|
هل الشيطان شريك الله؟
مالوم ابو رغيف
الحوار المتمدن-العدد: 4326 - 2014 / 1 / 5 - 00:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يبتدأ المؤمن يومه بذكر ثنائية الله والشيطان فيسبح باسم الاول ويحمده ويلعن الثاني اسما وفعلا، وكان الحمد لا يتم الا من خلال اللعن. لكن الشيطان الذي يلعنه المؤمنون والناس العاديون في كل الاوقات، منحه الله من الميزات ما لم يمنحها لاحد من انبيائه ولا من رسله من ذوي العزم والمكانة الخاصة ، كابراهيم خليل الله، وموسى كليم الله، ومحمد حبيب الله. الشيطان وان كان قبيحا ووقحا وشريرا فضا في مخيلة المؤمنين القاصرة التي تصيرها الرهبة والخشية منه وترسم له صورة غاية في القبح ، الا انه، اي الشيطان، اقرب شبه الى الله من سائر كائناته، ليس كصورة انما صفات، فهو كلي المقدرة عالم بالغيب، متمكن جبار، موجود في كل مكان بنفس اللحظة والزمان. بل انه لا يفارق ذاكرة الاله، فلا ينساه ولا يهمله بل دائم التذكير به وبافعاله، وتمتلأ آيات قرآنه بذكره والاشارة الى قدرته. فكيف لمن تكون له صفات اله ان يكون قبيح الشكل؟ اليس المظهر انعكاسا لبعض الجوهر؟ الشيطان متفوق على جميع الانبياء بقوته وسيطرته ووجوده الازلي، فهو مثل الله لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو كلي التواجد، فحيث ثمة وجه الاله، ثمة وجه الشيطان. انه ليس صدى لصوت الله ولا عبدا وقنا له، انما حرا، محتدا متحديا . هو ليس رد فعل، هو كينونة فعل مساوي في القوة معاكسة اتجاه كينونة الفعل الالهي. هو ليس رد فعل تلقائي يتولد عرضا من فعل رباني، انما فعل ارادي، مستقل عن ارادة الاله، يحركه التحدي والثقة بالمقدرة والقدرة. فالشيطان، وان كان بالمثيولوجيا الدينية الاسلامية صنيعة الله قد خلقه من مارج من نار، لكن الخلق الالهي قد توقف بحدود تجسد الكينونة. اذ ان الشيطان قد تحرر من سيطرة وعبودية الاله واصبح حرا متحررا من كل القيود المفروضة على الانبياء والملائكة والمؤمنين، لقد حرر نفسه بنفسه من ربقة عبودية ازلية لا زالت الناس تتعذب وتتقاتل بسببها. افعاله ليست مقدرة او مخلوقة، جاهزة الصنع كما هي افعال واقدار الانسان. الشيطان خالق افعاله واعماله. لا يمرض ولا يعيى ولا يصيبه كلل ولا ملل، فهو لا يخضع لثنائية القدر والنصيب، انه قدر نفسه ونصيبها. هو لا يخشى ثنائية العقاب والثواب، فهو عقاب نفسه وثوابها. انه حر من اي خشية او خوف او رهبة. فلم يبد خوفا ولا خنوعا ولا خضوعا. هو ليس ظل لاحد على الارض بل هو ظل نفسه، هو ليس صورة الاله السلبية، انما هو نقيضها، والنقيض لا بد ان يكون معادلا لنقيضه ومتساويا معه في كل شيء والا لما صلح ان يكون نقيضا. الشيطان حسب المثيولوجيا الاسلامية يمثل الشر المطلق الذي يخافه المؤمنون ويعوذون بالله منه، فهم يعتقدون بانه يسلط جنوده واتباعه عليهم ويـ (يهريهم) عذابا والما وآثاما وتانيب ضمير وندم وحسرة ويورثهم الوسوسة، لذلك هم اقرب الى الهذيان منه الى خشية الله، فكل المؤمنين موسوسين مهوسين، مخيلاتهم المريضة تتوقع الشر في اليقضة وفي المنام. انهم يخافون على نسائهم ان يضاجعها الشيطان، فهو يستطيع مضاجعة جميع النساء بنفس اللحظة الزمنية. الشيطان مثل الله يسكن عقل ويشغل قلب ولب ويحيى سرمديا في ذاكرة المؤمنين. الشيطان موجود في المساجد والامكان المقدسة، مثلما هو موجود في البارات والحانات وحارات الجنس وبيع الهوى، هو شريك الله في عمله وفعله، فاذا كان ارادت الله فعل فان ارادة الشيطان فعل ايضا. فان اراد الله فعلا جميلا تصدى الشيطان له بالفعل القبيح، وان اراد الله فعلا قبيحا تصدى له الشيطان بالفعل الجميل. فلو اراد الله