أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد الكحل - الإنسان العربي أبعد ما يكون عن الحوار والتسامح والتحالف















المزيد.....

الإنسان العربي أبعد ما يكون عن الحوار والتسامح والتحالف


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 1232 - 2005 / 6 / 18 - 10:04
المحور: العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
    


ليسمح لي قراء مقالتي هذه على غلظتي وفظاظتي التي لم أجد في واقعنا السياسي والاجتماعي ولا حتى الثقافي ، ما يهشّمهما . بل كل الذي نعاني منه داخل مجتمعاتنا وأحزابنا هو التنافر والتنابز والسعي للإيقاع بالآخر ، ليس الغريب الأجنبي والدخيل على التنظيم أو المجتمع ، بل الآخر هو القريب والعضو في التنظيم أو المجتمع . حتى بات عدونا هو الأقرب إلينا ، سواء فكريا أو أيديولوجيا أو إثنيا الخ . ولا أعتقد أن هذه الحالة ينفرد بها المجتمع العراقي ، وإنما هي حالة عامة صاغها الضمير الشعبي في المثل الذائع ( اتفق العرب على ألا يتفقوا ) . أعرف أنه جلد للذات أكثر مما هو نقد . وأعرف كذلك أن دعوات كثيرة أُطلقت عندنا في المغرب ، كبقية البلدان العربية ، من أجل التكتل ووقف التشرذم ، لكنها ظلت بدون صدى ، فزاد التشرذم وعمّ الانشقاق . فالإنسان العربي متشبع بثقافة لا تسمح له بالانفتاح على الآخر وقبول الاختلاف . أي ثقافة لا تؤسس لقيم التسامح التي هي أساس كل حوار وتحالف . فالتسامح ، من حيث هو موقف ، يقتضي تقبل طريقة الآخر في التفكير أو التصرف بشكل مختلف عن الأنا . ومن حيث هو قيمة أخلاقية يحمل الأنا على احترام حرية الآخر الدينية والسياسية والفكرية وغيرها . أما من حيث كونه قناعة فكرية فيستلزم ليس فقط الإقرار للآخر بحق الاختلاف مع الأنا في الرأي أو الموقف والتعبير عنهما ، بل يتعداه إلى ضمان هذا الحق والعمل على احترامه وإن تطلب ذلك التضحية من أجله . فالتضحية ، في هذه الحالة ، تكون من أجل المبدأ ، مبدأ احترام حق الآخر في الاختلاف والدفاع عنه . وهذا المبدأ / القيمة صاغه بدقة وسماحة "فولتير" في عبارته الشهيرة ( مهما اختلفت معك فإني سأدافع عن حقك في التعبير إلى آخر رمق في حياتي ) . بذلك يكون التسامح قيمة أخلاقية سامية يتجرد الأنا بفضلها من أنانيته وتمركزه على الذات لتتسع كينونته فتشمل الآخر ، من حيث هو بُعد من أبعاد الذات الواعية وامتداد لها . إنه شعور يسمو بالأنا ويفتح أمامه كل الآفاق والعوالم ، فيجعله يعيش الانسجام مع الذات ومع الغير . إن التسامح ، بهذا المعنى ، لا يجد في ثقافتنا العامية أو العالِمة ما يغذيه ويُشيعه . ذلك أن بيئاتنا الاجتماعية ، على مر العصور ، لم تجعل من هذا المفهوم قيمة أخلاقية وفكرية تتأسس عليه الثقافة العربية وتستبطنه الشخصية بفعل التنشئة الاجتماعية . لهذا انحصر مفهوم التسامح في اللين والجود : سمح سماحة أي صار من أهل الجود . وسامحه في الأمر ساهله ، لاينه ، أصفع عنه . ففي لسان العرب نجد ( سمح : السماح والسماحة الجود .. وسمح كَكَرم معناه : صار من أهل السماحة .. الإسماح : لغة في السماح ، يقال : سمح وأسمح إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء . وقيل : إنما يُقال في السخاء سَمَحَ ، وأما أسْمحَ فإنما يقال في المتابعة والانقياد .. والمسامحة : المُساهلة . وتقول العرب : عليك بالحق فإن فيه لمَسْمَحا ، أي متسعا ) . إذن التسامح لا يأخذ معنى الإقرار بحق الاختلاف ، لأن الإقرار بحق الآخر لا يقتضي أبدا الحديث عن الصفح والجود . ذلك أن الصفح والجود هما قيمتان نبيلتان تستمدان أهميتهما من ثني الأنا عن الانتقام أو معاقبة الآخر متى انتهك حقا ليس من حقوقه . إن الصفح والجود يتعلقان باستعداد الأنا للتنازل عن حق من حقوقه ( حق الانتفاع في حالة الجود ، وحق القصاص في حالة الصفح ) . وفي كلتا الحالتين يظل الأنا هو المركز ومحور العملية . بينما يكون الآخر تابعا