أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي بشار بكر اغوان - الفوضى الخلاقة و أثرها على التوازن الاستراتيجي العالمي (رؤية في إشكالية عنونة المستقبل)















المزيد.....


الفوضى الخلاقة و أثرها على التوازن الاستراتيجي العالمي (رؤية في إشكالية عنونة المستقبل)


علي بشار بكر اغوان

الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 03:35
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


تروج الولايات المتحدة الأمريكية الى فكرة مفادها أن العالم سوف يشهد نوعاً من أنواع الفوضى العارمة إذا ما انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية بشكل مفاجئ من أداء دورها في القيادة العالمية ، سيما أنها لمراحل طويلة كانت لوحدها تمثل الشرطي العالمي الى أن وصلت مرحلة لم تعد قادرة على احتواء التحديات العالمية الكبرى ، هذا الامر يدعو الولايات المتحدة و كل من يريد ان يكون فاعلاً رئيساً في طبيعة التوازنات الاستراتيجية الجديدة على المستوى الدولي (الدول) و على المستوى العالمي ( دول و منظمات و شركات عابرة للحدود) ، فقد بزغت في العقد الأول من القرن الحادي و العشرين تحديات جديدة على مستوى العالم ، لم تستطع الولايات المتحدة استيعابها و احتوائها لوحدها ، الامر الذي ارغم الفكر الاستراتيجي الامريكي على البحث و التقصي عن مخارج و مالأت جديدة تبقي الولايات المتحدة الأمريكية أطول مدة ممكنة تتربع على عرش الهرمية الدولية بصورة عنوانها الهيمنة أو بصورة اخرى اقل من الاولى و عنوانها الشراكة تحت القيادة الأمريكية الجديدة ، فأشركت بعض حلفائها ومنافسيها (بصفة طوعية كأوربا وبصفة إلزامية كالصين) في إدارة الشؤون الدولية ، الامر الذي جعل شكل التوازن الاستراتيجي العالمي يحتاج الى نمذجة و عنونه جديدة تختلف عن مرحلة الهيمنة الصلبة التي لم تدم الا سنوات قليلة بعد تفكك الاتحاد السوفيتي مباشرة حتى عام 2005 و بداية الاندحار الأمريكي في العراق و أفغانستان ، وعلى ذلك تكمن تفاصيل الفوضى الخلاقة و اثرها على التوازن الاستراتيجي العالمي و مفاعيله في أن الولايات المتحدة تدعي بأنها الدولة الحاملة لميزان القوى الاستراتيجي العالمي وان جميع اللاعبين الدوليين ينضوون تحت القيادة الأمريكية ، وإذا ما حدث خلل في ذلك فان البيئة الإستراتيجية العالمية ستئول الى نوع من الفوضى التي سوف تشهد بعد ذلك انبثاق نظام دولي جديد يختلف في طبيعة تحالفاته و تعاملاته ما بين الدول العظمى والكبرى والمتوسطة والصغرى (1).
فالعالم الآن يدخل عصر جديد وهو عصر موت الإيديولوجيات العالمية وعدم وجود أنموذجين أو ثلاثة من الإيديولوجيات تتفاعل فيما بينها لكي تخلق الإبداع والتفوق والتنافس للوصول الى الأفضل كما كانت عليه الحالة في مرحلة الحرب الباردة ، وما أدت إليه تفاعلات الأيديولوجية الشيوعية والأيديولوجية الرأسمالية من تطورات يمكن ان يقال فيها أنها شبه إجبارية لكل من القطبين العالميين لكي لا يحدث خلل كبير في طبيعة قوة الدوليتين(2) ، على هذا النحو ، يتسع إطار تأثير الفوضى الخلاقة على التوازن الاستراتيجي العالمي عبر ما استطاعت الولايات المتحدة من تحقيقه في بيئة الشرق الأوسط الإستراتيجية و التي تعد ركيزة أساسية بالإضافة الى أقاليم ومناطق أخرى مثل إقليم وراسيا و الصين على سبيل المثال