|
دساتير تحت الطلب
نبيل محمود والى
الحوار المتمدن-العدد: 1233 - 2005 / 6 / 19 - 05:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تنفرد الدول العربية وحدها بظاهرة لامثيل لها لافى العالم المتحضر أو حتى فى دول العالم الثالث وهى الإستعداد التام لإجراء تعديل دستورى أو حتى صياغة دستور جديد وتمريره بأكملة فورا وبدون عوائق إذا صدرت الأوامر بذلك فعلى سبيل المثال لا الحصر انتقلت السلطة فى سوريا من الرئيس حافظ الأسد الى نجله الدكتور بشار الأسد حيث تم تعديل الدستور بصورة فورية خلال خمسة دقائق بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد بحيث يسمح بتولى من لم يبلغ عمره الأربعين ربيعا رئاسة الجمهورية إضافة الى ترقية الدكتور بشار الى رتبة الفريق علما أننا لم نعرف بعد أنه خاض معركة عسكرية واحدة وانتصر فيها طوال عمره المديد .
وفى لبنان يمنع الدستور التجديد لرئيس الجمهورية بعد قضائه 6 سنوات فى منصبه ولكن الدستور تم تعديله مرتين الأولى فى عهد الرئيس الياس الهراوى الذى تم التمديد له ثلاثة سنوات بعد انتهاء الفترة الفعلية لرئاستة والثانية فى عهد الرئيس الحالى العماد إميل لحود الذى تولى الرئاسة عام 98 وكان من المفترض أن تكون نهاية عهده فى صيف 2004 وللمرة الثانية يتم التعديل الدستور ليبقى الرئيس لحود فى السلطة ثلاث سنوات جديدة وفى الأردن تم تعديل الدستور قبل وفاة عاهل الأردن الراحل الملك حسين لينتقل الحكم مباشرة الى ابنه الملك عبد الله الثانى بدلا من أخيه الأمير الحسن .
أما دول الخليج العربية المحافظة لم تسلم من الدساتير تحت الطلب فبعد أن أطاح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثانى بوالده عن الحكم فى انقلاب عسكرى عام 1995 وطرد كل خصومه ومعارضيه وكل من دان بالولاء لعهد والده البائد و كل من يشتبه فى ولائهم له ويقدرون بالالاف خارج الفردوس القطرى واستبدلهم بأكبر قاعدة عسكرية فى الشرق الأوسط للمارينز وأحكم قبضته على تلك الإمارة الصغيرة الغنية بالنفط والغاز أصدر تعليماته لترزية القوانين لصياغة دستور عصرى يجمع فيه كل السلطات ليتناسب مع متطلباته ومكانته وطموحاته لزعامة منطقة الخليج العربى بصفته عضوا فى منتدى القادة العظماء ليدير به شؤن 150 ألف مواطن قطرى.
أما فى بلد فراعنة الأهرامات والحكم فيها لمن غلب لم تكن مصر بعيدة عن سيناريوهات تفصيل الدساتير والتعديلات على مقاس الحاكم وأركان نظامه فقد تم تعديل الدستور فى عهد الرئيس محمد أنور السادات ليسمح للرئيس بالبقاء فى منصبه مدى الحياة وجاء التعديل الدستورى للمادة 76 من الدستور فى عهد الرئيس مبارك ليقنن توريث الحكم فى مصر من مبارك الأب الى مبارك الإبن أما فى عهد الرئيس جمال عبد الناصر فإنه لم يلجأ الى لعبة تعديل الدستور لأنها أقل بكثير من قدراته وعبقريته الفذة بل أصدر تعليماته الى ترزية القوانين فى عهده وعلى رأسهم الأستاذ الدكتور السنهورى بتفصيل دستور كامل يتناسب مع مكانته وقيمته التاريخية كزعيم ملهم منزه عن الهوى وكان له فضل السبق والريادة فى هذا المنحى فى المنطقة العربية دستورا يجمع فيه بين يديه سلطات الدنيا والدين والبر والبحر والجو معا وهو ذات الدستور الكسيح الأعرج الذى تدار به مصر إالى اليوم .
ومن الظواهر التى تنفرد بها الدول العربية أيضا دون غيرها غياب الإنتقال السلمى للسلطة من شخص أو حزب الى أخر كما يحدث فى الدول المتحضرة والمتقدمة فالحاكم عندنا لايترك الحكم أو كرسيه إلا فى حالات الوفاة أو الإغتيال أو الإنقلابات العسكرية ولقد حدث ذلك فى مصر والعراق واليمن والسودان والجزائر وتونس وإمارة قطر الخليجية مؤخرا وانفردت لبنان وحدها بخلاف بقية الدول العربية بالقدرة على الإنتقال السلمى للسلطة ولم تخرج عن الإطار الدستورى إ لا فى الحالتين السابق ذكرهما .
ومن الظواهر التى تنفرد بها الدول العربية أيضا النسب المؤية الإعجازية التى يحصل عليها الملوك والرؤساء العرب فى الإنتخابات أو الإستفتاءات الرئاسية وهى النسب التى لم يحصل عليها الأنبياء فى أقوامهم بل لا أكون متجاوزا إذا ذكرت أن الله عز وجل بذاته العلية وأسمه المقدس من فوق سبع سماوات لم يحصل على تلك النسب المؤية وذلك من واقع وجود أكثر من 2 مليار من البشر من أصل6.5 مليار عدد سكان الكرة الأرضية التى صنعها بيديه لايؤمنون بوجود الله أصلا وعلى سبيل المثال لا الحصر فى نتائج الإستفتاءات العربية فالرئيس ناصر 99.999% والرئيس على عبد الله صالح 96% والرئيس المخلوع صدام حسين 100% ولايشذ باقى الرؤساء العرب عن تلك القاعدة التسعينية المحورية .
ومن الأشياء المثيرة للحزن والألم والحسرة أن العديد من الدول الأقل تقدما وحضارة من الدول العربية أصبحت أكثر منها تطورا وديمقراطية ففى غانا على سبيل المثال اجريت انتخابات الرئاسة فى يناير 2005الماضى وتنافس فيها 4 مرشحين وكانت النتيجة فوز الرئيس جون كوفور بنسبة 52.75% مقابل 44.3% لمنافسه والسؤال الأن .. هل يمكن أن يرى المواطن العربى التجربة الغانية فى عالمنا العربى .... طبعا الإجابة معروفة سلفا لاتنازل فى نظامنا العربى الحاكم عن ديمقراطية 90% فما فوق أما حدوتة بالروح بالدم والتى لم تفدى أى من الرؤساء والقادة الذين تم اغتيالهم فحدث ولا حرج !!!
#نبيل_محمود_والى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فن التحنيط السياسى المعاصر
-
إصلاح دورة مياه بقرار جمهورى ؟
-
المسكوت عنه فى الصحراء العربية 5
-
الأوضاع الجارية فى العراق
-
الإنفجار السكانى
-
القرداتى
-
أحلام المصريين
-
فلسفة 23 يوليو 1952
-
!!! نحن المصريين ليس لنا لابابا ولاماما
-
التحديات العراقية
-
الإستبداد ودوره فى انحطاط المسلمين
-
الطريق الى يونيو67
-
المصاحف المفخخة
-
الإصلاح إذعان و خوف أم استجابة؟
-
إعلام الريادة ...أضلوا مصر وضللوها
-
! مصاحف جوانتانامو
-
مليار جنيه فى صحة كأسك ياوطن
-
الماركسية بين النظرية والتطبيق
-
المسكوت عنه فى الصحراء العربية 4
-
الطيور المهاجرة فى عهد مبارك
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|