أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهيج وردة - ما قبل الزواج المدني















المزيد.....

ما قبل الزواج المدني


بهيج وردة

الحوار المتمدن-العدد: 1229 - 2005 / 6 / 15 - 12:28
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أبدأ مقالتي هذه من حيث انتهت مقالة " الزواج المدني .. رأي الكنيسة والجامع " , إن لم تغير الحكومات قوانين الأحوال الشخصية المتبعة منذ عقود , فعلى أقل تقدير أن تغير المرأة الواعية و الشاب الواعي قدر مؤسسة الزواج التي يقدمون على الانتساب إليها من الفشل إلى النجاح و التساوي في اختيار البقاء مع الآخر و إمكانية الانفصال عنه .
من وجهة نظر شاب هو أنا دون أن أطلق على نفسي صفة الواعي التي أترك لقارئ المقال حكمه في النهاية , أناقش هذا الموضوع المهم , المغيب في الأدراج , و البعيد عن حلقات البحث , حتى الجامعية منها , فقبل الحديث عن الزواج و تكوين هذه المؤسسة الاجتماعية اللبنة الأولى للمؤسسة الأكبر( المجتمع ) , المكونة من اجتماع هذه اللبنات لا بد من الحديث عن أساسات هذا البناء قبل بناءه , و لا بد من النظر إلى مثل " رجل عاقل بنى بيته على الصخر . فنزل المطر و فاضت السيول و هبت الرياح على ذلك البيت فما سقط لأن أساساته على الصخر " (*) , و أساس الزواج أفراد المجتمع الصالح المبني على تراكمات صحية صحيحة , تقتضي الاعتراف بالآخر و قبول الاختلاف و المحاورة وقبول النقاش و المساءلة , و كل هذه الأمور برسم التربية الصحيحة , سأحاول أن أنبش في ذاكرة تلميذ تراكمات هذه الأفكار و بذورها الأولى في مرحلة الطفولة و بالتحديد مرحلة التعليم الأساسي منها , خاصة انه درس في مدرسة تابعة لإحدى الإرساليات المسيحية و انتقاله فيما بعد إلى مدرسة كان فيها احد الطلاب المسيحيين المعدودين على أصابع يد واحدة لدجاجة .

فلاش 1 ( النشيد الوطني )

كانت الصلاة الربانية " أبانا الذي في السموات " في الصباح نوعاً من النشيد الوطني لطلاب تلك المدرسة , فالاصطفاف يتبعه بعض الاستراحة و الاستعداد في تهيئة عسكرية للنشيد الصلاة , يليه الدخول إلى الصفوف , و بداية يوم طبيعي يشبه أيام الدراسة في كثير من أنحاء الوطن دون اختلاف أو تمايز , فدرس الرياضة هو حصة الفارغ و الاستراحة داخل الصف , و حصة الموسيقى حصة استراحة المعلمة مع استمرار تهديد عصاها , أما حصة الرسم فمواضيع حرة على الدوام , و لا بأس إن كانت صفحات الدفتر بيضاء بالكامل في نهاية العام , فالعلامات تقدر تقديرا ً في هذه المواد , و النجاح أوتوماتيكي في مراحل التعليم الأولى .

فلاش 2 ( وحدة الصف )

تتشابه أيام الأسبوع في المدرسة كثيرا ً , ما عدا يوم واحد , من المؤكد انه ليس يوم العطلة , بل يوم من أيام الدراسة أثناء الأسبوع , لكن فيه اختلافا ً في مادة واحدة فقط , ففي هذا اليوم تأتي حصة الديانة الأسبوعية , فينقسم الصف للمرة الأولى بين مسيحيين و مسلمين , تفترق الشعبة الواحدة , يغادر احد الفريقين , و يدخل فريق مماثل في الدين , منافس على صعيد الشعبة و فالمراتب الأولى على مستوى المدرسة تتنافسها الشعبتان و كل يحاول احتكار هذه المراتب لصالحه , فالحماسة التي تستثيرها المعلمات للتغلب على المنافس , تستثير الهمم في كل شعبة على حدى للتفوق على منافستها , بعد هذا الانتقال يبدأ الدرس , و ينتهي كما كل الدروس لا بل أقصر لاستهلاك بعض من وقته في الانتقال و العودة إلى القواعد بسلام ً ؟

فلاش 3 ( عن دور العبادة )