الدولة الأكثر خطراً على مكانة الولايات المتحدة المستقبلية ، و التي تؤثر في تشكيل معالم و ملامح التوازن الاستراتيجي العالمي ، فعبر أنموذج الفوضى الخلاقة الذي من المحتمل و بشكل كبير ان يطبق في أقاليم أخرى على النطاق العالمي من قبل الولايات المتحدة و هذا الأمر يعتمد وبشكل كبير على تجربتي العراق أولاً ومن ثم تجربة الشرق الأوسط غير المكتملة لحد الآن ثانياً ، لذا أن مستقبل استمرار توظيف هذه الفكرة يعتمد بالدرجة الأساس على طبيعة الفعل الاستراتيجي الأمريكي على النطاق الشرق أوسطي ،إذ أن منطق الإستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الأحداث محلياً أو إقليميا أو دوليا أو عالمياً ، يبنى على تجارب سابقة للولايات المتحدة في منطقة أخرى أو في نفس المنطقة أو لتجارب قوى أخرى، فتكتيك الفوضى الخلاقة على النطاق العالمي هو فكرة جزء منها قريب لفكرة(فرق تسد) التي كانت تتبعها الإمبراطورية البريطانية لمرحلة من مراحل وهيمنتها على الشرق الأوسط(3) ،و من المحتمل أن تطبق الولايات المتحدة تكتيك الفوضى الخلاقة على النطاق العالمي لأسباب عديدة أهمها هو توسيع رقعة الصراع وانتقالها من الشرق الأوسط الى العالم بشكل عام، فالفوضى الخلاقة سوف تكون إحدى آليات التعامل الأمريكي الدولي مع القوى الدولية الصاعدة التي تهدد مكانة الولايات المتحدة لاسيما أن الولايات المتحدة تعاني من أزمة تقدم ونمو(ليس تراجع) مقابل تسارع نمو وتقدم مكانة الدول الصاعدة كالصين وروسيا والاتحاد الأوربي والهند (4).
ونقلاً عن صحيفة الديلي سكيب ، يحلل المفكر الاستراتيجي الأمريكي و وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر الأوضاع في الشرق الأوسط بعد موجات التغيير العربية ، ويقول (إن إشاعة الفوضى الخلاقة على نطاق واسع وعالمي يمثل المرحلة الثانية من الإستراتيجية العالمية التي تحولت إلى خطة يتم الشروع في تنفيذها الان على أرض الواقع في الشرق الأوسط ،وهذا الامر يمهد الى اعدة تشكيل التوازن الاستراتيجي العالمي و هيكلة فواعل والقوى الدولية لذاتيتها و مقدراتها عبر عنونه نفسها على قدر قدرتها و قوتها ، وإذا كانت المرحلة الأولى من هذه الإستراتيجية قد جرت تحت شعار الحرب على الإرهاب، فإن المرحلة الآتية ستجري تحت شعار الحرب على الاستبداد مع إبقاء فكرة توظيف الديمقراطية كبوابة للولوج الى خلق الفوضى التي تستهدف إسقاط (ألأنظمة الفاسدة)،وإدخال إصلاحات سياسية بعيدة المدى على العالم العربي)( 5).
ومن جهة أخرى يقول(توماس بارنيت )(إن الاستجابة لتوسيع دائرة فهم الفوضى الخلاقة وتعميم التجربة في المستقبل على النطاق العالمي راجع إلى أنها لم تعد مجرد طرح نظري فحسب ،ولكنها أصبحت جزء من إستراتيجية ناجحة في العراق وتنتظر نتائجها التي تم قياس نجاحها بشكل نسبي في الشرق الأوسط التي يجري تنفيذها بالكامل على أرض الواقع في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ، عبر وسائل تكنولوجية متطورة للغاية ، وسحر وبريق أدوات غسل الأدمغة الحديثة ، ومن خلال البنج الإعلامي اليومي المحلي والأمريكي، وبوساطة مضخات أمريكية وأوروبية ضخمة لتوفير الأموال التي تقدم بلا حدود لمنظمات المجتمع المدني والهيئات والمنظمات الحقوقية وغيرها ، ولبعض الساسة ولكل من يسعى لتحقيق حلم أمريكا بقيادة العالم والسيطرة عليه(6) .
