أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الكبير الداديسي - لبابا : لا وجود لجهنم ..














المزيد.....

لبابا : لا وجود لجهنم ..


الكبير الداديسي
ناقد وروائي

(Lekbir Eddadissi)


الحوار المتمدن-العدد: 4325 - 2014 / 1 / 4 - 03:12
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


البابا : لا وجود لجهنم
ذ. الكبير الداديسي
شكلت مواضيع العدل الإلهي، الجزاء والعقاب، الجنة والنار... مواضيع مثيرة للجدل في الفكر الإنساني، وإن كانت الديانات السماوية قد حسمت في المسألة، وجعلتها أمورا غيبية فالعقل البشري عاجز عن استيعاب كل حيثياتها، ودعت إلى اعتبار الجنة مصيرا للمؤمنين والنار مآلا للكفار المكذبين بالأنبياء والرسل...
ومع ذلك فقد خاض في الموضوع مفكرين وفلاسفة وعلماء كلام منذ القدم ، لكن تصريحات البابا مع مطلع السنة الميلادية الجديد (2014) حول جهنم باعتبارها مكان تعذيب وانتقام الله من الكافرين وممن عصاه، مدعيا أن (الكنيسة لم تعد تعتقد في الجحيم حيث يعاني الناس) قد خلقت رجة ونقاشا لكل من اطلع عليها أو سمعها ذلك أن التصريح ليس تصريح رجل عادي وإنما هو تصريح الهيأة العليا لإدارة الكنيسة الكاثوليكية ورئيس الكرسي الرسولي و خليفة القديس بطرس، و رأس دولة الفاتيكان منذ توحيد إيطاليا وإنشاء دولة الفاتيكان عام 1929 بمثابة رمز لاستقلال الكرسي الرسولي عن أي سلطة سياسية في العالم. و حصر الاهتمام البابوي بأمور الدين والقضايا المتصلة به كالأخلاق.
جاء تصريح البابا مع مطلع السنة الجديدة بمثابة إعادة النظر في بعض المعتقدات الراسخة في الديانة الكاثوليكية وباقي الديانات السماوية فقد قال البابا: ((إننا من خلال التواضع والبحث الروحي والتأمل والصلاة، اكتسبنا فهما جديدا لبعض العقائد. الكنيسة لم تعد تعتقد في الجحيم حيث يعاني الناس، هذا المذهب يتعارض مع الحب اللّامتناهي للإله. الله ليس قاضيا ولكنه صديق ومحب للإنسانية. الله لا يسعى إلى الإدانة، وإنما فقط إلى الاحتضان. ونحن ننظر إلى الجحيم (جهنم) كتقنية أدبية، كما في قصة آدم وحواء. الجحيم(جهنم) مجرد كناية عن الروح المعزولة، والتي ستتحد في نهاية المطاف، على غرار جميع النفوس، في محبة الله..))
وهو تصريح واضح لا يحمل تأويلا ، ولتمريره حاول البابا أن يدغدغ العواطف حتى يبدو كلامه منطقيا معتبرا ((أن جميع الأديان صحيحة وعلى حق، لأنها كذلك في قلوب كل الذين يؤمنون بها.))
وما دام الله بمثابة أب البشرية والأب لن يحركه دافع الانتقام والتعذيب تجاه أبنائه يرى البابا أن ((الكنيسة في الماضي، كانت قاسية تجاه الحقائق التي تعتبرها خاطئة من الناحية الأخلاقية أو تدخل في باب الخطيئة. أما اليوم نحن لم نعد قضاة. نحن بمثابة الأب المحب، لا يمكن أن ندين أطفالنا. إن كنيستنا كبيرة بما يكفي لتسع ذوي الميول الجنسية الغيرية والمثليين جنسيا، وللمؤيدين للحياة ومؤيدي الإجهاض ! للمحافظين والليبراليين والشيوعيين الذين هم موضع ترحيب والذين انضموا إلينا. نحن جميعا نحب ونعبد نفس الإله..))
تصريح البابا يوحي بأن الله لا يفعل ما هو قبيح ولا يعذب ولا ينتقم وإنما رحمته وسعت كل شيء وأن الله بعظمته وقوته متعال عن تعذيب مخلوقات تبدو لا شيء أما جبروته، وهو على يقين أن تصريحه حداثي وعقلاني ، يضيف قائل في نفس التصريح بأن الكنيسة : ((عرفت تطورات مهمة وهي اليوم ديانة حداثية وعقلانية. حان الوقت للتخلي عن التعصب. يجب الاعتراف بأن الحقيقة الدينية تتغير وتتطور. الحقيقة ليست مطلقة أو منقوشة فوق حجر. حتى الملحدين يعترفون بالإلهي. ومن خلال أعمال الحب والمحبة يقر الملحد بالله ومن تم بتخليص روحه، ليصبح بذلك مشاركا نشطا في فداء البشرية."
فالبابا يدعو إلى رفض اعتبار الدين جامدا متحجرا ، فرغم قدسية الإنجيل فعليه أن يساير التطور يقول: (( الإنجيل كتاب مقدس جميل، لكنه ككل الأعمال العظيمة القديمة هناك بعض الأجزاء منه عفا عليها الزمن وتحتاج إلى تحيين، وهناك بعض المقاطع التي تدعو حتى إلى التعصب ونصب المحاكم.. آن الأوان لمراجعة هذه الآيات واعتبارها كزيادات لاحقة التي تتناقض مع رسالة الحب والحقيقة التي سطعت من خلال الكتابة..))
لم يقتصر البابا على زعزعة الثوابت الدينية المتعلقة باعتقاد الناس في جهنم فقط بل، عرج على الثوابت الاجتماعية من خلال دعوته إلى فتح المجال أمام المرأة لتتسلق المراتب والدرجات الدينية بالكنيسة :((وفقا لفهمنا الجديد سوف نبدأ في ترسيم نساء "كرادلة" وأساقفة وكهنة. وآمل في المستقبل أن تكون لدينا في يوم من الأيام امرأة "بابا". فلتشرع الأبواب أمام النساء كما هي مفتوحة أمام الرجال))
وبهذا أنهى البابا كلامه هو بذلك يعيد طرح مسألة قديمة للنقاش ،تلك التي تتعلق ب(القدر والجبر) ولماذا يعذب الله عباده إذا كان هو خالقهم والمسؤول عن هداية أو ضلال من يشاء.
على الرغم من كون ما صرح به البابا يمُس في العمق بعض "الثوابت" الدينية والاجتماعية في التفكير الكاثوليكي، ويسعى من خلاله إصلاح البنية الكنسية في خطوة وصفت عند البعض بالجريئة والشجاعة لدرجة أن منهم ذهب إلى تشبيه البابا بنديكتوس السادس عشر بزعماء الإصلاح الديني الذي سعوا إلى تخليص الكنيسة من الشوائب والممارسات الخاطئة التي ظلت الكنيسة تمارسها باسم الدين ، فإن تصريحه سيكون له تأثير خارج أتباع الكنيسة الكاثوليكية لأنه يمس في الجوهر معتقدا ثابتا لدى كل الديانات السماوية المؤمنة بفكرة الجزاء والعقاب، ولأن ادعاء أن لا وجود لجهنم سيزعزع القيم الإنسانية ، ويدحض الكثير من المبادئ الدينية القائمة على رفض القتل والزنا والكذب وغيرها من الأفعال المشينة المرفوضة في كل الديانات والشرائع والقوانين الوضعية، ويشجع في المقابل على الظلم والتعدي ما دام المعتدي والظالم ضامن بأنه لن يعذب في الحياة الأخرى..



