صباح راهي العبود
الحوار المتمدن-العدد: 4324 - 2014 / 1 / 2 - 12:06
المحور:
الطب , والعلوم
سأزعم بدءاَ بأني مقتنع بوجود حياة أخرى ومخلوقات في كوكب غير كوكبنا (الأرض) ضمن شمسنا أو شموس أخرى في مجرتنا أوفي العدد الهائل المخيف من المجرات التي تحتل الكون. وعلى وفق هذا الزعم والإدعاء تقفزالى ذهني أسئلة كثيرة لا حدود لها ولا أجد جوابا لها يشفي غليلي, ولعل معظمها يدور حول شكل هذه المخلوقات ,وهل هي مجرد كائنات دنيا أم نباتات أم حيوانات وربما بشر؟ ,ولو كانوا بشراَ فهل هم يشبهوننا شكلاَ وحجماَ أم هم يختلفون وحسب الكوكب المتواجدين فيه؟ وياترى هل إنهم يتنقلون من مكان لآخر برجل واحدة أم برجلتين إثنتين أوربما بعدد أكثر من الأرجل؟ وقد يتبادر الى الذهن أنهم يتنقلون قفزاَ أو زحفاَأو دحرجة وربما طيراناَ أو بطرق أخرى لا ندركها نحن. ثم ماطريقة تكاثرهم لحفظ النوع ؟ هل هي التوالد أم عن طريق البيوض كما في الطيور,أم بالإنشطار ؟ وقد لاتكون هذه ولا تلك بل يتكاثرون بالإستنساخ. ويجرني الخيال لأسأل عن أمور أخرى تؤرقني , فهل ياترى عندهم مثل عمر وعبد الزهرة يتقاتلان فيما بينهما قتالاَ شرساَ لإختلافهماعلى قضية تاريخية مضى عليها أكثر من 1400 عام مستخدمين كل وسائل الذبح والقتل , يهجرون ويفجرون ويقتلون على الهوية أو حتى على الشكوك, ويتلذذون بتلك الأعمال لمرض أصابهم إسمه السادية من دون أن يفكروا بالجلوس لحلها. ثم أنتقل الى أسئلة لمعرفة أنظمة الحكم هناك,فهل هي أنظمة ملكية وراثية أم جمهوريات أم إمبراطوريات ؟وهل أن نظام الحكم الدمقراطي يتم فيه تداول السلطة أم حكم (أبو اللزكة) إذ يلتصق الرئيس بالكرسي بلاصق قوي ثم يرثه لأحد أبنائه الأذكياء بالوراثة على وفق ضرورة تاريخية!؟, وهل أن النخبة الحاكمة عندهم تضع برامجها بطريقة تضمن مصالحها وتقوم بتزييف الإنتخابات ووضع قوانين للإنتخاب تتيح لهم سرقة أصوات الناخبين وتكفل الفوز ليتم بعد ذلك عزل الآخرين وتهميشهم بطرق شيطانية واضحة ليخلو لها الجو وهي بذلك تسعى للبقاء السرمدي في السلطة ؟ وهل توجد دولة في أحد هذه الكواكب المحتملة تمتلك كل خيرات ذلك الكوكب المأهول وسكانه يبحثون عن لقمة العيش في الأزبال المقرفة لأن المسؤولين في الكوكب يسرقون أموالهم وقوتهم بوضح النهار ويشترون القصور والفلل في (أوربا ذلك الكوكب) من دون خجل ولا وجل وهم دعاة دين ومعممون حتى؟؟؟. ثم تأخذني الأسئلة التي تبحث عن مقدار ذكاء سكان الكواكب المأهولة وعن أنواع الموجات المكتشفة من قبلهم أو طرق لانعرفها والتي يستثمرونها للإتصالات والبث والتحدث عن بعد, وفيما إذا إكتشفوا سرعة تفوق سرعة الضوء لننهي الجدل الأخيرالقائم حول النظرية النسبية .
أطلقت لنفسي العنان لإثارة أسئلة أخرى أبحث عن جواب لها ,ولم يكن ظهور تساؤلاتي إعتباطاَ وإنما جاء نتيجة تكون قناعات( وليس زعم أو إدعاء ) بوجود كواكب ضمن مجرتنا تحتضن مئات المليارات من الشموس وعدد هائل من المجرات التي تنتشر في الكون بنظام رهيب يسعى الى حفظ توازنها,وهذه القناعات تولدت من دراسة الإحتمالات وإجراءات حسابية وإحصائية ما ينسجم مع الإكتشافات الفلكية التي يطرحهاالعلماء للدارسين ,وسأحاول تقديمها للقاريء بشكل مختصر ومبسط.