لهذا ذهبت بعض الآراء الى ان احتمالات تطبيق وتوظيف تكتيك الفوضى الخلاقة مستقبلاً على النطاق العالمي تعتمد كثيراً على معطيات ونتائج هذا التكتيك في الشرق الأوسط ، إذ إن هدف هذا التكتيك على النطاق الشرق أوسطي هو تقسيم الدول وتجزئتها الى مقاطعات ودول قومية وعرقية للسيطرة على مواردها ، عبر آليات اللعب على وتر القوميات والأديان والطوائف(7)، لكن هذا التكتيك إذا ما طبق على النطاق العالمي فلن يكون بنفس الآليات والأدوات التي وظفتها الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط ، وحتى الأهداف نفسها تختلف من نطاقها الإقليمي عن نطاقها العالمي(8) ، فتهدف الإدارة الأمريكية من تطبيق هذا التكتيك الاستراتيجي عالمياً الى تحجيم الدول الصاعدة الجديدة وإيقاف نموها واستنزافها لكي تستهلك نفسها وقوتها ، ومن ثم الحفاظ على مكانتها العالمية ، لان الولايات المتحدة نفسها وكما يؤكد اغلب مفكريها المؤيدين والمعارضين للسياسات التي تنتهجها ، تدرك تماما أن هيمنتها وتحكمها بالشؤون العالمية الى زوال (9).
ولكن هذا الزوال يمكن تأخيره وتعطيله ومن ثم إطالة عمر الهيمنة الأمريكية أو على اقل تقدير الشراكة تحت القيادة الأمريكية على العالم عبر ما ينتجه العقل الأمريكي من أفكار تعمل على تقويض قوة الدول الأخرى ، فأن توظيف الفوضى الخلاقة عالمياً ونشرها ونقلها يمثل احد أهم المعوقات التي من الممكن جداً ان تستخدمها في مناطق أخرى على نطاق المحيط الاستراتيجي العالمي ، ولكن الأمر ليس بهذه السهولة ، فالدول الأخرى تمتلك استراتيجيات مقاومة لما تريد أن تفعله الولايات المتحدة ، هذه الاستراتيجيات العكسية قد تقوض وتفشل تكتيك الفوضى الخلاقة (10) ، لهذا و عندما أطلق ماو تسي تونغ ، مقولته المعروفة عن الوضع العالمي(الفوضى تسود العالم ، فالوضع جيد)(11) ، بمعنى أن بإمكان أعداء الولايات المتحدة الأميركية أو أعداء الدول الكبرى التي يفترض أن تكون مسيطرة على العالم أن يستفيدوا من حالة الفوضى العالمية اذا ما وقعت(12).
وعلى هذا الأساس فإن مستقبل خلق وتوظيف الفوضى في الشؤون العالمية بحسب هذا المنطق ليست حكراً على الولايات المتحدة ولا القوى المسيطرة عالمياً ولكن من الممكن أن (تصنع او تتسبب) دولاً صغيرة او حتى كيانات وتنظيمات غير دولية فوضى تستطيع من خلالها الولوج لتغيير طبيعة بيئة إستراتيجية معينة و تؤثر على طبيعة التوازن الاستراتيجي العالمي ذاته ، او كبح جماح قوة دولية كبرى،(وأحداث 11 أيلول2001 ، تمثل في تجلياتها مثالاً واضحاً على قيام كيان غير دولي بفوضى عارمة هزت الأمن القومي الأمريكي ومن ثم وصلت تداعياتها الى الشؤون العالمية بشكل عام)(13)،ولكن الشيء المميز في الولايات المتحدة بصورة رئيسة، والدول الكبرى بشكل نسبي أنها حين تقوم بخلق فوضى إقليمية او عالمية في المستقبل، فإن الوضع على الرغم من عدم السيطرة عليه بشكل كامل إلا انه يمكن للولايات المتحدة الدولة الصانعة لهذه الفوضى ان تديرها ولو بشكل نسبي وتوظف المتغيرات التي تنتج عن هذا العمل ، وهذا ما يميز الولايات المتحدة من بقية الكيانات التي من المحتمل ان تتبنى تكتيك الفوضى الخلاقة المضادة لمواجهة تكتيك الفوضى الخلاقة الأمريكية(14) .