وهامشيا ومنفعلا . أما في حالة التسامح فإن الغير لا يخضع للتمييز بين التابع والمتبوع أو الفاضل والمفضول . بل الغير والأنا ندّان في الحقوق والكرامة . وإذا كان الجود والصفح تكريسا لسلطة الذات ووجودها الفاعل والمؤثر في الآخر عبر الجود بتلبية حاجة لديه ، أو عبر الصفح برفع عقوبة عنه ، فإن التسامح إقرار بحالة التساوي بين الأنا وبين الآخر ، بحيث تتخلى الذات عن مركزيتها وتؤمن بالندية والمساواة في التمتع بنفس الحقوق . من هنا فإن التسامح يقتضي ذاتا منفتحة على الآخرين في تنوع أفكارهم واختلاف مواقفهم وتعدد معتقداتهم .وحتى يتأتى لها ذلك ، تكون مطالَبَة بالتمتع بقدر من الوعي في الذات يرقى بها إلى مستوى تمّحي فيه درجات التفاضل بين الأفكار أو المعتقدات ، كما يختفي فيه الشعور بالتسامي العقائدي أو التفوق الحضاري . حينها تتساوى الذات بالآخرين في الشعور بالانتماء إلى هذه المجموعة الإنسانية ـ التي هي شعب العراق ـ بما فيها من تنوع عرقي ولغوي وعقائدي ، وكذا الانتماء إلى هذا الوطن وإرثه الحضاري . أكيد لو كان هذا الشعور سائدا لدى التيارات الفكرية والأحزاب السياسية ، لقوي عندها الشعور بالخوف على مستقبل العراق . لأن هذا المستقبل هو مستقبل الجميع ، كانوا يساريين أو ليبراليين ، إسلاميين أو علمانيين . وأنا إذ أجيب على أسئلة موقع الحوار المتمدن بهذه الصيغة الفظة ، أستحضر ما نعيشه في المغرب من مفارقة فظيعة يتخبط فيها اليساريون أساسا والديمقراطيون عموما . إذ كما يعلم القراء الكرام ، أن شيوخ السلفية الجهادية وكل الذين اعتقلوا على خلفية الأحداث الإرهابية التي هزت مدينة الدار البيضاء ، خاضوا إضرابا عن الطعام لإرغام الدولة على إطلاق سراحهم رغم ثبوت تورطهم في الأحداث الإرهابية إ إما مباشرة أو عن طريق الإفتاء والتحريض والتكفير . هؤلاء المتطرفون لم يجدوا غير اليساريين في الدفاع عنهم ، لدرجة جعلها اليساريون قضيتهم المركزية ، وأخرجوا المتطرفين والإرهابيين من خانة القتلة والمجرمين إلى خانة معتقلي " الرأي والعقيدة" . في حين لما يتعلق الأمر بالعمل الحزبي أو الجمعوي داخل نفس الهيأة ، نجد اليساريين أشد عداء لبعضهم البعض خاصة لما يتعلق الأمر بالانتخابات الداخلية . وليس غريبا مثلا أن نجد حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي يتخذ من غير اليساريين حلفاء له ، ويخوض معهم تجارب تنسيقية وتحالفات ، في الوقت الذي يرفض حتى استشارة حلفائه اليساريين الذين أسسوا معا " الكتلة الديمقراطية" . إذا كنا في المغرب نفتقر إلى ميولات التحالف ، ونحن خارج ضغوط الحرب والعدوان، فكيف سيكون عليه حال العراقيين إذن ؟ هذا هو مزاج الإنسان العربي ، وتلك هي ثقافته . وليس غريبا أن نجد القرآن الكريم وسنة الرسول (ص) يحثان الإنسان العربي على طلب الحكمة والمعرفة من أي كان . واليوم نحن بحاجة إلى طلب الحكمة من الهند حيث نجد رئيسا مسلما على غالبية هندوسية . وهذه بحد ذاتها تعتبر من ثامن المستحيلات في البلاد العربية . أنظروا إلى المسخ السياسي مثلا في كردستان العراق حيث يُمنع رفع العلم العراقي رغم أن رئيس العراق من إقليم كردستان . عموما يمكن القول إن العائق في وجه التحالف بين القوى السياسية العراقية هو نفسه العائق في باقي البلدان العربية . إذ حين الانتماء إلى حزب سياسي ما تعطى للمنتمين ثقافة طائفية ، أي تجعلهم يشعرون بالانتماء إلى طائفة هي في حالة عداء وتنافر مع غيرها . ومن ثم يتكون الجفاء والتنافر بين أتباع التنظيمات الحزبية والجمعوية . ومتى تم الحديث عن التحالف إلا وتمسك كل زعيم حزب بالزعامة ، مما يجعل المصلحة الخاصة فوق كل اعتبار . من هنا لن أخادع نفسي ولا غيري ولا أوهمهم أن المقالات تصنع التحالف ، بل يصنعه الوعي الموضوعي . لكن للأسف هذا الوعي الموضوعي نفتقر إليه جميعا ، أفرادا وتنظيمات وحكومات وساسة . إنها الحقيقة التي تجرح لكنها لا تقتل .
www.said.ca.cx

