|
سلطة الشرعية الثورية أمام القضاء في اقليم کوردستان
آسو گرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 02:48
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
يبدو ما جري ليلة السادس من هذا الشهر، حين مثل محمود سنگاوي- القيادي في الحزب الحاکم- أمام قاضي التحقيق علي خلفية اغتيال الصحفي کاوا گرمياني، وکأنه حدث مفصلي في العلاقة مابين (السلطات) في اقليم کوردستان. فخلال العقدين الماضيين من تجربة نظام سياسي تدعي برامج تشکيلاته الحکوميه المتعاقبة، التي يحتکر سلطاتها الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي (وفق اتفاقية تقاسم السلطة والموارد المالية الموسومة بالاستراتيجية بينهما) وبمشارکة شکلية من اتباعهما، تمسکها بالديمقراطيته واحترام حقوق الانسان، لم يکن للقضاء المساس بالسلطة الحقيقية في الاقليم وهي سلطة المراکز الحزبية المتنفذة وحواشيها -الدائرة الحاکمة-، التي وفرت لنفسها وما تزال حصانة شرعية - سنوات النضال المسلح - الثورية، التي تفتقر الي اي سند دستوري وقانوني أو دعم شعبي، لحميها من المساءلات القانونية وضعتها فوق السلطات الرسمية الثلاثة الاخري.
بالرغم من اهمية هذا الحدث في دلالاته الرمزية، حيث اذهل القضاء في الاقليم الجميع بتسجيل سابقة، هي الأولى من نوعها منذ اعلان الاقليم قبل نحو 22 عام، باحضار احد افراد الدائرة الحاکمة فوق القانونية امام قاضي التحقيق کمتهم، وهو ما رحبت به اوساط واسعة وفي مقدمتهم انصار الديمقراطية وحقوق الانسان في اقليم کوردستان، لکنه من السابق لأوانه الآن استنتاج ما يمکن توظيفه لصالح نمو العلاقات السليمة (الفصل) بين السلطات وکأن هذا الحدث فاتح لعهد جديد، أو لصالح قضية المغدور به الشهيد کاوا.
فقرار القاضي، الخاص باحضار المتهم، کما المتهمين الآخرين بتنفيذ الجريمة، لم يصدر الا بعد موافقة حزب المتهم (الاتحاد الوطني- الحاکم المطلق مناصفة مع شريکه الحزب الديمقراطي علي صعيد الأقليم، والوحيد في منطقة سيطرته محافظة السليمانية وگرميان)، بدليل صدور قرار القاضي بعد مرور عام علي تقديم المجني عليه دعوي ضد المتهم بناءا علي تهديدات تلقاه منه هاتفيا (افلح في تسجيلها وبثها لاحقا في مواقع التواصل الاجتماعي)*، والاهم من ذلك لم يجري فتح الملف هذا الا بعد تنفيذ الجريمة بحق صاحب الدعوي ليلة الخامس من ك1 المنصرم بأسبوع! ومن قبل قاضي آخر لعدم تجرأ القاضي الأصلي والمعني بالقضية من فتح هذا الملف المکدس امامه منذ عام. وموافقة حزب المتهم هذه، سواء علي اصدار القاضي لذلك القرار أو مثول احد (المحصنين ثوريا) امام الأخير، قد جاء اضطرارا بسبب الضغوط الکبيرة التي يتعرض لها هذا الحزب حاليا. فالجريمة وقعت في وقت يمر فيه الاتحاد الوطني بأصعب ايامه في السلطة منذ اعلان الاقليم، حيث تعرض في انتخابات 21 ايلول الماضي الپرلمانية الي هزيمة تفرض عليه بموجبها الاستحقاقات الانتخابية (ناهيك عن الديمقراطية) رفع اليد عن مفاصل السلطة في مناطق سيطرته، من الأجهزة الادارية والعسکرية والامنية والمصادر المالية المستورة والسيطرة علي السوق، التي يحتکرها کحاکم مطلق بشکل مخالف لشروط الديمقراطية ولأعلانات الأقليم رسميا، بنفس الصورة التي يفعلها حليفه الحزب الديمقراطي في المناطق التي يسيطر عليها (محافظتي هولير ودهوك). لهذا يجد نفسه الآن في وضع صعب جدا في المفاوضات الجارية لتشکيل الحکومة الذي تأخر لأکثر من ثلاثة أشهر! کما ان الطريقة الشنيعة التي تمت بموجبها اغتيال الصحفي کاوا (حيث عاش يتيما لاب شهيد للحرکة الکوردية، وتزوج من السيدة شيرين وهي ايضا يتيمة لعائلة مؤنفلة، ليولد لهما قبل ايام طفلا يتيما!) قد فجر االغضب المتراکم لدي اوساط واسعة في کوردستان من تصاعد وتيرة التجاوزات التي يتعرض لها ملف الحريات وحقوق الانسان في الاقليم، التي تحولت في السنوات الاخيرة من استخدام اساليب الضغط المادي وشن المضايقات والتقديم الي المحاکم (المستقلة جدا) الي اسلوب الاغتيال المباشر، وخاصة للصحفيين الذين يتعرضون لشؤن النهب والفساد والاغتناء الفاحش وخاصة للمراکز الحزبية (المحصنة ثوريا)، في وقت تعاني فيه مناطق واسعة من الاقليم، وخاصة في الاطراف من سوء الخدمات والاحوال المعيشية.
