|
صلاح الوديع و مريديه، - ضمير- على باب قصر السلطان
نسيم زروال
الحوار المتمدن-العدد: 4320 - 2013 / 12 / 29 - 02:30
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
هناك من كتب تاريخ السلطة و السلطان، و باع ضميره على أول مزاد بباب قصره. و هناك من كتب و يكتب تاريخ الشعب و كفاحه، و يقدم حياته لأجل حريته. و هناك من باع طواعية تاريخ و كفاح الشعب، فلبس الجلباب و القبعة ثم ركع أمام باب قصر السلطان، و منهم اليوم من هو ينتظر... الوديع و مريديه، "ضمير" على باب قصر السلطان
مناسبة هذا القول، هي هذه الكارثة التي تحمل اسم "ضمير" في طلب لكرسي الخدمة الملكية. المهزلة هي حين يعتبر هؤلاء اليتامى السياسيين، "مثقفي" سوق الجرائد الورقية و الإلكترونية، أنفسهم من بلاد "النخبة"، في حين أن لا وجود لهذه الأخيرة وسط الشعب، بل هي ترعى أمام أعين حراس صالونات السلطان، منتظرة افتتاح مزاد بائعي طموحات الشعب و مشتري عطف صاحب الصولجان. لنقرأ ما يقوله باسمهم أحد بائعي كلام السلطان. " فالمغرب يمر بمرحلة تاريخية دقيقية ، خصوصا بعد الحراك السياسي والاجتماعي الذي فجرته الحركات الشبابية التي يعود لها الفضل في نقل مبادرة الحراك المجتمعي من الأحزاب إلى الشارع" مسألة أن "المغرب يمر من مرحلة تاريخية دقيقة" يقول بها نظام الملك منذ أن نصبه الاستعمار على السلطة، و هو الكلام نفسه الذي تردده عنه كل حكومات صاحبه المتعاقبة. و القول بهذا الكلام، لا يعني سوى أن صاحبه يقف أمام حراس باب قصر السلطان. فالذي يجعل من هذه "المرحلة التاريخية دقيقة" و منذ تنصيب الاستعمار للسلطان، هو تقدم نضالات الشعب منذ المقاومة المسلحة للاستعمار و بعده للسلطان، إلى انفضاح أحد أغنى أغنياء سلاطين العالم الذي يحمل عنه اليوم أشباح هذا "الضمير" خطابه إلى الشعب. أما " ما تسميه ب "الحراك السياسي و الاجتماعي" فهو لم يبدأ البارحة، لأن هذا الشعب لم يهدأ يوما ما من الإجتجاجات الاجتماعية و السياسية التي تنادي أحيانا بكل السلطة للشعب، بسبب سياسات بيع النظام لهذا الوطن. فإن كانت جل الأحزاب، إلا ما نذر، غائبة عن هذه الاحتجاجات، فإن أشباه المثقفين من أمثالكم، هم الآخرين كانوا غارقين في صالونات و مقاهي الكلام المثقفاتي، بعيدا عن تلك الاحتجاجات التي ووجهت بالقمع و الاعتقال و التشريد و أحيانا الاغتيال. الآن، أين أنتم، و أين كنتم، من تلك الاحتجاجات و طوال هذه السنين؟ و لم لم تنتصروا لها، و لو فضحا في أشباه مقالاتكم ؟ ببساطة لأن لا مصلحة لكم فيها، خوفا من أن تجر عليكم غضب حراس السلطان، بل مصلحتكم التي حددتموها لأنفسكم هي على باب قصره و تصريف ( مسخراتي يعني) خطابه للشعب. يقول مسخراتي حراس السلطان: "لكن مبادرة الشارع كانت بدون إستراتيجية ونخبة موجِّهة ترسم الآفاق . وبسبب غياب النخبة عن الحراك الشعبي تم السطو على مكاسب "الثورة"". و من قال لهذه "النخبة" الغائبة، كونها ترعى أمام أعين حراس صالونات السلطان، أن لا إستراتيجية ب"شارع" الصراع السياسي و الاجتماعي. و من قال لهذا الغائب عن الشعب، أن "شارع" الصراع هذا، في حاجة إلى "نخبة" هي أصلا عنه غائبة، "توجهه و ترسم أفاقه"؟ أو تظنون أن هذا الشعب الرافض و الثائر منذ الاستعمار إلى تنصيب السلطان، ينتفض هكذا، في غيابكم و في غنى عن أمثالكم، من دون وعي بما يريد تحقيقه و من دون أهداف تحمل مشروع مستقبله. أم تظنون أنه عاقر كي يحتاج لتجار الكلمة و مجندي الخدمة الملكية. فالصراع، و هو صراع بين مشاريع هي بطبيعتها استرتيجية، هو صراع بين إستراتيجية كل السلطة للشعب، هذا الشعب الذي أنتم غائبون عنه، و بين إستراتيجية كل السلطة، أو جزؤها الأساسي للسلطان و الفتات لبائعي "الضمير". و بين الإستراتيجيتين، يجتمع السفهاء و بائعي كلام السلطان (الشناقة)، غير قادرين على الانخراط في استراتيجيه نضال الشعب و كفاحه، فهم ليسوا منه، و بكلامهم هم " غائبون" عنه. بل هم منخرطون متطوعون في خدمة استراتيجيه السلطان، و في كل مرة تلسعهم نار ثورة الشعب، يدقون جرس باب حراس قصر السلطان. يلوكون بنفس لسان غيرهم من من ركب مأساة الويلات التي يحياها شعبنا و قدموها على أول مزاد بباب قصر السلطان، يحملون نفس القلم و يكتبون به القول ذاته: " جعلت المغرب تتهدده نزعتان خطيرتان : نزعة التسلط والاستبداد بمرجعيات مختلفة ،ما سيؤدي إلى الإجهاز على المكتسبات الحقوقية والسياسية وتهميش المجتمع والفاعلين السياسيين وتمركز القرار السياسي خارج المؤسسات المنتخبة ، أو نزعة الفوضى و"السيبة" التي تتهدد كيان الدولة والمجتمع". و كأن البلاد تعيش جنة من "المكتسبات الحقوقية و السياسية"، و كأن "القرار السياسي" اليوم فعلا هو داخل ما تسميه ب "المؤسسات"، و كأن هذه الأخيرة هي الأخرى فعلا "منتخبة". استفق يا "ضمير"، و لا تمارس الدعارة السياسية، فتلوك ما مضغه و ألقاه في فمك السلطان. سم الأشياء بمسمياتها. فالقرار السياسي و مند أن نصب الاستعمار السلطان، هو خارج ما يظنه "ضمير" ب "مؤسسات منتخبة"، و يستحيل الحديث عن "المكتسبات الحقوقية و السياسية" جنونا، حين استمرار الاختطاف، الاعتقال السياسي، التعذيب في المعتقلات و أثناء الاعتقال و الاختطاف و "التحقيق"، استمرار الترهيب و تشتيت العائلات و ضرب التظاهر و الحق فيه، تجريم العمل السياسي خارج الإطار الذي رسمه السلطان و فرض و بالقوة الولاء السياسي له... ف"التسلط و الاستبداد الذي يتهدد المغرب" هو هذا القائم اليوم، و ما نضال الشعب و شبابه الكادح، الذي هو مستمر حتى اليوم، و أنتم "النخبة"، غائبون عنه، إلا نضال من أجل الحرية و القطع مع استبداد السلطان. فالوضع الذي ينبه مريدي "ضمير" السلطان من إمكانية حدوثه، هو في حقيقته الوضع هذا الذي نحن تحت سلطته فيه. أليس من العار يا "ضمير"، إن كان فيك نفحة "ضمير"، القول ب "المؤسسات المنتخبة"، و الكل يعلم أن نسبة مقاطعة مسرحية السلطان، قاربت الثمانين من المائة و بشهادة حراس السلطان هي في حدود 63 في المائة. كما هي قامت و بشهادة المتلاعبين فيها، على أسس مغشوشة. الحق يقال يا "ضمير"، مؤسسات شكلية تعتمد كل مرة تعيين الممثلين المناسبين. ففي السابق كان هناك من يتقن الأدوار الدرامية، و في اللاحق، أي اليوم، جاء من يتقن الكوميديا. أصل معك الآن إلى أولى مهماتك التي حددتها الهمة في "ضمير"ك: "من هنا استدعت الحاجة إلى "ضمير" يراقب الوضع العام ، ينتقد الاختلالات ، يحذر من الانحرافات ، يقترح الحلول التي يراها مناسبة ، يوجه نحو الأهداف التي رسمها الحراك ويتطلع إليها الشعب ." الشعب الذي أنتم و بقولكم "غائبون" عنه، يتطلع إلى الحرية و القطع مع الحكم الفردي المطلق، فهلا توجهتم أنتم مع هذا الشعب و نحو هذا الهدف؟ جيد جدا أن تراقب و تحذر و تقترح، فهل أنت بقادر على أن تراقب سياسة السلطان، ميزانيته التي لم ترفض أو حتى تناقش يوما في "مؤسساتك المنتخبة"، و هل أنت بقادر على أن تراقب مشاريعه و قنوات صرف ثروات الوطن في خزائن السلطان؟ طبعا، أنت لست بقادر على هذا، و لن تستطيع حشر أنفك فيه. أما هذا "الحراك" فقد قال كلمته النهائية و تجاوز الحدود التي رسمتها همتك ل "ضمير"ك: " حركة ضمير تجعل من مهامها تعبئة الرأي العام الوطني من أجل الضغط على الحكومة حتى تحترم الأبعاد الإنسانية والحقوقية والاجتماعية في برامجها وتوجهاتها ، وتجعل مبادئ وقيم المواطنة هي مناط ومحور سياساتها العمومية". أنت بمقياس هذا "الحراك" رجعي بواجهة، كما جاء بقلم أحد مريديك، " أن يسترد الشعب حريته وكرامته". فمتى كان لحكومة بهذا البلد "برامج و توجهات"، و المؤسسات الدولية تحدد، عن طريق وكلائها المحليين و على رأسهم السلطان، الاسترتيجية السياسية و الاقتصادية للبلد. متى كانت هناك "برامج و توجهات" لحكومة ما في هذا البلد، و برامج و قرارات ضرورة "الإصلاح التعليمي و القضائي" مثلا تسقط أوامر من خارج حدود البلد، لتنفد على الفور و تحت السمع و الطاعة. لستم فقط "غائبون" عن الشعب، بل أنتم "غائبون" حتى عن ما يجري بهذا البلد. لتصل الوقاحة بهذا "الضمير الغائب" و هو يقول " ومن أهدافها كذلك أن تنيط بالشعب مسئولية حماية مكتسباته وتخرجه من دائرة الوصاية إلى فسحة المبادرة"، غائبون عن الشعب الذي تكسر جماجمه يوميا في ساحات النضال من طرف أجهزة السلطان القمعية، ثم يتجرأ قلم "ضمير"كم الوقح على أن "ينيط بالشعب مسئولية حماية مكتسباته"، وقاحة وسفالة هذا ال"ضمير" أنه يظن أن من غيره لا وجود لعقل مفكر بهذا البلد، و على الخصوص وسط هذا الشعب العظيم. فهو، "ضمير الوقاحة" الوسخ هذا، " يقدم نفسه قوة اقتراحيه مبادرة"، بماذا؟ بالكلام، و مبادرة بماذا؟ بموائد المنتديات المؤدى عنها سلفا، و ندوات المعاهد و المسارح المرخصة قبل الطلب. لعلمكم، الشعب مكانه الأحياء الشعبية و الشوارع التي فيها يقول أحد مريدي همة «ضمير" الوديع مدافعا عن دولة السلطان:" فالدولة تفقد هيبتها تدريجيا وحالة الفوضى نلمسها في الشارع العام". أمن أجل هذا سقط هذا ال"ضمير" الوقح، أمن أجل "إعادة هيبة الدولة". و يقف ال"ضمير" الوقح مع نفسه، و يسائلها: " كل هذا يستوجب وقفة مع النفس ومع الضمير لنسائل أنفسنا إلى أين نسير بهذا البلد ؟ وكيف يمكن إنقاذه ؟ وما هي مداخل الإنقاذ ؟"، يتحدث ال"ضمير" هنا باسم النظام مباشرة، و من دون خجل " إلى أين نسير بهذا البلد؟، وكيف يمكن إنقاذه ؟"، إنقاذ من؟ البلد أم النظام الحاكم في البلد؟ " وما هي مداخل الإنقاذ ؟"، له مداخل متعددة و في العديد من المدن، فما عليك إلا أن تنتظر أمام باب قصر السلطان.
#نسيم_زروال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
-
هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال
...
-
الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|