أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجاء رنتيسي - ما ابقينا لهم














المزيد.....

ما ابقينا لهم


رجاء رنتيسي

الحوار المتمدن-العدد: 4333 - 2014 / 1 / 13 - 12:42
المحور: الادب والفن
    


ككل عام منذ ستون عام ونيف، يأتي هذا العام، وفي لحظات غياب الأفق الأخير،نتاملهم ،هم من خبئنا لليوم التالي، وانتظرنا نوار اللوز وزهر البنفسج لكي نعقده على جباههم، أكاليل نصر وباقات من الغار, هم من انتظرنا وفي بؤبؤ العين احتفظنا برسمهم يملؤون عالمنا صخبا وحبا وبهجة. حلمنا وبات حلمنا حياتنا ان لا نبقي لهم الا بعضا من بواقي فعلنا ليكملوا هم ببهجة ما لم يسعفنا الوقت لادراكه، وابتسمنا لأننا ظننا ان ما سنبقيه لهم ليس سوى تعبيد طريق اهترئ من زحف اقدامنا باتجاه بوابات القدس، ولملمة ركام من اسمنت حفرناه بايدينا لنزيل جدارا حرمنا من هواء بحر يافا. ابتسمنا ونحن نعيش الوهم ان ما سيحملونه على اكتافهم لن يكون سوى ضحكات احفادنا تستقبل العالم دون احزان، دون لجوء وتشرد وحرمان. ابتسمنا لأننا ظننا ان فعلنا كان كافيا من اجل ان يكون لهم وطن!
ولاننا لم نكمل فعلنا، ولاننا لم نصل الى أي من بوابات القدس ولم نهدم أي ركن في جدار العار، ولاننا عجزنا ان نجلب لهم الشاطئ وان نحفر لهم بالرمل اثار خطوات عروس البحر، ولاننا لم نجلب لهم وطن فليس لنا سوي ان نرقبهم يهربون من جرحنا، من فعلنا، من النظر مطولا في اعيننا، لنتركهم، ولنعفهم من قولنا لآن كلامنا لا يصلهم، فقد نظروا الى قاماتنا المنحنية وفروا هاربين من هزيمتنا.
لا تلوموا فعلهم، فما ابقينا لهم سوى ضباب وانعدام رؤيا، ما ابقينا لهم سوى احاديث عن زمن انطفأ دون ان ينير ساحات احلامهم، وذكريات فعل لم يحدث الا بعض من اثر في المفعول به، وانتهينا بهم الى فراغ المقاهي، وعبث الطرقات وبعض المحاولات لتجميل الباقي من مساحات. ما ابقينا لهم لا يكفي لوقود المدافئ في الشتاء ولا لجولات ربيعية في جبال الامس ولم نبقي لهم ينابيع مياه كانت تغسل اقدامنا المتعبة من طول مسافة الوصول اليها. لم نبقي لهم بئرا يخشون ان تبتلع أبنائهم فيعملون على تامين اقفالها ولا بعض من أشجار اثمرت في كروم بلا بوابات او سياج، ولاحبات من زيتون على اغصان شجرة لم تدركها اياديهم قبل انتهاء الوقت المسموح لقطافها، ما ابقينا لهم ازقة تتسع بضيقها وتطول بتعرجها، لم يعد المخيم وقتا مستقطعا من عمرهم ، اصبح المخيم عمرهم الحاضر والاتي والباقي. لا تلوموا فعلهم، بل ارتدوا وبرفق الى ذاتكم واختبؤا في صفحات ذكرياتكم واتركوهم يتحسسون طريقا ربما يصل بهم يوما الى احدى بوابات القدس!!
لا تلوموا فعلهم الان، لان فعلهم نتاج اخفاقات فعلنا، لا تلوموا فعلهم لان ما بين أيديهم وما ورائهم وما خلفهم سواد وحلكة لا تنتهي الا بفعل اعظم من فعلنا وفعلهم. لا تلوموهم ان احبوا ان يعبثوا قليلا بباقي ما تركنا لهم من هدايا تذكارية عن ماض ظننا اننا سنطويه خلفنا،اتركوهم يقتطعون ولو جزءا يسيرا من الزمن ليلهوا في مسرحهم الضيق، لانهم وان هربوا من النظر في وجوههنا وان تغاضوا عن العبث ببعض من ذكرياتنا وان حاولوا جاهدين الهروب من هزائمنا وان تناسوا ان الطريق الى بوابات القدس لا تمر بقضبان حديديه وان تغاضوا عن حبات الزيتون العالقة في الزمن المغلق وان حنوا قاماتهم كي لا تصطدم بسقف طموحات عمرهم اليافع سيكون ذلك فقط لانهم يخبئون غضبا، ولانهم يحملون هما ولانهم يدركون ان فعلنا لم ياتهم الا بحاجة فعل اخر، فعل اصعب واكثر تعقيدا. اطبعوا على جباههم قبلة واعتذروا من اعينهم التائهة واستودعوهم دعواتكم في ان يصبحوا على وطن ربما في عيد لعام قادم.



#رجاء_رنتيسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ان تمت قبل ان تموت
- نهاية الاشياء


المزيد.....




- نخبة من نجوم الدراما العربية في عمل درامي ضخم في المغرب (فيد ...
- هذه العدسات اللاصقة الذكية تمنحك -قدرات خارقة- أشبه بأفلام ا ...
- من بينها -يد إلهية-.. لماذا حذفت نتفليكس الأفلام الفلسطينية؟ ...
- تونس تحيي الذكرى المئوية لانتهاء مهمة السرب البحري الروسي
- مصر.. نجمات -جريئات- يثرن جدلا في مهرجان الجونة السينمائية ( ...
- منصة ايكس تعلق حساب قائد الثورة الاسلامية باللغة العبرية
- -مصور العراة- يجرد الآلاف من المتطوعين من ملابسهم لالتقاط صو ...
- إسرائيل لم تضرب المنشآت النووية والنفطية الإيرانية فهل هي مس ...
- طوفان الأقصى يشعل حرب السايبر
- من مدرسة قرآنية إلى مركز فن حديث.. تجديد إبداعي لمعلم تاريخي ...


المزيد.....

- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رجاء رنتيسي - ما ابقينا لهم