أما فيما يخص قضية المجني عليه الصحفي کاوا، فلو اهملنا القضايا الشکلية (علي اهيميتها)، وابرزها التساؤلات التي اثارتها قيام القاضي باستجواب المتهم في يوم عطلة رسمية (6 ك2) وخارج ساعات الدوام الرسمي حيث تم في الساعة الثامنة ليلا!، فأن ابرز اشکالية تواجهها (محاکمة العصر في کوردستان ان تمت) هو کيفية ترتيب الملف الذي من المنتظر ان يفصل القاضي في القضية وفقه. فمن المعروف ان مثل هذا الملف يتم اعداده وفقا ليس لشهادات المدعين والمدعي عليهم فقط، وانما ايضا وفق نتائج التحقيق في هذه الادعاءات، التي ستقوم به الاجهزة القضائية والامنية، وهي مازالت بعيدة عن الاستقلالية في الاقليم. ولنا في قضية أغتيال سردشت عثمان مثالا صارخا علي المهارة في ترتيب الملفات. فقد تم قبل سنوات اختطاف هذا الطالب، بعد نشر کتابات نقدية له ضد الدائرة الحاکمة، في منتصف النهار وامام مراي الجميع اثناء الدوام وسط الجامعة في العاصمة أربيل، التي تفرض أجهزتها الأمنية (التي يحکم الحزب الديمقراطي السيطرة المطلقة عليها) طوقا امنيا مشددا عليها، ومرورا بنقاط حراسة الجامعة والسيطرات الامنية للمدينة، ليتم العثور عليه بعد ايام في اطراف مدينة الموصل مقتولا رميا بالرصاص في رأسه ولسانه في رسالة واضحة القراءة لمن يتجرأ علي مس الدائرة الحاکمة (المحصنة ثوريا). ورغم ذلك، فقد تم اعداد ملف التحقيق من قبل لجنة حکومية مکلفة مکونة من: - وزير الداخلية، وهو عضو مکتب سياسي في الحزب الحاکم؛ - رئيس وکالة المخابرات، وهو ايضا عضو مکتب سياسي في الحزب الحاکم؛ - محافظ العاصمة، وهو ايضا عضو مکتب سياسي في الحزب الحاکم! فکانت النتيجة حسم الملف وفق (اعترافات) تم عرضها علي شاشات التلفاز، علي لسان شخص يتکلم العربية يقول فيها بانتماءه لاحدي التنظيمات الارهابية، وان سردشت عثمان کان علي صلة بها، لکن بسبب رفضه تنفيذ المهام التي کلفته المنظمة الارهابية بها، فقد قررت معاقبته بهده الطريقة.
ان مثل هذه المخاوف في ترتيب الملفات تساور المتابعين لقضية الشهيد کاوا، وتثيرها اکثر سلوك الأجهزة المعنية بعد وقوع الجريمة وانفجار الغضب الجماهيري وخاصة في مدينته کلار وفعاليات منظمات المجتمع المدني. فقد قامت القوات الامنية بعد ايام من وقوع الجريمة بأعتقال اربعة مواطنين اعقبها تصريح نائب رئيس الوزراء - وهو عضو مکتب سياسي في حزب المتهم - اعلن فيه العثور علي الفاعلين وان اعتقالهم قد تم بعد اخذ موافقة المکتب السياسي للأتحاد الوطني علي ذلك!. تم الافراج عن بعض هؤلاء لاحقا بعد ان أعلن مدير عام جهاز الأمن في اقليم كردستان عن اعتراف أحد المتهمين امام قاضي محكمة كرميان بارتكابه جريمة قتل الصحفي كاوة. وقد ادعي هذا المتهم وفق المعلومات التي تسربت الي الصحافة، بأنه قام بفعلته هذه بتصرف شخصي محظ! ولم يستلم أية توجيهات من احد. لکن نتائج الفحوصات التي جرت علي السلاح الذي ادعي هذا المتهم استخدامه في تنفيذ الجريمة تشير الي عدم تطابقه مع الرصاصات التي استخدمت ليلة وقوع الجريمة. علما ان جميع من شملتهم التحقيقات حتي الآن ينتمون الي الأجهزة الامنية. وحتي هذه اللحظة لم تتوفر معلومات من اروقة المحکمة عن العثور علي المنفذين الحقيقيين للجريمة ولا عن الجهة التي تقف وراءها. لقد تعرض شعبنا الکوردستاني بکورده وترکمانه وکلدانه وآشورييه