دعونا ننطلق خارج مجموعتنا الشمسية ومجرتناالى المجرات الأخرى,ونناقش إحتمالية وجود حياة دنيا أو متقدمة في كواكبها .وقبل الخوض في ذلك نود توضيح معنى المجرة التي هي نظام كوني مكون من تجمع هائل من النجوم والغبار والغازات والمادة المظلمة (الثقوب السوداء),وهذه النجوم ترتبط بعضها مع البعض الآخر بقوى متبادلة ,وتدور حول مركزمشترك . يقدرالفلكيون عدد المجرات مابين عشرة مليارات الى ألف مليار مجرة صور العلماء عدة ملايين منها ,وهذا ما يخص الكون المنظورفقط, وأبعد المجرات التي تم تصويرها بإستعمال التلسكوب تبعد عنا بحدود( 10 الى 13) مليار سنة ضوئية.والسنة الضوئية هي وحدة لقياس الأبعاد الكونية وهي بقدرالمسافة التي يقطعها الضوء في الفراغ بمدة سنة كاملة ( 360×24×3600)ثانية ×300000 كيلومتر/ثانية أي حوالي 9460 مليار كيلومتر تقريباَ. وهذه المجرات تختلف بالحجم وعددالنجوم ,فالقزم منها لا يتعدى عدد نجومه عشرة ملايين ,لكن العملاق منها يحتوي على 100 ترليون نجمة ,ويبلغ قطرها بحدود 100000 سنة ضوئية.
مجرتنا المسماة درب التبانة (لأن شكلها يشبه التبن المتطاير في درب حامليه) يوجد فيها 400 مليار نجمة ,وشمسنا إحدى هذه النجوم. في القرن الثامن عشر أجرى الفلكي البريطاني وليم هيرشل مسحاَ للنجوم في مجرتنا فتمكن من رؤية 2000 منها بالعين المجردة ,وعدة ملايين من النجوم شاهدها بإستعمال التلسكوب بما يفوق إمكانية العد,وأن بعض من هذه النجوم هي منظومات خارج مجرتنا.
إن الشرط الأساس الذي يضعه علماء الفلك أمام أنظارهم للتأكد من وجود حياة أو عدمه في أي كوكب في الكون ضمن أية مجموعة شمسية وفي أية مجرة هو وجود الماء أولاَ بالإضافة الى وجود العناصر الأخرى الأساسة من كربون وهيروجين وأوكسجين ونتروجين وفسفوروالتي يجب توافرها في غلافه الجوي الى جانب التشابه بدرجات الحرارة لما عليه على سطح الأرض.
في مجموعتنا الشمسية فإن الحياة موجودة على كوكب الأرض فقط ,أما الكوكب الثاني الذي نبحث فيه عن إمكانية وجود حياة فهو المريخ,إذ أكدت الدلائل التي توصل اليها مسبار كيريوسيتي وجود آثار لبحيرة ماء عذب تدل على وجود حياة سابقة على سطح كوكب المريخ وللعلم فإن وجود حياة لايعني بالضرورة وجود بشر بل قد يعني وجود أحياء مجهرية دنيا أو غير ذلك.وإكتشف المسبارالذي أطلقته وكالة ناسا الفضائية وجود حياة قبل ثلاثة مليارات ونصف المليار عام ,وإنها كانت تمثل فرصة مناسبة جداَ للعيش هناك ,وقام العلماء أخيراَ بدراسة المؤشرات الجديدة التي تدل على وجود حياة على كوكب المريخ.وقد خرجت نتائج الدراسات والتحليلات على عينة من مسحوق تربة المريخ بوجود بعض من الرسوبيات التي تدل على سريان المياه يوما على سطح الكوكب الأحمر (المريخ) ووجدوا إختلاطاَ بين عناصر كالكبريتات والكبريتيد وهي التي لا تختلط إلا في ظل حياة مايكروبية من نوع ما.ومع مضي الوقت في دراسة الكون تظهر دلائل جديدة على وجود حياة خارج مجموعتنا الشمسية ضمن مجرة درب التبانة والمجرات الأخرى ,وإندفاع العلماء في دراساتهم الفضائية تلك مبعثه إعتقادهم بأننا لسنا الوحيدين في هذا الكون الواسع , فالحياة منتشرة في كل مكان منه حتى أن العلماء يعتقدون أن حياة الكائنات الأرضية جاءت من الفضاء الخارجي .