أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة..واضطراب المشاعر














المزيد.....

السياسة..واضطراب المشاعر


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4334 - 2014 / 1 / 14 - 11:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عادة ما يعمد المحلّلون إلى تفسير الأحداث فى ضوء العوامل السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية معتبرين أنّ زاوية التحديق لابدّ أن تعكس المنظور العقلانى مقلّلين بذلك من شأن تحليل المشاعر فى علاقتها بالسياسية، ودراسة بنية العواطف وأثرها فى توجيه الأحداث.

بيد أن ما مرّت به تونس خلال هذا الأسبوع بالذات يحفزنا على تنويع المناظير ذلك أنّ ما عاينه التونسيون داخل المجلس التأسيسى وخارجه قابل لأن يفهم من خلال زاوية تحليل أسباب تأجّج المشاعر، واضطراب العواطف، وردّات الفعل الانفعاليّة وغيرها.

لاشكّ أنّ التحرّكات الاحتجاجيّة العنيفة مرتبطة بالوضع الاقتصادى «الكارثى» والسياسات الفاشلة التى تبنّتها حكومة «على العريض» فضلا على عوامل أخرى. ولكن لنا أن نفهم هذه التحرّكات بربطها أيضا بذاكرة ساهمت فى تشكيل بنية العواطف. فقد عرف التونسيون أحداثا مماثلة إذ ارتبط يناير فى ذاكرة التونسيين بثورة الخبز، والغليان الشعبى، والحاجة إلى التنفيس عن الغضب الجماهيرى، والتعبير عن المخاوف وغيرها من المشاعر التى تكون قادحا رئيسيا للتغيير الاجتماعى ودفع الحكومة إلى مراجعة قراراتها. وإذا اعتبرنا أن الشعور بالحرمان ينتاب أغلب التونسيين كلما حلت ذكرى اندلاع الثورة التونسية بسبب انتفاء الطابع الاحتفالى فإنّ الرغبة فى تكرار نفس الفعل الاحتجاجى، والتعبير عن الغضب، والإحساس بالغبن بسبب تعقّد الأوضاع سياسيا واقتصاديا واجتماعيا قد تفسّر ارتفاع عدد المقدمين على محاكاة ما فعله البوعزيزى. إنها مشاعر تطفو على السطح لتكرّر ذات الفعل: تقديم القرابين البشريّة علامة على خيبة أمل شباب الثورة.

لا تحضر المشاعر فى المجال الاجتماعى فقط وإنما لها منزلتها فى المجال السياسى أيضا إذ تضطلع بدور مهم فى بناء نمط العلاقات، وتوزيع السلطة وفرض الهيمنة داخل المجلس التأسيسى. فالخوف الذى انتاب عددا من النواب على هوّيتهم العربيّة الإسلامية جعلهم يبادرون بالتصويت على الفصل 38 الداعى إلى تحمّل الدولة مسئولية «تجذير» انتماء الناشئة إلى الهوية العربية الإسلامية من خلال دعم اللغة العربية مغيّرين بذلك ميزان القوى وكأن لسان حالهم يقول: «يوم عليك ويوم إليك»، والخوف من تكرار «التكفير» هو الذى أجبر أغلب النوّاب على التنصيص على حرية الضمير وتحجير التكفير.

أمّا حادثة «تكفير» نائب عن حركة النهضة (الحبيب اللوز) زميله (المنجى الرحوى) من الجبهة الشعبية ودفعه إلى الاعتراف بأنّه مسلم أبا عن جدّ، فإنّها تخبر عن مدى شعور القيادى «اللوز» بنشوة «الانتصار» بعد أن دفع زميله إلى «تذوّق» مشاعر الخجل الممزوجة بمشاعر الخوف. وهكذا تمّ التأكد من مدى خضوع «اليسارى والعلمانى» للمعايير الاجتماعية وانضباطه، والتزامه بالمعايير الدينية فى سياق ضاغط ومناخ «إسلاموى» جعلا الفاعلين السياسيين من المعارضة يراقبون ذواتهم، وينتقون مفردات خطابهم السياسى خوفا من الوقوع فى المحظور: أن يعلن المرء بكلّ جرأة أنّ من حقّه أن يكون ملحدا أو شيعيّا أو بهائيّا أو....

والواقع أنّ حالات «الانفلات» داخل المجلس التأسيسى بالرغم من الدعوات الملحّة إلى «ضبط النفس» واحترام اختلاف الرأى، متواصلة منها: نعت نائب من المعارضة زميلته من حركة النهضة بالجنون، وتعمّد نائب توزيع صور مسيئة للرسول، وبكاء نائب من حزب المحبّة (العريضة سابقا) مرّة تظاهرا بمدى حبّه للرسول، ومرّة للتأثير فى مسار التصويت، وصراخ نائبة من حركة النهضة تعبيرا عن رفضها للفصل 45 الداعى إلى إقرار مبدأ التناصف، ومع كلّ يوم تتوالى الأحداث الفاضحة لسلوك عدد من النوّاب الذين ما عادوا قادرين على عقلنة مواقفهم. ولعلّ رغبتهم فى استدرار العطف والتأثير فى نسق الأعمال، وكسب المعارك جعلتهم يتفنّنون فى توظيف الرصيد العاطفى.

قد نتفهّم التعب الذى انتاب النوّاب بسبب الجهد المبذول من أجل إتمام الدستور والذى جعلهم لا يسيطرون على سلوكهم وقد نتفهّم أنّ السياق السياسى الاجتماعى قد أثّر على مستوى أدائهم بسبب الضغوط الممارسة من القواعد على القيادة ولكن لاشكّ أنّ تجربة الخروج من منطقة «الإشعاع» إلى منطقة «الظلّ»، ومن حالة الاستمتاع بـ«الشهرة» وما يدّره المنصب من مكاسب إلى حالة «النكرة»، ومن حالة امتلاك سلطة القرار إلى حالة المحاسبة والتقييم والمساءلة.. تجربة مخيفة ومريرة، خاصة بالنسبة إلى النواب الذين شعروا بالمهانة والانكسار بعد استقالة حكومة «العريض». وكان الله فى عون الجميع فـ«الفراق صعب».



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداخل الفصول
- الإحراج والعار
- الشدّ إلى الوراء.. الشدّ إلى الأمام
- كان لنا حلم.. وضاع
- ليس بالإمكان أبدع مما كان
- سوق السياسة كسوق الرياضة
- النهضة.. وعلاج الوخز بالإبر
- انقلابيون
- هذا ما جنته براقش على نفسها
- لم أكن لأخلع سربالا
- فات المعاد
- أعطنى حرّيتى .. أطلق يديّا
- وتعطَّلت لغة الحوار الوطنى
- هل أُلفت حركة النهضة بين التونسيين؟
- «حقّ مجاهدات النكاح فى هبة أجسادهن للثوّار»
- رجعونا الماضى بعذابو وبقساوته..
- السياسة والحجاب
- السياسة كده
- عن أي ربيع تتحدثون وبه تفتخرون؟
- إنّ غدًا لناظره قريب


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - السياسة..واضطراب المشاعر