نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 11:15
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
دراما المشاعر – اللاوعي و ندوب نفسية
أحيانا ً كثيرة نعتقد أننا نسيطر على أنفسنا سيطرة تامة و نعلم كل ما يجول فينا و نستطيع أن نصف بتفصيل ٍ دقيق الأسباب الدافعة لسلوكياتنا اليومية و توجهاتنا و رؤيتنا للحاضر و خططنا للمستقبل. و في كثير من الأحيان نعيش أيضا ً قناعة ً تعطينا الإحساس بأن الماضي قد انتهى و أننا نعيش فقط الحاضر.
بعض الحوادث البسيطة تنبهنا إلى أن المشاعر التي على السطح هي جزء بسيط ٌ من مشاعر أخرى مُختبئة في مخزون اللاوعي و تنتظر ُ أن تخرج، مشاعر ربما كبتناها قصدا ً أو كآلية دفاعية لأن الحوادث كانت غير متوقعة أو بزخم ٍ كبير أو كليهما، هذا المشاعر التي لا بد و أن تظهر فجأة و بدون مقدمات في موقف ٍ لا علاقة له بالحدث الأصلي بتاتا ً.
من بعض هذه المشاعر ما حدث معي هذا الأسبوع. خرجت ُ وقت الغذاء لشراء ساندويشي شاورما، وقفت ُ أمام كاونتر الكاش و طلبت ُ الساندويشين، و دفعت ُ لموظف الكاش خمسة دنانير ورقة ً واحدة وضعها في الصندوق ثم أخرج إلي الباقي و قال: "الله يعوض عليك"، قالها بصوت جدي أكثر من اللازم و كانت نبرته الخشنة الحزينة الصادرة من وجه ٍ أسمر بشارب كثيف لرجل ٍ في منتصف العمر كفيلة ً بأن تستحضر داخلي و بدون مقدمات حزنا ً غريبا ً جعلني أحس ُّ في لحظتها أنني فقدت ُ شيئا ً أو شخصا ً لا أعلم ما هو أو من هو، و أن هذا الرجل يعزيني في ما أو من فقدت. شعور ٌ غريب حل َّ علي بدون توقع في لحظة استلام شاندويشي شاورما، ظل معي حتى و أنا في داخل السيارة أتناول طعامي.
فكرت ما عسى ذاك الحزن أن يكون، تُرى ما هو ذاك الذي فقدته، من هو ذاك الذي فقدته، و لم لا أستطيع أن أنساه إلا وعيا ً بينما يتشبث ُ به اللاوعي بقوة مُنذرا ً أن المسألة َ لم تنتهي لكنها ما زالت عالقة. أفكار ٌ كثيرة ضربت بعضها في رأسي، و استعرضت ُ في دقائق عشرات ٍ من خيبات ِ الأمل التي كنت ُ أظن ُّ أني نسيُتها، و العشرات من مواقف الحزن ِ ، و مثلها من مواقف موت ِ الأحبَّة، و اكتشفت أنني صديق الموت ِ منذ طفولتي، و أن الفواجع تتالت في كثيرين من أحبتي أمامي و أنا شاهد ٌ عليهم جميعا ً.
هذا الاكتشاف أعطاني فيما بعد راحة َ الكشف و طمأنينة الاكتشاف، و أعتقد أنني قادر ٌ الآن على أن أُعيد حساباتي و انظر للوراء، و أستدعي المواقف تباعا ً حتى أتصالح مع تلك العالقة، و أؤكد تلك المنتهية، و أُكمل حياتي بسلام. سأتصالح مع نفسي، هذا قراري، و أعلم أن هذا لن يكون سهلا ً و لا سريعا ً لكنه حتمي.
هل تصالحتم مع أنفسكم؟
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