنباً سوى أنهم متواجدين في ساحة الاغتيالات، فقد يسقط ضحايا الاغتيال من المدنيين المتواجدين في مكان القصف بالعشرات. يكون ذلك عندما تقوم الطائرات(F16)الإسرائيلية باستهداف أحد المطلوبين لديها سواء كان موجود داخل منزله أو كان داخل سيارته فتقوم طائرات النفاثة الإسرائيلية بقصف المكان المتواجد به هدف القصف، والذي ينجم عنه ضحايا بالعشرات، حيث راح ضحية القتل خارج نطاق القانون من غير المستهدفين في قطاع غزة حوالي (196) شخص من بينهم (86) طفل.
وتجلت أبشع صور القصف في عمليات القتل خارج نطاق القانون في نماذج عديدة.نذكر منها قضية اغتيال القائد السياسي والعسكري في حركة حماس الشهيد/صلاح شحادة عندما أقدمت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف بناية سكنية بتاريخ 22/7/2002 في حي الدرج بمدينة غزة بإلقاء قنبلة تزن طنا ألقتها طائرة إسرائيلية من نوع أف 16علي منزل الشهيد/ صلاح شحادة.راح جراء هذا القصف كافة المدنيين ممن تواجدوا داخل منازلهم القريبة من هدف القصف أو من صادف وجوده في شارع القصف حيث راح ضحية عملية الاغتيالات من هم ليسوا مستهدفين حوالي (18) مدنياً ممن تواجدوا في مكان هذا القصف لمنزل شحادة.بينهم8 أطفال لم تتجاوز أعمارهم ثمانية عشر عاما إضافة للجرحى والمعاقينً.
وفي نموذج أخر لسياسة الاغتيال الإسرائيلية نذكر عملية الاغتيال للشهيد/ أحمد الجعبري من مواليد سنة (1960والذي اغتيل بتاريخ - 14 نوفمبر 2012، باعتباره نائب القائد العام لكتائب القسام والقائد الفعلي لها على الأرض،و يطلق عليه "رئيس أركان حركة حماس.حيث عين الجعبري قائد لكتائب القسام في غزة وهو من أهم المطلوبين لإسرائيل وتتهمه إسرائيل بالمسؤولية عن عدد كبير من العمليات ضدها.حيث تعرض احمد الجعبري باعتباره عراب "صفقة الأحرار" لمحاولات اغتيال إسرائيلية عدة، كان أبرزها تلك التي نجا منها بعد إصابته بجروح خفيفة عام 2004، بينما قتل ابنه البكر محمد، وشقيقه وثلاثة من أقاربه، باستهداف طائرات الاحتلال الحربية منزله في حي الشجاعية.حيث فجرت قضية اغتياله عدوان جديد على غزة. حرب وعدوان إسرائيلي استمر لمدة 8 أيام بين الطرفين.19
وعلية فقد تعددت سياسة الاغتيالات ضد الفلسطينيين بالطائرات أو عبر العبوات الناسفة أو هجمات عسكرية أخري كإعمال انتقامية وهذا ما سوف نحاول الإحاطة به لاحقا في الفقرة الربعة.
ومن ناحية أخري,تعتبر من ضمن القواعد المهمة التي ولا بد من الإشارة لها وهي ما جاء في إعلان سان بيترسبورغ لسنة 1868 والذي يحظر استعمال بعض القذائف التي تقل وزنها عن 400 غرام وتكون متفجرة أو مشحونة بمواد قابلة للانفجار أو الاشتعال.
كما تم كذلك وحفاظا على جزء من الأعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة حظر استخدام الأسلحة الكيماوية التي تؤدي بالمساس بالبيئة الطبيعية,وقد تم ذلك من خلال اتفاقية باريس الموقع عليها بتاريخ/13-01-1993 لتحريم الأسلحة الكيماوية بصورة شاملة.عبر منع تصنيعها وتخزينها واستعمالها,كما نصت الاتفاقية نفسها على ضرورة الالتزام بتدمير تلك الأسلحة,وكذلك على تكوين منظمة لحظر الأسلحة الكيماوية يكون مقرها في لاهاي.وتكون عضويتها مفتوحة لجميع الأطراف المتعاقدة وهي لا تلغي بروتوكول سنة 1925 واتفاقية 1972 بشان الأسلحة البيولوجية.20
وللإشارة فان برتوكول 1925 يهدف إلي حظر استعمال الغازات الخانقة والسامة أو ما شابهها والوسائل الجرثومية في الحرب وكذلك الوسائل البكتريولوجية.
ويعد هذا البرتوكول ذو أهمية كبيرة على حماية البيئة لان عدم احترام الحظر المذكور ينتج عنة اثأر سلبية على البيئة الطبيعية الفلسطينية.لاسيما وان هناك تسريبات إشعاعية من المفاعل النووي الإسرائيلي ديمونا نحو السكان الفلسطينيين من بدو النقب والمناطق المجاورة له في صحراء النقب.
وفي ختام تحليلنا وعرضنا لحظر استخدام الأسلحة التي تمس بالحماية العامة للأعيان المدنية الفلسطينية بشكل خاص.لا بد لنا من ضرورة التطرق إلي استخدام أسلحة الدمار الشامل ونخص بالذكر هنا: الأسلحة النووية الإسرائيلية في مفاعل ديمونا,إضافة لرؤوس الصواريخ النووية.التي يمكن أن تستخدم في لحظة ما ضد الأعيان المدنية الفلسطينية في المستقبل القريب كما تم استخدمها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية ضد اليابان والمدنيين في هيروشيما وناجازاكي خلال الحرب العالمية الثانية.
وبالعودة إلي الرائ الاستشاري لمحكمة العدل الدولية المتعلق بمدي مشروعية التهديد بالأسلحة النووية أو استخدامها لسنة 1996.نجد أن المحكمة لم تحسم بصورة قاطعة مسالة مشروعية أو عدم مشروعية استخدام الأسلحة النووية,حيث قررت أقرت المحكمة : انه يمكن اللجوء إلى استخدام الأسلحة النووية في حالة الدفاع الشرعي عن النفس طبقا للنص القانوني في المادة 51 الوارد في ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1945 مع العلم أن هذه المادة لها عدة تفسيرات لدي المحللين من فقهاء القانون الدولي.21
وهذه النقطة من الأهمية بمكان تفرض على الدولة الفلسطينية الاهتمام بها والعمل على إدراجها ضمن أي اتفاقية ثنائية في المستقبل مع الطرف الإسرائيلي الممثل بالدولة العبرية.لكثرة تهدد الأخيرة جيرانها الإقليمين باماكنية استخدام السلاح النووي مع إيران أو حزب الله اللبناني على سبيل المثال.إضافة إلي محاول فرض شروطها بان تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية منزوعة السلاح التقليدي.وبذلك نجد أن مسألة الأسلحة النووية مفتوحة لكل التأويلات,وعلية فان حماية الأعيان المدنية زمن النزاعات المسلحة لا تقوم على حظر توجيه الهجمات فقط.بل تتعداها إلي أيضا حظر توجيه الإعمال الانتقامية ضد هذه الأعيان وهذا ما سوف نتناوله في الفقرة الرابعة.
يتبع...في الحلقة 5
الفقرة الرابعة: حظر الأعمال الانتقامية ضد الأعيان المدنية زمن النزاع المسلح.
د.عبدالحكيم سليمان وادي
رئيس مركز راشيل كوري الفلسطيني لحقوق الإنسان ومتابعة العدالة الدولية
http://rachelcenter.ps/index.php
#عبدالحكيم_سليمان_وادي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