وعربه خلال العقود الماضية، الي حملات ابادة جماعية، وقدم تضحيات کبيرة في نضاله القاسي من أجل نيل حريته واقامة النظام السياسي الذي يعبر عن ارادته. وقد ساهمت جميع فصائل شعبنا السياسية التي شکلت الجبهة الکوردستانية، وليس فقط الحزبان الحاکمان حاليا، في ذلك النضال والثورات التي کان الکادحون والفقراء والمحرومون وسکان الأطراف هم اوسع الفئات مشارکة فيها، ليس من اجل اقامة نظام سياسي علي أساس نموذج الحزب القائد واحتکار السلطة والاستئثار بها بقوة الأجهزة الأمنية، التي من اجلها تم ارتکاب المحرمات من اقتتال الأخوة والتعاون مع أعداء حقوق شعبنا من القوي الاقليمية، وتقسيم الأقليم الي ادارتين قائمتين حتي الآن، ولا يتردد في مصادرة الحريات وقمع المعارضين واطلاق الرصاص علي المتضاهرين، ويعمق الهوة بين فئات اجتماعية غنية جدا يفرخها النظام من نهب اموال الشعب والفساد، بل ناضل الجميع من اجل اقامة نظام سياسي ديمقراطي، علي اساس مبدأ الفصل بين السلطات، الجميع فيه سواسية أمام القانون، يحترم حقوق الانسان ويسعي من اجل تحقيق العدالة الأجتماعية اساسها ضمان حياة کريمة لجماهير الکادحين والفقراء والمحرومين، وهي من نواة برنامج الجبهة الکوردستانية وجميع احزابها حتي الآن. ---------------------------------- * ادناه نص التهديدات التي تلقاها الصحفي تلقاها الصحفي کاوا گرمياني من المتهم هاتفيا، مترجم الي العربية:
محمود سنگاوي: أنا محمود سنگاوي، هل مجلة (گه ران) تعود لکم؟ کاوه گرمياني: نعم
محمود: من نشر صورتي تلك في تلك المجلة؟ کاوه: هذه عندي
محمود: هل استأذنت مني قبل نشر صورتي؟ کاوه: الموضوع هو عنك
محمود: (…) زوجة الذي، سآتي الآن الي گرميان. اذا اصدرت المجلة غدا سوف اضع رأسك في قبر ابوك، ابن الکلب، سرسري، ابن العاهرة، بأي حق تنشر صورتي. هل انت عديم الادب بهذا الشکل؟ او ليس من المفروض أن تأخذ الرخصة مني؟ کاوه: الأخ محمود، ليس من اللائق ان تستخدم هذه اللغة والقذف معي.
محمود: الآن سآتي الي گرميان وسأضع رأسك في (…) أمك يا ابن الکلب. سأضع رأسك في (…) أم الذي قال لك ان تفعل ذلك. کاوه: ليس من اللائق يا أخ محمود ان تجيبني بهذا الشکل.
#آسو_گرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيان صادر عن الحزب الشيوعي لتركيا
-
أوهام مسطورة في رسالة عبد الله أوجلان
المزيد.....
-
طفل بعمر 3 سنوات يطلق النار على أخته بمسدس شبح.. والشرطة تعت
...
-
مخلوق غامض.. ما قصة -بيغ فوت- ولِمَ يرتبط اسمه ببلدة أسترالي
...
-
-نيويورك تايمز-: إسرائيل اعتمدت أساليب معيبة لتحديد الأهداف
...
-
خمسة صحفيين من بين القتلى في غارات إسرائيلية على قطاع غزة
-
كازاخستان: ارتفاع حصيلة ضحايا تحطم الطائرة الأذربيجانية إلى
...
-
تسونامي 2004.. عشرون عاماً على الذكرى
-
إسرائيل تعلن انتهاء عملية اقتحام مدينة طولكرم بعد مقتل ثماني
...
-
الولايات المتحدة.. سحب قطرات عين بعد شكاوى من تلوث فطري في ا
...
-
روسيا.. تطوير -مساعد ذكي- للطبيب يكشف أمراض القلب المحتملة
-
وفد استخباراتي عراقي يزور دمشق للقاء الشرع
المزيد.....
-
حملة دولية للنشر والتعميم :أوقفوا التسوية الجزئية لقضية الاي
...
/ أحمد سليمان
-
ائتلاف السلم والحرية : يستعد لمحاججة النظام الليبي عبر وثيقة
...
/ أحمد سليمان
المزيد.....
|