عزيز الخزرجي
الحوار المتمدن-العدد: 4333 - 2014 / 1 / 13 - 21:10
المحور:
الادب والفن
فنّ آلكتابةُ و آلخطابَةُ – ألجزء ألثّاني ح15
ألفصلُ ألثّالثُ - ألقسم ألثّانيّ: كيف نتحدّثُ في برنامج عامّ حول موضوع مُعيّن؟
من أجل تجاوز آلتقليد و آلتأكيد على آلأصول بإسلوبٍ حديث يجب على آلخطيب ألنّاجح إيجاد زاوية جديدة تختلف قليلاً أو كثيراً عن آلمحاور و آلمواضيع ألتي تمّ آلتّحدث عنها كثيراً و ذلك بآلتّركيز على طرح منهجٍ و موضوع جديد تدخل في إهتمامات آلجّميع, و في إهتمامكَ أنتَ أيضاً, ليكون بآلتالي كلاماً حيّاً و فاعلاً و نافذاً و من صلب آلمناسبة.
Assessing your Audienceإعرف مستمعيك
قبل آلبدء عليكَ آلتّعرّف على مستويات مُستمعيك, بمعنى معرفة ألمستوى ألثقافي و آلعلميّ للأكثرية و توجهاتهم و دواعي حضورهم و ما إلى ذلك من دوافع و أسباب, و كذلك أحساساتهم و ردود أفعالهم حول آلقضايا آلتي تطرحها, و ردود أفعالهم و ملاحظتهم قبل و بعد آلخطبة.
و طريقة ألتّفكير لتحديد أوضاع مستمعيك يكون على آلنّحو ألتّالي:
مَنْ؟ متى؟ و ماذا؟ و أين ؟ و لماذا؟ و أيّ؟
Who is the listener?مَنْ هو آلمُستمع؟
ألنّاس ذو مشارب و أذواق مُختلفة كما نعلم, لكنّ هناكَ صفاتٌ و خصوصيّاتٌ مُشتركة في مجموعةٍ دون أخرى, فسكّان مدينةٍ معيّنةٍ قدْ تتميّز بخصوصياتٍ تختلفُ كلّياً عن مدينة أخرى في نفس آلدّولة و هكذا يختلفُ سكانَ دولةٍ عن دولةٍ أخرى و شعب عن شعب آخر, و كذلك سكّان آلجبال مثلاً يمتازون بآلحدّية و آلجّدية أكثر من سكّانِ ألسّواحل و آلجّزر ألّذين يمتازون بآلّلامبالاة و آلأنحلال و عدم ألألتزام آلأخلاقيّ, بخلاف أهل ألصّحراء(ألبدو) ألذين يمتازون بأخلاقٍ جافّةٍ و طُغيان صفة ألعَنفة و القسوة و الصّرامة و آلتّعصب للعشيرة و آلعادات و الموروثات القديمة ألنبيلة عليهم!
سكانَ آلمُدن عموماً يمتازون بصفاتٍ تختلفُ جوهريّاً عن ما أسلفنا, فآلمجموعات ألعاملة ضمن بعض ألدوائر و آلشّركات و آلقطعات ألعامة تتميّز بأخلاقيةٍ خاصّةٍ, لذلكَ علينا معرفة ألمزيد من هذه آلطبائع و آلصّفات و آلخصوصيّات لأنّها ستُساعدنا على معرفة آلكثير لأتخاذ ألأسلوب ألذي يُناسبهم للحديث و آلتّعامل معهم, لأنّ آلمعرفة قوّة تساعدنا لبلوغ آلغاية و الهدف من آلخطبة أو آلمحاضرة.
من آلملاحظات آلأساسيّة آلتي يجب آلأنتباه لها في هذا آلمضمار هي مدى رغبتهم و شوقهم لسماعِ آلمحاضرةِ, و يتبيّن ذلك من معرفة مدى آلغرور و آلتّعنت و آلتّكبر ألّذي يعانونهُ أو يُبدونهُ, و آلتي ترجع في حيثياتها إلى آلأفكار آلمحدودة و آلنّظرة آلقومية و آلتعصب القومي ألذي يؤمنون به.
