|
منظمات المجتمع المدني – دورها و ماهيتها
مرعي أبازيد
الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 13:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نظراً للأحداث التي تعصف بالبلاد منذ ما يقارب الثلاثة أعوام، من البديهي أن تكون هناك منظمات للمجتمع المدني في جميع المحافظات السورية لوضع خطط شاملة من أجل بناء مجتمع مدني يكون مستعداً لحمل أعباء المرحلتين الحالية و المقبلة أي مرحلة مابعد سقوط النظام. و رغم انشغال السوريين بالهمّين السياسي والعسكري المتعلقين بالحراك الثوري، وعدم الإدراك الكافي لأهمية هذه المنظمات وتأثيرها على مسيرة الصراع، وقلة الكوادر و إنعدامها في بعض المناطق أحياناً، وهذا مردّه في حقيقة الأمر إلى خمسين عاماً من التسلط و الاستبداد عاشته البلاد خلال حكم حزب البعث، و ما تخلل هذه الفترة من كبت للحريات طال جميع طبقات المجتمع و خصوصاً الطبقة المثقفة و المتنورة التي زج بها في غياهب السجون و المعتقلات، إلا أن المرحلة الحالية تحتم علينا تأسيس مثل هذه المنظمات لما تحمله من فائدة و طاقات بناءة للوصول إلى إجماع مجتمعي أكثر وضوحاً من شأنه إنارة الطريق أمام قوى المعارضة بجميع توجهاتها و تحسين الأوضاع و تخفيف وطأة القتال على أبناء المجتمع و الحيلولة دون نشوب حرب أهلية طائفية مذهبية شاملة. تجدر الإشارة هنا، إلى أن حركة الاحتجاج التي انطلقت في الثامن عشر من آذار عام 2011 هي بحد ذاتها كانت تجسيداً لحركة مجتمع مدني يريد انتقالاً سلمياً إلى نظام ديمقراطي، كان من المفترض دعمها منذ البداية على اعتبارها أول خطوة في الاتجاه الصحيح يقوم بها الشعب السوري منذ تولي حزب البعث مقاليد الحكم. لذلك، الحاجة اليوم ملحة أكثر من أي وقت مضى لتفعيل و دعم دور المجتمع المدني للحد من الصراعات الطائفية والتصعيد الفوضوي الناشئ عن الصراع الدائر. لذلك يتوجب التواصل مع مجموعات المعارضة التي تتبنى علاقات إيجابية وتشجع الحوار بين مختلف الفصائل الدينية والعرقية السورية تعتبر محوراً مجتمعياً أساسيا من أجل تفادي تكرار السيناريو العراقي و بناء مجتمع مدني متكامل نحن بأمس الحاجة إليه، بعد أن عانى هذا المجتمع من التضييق من قبل نظام ديكتاتوري انتقل من الأب إلى الإبن، خشية ظهور منظمات أهلية و نقابية تقوم بإشراك الجميع في تنمية المجتمع. إن هذه المنظمات ضرورية جداً في وقتنا الحالي ولسنوات طويلة قادمة قد تمتد لعقد من الزمن على الأقل بعد الانتصار على الطاغية، وذلك من أجل المساهمة في إغاثة المتضررين وخصوصا النازحين واللاجئين الداخليين و الخارجيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية من مأوى و غذاء و دواء و علاج و تعليم، و لإعادة إعمار البنى التحتية و الدمار الكبير الذي تعرضت له المدن والقرى و البلدات على كافة المستويات، بالإضافة إلى متابعة الجوانب الحقوقية المتعلقة بالظلم والجرائم التي تعرض لها الناس من تعذيب وخطف ومجازر إبادة جماعية وغيرها. في الحقيقة، مؤسسات المجتمع المدني ليست ظاهرة ديمقراطية فقط، بل إنها أيضا أداة فعالة في تحقيق التحول نحو نظام ديموقراطي مدني تعددي يكون فيه المواطن هو العنوان الرئيس في بناء دولة المواطنة و القانون. و هذا سيؤدي بالتأكيد، إلى إسقاط جميع المنظومات الديكتاتورية و التوليتارية التي عاشتها و تعيشها البلاد. من المعروف تاريخياً، أن أي نظام جديد يكون بحاجة لدمج الحركات المدنية و الشبابية في أدوار حقيقية بناءة كي يكون قوياً يستطيع تحقيق الاستقرار والازدهار، عبر منظومة العلاقات مع منظمات المجتمع المدني الدولية التي أبدت صراحة استعدادها للتفاعل مع الأزمة في سورية في المرحلة الحالية و في مرحلة ما بعد الأزمة. لذا ينبغي أن تقوم منظمات المجتمع المدني في سورية بدور نشيط من الحملات الاعلامية و الدعائية لنسج علاقات قوية مع المنظمات الدولية الفاعلة وخلق حالات جديدة تعطي زخماً قوياً للثورة. في خضم التناقضات ما بين الثورة و العمل المدني، مازال مفهوم المجتمع المدني في سوريا يرتبط بالعزلة نوعاً ما، بسبب وجود تجمعات فردية أو تابعة لتيارات دينية مشبوهة تقوم بعمليات إغاثية و تقدم المساعدات لأناس بعينهم دون غيرهم مما يعيق و يربك عمل منظمات المجتمع المدني رغم قدرتها على الإنتاج والعطاء، بدءاً بأصغر مؤسسة لمحو الأمية وانتهاءً بالمنظمات العالمية الضخمة. لذا، لا يتوجب على هذه المؤسسات الاصطفاف سياسياً، كي لا تتحوّل إلى حزب سياسي في حال النشاط السلمي، أو ميليشيا مسلحة في حال النشاط المسلح. فالمطلوب إذاً من الناشطين الشباب في إطار الثورة السورية، أن يولوا هذا الجانب أهمية أكبر في حراكهم، وتأسيس المزيد من المنظمات المحترفة في المجالات الإنسانية والاجتماعية والحقوقية، لأنه من الأهمية بمكان تقديم الخدمات للناس المحتاجين وخصوصا مع ازدياد أمد الأزمة.
#مرعي_أبازيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليسار العربي يعود من جديد
-
عيد و دموع!
-
-الربيع العربي- وسياسة روسيا في منطقة الشرق الأوسط
-
الترجمة أمانة لا خيانة،
-
حركة الترجمة في العصر الذهبي للحضارة العربية
-
الأدباء الروس واللغة العربية
-
لماذا توسيع حلف شمال الأطلسي ( الناتو ) يشكل خطرا على روسيا
...
-
قصة نساء حفرن أسماءهن على جبين الإنسانية
المزيد.....
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
-
ترامب يدرس تعيين ريتشارد غرينيل مبعوثا أمريكيا خاصا لأوكراني
...
-
مقتل مدير مستشفى و6 عاملين في غارة إسرائيلية على بعلبك
-
أوستن يتوقع انخراط قوات كورية شمالية في حرب أوكرانيا قريبا
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|