|
الشرطي ، الحاخام والمغفلون ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 12:58
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تنشغل وسائل الاعلام في الايام الاخيرة بفضيحة "الرشى " التي حصل عليها قائد وحدة مكافحة الفساد والجريمة المنظمة في شرطة اسرائيل ، من أحد الحاخامات الكبار في اسرائيل والذي يتبعه مريدون في انحاء العالم . تتلخص هذه الفضيحة بأن الشرطي الكبير واثناء وجوده في الولايات المتحدة كممثل للشرطة الاسرائيلية ، حصل بناء على طلبه ، حصل على هدايا ثمينة واموال نقدية من أحد مريدي الحاخام ، وبناء على توصية الحاخام . وتماشيا مع الوصية اليهودية التي تقول " أرسِل خبزك على سطح الماء " والتي تعني في العربية البسيطة "اللي بقدم السبت بلقى الاحد قدامه " على رأي أخوتنا المصاروة ، فأن الحاخام الذي طلب من مريده تقديم "الخبز " للشرطي ، ذهب اليه مُطالبا برد الجميل ، وذلك بأن يقوم الشرطي بإعلام الحاخام بالمُستجدات في قضية تُحقق فيها الشرطة الاسرائيلية وتخص أحدى الجمعيات التي "يُديرها " الحاخام ، والتي تتصرف بميزانية تُقدر بملايين الدولارات ، والتي يتم صرفها على الشؤون الخاصة للحاخام وابناء عائلته . مهما تجولنا وطُفنا فالمحور المركزي في هذه العلاقات ،عادة ما يكون المال ، ولكن المُفاجئ في الامر هو أن يكون الحاخام هو صاحب المال . فبينما كان "التزاوج " غير المُقدس وغير الشرعي ، يتم بين الساسة والرأسمال ، نشأ نمط جديد من "الأسياد" ، زواج بين الدين والمال . ويحظى الحاخامات في الثقافة اليهودية التقليدية بمكانة تفوق كثيرا مكانة الساسة ، وكان الحاخام في العادة هو من يُقرر لرجال السياسة افعالهم . وشكل هؤلاء الحاخامات احزابا سياسية تأتمر بأمرهم وتنصاع لقراراتهم ، وهم من تيار "ارستقراطية " رجال الدين ، الذين قدموا الى اسرائيل وحافظوا على بُنية مُؤسساتهم الدينية التقليدية ، وأحضروها معهم الى اسرائيل من اوروبا ، كما هي ، واستمرت عوائل المُريدين في ولائها للحاخام أو الراب ، ولو كانت في دولة أُخرى . لكن جيلا جديدا من الحاخامات ، بنى لنفسه مكانة عبر الترويج لقدراته الخارقة ، علاج امراض مستعصية ، تقديم استشارة مالية وما شابه ذلك ، وهكذا نشأت "مراكز " دينية جديدة يقف على رأسها "حاخامات " لا يجري في عروقهم الدم الازرق للأرستقراطية الدينية . ومنهم "صاحبنا " !! جاءت هذه المقدمة الطويلة لتوضيح الصورة ولتأكيد الحقيقة القائلة بأن رجال الدين في كل زمان ومكان ومن كل دين لا يختلفون ، بل ينطبق عليهم القول الذي أُدخل عليه تعديلا " رجال الدين أُخوة ، أُمهاتهم شتى " . كانوا ، ما زالوا وسيبقون في خدمة السادة ، وسيبقى التزاوج مع المُتنفذين في اجهزة الدولة ، تزاوجا مصلحيا . وسيبقى رجال الدين أبدا ، يستغلون ايمان "البُسطاء " بالدين لصالحهم ولمصالحهم المالية ، وهذا ما حصل لكثير من العسكريين والمدنيين في اسرائيل . فعلى المؤسسات الدينية أو الفناءات ( جمع فناء ) كما يُطلَق عليها( هنا في اسرائيل ) ،يتردد الكثير من رجال الشرطة ، السياسيون والعسكريون ، للمشاركة في طقوس دينية أو للحصول على استشارة . هذا الاحتكاك بين رجال الدين ،أصحاب التأثير الكبير على رعاياهم والموظفين الكبار ، يُعرّض هؤلاء المسؤولين للابتزاز ، وهذا ما يُثير حفيظة الكثير . ولعل قوافل "الحجيج " الى بيت الراب عوفاديا يوسف ،قبل وفاته ، كانت الدليل على تملُق الساسة لرجال الدين . ومنهم نتانياهو وبيرس وقبلهم شارون وغيرهم ، الذين كانوا في سعي محموم خلف اصوات رعية الحاخامات وبالمُقابل فأنهم يردون هذا "الجميل " اضعافا مُضاعفة على شكل ميزانيات خاصة للمؤسسات التي يُديرها هذا الراب أو الحاخام . وكما يقول المثل العبري " المُغفلون لا يموتون ، بل يتبدلون" ، يدفع المُغفل والذي هو المُواطن البسيط من جيبه ، ثمن الحلف الدنس بين السياسة والدين . وهؤلاء (المُغفلون ) يُعيدون انتخاب نفس السياسيين ، نتانياهو مثلا ، الذي لا يثق "بسلطات " بلاده ويستثمر أمواله في جزيرة اسكتلندية تُعتبر ملجأ للمتهربين من الضرائب !! وهذه هي الفضيحة الثانية التي ينشغل بها الاعلام الاسرائيلي هذه الايام ..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمليات الجراحية والعلاجات التي يجب على اليسار اجراؤها ..
-
ما لم يقله شارون ..رد على مقال مالك بارودي
-
المادية الاصولية..
-
الشارونيون العرب .
-
الاسلام والارهاب...
-
تريلوجيا (1) : وجها لوجه مع الجشع الخبيث ..
-
-نَاركْ ولا جنّة هَلِي - ؟؟!!
-
سبارتاكوس يُعلن الثورة في تل أبيب
-
شهيدات المعرفة ..ومحرقة الدفاتر
-
في الطريق الى حل الدولتين ...المزيد من التهجير
-
واقعيون ونفعيون ...
-
رفقا بنا يا استاذة خديجة صفوت ..
-
رسالة بلا عنوان...
-
محمديون ولكن ...
-
قرآنيون ، محمديون وواقعيون .
-
رحيل سيدة العطاء ...
-
جدلية كيف نعيش أو كم نستهلك ؟؟
-
ساقان أُنثويتان .. والرأي العام
-
الحالة الثورية والمد الثوري ..
-
في الدفاع عن بعض السلفية ..
المزيد.....
-
غموض شديد يحيط بلقاء نادر جمع مبعوث ماكرون وفريق المترشح الر
...
-
الأردن.. جماعة الإخوان تتبنى -عملية البحر الميت-
-
أنا البندورة الحمرا ?? .. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القم
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية ينعى الشهيد السنوار ويؤكد أن المقا
...
-
الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ينعى الشهيد يحيى السنوار ويؤكد
...
-
الاحتلال يقيد وصول المصلين إلى المسجد الأقصى
-
مفهوم الحرية الإسلامية تحت المجهر.. جدل متزايد وتحديات معاصر
...
-
نزلها “من هنا” تردد قناة طيور الجنة بعد التحديث على القمر ال
...
-
وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي
...
-
وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|