|
حول قرار جعل ( الإخوان ) جماعة ارهابية
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 23:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أولا : أكتب هذا المقال يوم الأحد 29 ديسمبر 2013 ، وأنباء ( القتال ) المحتدم بين طلبة جامعة الأزهر وقوات الأمن تتصدر المواقع الإخبارية ، لتضيف دليلا أخر الى فشل السياسة المصرية فى التعامل مع الاخوان وجمعياتهم الارهابية ما ظهر منها وما بطن . هو فشل مرتبط بإصرار شديد على الاستمرار فيه لأننا منذ 1989 ومن أول مقال نشرته لنا جريدة الأخبار وما تلاه ، ونحن نؤكد على الحل الاصلاحى السلمى سبيلا للقضاء السلمى على خطر الاخوان وثقافتهم الارهابية . وصل صوتى فى عهد مبارك الى د . أسامة الباز ، الذى عبّر فى لقاء معه عن إعجابه بما أكتب ، ومتابعته لما أنشر ، ولم يكن هناك ما يدعوه لتطوعه بهذا القول لكاتب مثلى قليل الحيلة يعانى الفقر والإضطهاد ـ سوى أنه كان يسجل موقفا يبرر به عجزه عن مد يد العون لى . كان مبارك محتاجا للإخوان وطوائفهم ليخيف بهم الأقباط واليسار والعلمانيين فى الداخل ، والغرب فى الخارج . لذا إستمر فى نشر ثقافة الاخوان الوهابية الحنبلية السنية على انها الاسلام ، ومن أجلهم إضطهد القرآنيين لأنهم يكشفون التناقض بين ثقافة الاخوان والاسلام . ونشأ وضع غريب ، ينشأ المسلم المصرى وقد رضع ثقافة الاخوان على أنها الاسلام الحق ، يتعلمها من المسجد والاعلام والتعليم ، فإذا صار متدينا أصبح متطرفا ، فيجد أمن الدولة فى انتظاره يتولى ( تقويمه ) فيخرج إرهابيا عريقا . أى إن النظام هو الذى يُنشىء أعداءه من شبابه وشعبه ، يربيهم على ثقافة الارهاب ثم يحاربهم متهما إياهم بالارهاب .! ثانيا : وقلنا ولا نزال نقول : إن الطبيعة المصرية مؤسسة تاريخيا على التسامح والصبر ، وأن التطرف الحنبلى وافد وليس أصيلا فى الطبيعة المصرية ، وأنه ينتشر بين المصريين بجهد الدولة ويتغذى بفسادها. وبالتالى فإن التخلص منه لا يكون بالقوة الأمنية والعسكرية ولكن بالاصلاح الدينى والاقتصادى والسياسى والتعليمى ، المؤسس فى البداية على إصلاح دستورى وتشريعى . أما الحلّ الأمنى فهو يُعقّد المشكلة ويحولها الى أزمة مستعصية ، فالاخوان ليسوا مجرد منظمة أو جماعة ، ولكنهم ايدلوجية دينية تنسب نفسها للاسلام ، بل تحتكر الاسلام . فلا بد من مواجهتها فكريا من داخل الاسلام . ومن الحُمق أن تقابل الأفكار والثقافة الدينية بالقوة والأمن المركزى وأمن الدولة والتعذيب ، القوة هنا تطارد خيط دخان ، وتساعد فى نشره وشدة التمسك به ، خصوصا مع إستمرار الفساد وترى الأحوال المعيشية والاحباط والغضب والشباب العاطل والناقم .. ثالثا : ونعود الى الوضع المُخزى حيث يقوم طلبة الأزهر بمواجهة الأمن . وهنا تتجلّى ملامح الفشل بكل ما فيها من عار ..هذا الشباب هو ضحية . فقد تعلم تعليما فاسدا ، جعله يؤمن بأن ثقافة الاخوان السلفية الوهابية الحنبلية السنية هى وحدها الاسلام ، ودرس فى الأزهر أحاديث الضلال والتطرف والارهاب على انها ( صحيح الاسلام ) ورأى الدولة بأزهرها وإعلامها وأوقافها ودُعاتها يؤكدون تكفير أهل القرآن ودعوتهم الاسلامية الاصلاحية . أنفقت الدولة المصرية مئات الملايين كى تنشىء من هؤلاء الطلبة مجرمين حقيقيين ، ولو إستمرت فى سياستها الأمنية فستنفق مئات الملايين فى الحاضر والمستقبل كى تقاومهم وتقضى عليهم ، ولن تقضى عليهم . هم الذين سيقضون عليها. ، إذ ستتسع المواجهة لتسقط النظام أو تدمر مصر بحرب أهلية . ففى المواجهة الأمنية لا يمكن أن تقضى الدولة على شبابها الساخط الذى يعتقد أنه على الاسلام الحق . قد تتغلب الآلة البوليسية حينا ولكن لا تلبث أن تندلع المواجهات ، وتتسع طالما لا ترى الدولة بديلا عن الحل الأمنى العسكرى ، وتتجاهل الاصلاح الحقيقى الذى يأخذ بطبعه زمنا ويحتاج صبرا ودأبا .