أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - علاء جوزيف أوسي - اقتصاد العنف















المزيد.....


اقتصاد العنف


علاء جوزيف أوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 13:28
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


شهد العالم على مدى التاريخ العديد من الحركات الاحتجاجية والحروب التي ولدت حالات من العنف في المجتمعات، وشكلت محطات هامة في انتقالها من حالة إلى أخرى، مغيرة الطبيعة الاقتصادية في المجتمع من حال إلى أخرى، كالحروب الدينية والسياسية الاقتصادية التي مرت بها البشرية جمعاء ودون استثناء. ومع تزايد وتيرة الحروب منذ القرن الماضي تجلت العلاقة القوية (بين صناعة المال وصناعة الحرب) خاصة مع دخول عنصر التربح التجاري للحروب الحديثة وسيادة الصناعات الحربية بين صناعات القطبين الأمريكي والأوربي الغربي، مستغلين بذلك عدم الاستقرار السياسي الذي تشهده العديد من المناطق في العالم، حيث تتجه الحكومات إلى زيادة الإنفاق على التسلح لتأمين حدودها ومواردها وصد المعتدين، كما أن الدول المصنّعة للسلاح تعمل في كثير من الأحيان على إشاعة العنف في بؤر من المعمورة لتسويق أسلحتها أو تجريب الجديد منها، وبالتوازي مع تطور صناعة الأسلحة زاد دعم المرتزقة والمجموعة الإرهابية والمسلحة، كتنظيم القاعدة الذي أوجدته الولايات المتحدة ودعمته، بالاشتراك مع حلفائها الإقليميين، تمويلاً وتسليحاً.

وتلعب صناعة السلاح دوراً متناقضاً، فهي من جهة ضرورية لتحافظ الأمم على استقلالها دون الاعتماد على الغير، لكنها تسمح في الوقت عينه لمالكها بالتعدّي على استقلال الدول الأخرى، وبات الإنفاق العسكري العالمي يشكّل 2.6% من الدخل القومي لمجموع دول العالم، ما يعادل 236 دولاراً لكل فرد من المليارات السبعة التي تعيش على سطح الكرة الأرضية.

أنواع العنف

يشير التاريخ إلى أن الحروب قامت بتدمير القوى المنتجة والشبكات الاجتماعية في البلدان المستهدفة، وهدف العنف الذي ولدته تلك الحروب ترويع الآخرين والتعدي على حريتهم، فتعددت أنواع العنف التي استخدمت ومورست، ونلاحظ نشأة نمط من العنف الداخلي (الطائفي والمذهبي والديني والإثني)، فضلاً عن العنف ضد المرأة والطفل، وهو النمط المتأصل في المجتمعات الذكورية. وقد اختلط العنف بالإيديولوجيات والأديان لينتج أنماطاً من العنف تستمد شرعيتها من الخطاب السياسي أو الديني للأطراف المتحاربة، و تحول العنف إلى واجب مقدس لدى البعض، وتجلى ذلك في العنف الإرهابي الديني الذي يجد ضالته في تفسير النصوص المقدسة وصولاً إلى تكفير الآخر، وكذلك في الخطاب السياسي الذي يستمد مشروعيته من أوهام البقاء للدفاع عن المصالح الحيوية للأمة (حسب تعريفهم) ومن وحي الأفكار والمبادئ الدكتاتورية أو مقتضيات الحفاظ على الفئات المالكة أو من يدعي الخلافة في الأرض، والمستميتة في الدفاع عن عوامل البقاء مهما كلف ذلك من تضحيات ، إضافة إلى نمط جديد تجلى بشكل واضح في الأزمة السورية وهو العنف الاقتصادي، الذي انتشر مع تفاقم المظاهر المسلحة وتردي الأوضاع الأمنية، فازدادت جرائم العنف تحت وطأة الضغوط الاقتصادية والمالية المتزايدة في سورية، فالعنف يستخدم القوة من أجل السيطرة على الاقتصاد أو الحفاظ على المصالح المحققة، وبالتالي فالأزمة الاقتصادية تغذى العنف، ويعتقد الكثير من المفكرين أن البطالة والفقر مسببات للعنف والحروب والخلافات السياسية والعرقية.

