مازن كم الماز
الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 11 - 10:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شك أن قدرة داعش المذهلة على فرض ما تعتقد به على الآخرين بالقوة مخيفة لكن الذي يبعث على الرعب بدرجة أكبر ربما هو الطريقة التي أصبح السوريون يسيرون بها , و كأنهم لم يقوموا بثورة ليصبحوا أحرارا , ليحرروا عقولهم وحياتهم .. لا أحد اليوم يجرؤ على أن يشرح للسوريين حقيقة ما يفعل أو ما يجري , يكتفي الجميع بترديد نفس حجج الديكتاتورية و إن بأشكال مختلفة أي اتهام الآخرين , شيطنة الخصم , مخاطبة الغرائز , ترميم و تكريس ثقافة القطيع , هذا إن عنى شيئا فهو أن كل هؤلاء يتساوون مع النظام في نظرته للسوريين العاديين , على أنهم رعايا عليهم أن يصدقوا ما يقال لهم , عليهم في نهاية المطاف أن يخضعوا .. إذا صدقنا أن داعش ما هي إلا صنيعة للنظام , و ربما أيضا قوى أخرى أطلق النظام سراح قادتها في بداية الثورة , فهذا يعني ببساطة أن النظام يقاتل نفسه , و أن كل هذا الموت و الخراب مجرد مسرحية يخرجها النظام .. بعد أن "أيد" البعض أو الكثيرون سادة كأردوغان أو مرسي ضد شعوبهم بدعوى "حرية السوريين" و بحجة أنهم لم يقصفوا شعوبهم بالبراميل أو بالكيماوي , بعد أن أصبح واضحا أن المثال الذي يستخدمه هؤلاء للمقارنة هو ديكتاتور كبشار الأسد , و أضيفت إليه اليوم داعش عند البعض , لنا أن نتخيل كيف ينظر هؤلاء إلى السوريين العاديين .. تعامل الكثيرون , في المعارضة السورية و القوى الإقليمية و الدولية الكارهة للأسد , مع داعش على أنها شر لا بد منه , نحن أيضا , أي السوريين العاديين , تعاملنا مع كل ظواهر بقرطة مؤسسات الثورة و انفصالها عن الناس على أنها شر لا بد , للخلاص من هذا النظام .. من الواضح اليوم أن تلك القوى الإقليمية و الدولية قد قررت التخلص من داعش , لأسبابها الخاصة , و يتضح أيضا أن شيطنة داعش مفيدة ليس فقط لنظام الأسد , بل أيضا للمعارضة السورية و خاصة للإسلاميين "المعتدلين" , مرة أخرى و تماما كما فعل النظام طوال عقود , ستكون ملاحقتهم لداعش أحد أهم "منجزاتهم" و ستستخدم داعش كبعبع لتخويف السوريين من الحرية و لتبرير القمع , قمع السوريين العاديين أساسا , تماما كما فعل النظام مع كل هؤلاء لعقود .. لكن بعيدا عن هذيان الاتهامات الذي يرافق جنون الرصاص و القذائف , فإن الصراع الحقيقي هو على السلطة , على احتكار العنف ضد أي مخالف , على احتكار القدرة على فرض إرادة قلة ما على السوريين , احتكار القدرة على استعبادهم
#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