|
جريمة التسفير و-حق الاندماج- للكورد الفيليين
سجاد سالم حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 22:06
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
يشير التاريخ الى ان اول عملية تسفير تمت بحق الكورد اللور في عهد الدولة المظفرية (756هـ -795 هـ) في بلاد فارس حين استولى الشاه منصور المظفري على لورستان الكبرى وأخرج الاتابك "نسبة الى الدولة الاتابكية التي حكمت لورستان الكبرى انذاك" احمد بن بشنك وقام بعدها بابعاد الفي اسرة لورية الى بلاد فارس وكانت تلك اول عملية منظمة تبعتها عدة عمليات في عهد الدولة القاجارية والصفوية والعثمانية ، فقد عانى الكورد من حملات قاسية شهدت كل اشكال القمع ضدهم وتبقى العلامة البارزة للظلم هو الاصرار على ترحيلهم القسري خارج الاراضي التاريخية لكوردستان ،في التاريخ الحديث وفي الدولة العراقية كانت الحملة اشد واقسى فخلال فترة زمنية قصيرة نسبيا تقارب الاربعة عقود شهد العراق ثلاث حملات منظمة لتسفير الكورد الفيليين فخلال العهد الملكي قامت السلطات انذاك بتسفير الالاف من منطقة مندلي واطرافها الى الجانب الاخر من الحدود(ايران) والحملة الثانية كانت بين عامي 1970-1979 وتم خلالها تسفير اكثر من سبعين الف مواطن عراقي كوردي فيلي الى ايران ومع استلام صدام حسين الحكم في العراق وبداية الحرب العراقية الايرانية ابتدأت منذ نيسان 1980 الحملة الثالثة وهي اقسى حملة تتعرض لها شريحة الكورد الفيليين تستهدف تصفية وجودها القومي في العراق وسلخهم عن اراضيهم وانتزاع ممتلكاتهم بالقوة واعدام ابنائهم من الشباب ويعود ذلك الى الادوار الهامة التي اضطلع بها الكورد الفيليين في الحركات الوطنية والتقدمية والقومية والاسلامية وكانوا جزءا فاعلا فيها وفي معظم الانتفاضات الشعبية وشهدت مناطقهم مقاومة عنيفة دفاعا عن الجمهورية الاولى (جمهورية عبد الكريم قاسم) اضافة الى الدور البارز للكورد الفيليين في الاقتصاد العراقي ولا يخفى الدور المشبوه للنظام البعثي انذاك بسعيه لتعريب المناطق الحدودية مع ايران منذ عهد البكر ففي تعداد سكان العراق 1977 كانت نسبة العرب 98% في مناطق مندلي وزرباطية وبدرة والكوت والحي وتصاعدت النسبة في مدن تعد تاريخيا وبشريا كوردية فيلية ،رغم ان مؤشرات التعريب الواسع في هذه المناطق تعود ايضا الى سياسة التضييق القومي انذاك لما هو غير عربي وغير بعثي واخفاء الكورد الفيليين لانتمائهم اتقاءا لبطش السلطات الحاكمة انذاك او تشويه النظام للحقائق وتغليب رؤاه على الوجود الفعلي لباقي القوميات ولنا ان نستنتج ذلك من التعداد اللاحق للسكان (تعداد1987) الذي يحصي 13 نسمة من الكورد في مندلي ! علما ان المراقبة الدولية شرط اساس لمقبولية نتائج اي احصاء سكاني خصوصا في الدول القابعة تحت انظمة غير ديمقراطية . ترافق مع حملات الاعدام والتسفير صدور تشريعات (قرقوشية) من مجلس قيادة الثورة العراق انذاك وتعتبر من اكثر التشريعات بدائية ودموية وعنصرية لم يلاحظ لها مثيل في التاريخ الحديث ،فهي تترادف مع تشريعات وجدت في تنقيبات اثرية كانت تمثل طفولة البشرية حيث يقرها الحاكم بناءا على مزاجه او انتقاما او تشريع متوافق مع نفسيته تبرز عقده ونواقصه بين سطوره ومن ابرز تلك التشريعات كانت : 1- قرار 666 في 7/5/ 1980: في نص القرار مرونة تتيح للنظام تحقيق رغباته بمزاجية وانتقائية لاسقاط الجنسية العراقية عن "كل عراقي من اصل اجنبي تبين عدم ولائه للوطن والشعب والاهداف القومية والاجتماعية العليا للثورة" وما هو المعيار في هذا الولاء ؟ لم يكن سوى حزب البعث وايدلوجيته التي تعتبر افكارا مستنسخة للتطهير العراقي عن الانظمة الفاشية والنازية .كما اناط القرار لوزير الداخلية صلاحية ابعاد كل من اسقطت عنه الجنسية العراقية ما لم يقتنع بناءا على اسباب كافية بأن بقائه في العراق امر تستدعيه ضرورة قانونية او قضائية او حفظ حقوق الغير الموثوقة رسميا .مسالة ربط الجنسية والتجنس والاقامة بالجانب الامني بدات منذ نشوء الدولة ليتحول هذا الحق المكتسب الطبيعي للانسان عرضة للمصادرة تعسفيا في اي وقت ،فمسالة بقاء المواطن حاملا للجنسية من عدمها مرهون برضا السلطات عنه . 2- قرار 180 في 3/2/1980 : تضمن شروطا مشددة لاكتساب الجنسية العراقية وهذا كان بداية القرارات البعثية لغلق الباب أمام طالبي الجنسية من الكورد الفيليين واعطى للوزير الصلاحية في قبول التجنس من عدمه واشترط ان يكون التقديم بعد ستة اشهر من نفاذه والا تعرضوا للطرد ، مشكلة الجنسية قديمة ومزمنة في الدولة العراقية منذ تاسيسها وصدرو قانون الجنسية سئ الصيت عام 1924 الذي اعتبرحامل الجنسية العثمانية مواطن اصيل وحامل الجنسية الايرانية مواطن تبعية ليفرق المواطنين درجة اولى وثانية ومعلوم بان الاكراد الفيلية لقربهم من الحدود وما تقتضيه احوالهم المعيشية من تنقل في بلادهم "لورستان" الممتدة على جانبي الحدود العراقية الايرانية اضافة الى تهربهم وكثير من العرب من ظلم العثمانيين وحصولهم على الجنسية الايرانية (حاملي هذه الجنسية غير مشمولين بالتجنيد الالزامي في عهد الدولة العثمانية ) وما كانت تقوم به ايران الشاهنشاهية انذاك من حملات منتظمة جوالة في المناطق الحدودية لتسجيلهم كمواطنين ايرانيين ومنحهم جنسيتها،وهي وقتها لا تعني الولاء مع بداية تشكل الدول وترسيم الحدود فقد كان غلام حسين خان اخر ولاة بشتكو الامارة الفيلية احد المرشحسن لان يكون ملكا على العراق. 3- قرار 474 في 15/4/1981 : وهو من ابرز قرارات مجلس قيادة الثورة شذوذا وغرابة فبموجبه يصرف للعراقي المتزوج من ايرانية مبلغا من المال قدره 4000 دينار اذا كان عسكريا و2500 اذا كان مدنيا في حالة طلاقه من زوجته وتسفيرها خارج البلد ! واشترط في قرار لاحق منح المبلغ بعد زواجه من عراقية ! شكلت الاسرة نواة المجتمع وحمايتها اقترن بجميع الانظمة والدساتير وورود عبارة (حماية الاسرة) مصطلح قانوني متفق عليه ، الا النظام السابق الذي اراد بقراره هذا تفكيك الاسرة وتفكيك اهم رابطة تقوم عليها حينما اغرى مواطنيه بنسف العلاقة الزوجية . 4- بعد سقوط النظام السابق تم الكشف عن برقية سرية لوزارة الداخلية ومثلت خطة عمل وكذلك استهانة بالقانون حينما شطبت كل التشريعات ،البرقية المرقمة 2884 في 10/4/1980 كان السبب في اصدارها "وقوع اخطاء والتباسات من قبل الاجهزة في التسفيرات" .عممت البرقية على الاجهزة الامنية تسفير جميع الايرانيين الموجودين في العراق والغير حاصلين على شهادة الجنسية وكذلك المتقدمين على التجنس ممن لم يبت بامرهم بعد وعند وجود عائلة بعضهم حاصل على شهادة الجنسية والاخر لا يمتلكها فيعمل حينئذ حسب ماسمته البرقية "مبدأ وحدة العائلة خلف الحدود" .وكلمة الايرانيين المتداولة في كل الرسائل الامنية للدولة العراقية انذاك كان يقصد به الكورد الفيليين وتطور المصطلح بعدها ليشمل شخصيات اسلامية شيعية او احزاب اسلامية شيعية ثم الشيعة عموما .
