أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - لا مكان لك عندنا !!!















المزيد.....

لا مكان لك عندنا !!!


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 4331 - 2014 / 1 / 10 - 12:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في ليلة مُظلمة حَالِكة السَوَادْ كان الجُندي الشاب يقف في كُشك الحِراسة أمام إحدي الثكنات العسكرية، وفجأة سمع صوت حوافر حصان تَدُقْ الأرض بعُنف لِتُعلِن عن وصول القائد العسكري.
هَبَ الجُندي الشاب وجري مُسرعاً وقدم التحية العسكرية للقائد، وظل واقفاً مِثل تِمثال مِن الرخام إلى أن صرخ فيه القائد قائلاً: "ما هو الجيد في تحية في ليلة مُظلمة !" إفتح البوابة لكي أستطيع أن أدخُل!

أليس هذا درساً لنا .. في إحتفالات عيد ميلاده! ماذا نُقدم له وكيف نُكرِمُه، ما لم نسمح له بالدخول إلي قلوبنا!

منذ 2014 سنه حدث الآتي، فتاة صغيرة جميلة طاهرة ونقية مِثل النِسمه، كانت بِمُفردها بعيداً عن عائلتها وأصدقائها مع رجُلها الفقير. ذهبا إلي الخان (فندق صغير) ليجدا لهُما حُجرة بالفندق لإن ساعة المخاض قَرُبتْ، ولكن للأسف لا مكان لهما بالفندق!
حاولوا أن يجدوا لهُما مكاناً آخر ولكن كُل حُجرات الفُندق مشغوله! لا يوجد مكان لهُما سوي المكان الذي يحتفظون فيه بالحيوانات الخاصه بالنزلاء حيث أن وسيلة المواصلات المُستخدمة في ذات الوقت هي الدواب! أخيراً وجدا لهُما مكاناً في الإسطبل!

وضعت مريم طِفلها، وبالرغم مِنْ مكانة وجلالة إبنها إلا أنها قَمَطتهُ بِقطعة قماش ووضعتهُ في مزود بالإسطبل بدلاً مِنْ أن تُلبسه ثياباً مُلوكيه وتضعهُ في المهد كما يفعلون بالنسبةِ لأي طفل.
أول لحظة جاء فيها يسوع إلى مملكتهِ كانت لحظة غير مُريحة وغير مُمتِعة بالمره، فالقذارة والروائح الكريهة وبرودة المكان وصوت الحيوانات كانت كُلها في إنتظارهِ!
ليس لك مكان عِندنا! قالها الإنسان، ولم يستقبل خالقه .. الحيوانات كانوا أول مَنْ رَحبَوا بِخالقْ الكون وخالِقهُمْ!
ليس هُناك ملوك أو نُبلاء في إنتظار ملك الملوكِ ليحتفِلوا بِقدومهِ .. الحيوانات كُل مِنهُم قدم التحية للطفل بطريقته!
ليس هُناك ملائكة يسبحونهُ كما ظهروا فيما بعد لِلرُعاة .. الحيوانات كُل مِنهُم يُسبِحهُ بصوته المُميز!
ليس هُناك موسيقى أرضيه ولا أبواق سماويه تحتفل بالمولود الإلهي .. الحيوانات إلتفوا حول المزود كجوقة العازفين كل منهم يؤدي دوره!
وأيضاً ليس هُناك صوت مِن السماء يُعلن ميلاد إبن الله!

الميلاد المُتواضع ليسوع كان مُناسِباً تماماً لِلمُهمةِ التى جاء خِصيصاً مِنْ أجلها. جاء لكي يأخُذ جسدنا الأرضي ويصير مثل العبد ويموت بدلاً مِنْ كل البشريه، مِنْ أجلي ومِنْ أجلك لأننا جميعاً خُطاه بائسين.

ليس لك مكان عِندنا! لا نقولها باللسان بل بالفعل!