مع التقدم في السنوات الدراسية تزداد العلاقة بين التلاميذ و معلميهم أبوة و أمومة , و تصبح تلقائية الحديث بديلا ً عن التلقينية و العصا الجاهزة كل وقت و الوقوف على الحائط كعقوبات لعدم الحفظ أو الاستيعاب , و تصبح سياسة العصا و الجزرة أفضل من العقاب , و يصبح الحديث عن الرضا الأبوي أو الأمومي , مرتبطا ً بالكلام عن الرضا الإلهي و العلاقة مع الخالق , و يستفيض الكلام عن دَور دُور العبادة و الحصول عل علاقة مميزة , فيتم الاستفاضة عنها في دروس الديانة , و يصبح التشجيع للعبادة نوعا ً من الواجب المفروض يوميا ً , و المقبول بكل رضى ً , لوجود قدوة مشجع , يطنب في مديح الملتزمين بالصلاة فكيف بالخدمة , و غالبا ً ما اختلط جرس بدء الدوام ببداية نهاية القداس , لكن لا بأس من التأخير فهذه وصايا القدوة , و الحصة الأولى له , فلا بأس من بعض المديح على الريق , بعد قربانة نهاية الصلاة .

فلاش 4 ( نظرة من الداخل )

يصل كثير من الطلاب مبكرين عن وقت الدوام , لكن وسائل النقل تصل مبكرة , و تكون فرصة طيبة للعب قبل بداية اليوم الدراسي , بينما يتوجه البعض إلى الكنيسة المتاخمة لباحة المدرسة و التي يفصلهما باب مفتوح على الدوام , لا فرق بين عربي و أعجمي إلا بالتقوى , و لا فرق بين إنسان و آخر فالجميع يزور الكنيسة , إما فضولا ً أو رغبة بالتعرف , أو سعيا ً نحو دفء المكان و جماليات الطقوس , أو واجبا ً إيمانيا ً , يتكلم الجميع عن التناول و لذة القربان دون معرفة , سوى القليل عن رمزية هذا الطقس , احد الخدام المقيم بشكل دائم في الكنيسة يتأفف من هذا الجميع , و يحار في المنع أو السماح , لكن قدسية المكان تبقي تأففاته حبيسة الهيكل , تنتهي الصلاة , يتخاطف الجميع القربان في فعل جماعي مشترك , لكن الإجماع يبقى ليتحدث عن لذة الطعم فقط .

فلاش 5 ( مصطلحات )

عبد الستار يقف بجانب عبد الله في الطابور الصباحي , يرددان معا ً الصلاة الربانية ( النشيد الوطني ) , سامر صامت دوما ً في الصباح رغم حفظه الغيبي لكلمات النشيد , لكنه علمنا أيضا ً باسم الآب و الابن نط ّ الخوري عالتبن , رامية عندا تفزع تستنجد بالعدرا(**) , و عندما تصلي تصلي للعدرا, زينب يلهج لسانها بالدعاء إلى الله , تيريز لا تكف عن الحلفان برسمة الصليب التي تخربشها على صدرها بمناسبة أو بدون مناسبة , فادي يصر على تحليف رامي و رامي مصر على أن الحلفان حرام , كل هذه الأشياء لم تكن تلحظ إلا بعد درس ديانة .

فلاش 6 ( الدين والأسطورة )

رغم وجود الكثير من التقاليد الموروثة عن شعوب المناطق التي خرجت منها الأديان , إلا أن مجرد استخدامها في الأديان طهرها من رجس ما قبلها , و فعلها في كينونته فقط , نسمع عن الهرطقات و الارتدادات , نكبر و نقرأ كتبا ً في التاريخ بعيدة عن مناهجنا المدرسية السابقة , نتشوش و نضيع , و نستمع إلى نقاشات و حوارات لكننا نظل حبيسي المرجعية المدرسية التي فيها عشنا مرحلة طويلة و لا نستطيع الإفلات منها , لقوتها في غرس ما أرادت في عقل قابل للتصديق دون شك بالمطلق .

خاتمة

هل يكون إلغاء تدريس الدين في مرحلة التعليم الأساسي جيدا ً , حتى تتم التربية بعيدا ً عن الدين أقرب إلى العلمانية , تاركين للمنزل خيار التعليم الديني إن شاء , دون نسيان حجة المدافعين عن تدريس الدين بأنه تحصين مبكر و تمتين للأخلاق , و إملاء لفراغ موجود , على أن يتم استبدال هذه المناهج المفرقة , بمنهاج موحد يعلم الأخلاق و الحكمة و الخير و الجمال و الحب , مستوحىً من جميع الأديان حتى غير السماوية منها , و التي يدين بها عدد غير قليل من الناس .


* طالب جامعي سوري .


(*) متى ( 7 : 24- 26 ) .
(**) المقصود هنا العذراء مريم .


عن مجلة عشتروت العدد 12-13-14 .



#بهيج_وردة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بهيج وردة - ما قبل الزواج المدني