|
أهمية تحرير المصالحة الوطنية من شرط الانتخابات
ابراهيم ابراش
الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 10:52
المحور:
القضية الفلسطينية
بالرغم من استمرار سياسة الاستيطان والتهويد وتدنيس المقدسات والاعتقالات في الضفة ، وبالرغم من استمرار الاحتلال وسياسة العدوان والحصار في قطاع غزة ،وبالرغم من اتضاح خطورة خطة كيري التي تتضمن تنازلات تمس الحقوق الوطنية ، فإن المفاوضات والحوارات بين إسرائيل والفلسطينيين مستمرة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة ، كما أن حركة حماس ما زالت ملتزمة بالتهدئة وهو التزام يتطلب درجة من التنسيق الأمني. صحيح أن النخب الحاكمة لم توقع على اتفاقات فيها تنازل عن الحد الأدنى المتوافَق عليه فلسطينيا ، ولكنها وتحت تبريرات متعددة تبدي استعدادا لاستمرار التفاوض حول القدس وعودة اللاجئين وغور الأردن وتبادلية الأراضي ، بل تم قبول وقف المقاومة ليس فقط انطلاقا من قطاع غزة بل وعلى كامل فلسطين التاريخية . التنازل من اجل الوطن عطاءّ مقابل هذه المرونة والاستعداد لتقديم تنازلات لواشنطن وإسرائيل، فإنه عندما يتم الحديث عن تنازلات من طرفي معادلة الانقسام الفلسطيني لبعضهم البعض من أجل إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة ،فإن حالة من التشدد والمكابرة تنتاب الجميع ، وتصبح كلمة تنازلات بمثابة الإهانة وكسر الكرامة ومحاولة لإذلال الطرف الآخر الخ !. وعندما يتم تقديم (تنازلات) ، في لحظات انفراج العلاقة أو نتيجة تدخل وسطاء، تكون شكلية وهزلية وسرعان ما يتم التراجع عنها أو عن بعضها إن لم ترجع الأمور أسوأ مما كانت . إن كل تنازل لإسرائيل يعني فقدان لجزء من الحقوق الوطنية ويشكل خطوة تراجعية نحو الوطن ، فيما كل تنازل فلسطيني لصالح الفلسطيني يعني خطوة نحو الوطن. يبدو أن بعض نخب السلطة والحكم ترى من الأسهل عليها تقديم تنازلات للعدو من تقديمها لبعضها البعض ،لأن تقديم تنازلات لإسرائيل أو لأطراف خارجية يمنحها مزيدا من المنافع ويُعزز مصالحها وسلطتها ،فيما تقديم تنازلات لطرف فلسطيني من أجل المصالحة والمصلحة الوطنية قد يفقدها بعض امتيازات السلطة والحكم ، وهذه النخب ترى أن مصالحها الخاصة أهم من المصلحة الوطنية وأن الحزب أهم من الوطن . ما كان أحد يطلب من حركة حماس أن تقدم تنازلات لحركة فتح أو العكس لو كان نموذج حكم حماس في القطاع ناجحا ولو كان حكم فتح والسلطة في الضفة ناجحا ، أو كانت القضية الفلسطينية في حالة تقدم . أما وأن القضية الوطنية تمر بأسوأ مراحلها والسلطتين والحكومتين مأزومتين بل وفشلتا في توفير متطلبات الحياة الكريمة للمواطنين وفي التقدم في المشروع الذي رهنت كل منهما نفسها به ، حيث مشروع المقاومة الذي رهنت حماس وجودها به بل وقامت بالانقلاب على السلطة باسمه وصل لطريق مسدود ، ومشروع التسوية السياسية الذي رهنت السلطة الوطنية وحركة فتح نفسهما به وصل لطريق مسدود ... في هذه الحالة فإن استمرار المكابرة وعدم الاعتراف بالخطأ والتهرب من تقديم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية لا يمكن تفسيره إلا بالخيانة الوطنية . وقد قال الأولون (أصل الكفر عناد ) . إن كانت طبيعة العقل العربي والثقافة السياسية السائدة لا تقبل الاعتراف بالخطأ ،وبالتالي لا احد يتوقع من حركة حماس أن تعترف بأنها أخطأت في سياساتها الداخلية ومراهناتها الخارجية وأنها باتت اليوم مكشوفة ومحاصرة، وفي المقابل لا تستطيع حركة فتح والسلطة الزعم بأن خياراتهما في المراهنة على التسوية السياسية صحيحة وتحقق أهدافها، لذا المطلوب من الطرفين بدلا من الاعتراف الصريح بالخطأ تقديم تنازلات متبادلة . في هذا السياق نتمنى على النخب السياسية الحاكمة وخصوصا على حركتي فتح وحماس أن تدرك أن التنازل من أجل الوطن ليس تنازلا بل عطاء ، وكلما تنازلت أكثر فهذا مؤشر حرص أكبر على المصلحة الوطنية . وما تعتبره بعض الأحزاب تنازلا