ليس لك مكان عِندنا! أنت تعلم يارب إننا نُحِبك وانك في قلوبنا وأفكارنا، ولكنك تعلم أيضاً أن الحياة صعبة وأكل العيش مُرْ. الدنيا وآخدانا نستيقظ لكي نُسرِعْ لأعمالنا وأشغالنا ونرجع لكي نذاكر للأولاد ونأكل وننام بِسُرعه لكي نستيقظ باكراً لنلحق ميعاد الشغل أو الدراسة.
كُلنا نلهث وراء أعمالنا، نحن ندور ونلف في دائرة الوظائف والبحث عن لُقمة العيش .. شئ طبيعي والذي يعمل غير ذلك لا يستطيع أن يعيش. يارب حينما خلقت آدم وبعد أن سقط هو وزوجته بعدم طاعتك، أنت بِذاتك قُلت له ولنا، بعرق جبينك تأكُل خُبزك. في إعتقادنا يارب أنك تتفق معنا وموافق على أن نسعي وراء لقمة العيش! أنا ليس لدي مانع، ولكن أين مكاني عِندكُم؟

ليس لك مكان عِندنا! سامِحنا يارب، لا نستطيع أن نأخُذك معنا في حفلاتنا وإحتفالاتنا. إنت تعلم أننا نعيش في وسط العالم، ولابد من أن نعمل كما العالم أيضاً، بمعني أن نُجاري العالم! نلبس ونأكل ونشرب ونرقص ونضحك ونُجاري الجو وإلا سيقولون عنا أننا "مِتدروشين!!!" ويسخروا منا ويبعدوا عنا.
أنت تعلم أننا نُحبك ولكن لا نستطيع أن نأخُذك معنا، لأنه ليس لك مكان في هذه الأماكن! أنا لستُ إلهاً كئيباً بل بالعكس أنا خلقتكم لتستمتعوا بالحياة وتبتهجوا وتفرحوا. نحنُ سُعداء بأن نسمع ذلك مِنك يارب، وأنك لستُ مُعترضاً على أن نفرح ونبتهج ونحتفل! ومعني ذلك أنك موافق على حفلاتنا وإحتفالاتنا وأحاديثنا! أنا ليس لدي مانع، ولكن أين مكاني عِندكم؟

ليس لك مكان عندنا! نحنُ نُعِد ونَعمَل وعظات وإجتماعات لكي نوصل رسالتك للناس، نُكلِمهُم عنك ونُعرفهم مَنْ أنت، ونوصل لهم كلامك المُحيي، ولكن تعرف يارب النتيجة إيه؟ العالم أخذ الناس وركِزْ أبصارهُم وأفكارهُم وسلوكياتهم على كل ما هو دُنيوي! الناس بيهربوا، ليسوا راغبين في الوعظ والشرح والكلام عنك! سامحنا يارب الناس أصبح عندهم أولويات أهم!
الناس عايزين إللي يُكلمهُم عن الأزياء والصيحات العالميه، إللي يُكلمهُم عن فضايح وأسرار الناس، إللي يعرض عليهم أحدث الأفلام، إللي يحل لهم مشاكل الطلاق والزواج والأولاد، إللي يُكلِمهُم عن الحب والجنس والعلاقات الغير سويه والشذوذ الجنسي والتنبؤ وقراءة الطالع وماشابه ذلك مِنْ الأحاديث والمؤتمرات والبرامج المرئية والغير مرئية!
أنا مُتفهِمْ كل الإحتياجات البشريه والرغبات النفسيه والمشاكل التي يمُر بها الناس وليس لدي أي مانع في أن تتكلموا في كل ما يُريده الناس لإن هذه هيّ الحياة. هل أنتَ لستُ غاضباً لأننا أحياناً لا نستطيع الكلام عنك صراحة في وعظاتنا؟ إتكلموا في كل أمور الحياة، ولكن أين مكاني عِندكم؟

ليس لك مكان عندنا! نحنُ نهتم بك يارب وخصوصاً في الكنيسة، نحضر مُعظم الخدمات الكنسيه وخاصة يوم الأحد، ومُعظمنا حافظين الألحان وفي نفس الوقت نعتبِر تواجُدنا في الكنيسة نوع مِنْ مُمارسة العبادة والعلاقة الحميمة معك ومع الآخرين. بالتأكيد أنت مبسوط يارب مِنْ شعبك وفرحان لأننا مواظبين على الذهاب إلي الكنيسة!