ويذهب رأي أخر الى أن الولايات المتحدة أذا ما استمرت بتوظيف الفوضى الخلاقة في المستقبل على نطاق عالمي شامل ، فأن ذلك ينبع من تراجع دور الولايات المتحدة ومكانتها العالمية ، ويعلل أصحاب هذا الرأي الى أن توظيف وابتداع فكرة الفوضى الخلاقة في العراق كانت بسبب الخسائر الأمريكية التي تكبدتها في العراق على النطاق العسكري(15) ، ومن ثم فأن الآلة العسكرية الأمريكية من الصعب أن تقوم باحتلال العالم بأكمله وتباشر ببث الفوضى الخلاقة ، بسبب أن نفقات الحرب على العراق وحدها أدت الى دخول الولايات المتحدة في أزمة مالية عالمية احد أسبابها الرئيسة الحرب على الإرهاب بعد 11 أيلول 2001، فضلاً عن أن الولايات المتحدة وفي هذا الوضع تحديداً فقدت أجزاء كثيرة من مقوماتها وأدوات تنفيذ إستراتيجيتها.وكل ذلك يعود الى سبب رئيس وهو الإنفاق الفلكي الكبير على موازين التسلح والشؤون العسكرية وإغراق الولايات المتحدة في حروب أوقفت من تقدم الولايات المتحدة تزامناً مع تقدم وتطور ونمو قوى إقليمية كبرى بزغت على الساحة الدولية كشريك في مناطق وحالات وكمنافس في مناطق أخرى ، لهذا فإن منطق استمرار توظيف فكرة الفوضى الخلاقة سوف يعمل على تقويض القوى الصاعدة او على اقل تقدير إشغالها وإيقاف نموها او الحد منها ، عن طريق زعزعة الاستقرار الداخلي ومن خلال توظيف المشاكل والأزمات الكامنة داخل الدول البازغة او في مناطق أخرى خارجها تحسب على دائرة نفوذها ، ومن ثم فإن هذا الأمر سوف يستنزف ويستهلك قدراتها(16).
ويذكر نعوم تشومسكي في مقال له منشور في موقعه الرسمي (أن الولايات المتحدة الى الان تعاني من هزيمتها العسكرية في العراق ، وهزيمتها مع الناتو في أفغانستان ، مع انهيار نظامها المالي والنقدي ، الذي سيتبعه ركود اقتصادي حتمي يؤثر على قدرتها الإنتاجية والإنفاقية ، من ثم ان الولايات المتحدة بحاجة الى المزيد من القروض ، و بحاجة لسحب قواتها المقاتلة وحتى المتمركزة في العالم لتخفيف الأعباء ، وبحاجة الى سلم أهلي داخلي سيكلفها أعباء جديدة لإنهاء الأزمات اقتصادية الحادة كما نشاهدها اليوم ومحاولة الالتفات لازمات الداخل الاجتماعية والطبقية والعرقية )(17) ، وكل ما سبق يعني تخلي الولايات المتحدة عن دورها العالمي والالتفات الى أزماتها الداخلية عبر إعادة توجيه نفسها وإستراتيجيتها بالتخلي عن توظيف بعض التكتيكات وأهمها الفوضى الخلاقة إقليمياً ودولياً ، لأن مثل هكذا أمور ستجعل من الولايات المتحدة أسيرة لحلم استعادة الهيمنة لكن من دون فائدة ، ويضيف تشومسكي( فكم من إمبراطورية عظمى سقطت وانهارت وتجزأت الى دول عديدة ، لكن هذا الأمر لا يحب سماعه من هم في الإدارة الأمريكية ، لذا فالعودة في الوقت المناسب الى الداخل الأمريكي أفضل من العودة في وقت تكون الولايات المتحدة على حافة التفكك والانهيار)(18).
ومن ناحية أخرى ، هناك من يقارن بين طبيعة الهيكلية الدولية و شكل التوازنات الدولية و مفاعيلها وما ستؤول إليه طبيعة النظام الدولي ، سيما في الوقت الراهن و ما يعيشه العالم من تغييرات زادت من تعقيد تفاعلات اللاعبين الدوليين فيما بينهم ، إذ أن البيئة الدولية الآن لم تعد كما كانت عليه في مرحلة الحرب الباردة وما بعدها (19)، فقد تغيرت طبيعة التعامل بين الأطراف و الفاعلين والدوليين وظهرت قوى من غير الدول أثرت وبشكل كبير على زيادة التفاعلات الدولية و من ثم على شكل التوازن الاستراتيجي العالمي في عالم اليوم ، فلم تعد الدولة والمنظمات الدولية هي الفاعل الرئيس في العالم إنما صار هناك فواعل تؤثر على سلوكيات وتحركات دول عظمى كالمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات العالمية على اختلاف توجهاتها (20)، لذا فأن هذه المتغيرات بجملتها أثرت وبصورة واضحة على دور الولايات المتحدة وفاعليتها في احتواء الشؤون الإقليمية والدولية كما كانت تفعل في مرحلة الهيمنة والانفراد العالمي ، إذ أصبح الآن للولايات المتحدة شركاء يفرضون أنفسهم في أية قضية تطرح على البيئة الإقليمية والدولية (21).