بالتعريف

مع تعدد أشكال العنف المستخدم تعددت تعاريفه، ولكنه بشكل عام: (سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية، يصدر عن طرف قد يكون فرداً أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة، بهدف استغلال طرف آخر وإخضاعه، في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصادياً وسياسياً، مما يتسبب في إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دول أخرى). وبهذا فالعنف مجموعة أفعال تعمل على خلق حالة من القلق وعدم الاستقرار في المجتمع، الأمر الذي يؤدي إلى الاحتقان أحياناً، والذي يعد أحد أهم أسباب العنف المضاد، طبعاً مع اختلاف التأثير النسبي للعوامل المولدة للعنف من دولة إلى أخرى، طبقاً للاختلافات والتمايزات المرتبطة بالتركيب الاجتماعي والثقافي والبناء السياسي والظروف الاقتصادية.

الأزمة السورية والعنف

شهدت سورية منذ قرابة الثلاث سنوات حركات احتجاجية تحولت إلى هجمات مسلحة بعد انطلاقتها بشهور قليلة، أفضت إلى مواجهة داخلية مستمرة، وعدم استقرار أمني وسياسي، فتشكلت مجموعات وفرق بأسماء عديدة وانتشر السلاح في أوساط الطبقات الاجتماعية مترافقاَ مع انتشار ظواهر جديدة من خطف وسلب وسرقة، وتحولت لدى البعض إلى وسيلة كسب ماديٍ كبير .

لقد استغل البعض تردي الأوضاع الاقتصادية ليحقق مكاسب خيالية غير مشروعة، فتحولوا إلى تجار أزمات وحروب يمتصون دماء السوريين ، إذ سيطرت فئة منهم على الأسواق مستغلة بعض القوانين التي سنت في العقد الماضي في سياق فرض السوق الحرة، وتولى البعض تسويق السلاح إلى المجموعات المسلحة، واستغل ضعاف النفوس من القائمين على الحواجز الأمنية مواقعهم لفرض (أتاوات) لتسهيل مرور سيارات البضائع، وهم يسعون جاهدين لاستمرار رحى الحرب للحفاظ على مكاسبهم التي يحققونها،أما الخاسر الوحيد فكان المواطن السوري.

في ظل الأزمة الراهنة تحول العنف في المجتمع السوري إلى سلوك عام يبرره البعض بـ(الدفاع عن النفس) وهو أمر يهدد استقرار المجتمع ويؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء.

لذلك، ومن أجل الحد من ظاهرة العنف، على الحكومة اتباع سياسات نحو الحد من البطالة، وزيادة معدل النمو الاقتصاد السوري، وتوجيه الشباب العاطلين عن العمل إلى نشاطات ذات طابع إنتاجي.

بالأرقام

تحتل الدول العربية المركز الأول عالمياً على صعيد الإنفاق العسكري والأمني، وقدِّر الإنفاق عامي 2011-2012 بأكثر من 300 مليار دولار أميركي، مقارنة مع ما يقارب 820 مليار دولار الحجم الكلي للناتج سنوياً، كما قدر إجمالي الإنفاق العسكري والأمني للبلدان العربية بنحو 680 مليار دولار بين 2002-،2010 ما يؤكد حسب تقرير صادر عن الجامعة العربية أن هذا الإنفاق زاد في 2011-2012 بمعدل 161 مليار دولار ، الأمر الذي يعزوه الخبراء إلى زيادة غالبية الحكومات العربية لأعداد جيوشها وأجهزتها الأمنية، وشراء أسلحة ومعدات عسكرية وأمنية، خاصة في بلدان الخليج العربي، وذلك على وقع (الربيع العربي) والمخاوف من امتداد تداعياته لتشمل دول مجلس التعاون، إضافة إلى توتر العلاقات مع إيران على خلفية البرنامج النووي الإيراني والأزمة السورية. ووفقاً لتقديرات الخبراء سيكون عام 2013 الأعلى بلا منازع مقارنة مع الحجم الكلي للناتج والإنفاق الجاري للبلدان العربية سنوياً، بارتفاعها إلى ما نسبته 26%.