يعتبر الترحيل القسري للمواطنين عن بلدانهم ظاهرة تتكرر لدى الانظمة القمعية وغالبا ما استهدفت مكونا مختلف اثنيا او دينيا او مذهبيا او سياسيا بعينه ، تعرضت لها المواثيق الدولية لحقوق الانسان ومن اكثرها اهمية هو الاعلان العالمي لحقوق الانسان عام 1948 الذي تضمن مبادئا راسخة في ضمير الانسانية واتفق فقهاء القانون الدولي على الزامية هذه المبادئ ، اي لم تعد مجرد وصايا اخلاقية موجهة للشعوب وانما اكتسبت الزامية من خلال توجه المجتمع الدولي في الفترة الاخيرة لترتيب جزاءات في حال انتهاك احد اطراف المجتمع الدولي لتلك الحقوق الاساسية الواردة فيه رغم الانتقائية في هذا الموضوع وغياب العدالة في الممارسة من خلال تغليب مصلحة الدول العظمى واستخدام حقوق الانسان مادة دعائية لتمرير اهدافها . فالمادة الاولى من الاعلان اعتبرت "يولد الجميع الناس احرارا متساوين في الكرامة والحقوق" والمادة التاسعة حرمت النفي التعسفي "لا يجوز القبض على اي انسان او حجزه او نفيه تعسفا" وتطرق للجنسية ومشكلة سحبها فقد اعتبرها حقا مكتسبا للانسان فلكل فرد حق التمتع بجنسية ما (م15/1) كما انه لايجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفا او انكار حقه في تغييرها (م15/2). كما ان قانون المحكمة الجنائية الدوليةالذي اقرته الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2002 اعتبر الترحيل القسري للسكان جريمة ضد الانسانية (الترحيل القسري لدولة اخرى ولاسباب لايقرها القانون الدولي) وحددت اركان جريمة الترحيل بالتالي (وهي تنطبق تماما مع الممارسة القمعية للنظام السابق وترحيله الكورد الفيليين): 1- ان يكون الاشخاص المعنيين موجودين بصفة مشروعة في المنطقة التي ابعدوا او نقلوا منها على هذا النحو اضافة الى علم مرتكب الجريمة بالظروف الواقعية التي تثبت مشروعية هذا الوجود (م7/1/ج/فقرة 1و2) . 2- ان يرتكب هذا السلوك كجزء من هجوم واسع النطاق او منهجي موجه ضد سكان مدنيين وعلم مرتكب الجريمة ان هذا السلوك هو جزء من هجوم واسع النطاق او منهجي موجه ضد سكان مدنيين او ينوي ان يكون هذا السلوك جزءا من ذلك الهجوم .