معرفة كلّ تلك آلعوامل و آلخصوصيّات تُساعدنا كثيراً لنعرف كيف نتكلّم معهم!؟
و كيف نُصيغ عباراتنا لأقناعهم؟
و آلموضوعات ألتي يجب طرحها؟
و الموضوعات آلتي يجب تجنّبها؟
و كذلك مدى قدرتهم على إستيعاب كلامنا و منهجنا.
When you want to give a speech?متى تريد آلتّحدث؟
قبل تناول آلطعام .. أم بعده!؟
أو عندما يكون آلكلّ مُتْعبين!؟
في آلصّباح!؟
أمّ آلمساء!؟
أو حين تكون آلأكثرية مُرتاحة و مُنشرحة و مُتهيئة روحياً و قلبيّاً للأستماع!؟
لقد أكّدتْ آلتّجارب بأنّهُ من آلأفضل ألتّحدث أثناء ألليل, أو بعدَ أيّة وجبةِ غذاء بإختصارٍ و بساطةٍ و بلاغة, و يجب أنْ تكون ذات طابعٍ تفريحيّ فكاهيّ, أمّا آلنّاس في آلصّباح فيكونون مُنتبهين و يقظين و لهم إستعدادٌ كامل يُفضّل أثنائهُ آلتّحدث بكلمةٍ أو محاضرة حول بعض آلمسائل و آلقضايا آلعلمية و آلدّقيقة, كما يُمكننا مشاهدة فرق آلأستعداد و آلتقبل بين آلسّاعة آلأولى من بداية ألسّنة و آلسّاعة آلأخيرة قبل بداية آلعطلة آلربيعيّة حيث تكون آلطبائع مختلفة, و آلأجواء مُغايرة جدّاً, لذا يجب ألأنتباه إلى آلأوقات و آلأزمنة بدقّة و حذر!
إنّ آلسّاعات ألأولى من آلصباح الباكر يكون فيها تَقَبّل ألمُستمعين أفضل للدّرس من أيّة أوقاتٍ أخرى, و كذلك آلمُناسبات ألرّسمية و آلدّينية و آلتّأريخيّة , حيث يكون لها أثرٌ طيّب و أجواء مُساعدة لعمليةِ سماع المحاضرة و إنتقال ألمعلومات.
Where does he want to hear me?أين يُريد أنْ يسمعني؟
أينَ مكان محاضرتكَ؟
هل هو داخل صفٍّ من صفوف ألمدارس؟
هل هو على منصة مسرحٍ أو معرضٍ؟
هل هو في أحد إستوديوهات ألتلفزيون؟
هل هو في آلمطعم؟
هل هو في ساحة عامة خارج ألبناية في حفلة تخرّج؟
فكّر كيف آلمستمع سيفكر و يستمع في ظل تلك آلأمكنة!؟
هل سيرتاحون و ينشرحون؟
أم سيقلقون و ينزعجون و يرتبكون؟
تأمّل حدوث أشياء غير طبيعية .. مثل؛ أصوات في آلمطعم؛ أصوات خارجية, أو حوادث أخرى قد تقع حواليك!
Why They came here?لماذا أتو إلى هنا؟
لأنّهم يُريدون آلمعرفة؛ إختياريّ؟
لأنّهم يجب أنْ يأتوا؛ إجباريّ؟
هل هم مُشتاقون قلبيّاً لسماع ألمحاضرة أم لا؟
هل هم أسرى و مُجبرين لسماع المحاضرة تحت وطأة آلسّلاح و آلحرس؟
ماذا يتأمل ألمستمع أنْ يكسب من محاضرتك؟
هل يريد بعض المعلومات فقط؟
أم يريد سماع وجهة نظرك وتحليلك؟
أم نصف ساعة من الأعلانات و البيانات؟
حاول أنْ تعطيهم ألذي جاؤوا لأجله فقط, أو الذي يتأملونه منك!
أهم النقاط ألّتي يجب ألأنتباه إليها بدقّة في مسألة آلخطابة هي:
1- مآلذي يعرفهُ آلمستمعون عنك شخصيّاً, و عن آلموضوع ألّذي تُريد طرحهُ لهم!؟
هل آلموضوع يتعلّق بلعبة كرة القدم؟
فلو كان كذلك, فعليك تجاوز ألكثير من آلمُقدمات و آلمعلومات حول فنون هذه أللعبة؛ من عدد أللاعبين ؛ ألقوانين المتعلقة بآلفيفا و آلاولمبيك؛ عدد ألحكام؛ عدد آلأحتياط , لأنّ مُعظمهم يعرفُ تلكَ القوانين, فعليكَ طرح أمورٍ جديدةٍ و مُستحدثة تجهلها آلأكثرية.