ويعرف تقرير التنمية البشرية العالمي لعام ،2013 الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة الإنفاق للأغراض العسكرية، بأنه (مجموع نفقات وزارة الدفاع والوزارات الأخرى على تجنيد العسكريين وتدريبهم وتأمين الإمدادات والمعدات العسكرية). وحسب بيانات عام 2010 في التقرير نفسه فإن نسبة الإنفاق العربي على الأغراض العسكرية بلغت 5,5% من الناتج المحلي الإجمالي العربي. بينما كانت نسبة الإنفاق العربي على الصحة 2.6% من الناتج، ونسبة الإنفاق على التعليم 3.9% من الناتج. وللمقارنة بين إنفاق البلدان العربية في المجالين العسكري والأمني وباقي دول العالم، تنفق الولايات المتحدة الأميركية، التي يبلغ حجم إنفاقها 46% من حجم الإنفاق العالمي، ما نسبته 4% من دخلها القومي، بينما تنفق الصين ما نسبته 6,6% من دخلها القومي، وتنفق فرنسا ما نسبته4.2% وبريطانيا 3.8%، أما روسيا فتنفق ما يقارب 3.5%.

إن زيادة الإنفاق العسكري قد أثر سلباً على مجالات التنمية المختلفة، من صحة وتعليم وخدمات، وهنا يتضح حجم المفارقة، فالمبلغ الضروري للقضاء على الجوع في العالم بأسره يقارب ما نسبته 4 في المئة من الإنفاق العسكري للولايات المتحدة وحدها، فالأخيرة تنفق مئات مليارات الدولارات لتمويل حروبها حول العالم في سبيل (الحرية وحقوق الإنسان)، وتتسبب بذلك في مقتل آلاف المدنيين والأطفال في العراق وأفغانستان وليبيا واليمن وسورية ومناطق أخرى، وتحجم في المقابل عن تخصيص بضعة أعشار من ميزانيتها العسكرية لتؤمن الغذاء لبعض الأطفال الجياع حول العالم، مما يشير بوضوح إلى طبيعة المقاربة الامبريالية الأمريكية لمفهوم التزامها الدولي تجاه قضايا التنمية العالمية وحقوق الإنسان.



#علاء_جوزيف_أوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بانوراما الاقتصاد السوري 2013
- المرأة بحاجة إلى خطوات لا خطابات
- أسبوع وداع المناضلين... مانديلا ونجم
- هل تطلق الأزمة رصاصة الرحمة على صناعتنا النسيجية؟!
- العقوبات الدولية تحارب الشعوب في لقمة عيشها (2-2)
- العقوبات الدولية تحارب الشعوب في لقمة عيشها (1-2)
- «اقتصاد المعرفة»... من اقتصاد «الندرة» إلى «الوفرة»
- الأمن الاجتماعي والإنتاجية
- التأمينات الاجتماعية ضرورة اجتماعية واقتصادية تفتقر إلى وعي ...
- العمال في سورية: حقوق غائبة وسط قوانين مجحفة
- المصافي النفطية: مشاريع متوقفة بسبب الأزمة..!
- فقر المرأة... هدم المجتمع
- إلى متى يصمد الراتب أمام رفع الدعم..؟! لا أحد يحكم الأسعار.. ...
- متى ننصف نساءنا... وأسرنا؟!... قانون الجنسية هل سيعود إلى طا ...
- التحرش الجنسي بالمرأة جريمة بحاجة إلى عقاب
- إعادة هندسة الدعم.. خط أحمر!
- المرأة السورية ومزيد من المعاناة في ظل الأزمة
- سورية بين حوار السلاح.. وسلاح الحوار


المزيد.....




- إقلاع أول طائرة مدنية من مطار دمشق بعد سقوط الأسد (صور + خري ...
- ارتفاع أسعار النفط وسط ترقب الأسواق بيانات أمريكية
- تسلسل زمني لأداء الليرة السورية من الثورة إلى سقوط نظام الأس ...
- تحديث لحظي..سعر الذهب اليوم في مصر وأسعار سبائك BTC
- بلومبيرغ: رسوم ترامب الجمركية ستحدث ألما كبيرا لشركات السيار ...
- بوينغ تستأنف إنتاج الطائرات عريضة البدن 767 و777 بعد إضراب
- تحقيق أوروبي يستهدف -تيك توك- بسبب انتخابات رومانيا
- الكونغرس الأميركي يكشف عن تشريع مؤقت لتجنب الإغلاق الحكومي
- رويترز: هوندا ونيسان تجريان محادثات لتأسيس شركة قابضة
- بريطانيا تفرض عقوبات على 20 ناقلة نفط روسية


المزيد.....

- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - علاء جوزيف أوسي - اقتصاد العنف