|
جدلية كيف نعيش أو كم نستهلك ؟؟
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 10:42
المحور:
حقوق الاطفال والشبيبة
جدلية كيف نعيش أو كم نستهلك ؟؟ الحكومات كالأفراد لها مدة حياة مُفترضة ، وتتخذ قرارات في المراحل المفصلية المهمة من حياتها مُعتقدة بأن هذا القرار هو المطلوب والضروري في هذه المرحلة من الحياة . تشذ عن هذه القاعدة حكومات اسرائيل المتعاقبة والتي وقبل أن تتخذ قرارا ما بخصوص ما "يُسمى عملية السلام "، لأنه لا توجد عملية سلام في الحقيقة ، قبل اتخاذها أي قرار فأنها تبحث عن "هدية " تُسكت بها قطعان المستوطنين السائبة في الضفة الغربية . فعند كل قرار بأطلاق سراح "اسرى " فلسطينيين من سجونه ، فأن الحكومة تُعلن مباشرة وبالتزامن مع الافراج العتيد ، تُعلن عن تكثيف الاستيطان وبناء الاف الوحدات السكنية للمستوطنين ، والذي يُسبب فعليا لوأد كل أمل في المستقبل ، للتوصل الى حل سلمي مع الفلسطينيين ، والذين لن يختفوا بقدرة قادر ولن يقوم البحر بابتلاعهم دون سابق انذار . وقبل الافراج عن المجموعة الثالثة من الاسرى( غدا ) ، أعلنت الحكومة عن نيتها بناء مستوطنات جديدة ، بالإضافة الى أن اللجنة الوزارية المختصة قد قررت المصادقة على اقتراح قانون يقضي بضم منطقة البقعة الفلسطينية لإسرائيل . ( وهذا موضوع منفصل ويحتاج الى معاملة خاصة ) . أذن ما تقوم به حكومات اسرائيل هو التبني الفعلي لفكر القوميين المتدينين من اليهود وغالبيتهم من المُستوطنين ، هذا الفكر الذي يضع "قدسية " ارض اسرائيل وقدسية توراة اسرائيل بموازاة ،ان لم يكن فوق قدسية حياة شعب اسرائيل ، أو بكلمات بسيطة ، الارض اهم من الانسان !! الاحتلال واستمراره بما فيه من ممارسات لا انسانية ، قمع ، اضطهاد ومصادرة حق شعب أخر في الحياة ، هذا الاحتلال أهم من حياة كل الاسرائيليين واليهود تحديدا . أن هذا الفكر وخلال تطبيقه على أرض الواقع ، يعني فيما يعنيه تفضيل كل من يساهم في تكريس الاحتلال ، تفضيله من ناحية الميزانيات على بقية الاسرائيليين . لذا فأننا نُلاحظ بأن ميزانيات الجيش هي الميزانيات التي تزيد سنويا ، وكذلك ميزانيات المُستوطنين ، والتي هي أكبر بثلاثة اضعاف من الميزانيات المُخصصة للمواطنين داخل الخط الاخضر . من المتضرر المُباشر من تبني هذا الفكر ؟؟ قال اليسار وخصوصا الحزب الشيوعي بأن المُتضررين من هذه "السياسة " هم العمال والفُقراء ، وذلك لأن الميزانيات للوزارات الخدماتية يتم تقليصها سنويا ، فوزارة التربية والتعليم ، وزارة الرفاه ، وزارة العمل ووزارة الصحة ، تحصل على ميزانيات أقل ، مما يعني فعليا ، تقليص الخدمات المُقدمة للفقراء ، والذين هم بغالبيتهم من الطبقة العاملة ، والذي يعني فعليا ايضا "اطفال جياع " لا يجدون تغذية صحية وكافية لنموهم ، ولا مدارس مؤهلة لإكسابهم "مهنة " يواجهون بها الفقر والجوع .. الاحصائيات الرسمية تقول بأن غالبية الفقراء هم من العمال ( الذين يعملون بوظيفة كاملة أو أكثر ) ، علما بأن يوم العمل الاسرائيلي هو الاطول في ال OECD (43 ساعة اسبوعيا في اسرائيل مقابل 35 ساعة عمل اسبوعيا في فرنسا )، اي منظومة دول الاتحاد الاوروبي المتطورة . مما يضطر الاهل الى العمل ساعات اضافية لكي يستطيعوا تغطية العجز في "ميزانيتهم " المنزلية ولكي يستطيعوا أن يستهلكوا أكثر ، اذا ما توفر المال في جيوبهم ، وذلك على حساب متابعة ومراقبة حياة ابنائهم . العمال يعملون بكد ولساعات طويلة يوميا ، ويحصلون على أُجور لا تكفي لتوفير الطعام ، فما بالك بما يجعل الحياة بجودة افضل ؟؟ التقرير الاخير عن الاستبيان الذي شمل شريحة ابناء ال11 حتى ال16 ، كشف عن واقع قاس وأليم ، ووفقا لهذا الاستطلاع فأن واحدا من كل ثلاثة اطفال يُعاني من الجوع !! جرى هذا الاستطلاع في اسرائيل في الآونة الاخيرة . " الكشف " الأقسى والأصعب والصدام هو ، بأن واحدا من كل خمسة ابناء الشريحة تعرض لاعتداء جنسي !! فيما صرح 41% من افراد العينة بأنهم ينكشفون لمضامين بورنوغرافية "مشروعة " عبر وسائل الاعلام ..(تسويق عبر تسليع جسد المرأة وتشجيع على زيادة الاستهلاك ) . النتائج كثيرة ولامست تقريبا كل مناحي حياة الاطفال ، لكنني ارتأيت أن أقتبس هذه المُعطيات التي شكلت صدمة بالنسبة لي وخصوصا الكم الهائل من الاطفال الذين يتعرضون لاعتداءات جنسية . عضو الكنيست دوف حنين الشيوعي الاسرائيلي تقدم باقتراح قانون يقضي بتقليص يوم العمل مع الحفاظ أو حتى زيادة الاجر عن ساعات العمل ، هذا الاقتراح سيُفشله ممثلو الرأسمال الكبير ، مع أنه سيجعل حياة الانسان أفضل قليلا ، ويستطيع الاب والام من التواجد مع ابنائهم لوقت اطول ، ولربما يحافظوا عليهم من اعتداء محتمل ، فالرأسمال لا يريد أن يدفع أجورا تضمن الحياة بكرامة كما وأنه يريد أن يستهلك الناس منتوجاته وبكثرة ( كيف يكون ذلك اذن ؟؟). ويبقى السؤال الرئيسي ، من أكثر قدسية ، الانسان أم الارض ؟؟ التُراب والحجارة أم أجيال المُستقبل ؟؟ يتضح بأن اسرائيل في الطريق نحو تقديس التراب والحجارة ( رغم أنها حجارة شعب أخر ) فعلا وقولا وتفضيله ( أي التراب ) على قدسية حياة الانسان واجيال المُستقبل ، قولا وفعلا ايضا ..
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ساقان أُنثويتان .. والرأي العام
-
الحالة الثورية والمد الثوري ..
-
في الدفاع عن بعض السلفية ..
-
هل المسيحية قومية أم دين ..؟؟
-
فيروز ونصرالله.. وماذا في ذلك ؟؟
-
مخاطر -مهنة - الابداع ..
-
-اصوات - مثلية -تخرج - من الخزانة ..
-
محمود -الشوعي - وأراؤه
-
جنس ودواجن...!!
-
تخصصات نادرة ...
-
بين النقد والشتيمة ..
-
لا لقتل اسرائيل .. نعم لإنقاذ فلسطين
-
قطاع غزة والجنة ...!!
-
أحاديث في غرفة العناية المُكثفة ..
-
شيطنة أم مواجهة ؟؟!! تعليق على مقال الاستاذ خالد الحروب
-
هاجس الكتابة بين النرجسية والعلاج الذاتي
-
جدلية العلاقة بين الشكل والمضمون
-
هل حقا هذا موقع للحوار ؟؟
-
العملاق هوى .. مانديلا يفارق الحياة
-
لنا .. ولكم .
المزيد.....
-
ترامب يفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية.. ماهي؟
-
ترامب:إجراءاتنا ضد المحكمة الجنائية الدولية قد تشمل حظر المم
...
-
ترامب يوقع مرسومًا بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
...
-
ترامب يعاقب المحكمة الجنائية الدولية ويعلن الطوارئ الوطنية ض
...
-
غزة.. دمارٌ وركامٌ ورياحٌ عاتية أجهزت على ما تبقى من ملاجئ و
...
-
ليبيا.. ترحيل طوعي لمهاجرين مصريين غير شرعيين
-
الاحتلال الإسرائيلي يفرض تدابير تحول دون الانجاب في قطاع غزة
...
-
بسبب إسرائيل.. ترامب يقر عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية
...
-
جالانت: أعطينا أوامر للجيش بقتل الأسرى مع آسريهم
-
البنتاغون ينشر فيديو لترحيل أول دفعة من المهاجرين إلى غوانتا
...
المزيد.....
-
نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة
/ اسراء حميد عبد الشهيد
-
حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب
...
/ قائد محمد طربوش ردمان
-
أطفال الشوارع في اليمن
/ محمد النعماني
-
الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة
/ شمخي جبر
-
أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية
/ دنيا الأمل إسماعيل
-
دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال
/ محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
-
ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا
...
/ غازي مسعود
-
بحث في بعض إشكاليات الشباب
/ معتز حيسو
المزيد.....
|