أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن الشعار - الحركة القرمطية















المزيد.....


الحركة القرمطية


أيمن الشعار

الحوار المتمدن-العدد: 1229 - 2005 / 6 / 15 - 12:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقدمة
ما يميز هذه الحركة الثورية قيامها على أساس طبقي اجتماعي اقتصادي جوهرا ، ومظهر ديني
مذهبي شكلا، ومحتواها الطبقي الشعبي بدا واضحا نتيجة النظام الاجتماعي الاقتصادي السياسي
الذي كان سائدا
ما يميز قرامطة العراق نظام الالفة الذي يتسم ببعض الصفات الأولية للاشتراكية ويدعو إلى
المساواة و الإخاء بين أبناء المجتمع القرمطي حيث كانت الملكية جماعية ولكل حسب ما يقدمه
من جهود إلى الجماعة ، وحيث شاركت المرأة الرجل في العمل والإنتاج وخدمة الجماعة و
أهدافها المشتركة
أما الحركة القرمطيه في الشام فقد كانت سمتها الاساسيه الحروب، والصراعات العسكرية مع
جيوش الدولة العباسية . ولم تستقر لهم الظروف لاقامة نظام حكم أو دوله،ولا شك انهم حاربوا
من اجل أهداف اقتصادية و اجتماعيه ضد أصحاب الأملاك في القرى ، وضد أصحاب الثروات
الكبيرة في المدن،و من اجل تحسين ظروف حياتهم التي جعلها الإقطاعيون والاثرياءمرة قاسيه
وفي البحرين أقام القرامطة نظاما يشبه" الجمهورية الديمقراطية الشعبية"و ذلك ضمن الإطار التاريخي لتلك المرحلة
طموحاتهم الواسعة اصطدمت بصخور صلبه من الظروف الغير ناضجة تاريخيا من ناحية توافر القوى المؤهلة لانتصار الثورة النهائي فقواهم كانت غير متكافئة مع الجيوش العباسية
الجرارة وطبقة الاقطاعيه الحكومية والفرديه وأثرياء المدن ،والتجار الكبار ،وقربهم من مركز
الخلافة "بغداد".فضلا عن تفكك القوى الفلاحيه ،وبعض الفوضى البدويه ،وتفاوت درجات التطور الاقتصادي في مناطق البلاد،وقلة الوعي الطبقي ،وانتشار بعض الأوهام والخرافات في صفوف الفقراء ،كل هذا مما أدى إلى الفشل في النهاية في منطقة سواد الكوفة وفي الشام
معتقدات القرامطة الفكرية اسما عليه روحا وجوهرا،لكنهم لم يدينوا بالولاء الكامل لهذه الدعوة ذات الجذور الأكثر قدما.بل حافظوا على علاقات الحد الأدنى ثم استقلوا في حركتهم تماما و ساروا على الطريق الثورية و جاءتهم ظروف تنكرت لهم فيها قيادة الاسماعليه لاسباب عديدة
1ـ نهجهم الثوري في الكفاح المسلح واعلان الثورة المسلحة
2ـبعض الأعمال المتهورة في نظر القادة الروحيين و التنكيل بالخصوم
3ـ عدم الخضوع الكامل لقيادة التنظيم والتمرد على قرارات القيادة الإسماعيلية
4ـ الطموح إلى الاستقلالية التامة في الحركة القرمطيه وصنع القرار واتخاذ المواقف

جميع الحركات الثورية التي قامت في عصور سيطرة الأفكار الدينية تقيأت بالدين الذي تسترت وراءه الطبقات المسيطرة من الإقطاعيين والزعماء القبليين المتنفذين .فعملت الحركات الثورية على انتزاع هذا السلاح الحساس من أيدي الرجعية الحاكمة ووضعه في أيدي الكادحين و الفلاحين والمقاتلين ضد الاستثمار اللاإنساني الذي كانت تعانيه الجماهير الكادحة الفقيرة والفئات التي يثقل كاهلها استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وشهرته في وجه أعدائها.



