|
السياسة السعودية في مواجهة الباب المغلق
جمال الهنداوي
الحوار المتمدن-العدد: 4331 - 2014 / 1 / 10 - 23:35
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نسأل الله ان لا يمر الكثير من الوقت والدماء , قبل ان تتوصل المملكة العربية السعودية الى الحقيقة التي تقول ان مثل هذا الكم من الاخفاق السياسي لا يمكن له ان يحجب ببعض التنظيمات المسلحة او التحشيد الاعلامي او ادارة المعارك من خلال مقاطع اليوتيوب..فاكثر من القدرة الطبيعية على التحمل هو ذلك التسلسل المنهك من الضربات الموجعة التي تلقاها الجهد الدبلوماسي والاستخباري السعودي في فترة قياسية بددت كل تلك الثقة والاريحية التي كانت تبدو على اقطاب الحكم السعودي وهم يرسمون الخطوط الملونة على طول وعرض وامن شعوب المنطقة. خيارات مفصلية ومفترق طرق صعب ذلك الذي تقف امامه القيادة السعودية حائرة ما بين الاستمرار في سياسة قد تكون اندفعت بها اكثر بكثير مما ينبغي.. وبين اختبار معايشة الهلع الناجم عن المخاطرة في الانكماش الى موقعها الطبيعي كدولة اقليمية تحصر طموحاتها ضمن حدودها ومشاكلها الداخلية..خصوصا في مثل هذه الظروف والمعطيات العاصفة شديدة التباين مع طموحاتها والابعد ما تكون عن المثالية لتمرير اطروحاتها ومتبنياتها السياسية والفكرية والدينية..وفي ذلك المحيط الذي يموج بشعارات التغيير التي لا يمكن الرهان على عدم وصولها لاذيال الحكم الورقي القلق سريع الاشتعال.. فقد يكون التدخل العسكري السعودي في البحرين وتمكنه السريع من تطويق الانتفاضة الشعبية ونجاحه النسبي في التعمية الاعلامية الضخمة على اهدافها وشعاراتها الوطنية, وتمكنه من تحجيم الدور القطري في المشهد السوري, سببا منطقيا ومبررا كافيا –في وقت ما-لمداعبة امال الحكم السعودي في احتلال الموقع القيادي الذي كان للرئيس عبد الناصر في مرحلة الستينيات والذي يعد المطمح التقليدي للعديد من القادة العرب الذين تناوبوا على استعارته في ممارسات تباينت ما بين النجاح النسبي او الاكتفاء بقيادة الركب عن طريق وسائل الاعلام الرسمي ..ولن نجانب الصواب كثيرا لو اضفنا عوامل غياب الدور المصري وتغييب الدور العراقي كدافع رئيسي قد يدفع الرياض للتغاضي عن بعض نقاط الضعف والخلل في مثل هذا الطموح الذي يتمثل في غض النظر المرضي عن صعوبة قيام الحكم السعودي..او اي حكم عائلي ديكتاتوري مستبد آخر..بهذا الدور وسط تداعيات المرحلة التي استلم فيها "الكبار"زمام التسويات التي قد لا تتفق تماما مع ايديولوجيات الحكم المطلق ومتبنياته الفلسفية..ومع رسوخ الانطباع الشعبي العربي السائد عن المملكة بانها مركز الرجعية والاستبداد والتسلط والتبعية التامة للغرب وهو ما لم تستطع كل الارقام الفلكية التي رصدت لتمويل المشاريع الاعلامية العملاقة ومؤسسات العلاقات العامة ان تبدله او ان تخفف منه على الاقل.. كما ان طبيعة النظام وتحالفه المصيري مع المؤسسة الدينية التقليدية..قد يكون مما يثير المخاوف لدى الدول الراغبة في الانضواء تحت راية الحكم السعودي من التوسع الديني المتطرف المصاحب تقليديا للتمدد السعودي والمتمثل بدعم التيار السلفي في هذه البلدان وتمويل المدارس الدينية الحاضنة للفكر الاحادي المنغلق والمتقاطع مع الحراك الثقافي والانفتاح الفكري والحريات الفردية السائدة في الدول الاخرى..تلك الدول التي تتحصل على بعض الممارسات الاجتماعية والسياسية تتفوق بكثير على الجرف الهار الذي تقبع به مسألة الحقوق والحريات في المملكة.. ولكل هذا ..وقد يكون للكثير من غيره ايضا..نجرؤ ان نقول ان تحالفات الحفاظ على العروش قد لا تكون سببا كافيا للعديد من الكيانات للاندفاع مع الحكم السعودي في مخططاته الغرائبية المحكومة بالفشل المسبق بسبب بنائها على قراءات مغرقة خاطئة وعوراء للمتغيرات السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة..ونجرؤ ايضا ان نتوقع سقوطا سريعا لهذه القيادة التي يؤخر انهيارها لبعض الوقت عامل التطفل الاقتصادي الذي من المنتظر ان يغري بعض البلدان والتنظيمات لابقاء الباب مواربا امام الطموحات السعودية.. وهذا الفشل المتوقع ..وعلى الرغم من انه لن يكون كافيا لحرف المملكة عن سياساتها المناهضة لحرية الشعوب والعدائية تجاه الديمقراطيات الناشئة في المنطقة..الا انه قد يعيدها مضطرة الى مربعها الاول والتقليدي والساعي الى ترتيب تحالف العوائل الخليجية الحاكمة ازاء التحديات القائمة والمستقبلية.. وبين هذا وذاك ستظل المنطقة مضطرة لمكابدة نار التعايش الصعب مع التأرجح مابين اليقين الكامل بانتصار الارادة الشعبية في فرض خطابها الثوري الرافض للاستبداد والديكتاتورية والساعي الى بناء الدولة المدنية الحديثة..وبين مخاطر تغول الثورة المضادة وتوسيع التحالفات القائمة او تطويرها تجاه التصدي لآمال الشعوب في التغيير..وهو الامر الذي ما زال الزمن يظهر منه بعض الاشارات وما زال يبطن منها الكثير..
#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشعوب تكتب ايامها
-
الارهاب والسيادة الوطنية..ابو انس نموذجاً
-
الاعتذار لا يستحقه الا الاقوياء
-
تقارب معلن ومخاوف مخفية
-
توثيق مهمل..ذاكرة زائفة
-
حوادث لا نحب ان نتذكرها
-
الشعب ضد قوى الاسلام السياسي
-
حرب الميادين..فتنة في الافق
-
انقلاب..ام تصحيح
-
واقع جديد ..اي واقع؟؟
-
مصر في عين العاصفة
-
بين اردوغان وتقسيم
-
الى اين نحن ذاهبون ؟
-
ما زال هناك وقت للحوار
-
جريدة التآخي..عقود من الحب
-
فتنة مفتحة العيون
-
حرب الروايات
-
ما بعد المسائلة والعدالة
-
قطري حبيبي
-
هيمنة ..أم تأهيل
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|