أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - كيف تقعّد الريع عندنا؟














المزيد.....

كيف تقعّد الريع عندنا؟


إدريس ولد القابلة
(Driss Ould El Kabla)


الحوار المتمدن-العدد: 4336 - 2014 / 1 / 16 - 08:12
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يكمن الريع عندنا – كما أضحى الجميع يعرف اليوم – في الحصول على دخل أو ثروة أو استفادة أو سلطة أو امتياز أو إكرامية دون استحقاق موضوعي، ودون جهد، ودون مسوغ قانوني واضح وشفاف.
وغالبا ما يستهدف الريع الجانب المادي لتنميط العقول والتصرفات. وهكذا يتم تكريس تراتبية في المجتمع بطريقة مصطنعة وفوقية غريبة كليا عن آليات الارتقاء الاجتماعي العادية والمقبولة المتعارف عليها والتي تبدو معقولة للجميع أو للكثيرين على الأقل. وبذلك يساهم الريع في إنتاج – على حين غرة – بجرة قلم أو مكالمة هاتفية أو وساطة، فئات محظوظة تستأثر بالخيرات والامتيازات و الاكراميات دون وجه استحقاق. علما أن الكثير من أنماط الريع تنتج – مقابل – هضم حقوق فئات اجتماعية واسعة وحرمانها منها. ومن هنا يتضح دور تفعيل آليات الريع في صنع نخب مرغوب فيها وبمواصفات خاصة، أي نخب مكبلة بالسعي نحو المزيد من الاستفادة أو على الأقل الاحتفاظ بالمزايا المكتسبة والحرص على استدامة سبل الانتفاع.
فقد ارتبط مفهوم الريع – تاريخيا- بمفهوم وعقلية الرعية والخدم،وهي العقلية القائمة على آليات التطويع والتدجين.
فالدولة تحتكر كل ينابيع الريع في مختلف المجالات والقطاعات، فهي الطرف المحتكر لكل مقدرات الاقتصاد الوطني، وبذلك تكون المتحم الوحيد في الريع ومصادره.
لا يتناطح كبشان على الإقرار بأن الريع يُعد ألذ أعداء التغيير والإصلاح، والمنتفعين منه من أقوى مناهضي التغيير والإصلاح، إنهم يشكلون لوبيات معاكسة للتغيير الذي من شأنه النيل من مصالحهم. وهذا من شأنه تأجيج الاحتقان الاجتماعي.
ويظل القرب من دوائر صناعة القرار والقرابة والموالاة، أهم وأوضح السبل للاستفادة من الريع. وهذا السبيل يُبرز بجلاء علاقة الريع بالتسلط. وفي هذا النطاق يعتبر البعض أن الريع يمثل قوّة ناعمة إبقاء الحال على ما هو عليه دون المطالبة بتغييره.
إن أقصر السبل وأجداها للاستفادة من الريع ببلادنا، التودد والتملق للقائمين على الأمور. إنه نوع من أنواع الصراع والمنافسة لنيل حظوة القرب، فالقرب أو التقرب هو أوسع بوابة للانتفاع بالريع وآلياته. وقد ظل القرب من السلطة ونيل رضاها الطريق السيّار للفوز من حصة من كعكة الريع.
تتنوع أشكال الريع حسب القطاعات، كما يمكن للريع أن يتخذ شكل دعم أو مساندة مالية، كما هو الأمر بالنسبة للإعلام والأحزاب السياسية والنقابات وبعض جمعيات المجتمع المدني.
فأشكال الريع وتمظهراته كثيرة ومتنوعة،، منها العينية ومنها المعنوية. وقد يكون الريع على شكل مناصب ووظائف واحتكار وهبات وإكراميات وامتيازات اقتصادية وإعفاءات، علما أن الاستفادة من الريع لا ترقى إلى حق، إذ يمكن سحبه في أي وقت وحين، وهنا يتجلى جانب الريع كقوّة ناعمة للإخضاع.
وأجمع الاقتصاديون أن الريع يعتبر مُقوّم ومرتكز أساسي للفساد الاقتصادي وحتى السياسي.
ويساهم الريع في تشكيل فئات اجتماعية تمثل الرأسمال الاجتماعي للسلطة القائمة، لأنها ستظل تسعى للإبقاء واقع الحال مقابل الاستفادة والانتفاع. ومن هذه الزاوية، يأخذ شكل وسيلة للإذعان والقبول بالوضع القائم.
فلا يخفى على أحد الآن أن ضعف الطبقات الوسطى وارتهالها يشكل معضلة كبيرة لن تستقيم معها أي استراتيجية للتنمية مستدامة فعلية. والريع بفعل قيامه بتوسيع الهوة بين الفئات الاجتماعية يساهم بشكل كبير في نسف شروط وعوامل بروز طبقة وسطى التي يمكنها أن تحفظ نوعا من التوازنات الاجتماعية، وهنا تكمن مصيبتنا.
إن سيادة الريع وآلياته، ساهمت بشكل كبير في حشد الوصولية. ويتجلى هذا المظهر بشكل جلي في المجال الثقافي والمعرفي، حيث يمكن معاينة كيف ساهم منطق الريع في صناعة نخبة من المثقفين الوصوليين الذين تخصصوا في تمجيد وشرعنة واقع الحال المزري، ولو باعتماد التضليل والتبرير.
تقوم العقلية الريفية على تكسير العلاقة المفروضة بين العمل والاستفادة، إذ أن الاستفادة أو المكافأة تعود كسبا غير متوقع وغير مرتبط بمجهود أو المجازفة وليس كثمرة للجد والعمل المتواصل، وإنما مرتبطة بالتموقع الاجتماعي والروابط الاجتماعية ودرجة القرب بالقائمين على الأمور.
يهدم الريع العلاقة المفروضة بين الجهد والمكافأة، باعتبار أنه يتأسس على الوضع والتموضع. وينعكس هذا كذلك على القطاع الخاص الذي من المفروض أن تحكمه المنافسة بالأساس، إذ أن التنافس عندنا لا يرتكز على الإنتاج والاحتكار والاجتهاد والمجازفة من أجل عرض سلع وخدمات أفضل وأجود وأقل ثمن، بل ينبني بالأساس على روابط زبائنية وعلى درجة القرب من القائمين على الأمور. هكذا يصبح دوام النعمة واستمرار الاستفادة من دوام بقاء دار لقمان على حالها، والتغيير سيؤدي إلى زوال النعمة. وبذلك يضيع منطق الحقوق والواجبات، ومع ضياعه تتفتت أرضية الإقرار بالمواطنة وتنمحي فكرة المحاسبة والمسائلة.
وقد ساهم الريع بدرجة كبيرة في هدم مسار التنمية. فبعد الاستقلال بقليل استفحلت أمراض الحزبية والوصولية والمحسوبية والرشوة استفحالا عظيما ، لتصير بذورا لما نحصد ثماره اليوم من الويلات.