#الكبير_الداديسي (هاشتاغ)       Lekbir_Eddadissi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرة من ثقب الباب على العالم العربي
- الصراع بين العامية والفصحى في المغرب هل يحسم لفائدة ....
- وداعا أحمد فؤاد نجم
- الإشكالية اللغوية في التدريس بالمغرب
- مدينة إفران المغربية ثاني أنظف مدينة عالميا
- رواية ترمي بشرر تسلخ عن السعودية جلدتها الدينية
- رواية حرمة :تعرية الأجساد المحجبة ،أو عندما يجتمع الدين والك ...
- الإعدام لبيدوفيلي ألا يتعارض مع منطوق الدستور المغربي ؟؟
- عيد الأضحى أو عندما يتعلق المغاربة بالسنة أكثر من تعلقهم بال ...
- قراءة في الرواية الفائزة بالبوكر 2012 (دروز بلغراد ...) لربي ...
- ملاحظات أولية على النسخة الثانية لحكومة بن كيران
- جميلة هي تهمة تبادل القبل / فلتحاكموا كل البشر أحسن !!!!
- أسد على الشعب وفأر أمام الملفات الكبرى
- المقايسة و التوقيت المغربي (الجد الهازل )
- الدخول العاثر بالمعرب
- قرارات لا شعبية لحكومة تدعي الشعبية
- مقال بوتين الذي وجهه للأمريكان عبر جريدة نيويورك تايمز
- ما نجحت فيه الأحزاب الإسلامية هو تقسيم الشعوب العربية
- العفو على مغتصب الأطفال في المغرب بين القانون والرقص على حبا ...
- العرب المسلمون أو الولع بقتل النخبة !!!


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - الكبير الداديسي - لبابا : لا وجود لجهنم ..