بعد سقوط النظام السابق عام 2003 وتغير شكل الدولة ووجود دستور جديد (شرعي لاول مرة) ورغم نواقصه والخلل في التشريعات العراقية الا انه يوجد افق لقضية استيعاب المسفرين من الكورد الفيليين وهم نسبة كبيرة تفوق المليون شخص حاليا وظهور جيل جديد منهم "الجيل الثاني للمسفرين" في المغترب وغالبيتهم العظمى يسكنون جمهورية ايران وقسم منهم بقي في المخيمات "الاوردكه" تقوم مسؤوؤلية الدولة الان بمعالجة هذا الخلل وانصاف شريحة الكورد الفيليين فظروفهم في ايران كانت صعبة حرمت الاغلبية منهم من التعليم لاضطرارهم لكسب لقمة العيش من خلال ممارسة اعمال مؤقتة وهم عرضة للطرد من العمل وايران فيها نسبة بطالة واقتصادها تطاله الكثير من العقوبات اضافة الى كثافة العاطلين عن العمل وهي مسؤولية اخلاقية وقانوية عظمى تنهض بها الدولة لدمج الاكراد في المجتمع مع ما عرفت به هذه الشريحة من مهارة وتفاني خلال وجودها في العراق وعلى الدولة العراقية ان تعمل التي : - من الطبيعي ان تكون تثير عودة المسفرين تنافسا على الموارد والخدمات المقامة وينبغي تحسين مستوى الخدمات الاساسية لمناطقهم وكذلك تحقيق " توازن بينهم وبين بقية الشرائح ولا يعني ذلك الانتقاص من حقوق الغير وانما تمكين الكورد في مجالات الحياة ورفع مستوى كفائتهم واتاحة التعليم امامهم وايجاد السبل لتعويضهم عن الحرمان من التعليم الذي طالهم في المغترب - اثبتت تجارب الدول بان افضل فرص العودة هي التي يتم فيها خلق عوامل جذب من خلال تحسين الخدمات الاساسية وخلق فرص جديدة لكسب الرزق وارساء القانون والنظام خوفا من اي مشاكل قد تواجههم عند العودة . - اعتماد نظام ميسر لاسترداد المالكية وقلنا سابقا بانه من الافضل تشكيل هيئة ادارية تقوم باسترداد الملكية للكورد الفيليين وتعويضهم في الاحوال الثابتة قانونا دون اللجوء الى المدد الزمنية الطويلة في القضاء العراقي وهذا ما ساهم تعطيل عودة الكثير منهم وان لاترحل القضايا الثابتة في ملفات الدولة والمسجلة رسميا من الادراة للقضاء وترك القضايا الغير موثقة بعهدة القضاء للفصل فيها ،علما ان افضل تجربة عالمية هي تجربة اللاجئين في البوسنة والهرسك والتي اعتمدت هذه الطريقة . - تكثيف الجهد الدولي والمحلي لازالة الالغام من المناطق الحدودية بين ايران والعراق ومعظمها تعيق عودة الكورد الفيليين الى مناطقهم التاريخية واغلب هذه الالغام تم زرعها في اراضي صالحة للزراعة .
#سجاد_سالم_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل أنصف القانون الرياضيين ؟
-
الارهاب وجدل التصنيف الاعلامي
-
انقذوا الكورد الفيليين من -اللاجنسية-
-
الحزب الشيوعي .. ازمة اليسار والعلمانية في العراق
-
العقدية الثانية لقمم الارض وضياع فرص التنمية المستدامة
-
الحزب الشيوعي العراقي .. رهان المستقبل
-
المؤتمر الوطني التاسع للحزب الشيوعي ... في الرغبات حقائق
-
نحو المؤتمر التاسع .. حول تغيير اسم الحزب الشيوعي
-
بيان استنكار من التيار الديمقراطي في واسط
-
احمد الكبنجي ..لحظة الفاعلية في سكون العقل العراقي
المزيد.....
-
جدّة إيطالية تكشف سرّ تحضير أفضل -باستا بوتانيسكا-
-
أحلام تبارك لقطر باليوم الوطني وتهنئ أولادها بهذه المناسبة
-
الكرملين يعلق على اغتيال الجنرال كيريلوف رئيس الحماية البيول
...
-
مصر.. تسجيلات صوتية تكشف جريمة مروعة
-
علييف يضع شرطين لأرمينيا لتوقيع اتفاقية السلام بين البلدين
-
حالات مرضية غامضة أثناء عرض في دار أوبرا بألمانيا
-
خاص RT: اجتماع بين ضباط الأمن العام اللبناني المسؤولين عن ال
...
-
منظمات بيئية تدق ناقوس الخطر وتحذر من مخاطر الفيضانات في بري
...
-
اكتشاف نجم -مصاب بالفواق- قد يساعد في فك رموز تطور الكون
-
3 فناجين من القهوة قد تحمي من داء السكري والجلطة الدماغية
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|