إن الحل الأمنى له سقف أعلى لا يتعداه . وهو فاشل فى كل مستوياته ، ويزداد فشلا وتزداد تكلفته ويزداد ضحاياه عددا كلما أوغل فيه النظام ، وفى النهاية سيؤدى الى تخريب الدولة وإحترابها داخليا . وعجيب أن يستمر النظام الحاكم فى مصر فى إتّباع سياسة مبارك ، وقد رأى فشل مبارك وسقوطه . والمفترض أن يستفيد من درس مبارك لا أن يكون أضل منه سبيلا .. رابعا : هذا لا يعنى إغفال العامل الأمنى نهائيا ، فلا بد من إقرار الأمن ، وفرض القانون ( العادل ) فى إطار مظلة إصلاح شامل تبدأ بكسر إحتكار السلفية الوهابية الحنبلية السنية للساحة ، وهذا بإلغاء القوانين سيئة السُّمعة مثل قانون الحسبة وقانون إزدراء الدين الذى يُستخدم فى حماية الوهابية السلفية من النقد . والدولة التى تستطيع إصدار قرار متسرع مثل ( إعتبار الإخوان جماعة ارهابية ) تستطيع بدلا منه أن تُلغى بسهولة القوانين سيئة السُّمعة ، لتُفسح المجال امام كل التيارات الفكرية الدينية لتناقش ـ بكل حرية ـ ثقافة الاخوان فى الاعلام والمساجد ، وعندها ستتزلزل عقائد الاخوان الخرافية ، ولن يصمدوا للنقاش بالحجة ، ولن يجدوا عونا من الدولة بالقبض على خصومهم ، عندها سيتركون السلاح ويضطرون للقراءة دفاعا عن دينهم ، وفى النهاية سيجدونه هباءا منثورا .. وباكمال الاصلاح سينتهى الاخوان ويعودون الى متحف التاريخ بلا نقطة دم .. أخيرا ( جعل الاخوان جماعة ارهابية ) قرار متعجّل فى إصداره ، عشوائى فى تطبيقه، إذ يخضع تنفيذه للهوى والظروف ، فليس معروفا على وجه الدقة العدد الحقيقى لأعضاء جماعة الاخوان ، ولا خلاياهم النائمة واليقظة ، ولا يُعرف عدد أنصارهم والمتعاطفين معهم ، ومن هم المعتنقون لأفكارهم . وبالتالى فسيكون هناك ضحايا بالآلاف ، بالاضافة الى ملايين الضحايا الذين علمتهم الدولة ثقافة الارهاب ثم تطاردهم الدولة بتهمة الارهاب .!! وكم ذا بمصر من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا .
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دستور ( اهل القرآن )
-
الحنابلة وإضطهاد الشيعة ب 5 ف 13 / ج 4 : طرائف وفواجع
-
الحنابلة وإضطهاد الشيعة ب 5 ف 11 / ج 3 ( ابن الجوزى الحنبلى
...
-
الحنابلة وإضطهاد الشيعة ب 5 ف 11 / ج 2 : نماذج للفوضى الحنبل
...
-
الحنابلة وإضطهاد الشيعة فى العصر العباسى الثانى ب 5 ف 10 ج 1
-
الحنابلة وإضطهاد الأشاعرة ب 5 ف 9
-
الحنابلة ومحنة الطبرى ب5 ف 8
-
الحنابلة يستأصلون المعتزلة ب 5 ف 7
-
الاتوبيس المصرى
-
ابن الجوزى الحنبلى شيخ القصاصين ب 5 ف 6
-
القصص من وسائل تطبيق الشريعة الحنبلية ب 5 ف 5
-
المنامات من وسائل تطبيق الشريعة الحنبلية ب5 ف 4
-
الشفاعة الحنبلية وتجهيل العوام بالدين الأرضى ب 5 ف 3
-
العوام جنود تطبيق الشريعة الحنبلية القائمة على أساطير الشفاع
...
-
تطبيق الشريعة الحنبلية بإفتراء حديث ( من رأى منكم منكرا فليغ
...
-
أساطير الشفاعة الحنبلية عند ابن تيمية وابن عبد الوهاب( ب4 ف
...
-
مدى تأثير أساطير الشفاعة الحنبلية فى الصوفية ( ب4 ف 2 )
-
أساطير الشفاعة الحنبلية بعد البخارى( ب4 ف 1 )
-
الحنابلة يزعمون ان الله جل وعلا يزور قبر ابن حنبل سنويا ويجع
...
-
من ملامح تأليه الحنابلة لابن حنبل : : ب3 ف 5 / 14
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|