أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - وفاة ياسر عرفات -- السبب والمسبّب














المزيد.....

وفاة ياسر عرفات -- السبب والمسبّب


منعم زيدان صويص

الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 23:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نقلت وكالة الأنباء الفرنسية قبل أيام عن رئيس فريق الخبراء الروس الذين يعملون لدى الوكالة الروسية الفدرالية للتحاليل البيولوجية، والذين فحصوا عينات من رفات ياسر عرفات، أن الزعيم الفلسطيني "مات ميتة طبيعية وليس بسبب اشعاع البولونيوم." وقبل أسابيع قليلة، خلُص الخبراء المكلفون من قبل القضاء الفرنسي بالتحقيق في وفاة ياسر عرفات إلى أن الزعيم الفلسطيني لم يمت مسموما، "مرجحين الموت الطبيعي." وكانت قناة الجزيرة الفضائية قد أعلنت، بعد أن إجرت تحقيقا إستغرق وقتا طويلا، أنها إكتشفت مادة البولونيوم المشع في ملابس ومقتنيات إستعملها عرفات قبيل أن يقع فريسة للمرض في تشرين أول عام 2004. أما الفريق السويسري الذي أُعطي عددا مماثلا من العيّنات وفحصها، قال إنه وجد في رفات عرفات كميات غير عادية من البولونيوم ولكنه "لا يستطيع أن يجزم ان سبب الوفاة كان هذه المادة المشعة."

قبل هذه القصة، وقبل ظهور البولونيوم كعنصر فيها، كان الإعتقاد السائد بين معظم الفلسطينيين والعرب، وحتى الأجانب، أن إسرائيل، بطريقة أو بأخرى، دست لعرفات مادة سامه أدت إلى موت بطيء، وكانوا يعتقدون أن إنكار أسرائيل أي علاقة بالقضية لا يغير من الأمر شيئا. وقد دعم هذا الإعتقاد أطباء فلسطينيون وعرب على رأسهم طبيبه الخاص أشرف الكردي. ولكن خبراء من دولتين عُظميين -- واحدة ليست عدوة للفلسطينين بأي شكل، وكان لها موقف محترم تجاه عرفات والشعب الفلسطيني وتعاملت مع جثمانه على أرضها كما تتعامل مع جثمان رئيس دولة، وأخرى تُعتبر صديقة للفلسطينيين -- هؤلاء الخبراء، بغض النظر عن رأينا بمصداقيتهم، عبروأ عن رأيهم بان وفاة عرفات كانت طبيعية وليست تسمما من البولونيوم. قبل هذا التحقيق، كان الإتجاه العام أن عرفات مات مسموما، بالبولونيوم أو غيره، أما بعد التحقيق فقد إختلف الوضع تماما لمصلحة إسرائيل، وفقد العرب والفلسطينيون جزءا آخرمن مصداقيتهم، وبدل أن تكون هذه المسألة نقطة لصالحهم، أصبحت نقطة عليهم. وأصبح الآن أي تحقيق إضافي في وفاة عرفات لا معنى له، فمن غير المحتمل أن يُفتح القبر ثانيه لإجراء فحوص وتحاليل جديدة. ومهما تكن نتيجة التحقيق فإن أسرائيل ستنكر أي دور في قتله ولن يبقى سوى الحقيقة التالية: "أن ما يقوله الفلسطينيين مناقض لما تقوله إسرائيل."

ما الذي دفع قناة الجزيرة إلى نبش هذه القضية بعد عدة سنوات من وفاة عرفات؟ هذه القناة إكتشفت منذ زمن طويل أن القضية الفلسطينية هي أكبر مصدر لشعبيتها في العالم العربي والإسلامي واتّبعت سياسة تحريرية إعتمدت على الإثارة، أو ما يسمى باللغة الإنجليزية (sensationalism)، والتحريض، وأيدت فريقا من الفلسطينيين ضد الآخر، آخذة جانب حماس ومديرة ظهرها لمنظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. ولكن الأمور إختلفت بعد الثورات العربية الحديثة وخاصة ما يحصل في سوريا، وقلبت الجزيرة موقفها رأسا على عقب، فتخلت عن نظام الأسد وحزب الله واليسار العربي، واصطفت مع اليمين العربي وأصبحت بوقا للإئتلاف المعادي لحلفاء الأمس وللإخوان المسلمين، وخدم هذا البوق إستمرار القتال الكارثي في سوريا عن طريق تشجيع حملة السلاح من المعارضة، وخاصة المتطرفين الإسلاميين، وإعطائهم وقتا غير محدود على الهواء وخلق الأنطباع لديهم بأن نصرهم على قوات بشار صار قاب قوسين أو أدنى. وأدى تغيير موقف الجزيرة تجاه محور اليسار أو "الممانعة" إلى هبوط شعبيتها لدى اليساريين والقوميين العرب والشعوب العربية بوجه عام، وخاصة الشعب الفلسطيني.