لذا لن تكون النتائج الإستراتيجية لهذه التحولات محدودة كما أعلن البعض بتراجع الدور الإمبراطوري للولايات المتحدة فحسب ، بل إن مستقبل الولايات المتحدة نفسها على المحك و بالتالي شكل التوازن الاستراتيجي ايضاً على المحك هو الأخر ، فقد أعلن أكثر من مسؤول أوروبي ومسؤولون صينيون وروس، أنه لا يجوز بعد اليوم ترك قيادة الاقتصاد العالمي بيد الولايات المتحدة(22)، وهذا يعني نهاية الإمبراطورية المالية ، وعليها القبول بالشراكة الصينية الأميركية والشراكة الروسية الأمريكية و الشراكة الأوربية الأمريكية ، فلا وجود بعد اليوم لاستقلالية كبيرة في اتخاذ القرارات الدولية بالنسبة إلى الولايات المتحدة (23) ، و على هذا النحو فإن من الطبيعي أن ينعكس كل ذلك على أداء الولايات المتحدة في إطارها العام وعلى مشاريعها وعلى طرق تنفيذها عن طريق تكتيك الفوضى الخلاقة - أو اي تكتيك آخر- وتوظيفها في مناطق أخرى غير الشرق الأوسط ، و هذا ما يشجع الولايات المتحدة الى تصدير الفوضى الخلاقة الى مناطق و أقاليم أخرى حول العالم للحفاظ على توازنها الاستراتيجي العالمي لأطول مدة ممكنة ، و لعل الولايات المتحدة تجد في الفوضى الخلاقة و توظيفها عالميا مخرجاً لعنونة أدائها الاستراتيجي و فك إشكالية المستقبل و الخروج من هذا المأزق(24).
و بناءاً على ما تقدم يمكننا القول كخلاصة نهائية لإمكانية تشكيل توازن استراتيجي إقليمي وعالمي جديد بدلالة الفوضى الخلاقة يقوم على حقيقة إن الفوضى الخلاقة طبقت في العراق بعد إسقاط النظام فيه بحرب أدت الى احتلاله من ثم إحداث ثغرات كبيرة بين مكونات شعبه والدفع باتجاه تقسيم هذا البلد وفقاً لهذه المكونات الدينية والطائفية والقومية ، في حين جاء تطبيق الفوضى الخلاقة في بقية بلدان الشرق الأوسط بأسلوب مختلف ، إذ إن الهدف من التطبيق هنا هو إسقاط الأنظمة من دون حرب واحتلال لأي بلد من ثم إحداث التقسيم ، وليس كما حدث في العراق ، بمعنى أخر ، ان الفوضى الخلاقة أدت دورين في الشرق الأوسط بدل الدور الواحد وهما الإسقاط والتقسيم من دون الدخول او التدخل العسكري عدا حالة ليبيا ، وهذا يعني وجود خصوصية لكل حالة على الرغم من تكرار التجربة في بيئة جيواستراتيجية إقليمية متشابهة نسبياً ، من ما يعني أيضاً ان انعكاسات التجربة العراقية من ثم الإقليمية الشرق أوسطية ليست بالضرورة ستأخذ نفس الاتجاه والدلالات عندما توظف هذه الفكرة عالمياً .


المصادر

1. Jenifer corr morse , scholastic book of world record 2012 , first edition , scholastic inc , U.S.A. , 2012 , P247 .
2. World bank , world bank group , world development indicators 2012 , first edition , world bank publications , vein , 2012 , p 115 .
3. Alexander Bruce , 2012 Science´-or-superstition (the definitive guide to the doomsday phenomenon ) , first edition , the disinformation company ,U.S.A., 2012 , P 207 .
4. Daniel J.gansle , 2012 : Day of reckoning ,first edition , institute of Daniel j.gansle , U.S.A . , 2011 ,p238 .
5. نقلاً عن تصريح لهنري كيسنجر منشور على موقع صحيفة الديلي سكيب اللندنية بعنوان("If You Can t Hear the Drums of War You Must Be Deaf") ، 18/2/2012 ، على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) الرابط الاتي : http://www.dailysquib.co.uk/world/3089-henry-kissinger-if-you-can-t-hear-the-drums-of-war-you-must-be-deaf.html.