وإن كان يفقدها بعض الامتيازات إلا أنه يمنحها المصداقية والشرعية ويفتح أمامها مصالح أوسع إن فكرت خارج صندوق الحزب والجماعة . خلال الأيام الماضية عاد الحديث عن المصالحة وصاحب ذلك حديث عن تنازلات يبديها كل طرف للطرف الآخر ويعضهم وصف تنازلاته بأنها (مؤلمة ) ، وبغض النظر إن كان الحديث عن المصالحة تعبير عن إرادة حقيقية بالمصالحة تؤسس على توفر شروط موضوعية وذاتية لتحقيقها ،أو كان مجرد مناورة يسعى كل طرف لتوظيف خطاب المصالحة للتغطية على مأزقه وكورقة قوة في مواجهة خصمه الخارجي – حماس في مواجهة الحكومة المصرية وحركة فتح في مواجهة إسرائيل وخطة كيري - ، ومع إدراكنا بان طريق المصالحة الوطنية الذي يؤدي لإعادة توحيد غزة والضفة في إطار حكومة وسلطة واحدة ما زال طويلا وشاقا ويحتاج لأكثر من الإرادة الفلسطينية، إلا أن أي تنازلات تقدمها حركتي فتح وحماس لبعضهما البعض ستكون تنازلات من أجل الوطن ،و هو عمل إيجابي وعقلاني وسيراكم مع مرور الوقت طاقة حرارية كفيلة بإذابة جليد العلاقة بين الطرفين وتمهيد الطريق للمصالحة الكاملة ، كما أن أي تقارب كفيل بان يضعف من قدرة الأطراف الخارجية على توظيف الانقسام لخدمة مصالحها . مصير أوطان تحت الاحتلال لا تُرهن بانتخابات وأخيرا نقول بعيدا عن أحكام التفاؤل والتشاؤم حول جدية ما يجري من حوارات المصالحة ومآلها ،فإنه ليس من المعقول والمقبول أن تتوقف جهود المصالحة الوطنية فيما المفاوضات مع إسرائيل مستمرة و الالتزام بالهدنة معها مستمر . أيضا سيكون من الحكمة عدم ربط المصالحة بالانتخابات ،لأن إسرائيل عندما تعلم أن مصير المصالحة الوطنية وبالتالي مستقبل القضية الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني مرتبط بإجراء انتخابات فإنها ستعمل كل جهدها لعدم إجراء الانتخابات وهي قادرة على ذلك ، وبالتالي فإن سياسة التوافق والتراضي تعتبر مدخلا جيدا للمصالحة في ظل الظروف الراهنة .
#ابراهيم_ابراش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
خطورة الجمع بين الثروة والثورة والسلطة في الحالة الفلسطينية
-
مع بداية عام 2014 نودع ثلاثة أوهام
-
من المسئول عن إعاقة استنهاض حركة فتح ؟
-
حماس ليست حركة إرهابية ولكن عليها الاختيار بين : فلسطين أو ا
...
-
عام 2013 يكشف أوهاما وعام 2014 يثير تخوفات
-
خطة كيري تضع الرئيس الفلسطيني أمام خيارات صعبة
-
مستقبل السلطة الفلسطينية بعد الاعتراف الأممي بفلسطين دولة مر
...
-
فشل حل الدولتين أم تغيير في جغرافيتهما ؟
-
خطوة من الجبهة الشعبية تستحق الاحترام
-
تصريحات اوباما ورواتب غزة : أية علاقة؟
-
تصورات أولية حول التمثيل الفلسطيني وإعادة بناء المشروع الوطن
...
-
من وثيقة (كنغ) إلى مخطط (برافو)
-
استشكالات الدين والسياسة في فلسطين
-
نجاح إيراني باهر وتخوفات عربية مشروعة
-
دولة في تضاد مع الوطن والشعب
-
المشاركة السياسية في منظمة التحرير على قاعدة الالتزام بالوطن
...
-
الواقعيون الفلسطينيون الجدد
-
(تنظيم) فتح كعائق أمام استنهاض (حركة) فتح
-
التمويل الخارجي ودوره التخريبي في فلسطين
-
الكل يريد من غزة ولا أحد يريدها
المزيد.....
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
-
قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا
...
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة
...
-
وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال
...
-
فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م
...
-
أنباء أولية عن سقوط قتلى في تحطم طائرة في فيلادلفيا الأمريكي
...
-
إعلام أوكراني: سماع دوي انفجارات في كييف ومقاطعتها
-
المبعوث الأمريكي الخاص: إنهاء الصراع في أوكرانيا يصب في مصلح
...
-
تاكر كارلسون: زيلينسكي باع أوكرانيا وتحول إلى خادم للغرب
-
-إم 23- تواصل زحفها شرق الكونغو الديمقراطية
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|