وهكذا تبنت الجزيرة قضية تعرف أنها مثيرة للجدل، وهي البحث فيما إذا كان الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مات مقتولا أم حتف أنفه. الجزيرة تعرف أن الغالبية العظمى من الرسميين الفلسطينيين والشعب الفلسطيني والعربي تعتقد أن إسرائيل هى المسؤولة عن موتة، ولذلك تبنت القناة هذه القضية لتلعب على عواطف الشعب الفلسطيني. والشعب الفلسطيني والمراقبون يذكرون كيف هاجمت القوات الإسرائيلية مقر الرئيس عرفات في رام الله بعد أن أتهمته بإثارة إنتفاضة فلسطينية جديدة وكادت أن تقتله، وادّعت، وأيدتها الإدارة الأمريكية بقيادة بوش، أن عرفات كان يدعم ماليا عائلات إستشهاديين فلسطينيين. ومن المنطقي أن نقول أن إسرائيل لم تكن لتتورع عن قتل عرفات، بهذه الوسيلة أو تلك، إذا إستطاعت، لأنها قتلت العشرات من القادة الفلسطينيين، ولم تخجل من قتلها الشيخ المقعد أحمد ياسين، بل تفاخرت بذلك.

تبنت الجزيرة هذه القضية بالتعاون مع أرملة الرئيس الراحل وباستغلال عواطفها تجاه زوجها وقلة خبرتها في السياسة والإعلام، وتسرّعها عندما قالت إن المادة السمية أعطيت له "من احد المحيطين به." كانت الجزيرة تعرف أن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية حتما سيُجبرون على تأييد التحقيق في هذه المسألة وإلا ستتعرض مواقفهم للشك من قبل الشعب الفلسطيني وستُعطي حماس الفرصة لتشويه سمعة عباس وسلطته، واتهامه "ببيع" دماء عرفات، وبذلك ترمي ظلالا من الشك على عباس ومساعديه وتحرج السلطة الفلسطينية أثناء المفاوضات، وتظهر كمدافعة عن رمز الثورة الفلسطينية وزعيم الشعب الفلسطيني، مع أنها، هي والجزيرة، لم تكونا راضيتين عنه أبدا قبل موته بل كانتا تحاربان سياسته ومواقفه بشكل منظم ومدروس. وقد وجدت الجزيرة في هذه القضية وسيلة لاسترداد شعبيتها بين الفلسطينيين وإشغالهم بهذا الأمر بعد أن إصطفت مع المعارضة في سوريا ضد محور "الممانعة" ممثلا ببشار الأسد وحسن نصرالله وإيران.

وهناك عامل آخر في غاية الأهمية ولا نستطيع أن نهمله، وهو العامل السياسي في التأثير على قرار الأطباء والخبراء الذين عالجوا عرفات أو أخضعوا رفاته للفحص، وهذا العامل تفرضه الأوضاع في المنطقة والعالم والعلاقات بين الدول العظمى، ولا شك أن هذا العامل السياسى سيمنع أي إعادة مهمّة للفحص. غير أنه من الواضح الآن، من الناحية العملية، أن التحقيق في سبب وفاة ياسر عرفات، قد إنتهى بالفشل وتبرئة إسرائيل، على الأقل في نظر العالم، وكان من الأفضل لو لم يتم من الإساس.



#منعم_زيدان_صويص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المثقف الحقيقي
- الخلافة وولاية الفقيه
- الإبحار إلى الهلاك
- عصْرُ البرابرة
- الضجّة حول البرنامج النووي الإيراني جَمّدتْ قضية فلسطين لمصل ...
- -الجزيرة- الأمريكية
- الإقتراح الروسي طوق نجاة للإدارة الأمريكية وللنظام السوري
- دروس الربيع العربي
- الجزيرة تُخضِع سياسات قطر للبحث والتمحيص !!
- التغيير في قطر وحُكْمُ العجائز
- هل حسّن التقدم العلمي وثورة المعلومات والإتصالات الحديثة من ...
- هل سيتقرر مصير حزب الله في الحرب السورية؟
- الجمود ومقاومة التغيير وغياب المرونة أهم أسباب الفشل في حل ا ...
- أين وصل الإسلام السياسي؟
- كيف إستُخدمت قضية فلسطين أداة لفرقة العرب
- المصالحة الحقيقية الحلّ الوحيد لسوريا والعراق
- يا أسود يا أبيض
- من الغزو اللغوي إلى الغزو الثقافي
- أوقفوا تسليح المعارضة السورية
- هل قَتلُ الإرهابيين يقضي على الإرهاب؟


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - منعم زيدان صويص - وفاة ياسر عرفات -- السبب والمسبّب