6. نقلا عن حمدي عبد العظيم ، المال والسياسة : التمويل الخارجي للتفاعلات الانتقالية داخل الدول العربية ، ، مجلة السياسة الدولية ،القاهرة ، العدد 186 ، المجلد 46 ، اكتوبر 2011 ، ص 72 -77 .
7. نقلاً عن : دراسة منشورة لعبد الرحيم مراد بعنوان ثورات الفوضى الخلاقة : خريطة الشرق الاوسط الجديد سايكس بيكو 2 ،في موقع وكالة شام نيوز بتاريخ 2211/2011، على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) على الرابط الاتي : http://shamtimes.net/news_de.php?PartsID=1&NewsID=1842#.T5ktun2AGPc.facebook.
8. Marshall Cavendish, Global chaos , first edition , institute of marshal Cavendish , .U.S.A. , 2011 , P40.
9. Mark Haley , 101 things you should know about 2012 : Countdown to armageddonor a better world , first edition , Adams Media , .U.S.A., 2011 , P 194 .
10. Immanuel Wallenstein , the decline of American power , first edition , new press , U.S.A., 2011, p 283.
11. Chimerical Empire project ,the sorrows of empire : militarism , secrecy , and the end of the republic , first edition , Henry holt and company , U.S.A., 2005 , P 142 .
12. Ibid , p 142.
13. Derek Cholet , American between the wars , first edition , Read how you want .com , U.S.A., 2011 , , P 504 .
14. Ibid , p 504 .
15. Charles W.Kegley , and Shannon L.Blanton , World politics : tend and transformation , 2012- 2013 edition , first edition, cengage learning , U.S.A., 2012 , P 495.
16. Ibid , p 496 .
17. نقلا عن نعوم تشومسكي ،الطريق الامبراطوري : الانحدار الامريكي الى المدى المنظور ( (2 ، موقع نعوم تشومسكي على شبكة المعلومات الدولية (الانترنت) على الرابط الاتي : http://www.chomsky.info/articles/20120215.htm
18. نقلا عن : المصدر نفسه (شبكة المعلومات الدولية).
19. Winter nie and William dowell , In the shadow of the dragon, first edition , AMACOM , U.S.A.,2012 p 59 .
20. Ibid , p59
21. Ibid , p59
22. Christophe Herrmann and jorg Philipp terhechte , European Yearbook of international economic law , first edition , S and D-limit-ed U.S.A., 2012 ,p 144
23. Ibid, p144.
24. Ibid , p144.



#علي_بشار_بكر_اغوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيوبولتيكية نينوى : بين لعنة المركز و خطيئة الأقاليم الكبرى
- مستقبل منطقة الشرق الأوسط في ظل توظيف الفوضى الخلاقة (سوريا ...
- الحروب الجيوفيزيائية الجديدة -المجال الخامس للقتال-
- اثر صوامع التفكير والدراسات الإستراتيجية الأمريكية في التخطي ...
- الردع الأمريكي على المحك - سوريا الصخرة التي تكسرت عليها الط ...
- مستقبل القطبية الأحادية
- مستقبل الهيكلية الدولية
- الدراسات المستقبلية - ضرورة ملحة ام ترف فكري - ؟؟
- الكيف و الماذا و الفهم الخاطئ للإستراتيجية بدلالة التخطيط
- كيف تصنع الاهداف الاستراتيجية
- جدلية العلاقة بين الاستراتيجية والعلاقات الدولية (مقاربة تار ...
- التحليل الاستراتيجي للبيئة والعوامل المؤثرة على صناع القرار
- التحليل الاستراتيجي للبيئة والعوامل المؤثرة على صانع القرار
- ماذا سيكلف سقوط الاسد لنجاد ونصر الله (محور الممانعة في خطر)
- برنارد لويس و مشروع تقسيم الشرق الاوسط بين الماضي والحاظر ( ...
- برنارد لويس و مشروع تقسم الشرق الاوسط بين الماضي والحاظر ( ا ...
- القوة الذكية والمجالات التطبيقية في الاستراتيجية الامريكية ( ...
- التفاعلية والمرونة في الإستراتيجية الأمريكية الشاملة مع موجا ...
- انحراف الاهداف الإستراتيجية (قرأة في تقييم عمليات حلف شمال ا ...
- قرأة في اثر المحافظين الجدد في عهد اوباما


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي بشار بكر اغوان - الفوضى الخلاقة و أثرها على التوازن الاستراتيجي العالمي (رؤية في إشكالية عنونة المستقبل)