هلاك قرية، لتصدى الشيطان لهذا الهلاك، ولو اراد الله عذابا بالناس لتصدى الشيطان لهذا العذاب. الشيطان ليس كلي النقمة كما ان الاله ليس كلي الرحمة ايضا. نقول ذلك لاننا لا نعتقد بتوافق الارادتين الالهية والشيطانية في وقت واحد. فهما وحدة وصراع وليس من فاصل للسكون بينهم. الشيطان حسب المثيولوجيا الدينية غير متوافقا مع الاله وليس امتدادا لاعماله. انه معاكسا لارادة الاله. ونحن هنا غير معنيين بمقولة (الحق) في تبرير انتقام وتعذيب وعذاب الاله، فاي عذاب ومهما كانت تبريراته بالنسبة للانسان هو غير حق اكان مصدره اله او شيطان او انسان او حكومة او فرقة او حزب متطرف سافل او ثورة طائفية. ورغم ان المؤمنين ورجال الدين يلعنون الشيطان، الا انهم يقرون ضمنيا بتفوقه على الله في السيطرة على الناس، بحيث يظهر الله في خطبهم ومواعظهم وكتبهم اله فاشلا ليس له مقدرة على هداية البشر امام قوة الاغواء الكبيرة التي يتمتع بها الشيطان، فما عدا الفرقة الناجية المختلف عليها بين رجال الدين المسلمين التي تحظى بدخول الجنة، فان سكان الارض جميعهم سيكون نصيبهم جهنم فالدين عند الله الاسلام. لكن لماذا يرضى الاله ان يكون الانسان الضعيف موضوعا للتحدي؟ لماذا يضع الله الانسان في تحد خاسر ويطلب منه عدم الرضوخ للشيطان الذي يجهزه باقوى الاسلحة والامكانيات ويمنحه الخلود ما استمرت الحياة، بينما الانسان يكون ضعيفا منشغلا بعبادة ربه مناشدا اياه ان ينصره، لكن الله يلبي نداء عبادة مجاعات وكوارث طبيعية وامراض وبائية ويبعث اتباعه فيذبحون الناس كما تذبح النعاج.؟! الا يبدو هذا التحدي مثل لعبة قمار لا يعترف فيها الخاسر (الله) بخسارته ؟ لماذا يستمر الله بلعبة التحدي بعد ان، ومنذ ان وجدت الحياة، تبينت سيطرة الشيطان على عقول وافئدة الناس، حتى اصبح الشيطان شريك لله ان لم يكن في ملكه ففي السيطرة على عباده.؟ لماذا يدفع الانسان ضريبة هذا النزق الالهي في لعبة الاله والشيطان؟ ما يدعو للاستغراب هو موقف المؤمنين، فهم لا يتضرعون لله بان يقتل الشيطان او يميته او يفنيه ويخلصهم منه، بل يدعون ربهم ليلا ونهارا ان يحفظهم من شروره!! ويبدو ان جميع الفعل والخلق الالهي وكانه جزء من لعبة التحدي اللآهي ـ شيطانية. مساكين هم المؤمنون لا يعرفون بانهم موضوع المقامرة بين الاثنين، الله و الشيطان وان حفظهم ووقايتهم من شرور الشيطان هو اخلال بهذه الشروط.. فهل يود المؤمنون ان يكون ربهم اله غير ملتزم بالقواعد التي وضعها بنفسه!؟ ولو فعل!! الا يعتبر خاسرا ايضا لأنه أخل بقواعد اللعب؟
#مالوم_ابو_رغيف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التناقض الديني المعيب في الفكر الاسلامي؟
-
ثقافة الموت وثقافة الحياة والديمقراطية!!
-
هل زواج المتعة مدرج في قانون وزير العدل؟
-
انظمة الفوضى الدينية
-
علاوة سمعة
-
كيف تشخص مازوخيا يساريا؟
-
سوريا عروس عروبتكم فلماذا ادخلتم كل زناة الليل.
-
سوريا: من يملك رخصة استخدام غاز السارين
-
التطرف في لغة العنف عند الاخوان المسلمين
-
ثوار احرار حنكًمل المشوار
-
مليونيات الاحرار ومليونيات العبيد.
-
الدين والزمن الجميل
-
البعدين الطبقي والجنسي لنِكاحيً المتعة والمسيار
-
ثورة ميدان التحرير وردة ميدان رابعة العدوية
-
النقيض الاسلامي الكلي للديمقراطية!
-
الثورة المصرية: التناقض بين الديمقراطية وبين الاسلام السياسي
-
مع الدكتور جعفر المظفر: هل يخلع حسن نصر صاحبه مثلما يخلع الخ
...
-
السعار الاسلامي في مصر ونموذج الثورة السورية
-
اللهم اعز الاسلام بصوت المغنية احلام
-
سوريا: ثورة ام حرب اجرامية؟!
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|