فإذا كان هذا عدد النجوم في مجرتنا يقارب 400 مليار(400 بليون) نجمة كما أسلفنا, فيا ترى كم هو عدد الكواكب التي تدورفيها حول كل شمس؟وكم كوكب منها يصلح لأن تكون حياة فيه؟ ففي مجموعتنا الشمسية مثلاَ ذكرنا وجود حياة بشرية على كوكب واحد فيها,وعلى القاريء أن يتصور ما تحتويه مجرتنا ومايحويه الكون بكل مجراته من إحتمال وجود حيوات.ولنفترض سوية وبتحفظ شديد وجود كواكب تشبه كوكب الأرض ضمن نجوم أخرى وليكن إحتمال ذلك 1% من هذه النجوم أي أن عدد الكواكب المحتملة والتي تشبه الأرض سيكون 4 مليار كوكب في مجرة درب التبانة وهذه الإحصاءات التي أضعها أمام القاريء هي أعداد متواضعة وضعت من قبلي وهي أقل كثيرا مما يضعه علماء الفلك إستناداَالى علم الإحصاء والإحتمال, فإذا كان إحتمال وجود حياة في واحد من كل 1000 كوكب منها سيصبح لدينا إحتمال وجود 4 مليون كوكب فيه حياة (تشبه الأرض) ,ولنفترض ما إنقرض وتعرض منها للإبادة نسبة سنبالغ فيها بحيث يبقى واحد من كل ألف كوكب فيكون هناك 4000 كوكب يشبه الأرض ومن المحتمل وجود حياة فيه. إن هذه الإحصاءات هي لمجموعة نجمية واحدة, فما بالك من وجود مئات المليارات من المجرات في هذا الكون الذي تتسع حدوده.وبناءاَ على ما ذكرمن دراسات علمية إحصائية فإن علماء الفلك يصرون على وجود حياة أخرى في كواكب تنشر في الكون.ومع رسوخ إعتقادهم هذا تراهم يرسلون السفن الكونية باهضة التكاليف للبحث عن ذلك دون كلل أو ملل ويزرعون المراصد للرصد الفضائي الخارجي .ولقد إزداد عدد الكواكب التي تؤكد على وجود حياة فيها والتي يقارب حجمها حجم الأرض والتي يتم تسجيلها من قبل علماء الفلك والتي حددها تلسكوب كبلر. ولا زال البحث مستمراَ لإكتشاف كواكب أخرى محتملة . والآن وبعد جهد جهيد ومتواصل إكتشف الفلكيون كوكباَ يقع على بعد 4.2 سنة ضوئية ربما يستضيف كائنات فضائية.وأكد عالم الفلك بوب نيكول من جامعة بورتسماث في بريطانيا إعتقاده بأن العلماء في غاية السعادة من جراء مناقشة منطقية بشأن إحتمال وجود كواكب ضمن مجرتنا فيها حياة ,وأعرب قبل فترة قصيرة عن حماسه الشديد إزاء العثورعلى كوكب جديد في المجموعة النجمية ( ألفا قنطورس) وهي الأقرب لمجموعتنا الشمسية ,وهذا الكوكب له حجم يبلغ عدة مرات بقدر حجم الأرض وعلى بعد من نجمه يسمح بوجود الماء على سطحه بشكل سائل وبدرجة حرارة لا تتسم بالإرتفاع الشديد ولا بالبرودة القارصة مما يتيح إستمرار الحياة فيه وهو يدور حول نجم قزم موجود في إحدى المجموعات النجمية وهوواحد من ستة كواكب مماثلة ويدور حول نفسه مما يمنحه دورة نهار وليل منتظمة ويجعل ظروف بيئته مماثلة لظروف الأرض. ومازال سعي العلماء متواصلاَ وباندفاع شديد وآمال كبيرة للحصول على إكتشافات جديدة في مجال الفضاء والكون ربما يؤدي بعضها الى ما لا نستطيع تصوره أو إستيعاب نتائجه.
#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