******************************************************
دعوة للمشاركة في الحوار حول العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=39349



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سيتحول المغرب إلى مطرح للنفايات الوهابية ؟
- نادية ياسين لم تفعل غير الجهر بما خطه الوالد المرشد
- المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 2
- المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 1
- خلفيات إضراب معتقلي السلفية الجهادية عن الطعام
- معتقلو السلفية الجهادية من تكفير منظمات حقوق الإنسان إلى الا ...
- المجتمعات العربية وظاهرة الاغتيال الثقافي
- الأزمة السياسية في إيران تؤكد أن الديمقراطية لا تكون إلا كون ...
- عبد الكبير العلوي المدغري والشرخ الغائر بين الروائي المتحرر ...
- الإرهاب يتقوى وخطره يزداد
- منتدى المستقبل- أو الغريب الذي تحالف ضده أبناء العم
- العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة 2
- العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة -1
- الإرهاب إن لم يكن له وطن فله دين
- هل أدركت السعودية أن وضعية المرأة تحكمها الأعراف والتقاليد و ...
- عمر خالد وخلفيات الانتقال بالمرأة من صانعة الفتنة إلى صانعة ...
- هل السعودية جادة في أن تصير مقبرة للإرهابيين بعد أن كانت حاض ...
- ليس في الإسلام ما يحرم على المرأة إمامة المصلين رجالا ونساء
- العلمانية في الوطن العربي
- حزب العدالة والتنمية المغربي مواقفه وقناعاته تناقض شعاراته


المزيد.....




- حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع ...
- صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
- بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
- فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح ...
- الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
- الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان ...
- مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
- مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
- الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»


المزيد.....

- مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة / عبد الرحمان النوضة
- الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية ... / وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
- عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ ... / محمد الحنفي
- الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية / مصطفى الدروبي
- جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني ... / محمد الخويلدي
- اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956 / خميس بن محمد عرفاوي
- من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963.......... / كريم الزكي
- مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة- / حسان خالد شاتيلا
- التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية / فلاح علي
- الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى ... / حسان عاكف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية - سعيد الكحل - الإنسان العربي أبعد ما يكون عن الحوار والتسامح والتحالف