في يوم ما قررتُ أن أحضر مَعكُم في الكنيسة ليلة العيد، ولكي تكون مُفاجأة لكُم تنكرتُ في زي رجُل فقير، فأرتديت ملابس رثة وجعلت شعري مُشعثاً ودخلت كنيستي!
وجدتُ الكنيسة مُبهِره، تخطف الأنظار مِنْ روعة الزينات والأضواء والتنظيم والترتيب، ووجدتكُم أنتُم أحبائي تملأون كل مكان في الكنيسةُ وكُل واحِد مِنكُم حرص على أن يكون مُتأنِقاً مُتألِقاً في أبهي صورة تليق بيوم العيد.
دخلتُ كنيستي أنظُر يميناً ويساراً لعلي أجد مكاناً أجلس فيه فوجدت الوجوه تنظُر لي بعدم ترحيب وترفض بدون أن أسأل في أن يفسحوا لي مكاناً!
نظرتُ مِنْ بعيد على أول الكنيسة فوجدتُ الكاهن واقفاً يعظكُم. رجعت بي الذاكرة إلي أيام فترة خِدمتي على الأرض عندما كُنتُ أعظ الجُموع، فأشتقت أن أقف وسطكُم وأُكلِمكُم، وتقدمت بضع خطوات واقتربت مِنْ الكاهن أستسمحه في أن أُكلِمكُم. إمتعض الكاهن ونظر للأرشيدياكون الذي بدوره حاول أن يبعدني عن دائرة الكاهن.
بدأتُ أتراجع للخلف وكل دِكه تُسلمني للدِكة التي بعدها لغاية ما وصلت باب خروج الكنيسة، حزنت بداخلي وتذكرت كلامي ليس لإبن الإنسان أين يسند رأسه!
ولكن مِنْ محبتي لكُم أردتُ أن أترُك لكُم سلامي فرفعت يدي أُبارككُم، فَلَمحَ الكاهن ثُقب يدي فعرفني وأراد أن يجري خلفي ليُدخلني الكنيسة ولكنني إختفيت وقلبي يعتصر ألماً لأنني وجدت أنه ليس لي مكان حتي داخل كنيستي ووسط شعبي!

أخشى أن يكون مازال للآن ليس ليسوع مكاناً في منازلنا وأعمالنا وأحاديثنا وحفلاتنا ووعظاتنا وكنائسنا.
إفتح بوابة قلبك لكي يستطيع أن يدخُل مُفرِح القُلوب وواهِبْ العطايا وغَافِرْ الخطايا ومُخلِصْ النُفُوس ليستبدل الظلام الذي بداخلك إلى نور فتري الطريق والحق والحياة واضِحاًً في حياتك.



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلب لحم
- اعطيني حبة بطاطس
- يا سيسي .. فاض الكيل !!!
- رفِعَتْ الجلسة !!!
- إحسبوه فرح!
- الذبح الحلال
- السيسي معبود الجماهير
- برهامي والأنبا والطيب
- بكَيت حُزناً و فرحاً
- دين الدولة!
- أَنا لست قديسة!
- قالها السيسي: مصر لن تركع !!!
- بيلعبوا دور ربنا !!!
- سلم من سبع درجات
- أنا بحلم !!!
- لا مُصالحة مع الإرهاب!
- مَنْ هُوّ الله حتى أُطيعه؟ (04) إثبات وجود الله - 2
- النبي المُنتظر
- سر أوباما
- ملحمة الإنتصار


المزيد.....




- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...
- قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ليديا يؤانس - لا مكان لك عندنا !!!