#إدريس_ولد_القابلة (هاشتاغ)       Driss_Ould_El_Kabla#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى سنقطف ثمرة ديمقراطية العيش؟
- مصيبتنا عويصة حقا
- اللاجؤون بالمغرب قضية ظل يحوم حولها الضباب الكثيف
- فاضل بنعيش السفير الملكي بالمملكة الإسبانية
- هل تصبح الجزائر قوة الفضائية في عام 2014؟ هل قمرها الصناعي ا ...
- المغرب و-الناتو- أوّل -شريك- إفريقي ومغاربي
- لا نكذب على أنفسنا الأوضاع الاجتماعية والمعيشية ليست على ما ...
- بنكيران يستعين بأربعة حراس شخصيين هل أضحى الوزير الأول يخشى ...
- نحصد ما زرعناه
- تحريف التاريخ طريق مسدود الشباب الجزائري يتفاءلون بقرب سقوط ...
- معضلة زواج المال والسياسة ومصيبة الجمع بين الحكم والاقتصاد
- اتساع مقلق لمد التشيع لكن وزير الأوقاف اختار الصمت
- -عداء مستدام- استراتيجية الاختراق الجزائرية
- في خضم ماراطون السباق نحو التسلح لحفظ التوازن البحرية الملكي ...
- ميزانية الجيش من التمرير مرّ الكرام إلى المطالبة بضرورة الزي ...
- انتهت جولة -كريستوفر روس- الثالثة في الصحراء و لا مخرج واضح ...
- السفير الأمريكي -دوايت ل. بوش-: -يجب أن نكون خائفين من الشبا ...
- المغرب يغادر مجلس الأمن والسعودية ترفض كرسيّها به
- قضية الصحراء الغربية: هل عزمت إسبانيا على كشف أنيابها وإسقاط ...
- خطب الحسن الثاني النارية


المزيد.....




- تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر ...
- قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م ...
- ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
- صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي ...
- غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
- فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال ...
- -ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف ...
- الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في ...
- صور جديدة للشمس بدقة عالية
- موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - إدريس ولد القابلة - كيف تقعّد الريع عندنا؟