2- ألخطيب ألجّيد يعرف بدقة ماذا يريد ألمستمعون و يمتلك آلقابلية على طرح ألمطلوب عندها, و عندها فقط يريد آلنّاس سماعه و يُتابعون أخباره.
3- الخطيب ألجّيد يعرف إلى مَنْ يتكلّم؛ هل هم صبيانٌ أم شباب أم شيوخ أم نساء أم أطفال صغار!؟
أمْ مجموعة مختلطة من هؤلاء جميعاً؟
أم صنفٌ خاصّ من أصناف آلمجتمع؟
هل هم فنيّون؛ مهندسون أو أطبّاء؟
ليتمكّن من إستخدام أللغة ألمُناسبة مع كلّ مستوىً من آلمُستويات ألمطروحة, و بآلتّالي سيعرف كيف يُعنْون و يُوضّح موضوع آلأنتخابات ألمحليّة إلى آلشباب بإسلوبٍ يختلفُ عمّا لو كان آلحضور شيوخاً أو نساءاً أو مهنيين!
4- عليك أنْ تُفكّر بأنّ الخطابة هي سلعة تريد بيعها إلى آلنّاس, فيجب عليك آلتفنّنْ في عرض الموضوعات الهامّة, فآلشّركات لا تحلم فقط في منتوجاتها كأفكار على الورق في آلمكاتب!؟
بل يَصرف أصحابها آلملايين لأنتاجها وعرضها في آلأسواق أمام آلنّاس, إنّهم في آلبداية يصرفون آلكثير على آلتّحقيقات و آلبحوث للحصول على آلنتائج ألمطلوبة آلتي يحتاجها الزبائن.
في كلّ سنة تُصرف ألملايين لأجراء الأختبارات و آلتّحقيقات( ألسّرفايس)لأجل ألتّسويق و آلتصنيع, لمعرفة ما يريده آلناس, و مقدار ما يريدونهُ, و كم يُريدون دفعه لشرائه؟
و آلأزمنة التي يريدون شرائها!
هذه آلحقائق يجب أن تُعرف و تُحفظ ثم تُدرّس بدقة ثم يتحقق فيها ليتم أخيراً تقريرها, ثم يُعاد ألتحقيق فيها مُجدّداً لدراسة ألمستجدات و آلمُتغيّرات و آلنتائج, قبل أن يتمّ تصنيعها من جديد كخط إنتاجيّ!
بآلطبع أنت أيها الخطيب لا تحتاج إلى فعل كلّ هذا آلتحقيق ألواسع ألشّامل ألمُكلف جدّاً, لألقاء كلمة؛ بلْ يُمكنك أنْ تتساأل مع نفسك؛
To Whom do you want to give the speech?إلى من ستتحدث؟
و أين؟
و لماذا تتحدث؟
و ماذا تريد آلتحدث به؟
و متى تُريد ألتّحدث عنهُ؟
5- إنّ أفضل آلمُستمعين هم آلأذكياء, ألمُتعلمون جيّداً, و في رؤسهم شيئاً من هوى آلعشق, و كما يقولون في آلغرب:
(The best audience is one that is intelligent, well educated, and a little drunk) Alben W. Barkley:
6- ألدرجة ألعلمية ألأكاديمية وآلوظيفية العاليّة تضفي على آلخطيب هالة من آلقوّة و العظمة و آلمصداقيّة بحيث يكون كلامهُ مؤثّراً و نافذاً فيما لو كان آلمُتحدث شخصاً عاديّاً.
7- على آلطرفان(ألخطيب و آلمُخاطب)أن يعرفا ماذا يُريدان من بعض, فلو عرفَ آلخطيبُ ماذا يُريد ألمُخاطب و عرف المخاطب ماذا يريد ألخطيب لأمكن تحقيق ألحالة المثلى في عملية ألأتصال بين آلجانبين لتحقيق الهدف لدى الطرفان!
و لا حول و لا قوّة إلا بآلله العلي العظيم.
عزيز ألخزرجي
#عزيز_الخزرجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