الباب الأول
الأوضاع الاقتصادية الاجتماعية السياسية الفكرية
وتطورها قبل الحركة القرمطيه

وضع الأرض
الأرض تعتبر أحد وسائل الإنتاج الرئيسية،وملكيه هذه الوسيلة الكبرى وطريقة استثمارها تنعكس
على علاقات الإنتاج القائمة في المجتمع ،وعلى صراع الطبقات وقيام الحركة الثورية في الريف والمدن وتبادل التأثير بينهما.و تطور المجتمع مرتبط بالتشكيلات الاقتصادية والاجتماعية ونوع الملكية والظروف والأوضاع الناتجة عن ذلك .
وضع الريف :
كان الفلاحون في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري ـوهم الاغلبيه الساحقة ـفي وضع سيئ للغاية،يرزحون تحت نير الفقر الشديد،والضيق المتزايد ،ويخضعون للاستثمار الإقطاعي البشع بتقديم فائض الإنتاج ،ودفع الضرائب النقدية و العينية لمؤسسات الدولة الاقطاعيه الشر قيه ، ومالكي الأرض ،فضلا عن القيام بأعمال السخرة هنا وهناك في أحيان كثيره
فكان لابد لأولئك الفلاحين الفقراء و المعوزين أن يتحركوا بشكل ما و يقوموا بانتفاضتهم سعيا وراء العدالة الاجتماعية،وللتخلص من العبودية الاقطاعيه والحرمان ،والعذاب الدائم
فهبوا يقاومون الظلم والاضطهاد و النهب والجور والحرمان بقوة السلاح ،الذي أجادوا استخدامه بعد أن وصلوا إلى درجه لا يمكن تحملها من الضغط و الإرهاب والقمع والاستبداد.

وضع المدن
تحول المجتمع عشية القرامطة إلى طور تجاري ،مما أدى إلى خلخلة البناء الاجتماعي ، واعادة تشكيله ، وظهور فئة تجار اقطاعيه.
تميز التطور الاقتصادي في هذه الفترة بتعميق التقسيم الاجتماعي للعمل و بانفصال الحرفة الكلي عن الزراعة ، وبتوسيع الإنتاج السلعي و الاقتصاد النقدي ،على حساب علاقات الاقتصاد الطبيعي.
وظهرت فئات اجتماعيه تجاريه ,صناعية غير متطورة لم تستطع الوصول إلي مرحلة الحسم في صراعها مع الاتجاه ألا قطاعي العام الذي أسميناه " الاقطاعيه الشرقية"

الوضع الطبقي "الاجتماعي "
ظهر الصراع على المسرح الطبقي بشكل واضح بين كل الفئات الاجتماعية الفقيرة ، وبين الطبقة الأولى الحاكمة الاقطاعيه الشرقيه . وتجلى نضال الجماهير الشعبية على شكل مظهر ديني ,كتعبير عملي عن طموح اجتماعي ,اقتصادي ,ترافق بدعوات"مهديه"

الأوضاع الفكرية
كانت الأفكار تتصارع في منتصف القرن الثالث الهجري بين شتى المذاهب و العقائد , والنزعات و العصبيات القبلية, الباقية آثارها الامويه حتى هذا الوقت من تاريخ العباسيين وكان الصراع محتدا بين المثل القديمة و المثل الجديدة الحية ,حيث وجدت الفكرة الاسماعيليه البيئة الصالحة لتعيش في هذا المجتمع الذي تسوده التناقضات والاضطرابات الاجتماعية ,والحياةالفكريه المزتبكة إلى حد كبير.





الباب الثاني
أسباب قيام الحركة القرمطيه
1ـ ظهور الاقطاعيه الشرقية المستبدة: و اتصفت هذه التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية بنهب الشعب الذي أغلبيته من الفلاحين الفقراء و الأجراء والمعوزين .فالدولة ناهب والشعب منهوب. الدولة مستغل والأغلبية مستغلة الدولة مالكة والشعب مملوك (من حيث خضوعه للاستبداد بشع)
2- الصراع الطبقي: الذي نتج عن التناقض بين مالكي وسائل الإنتاج الأرض ووسائل ريهامن الإقطاعيين الشرقيين وبين المنتجين من الفلاحين والأجراء ومن حالفهم من عمال المدن ،والأدباء والفقهاء والمفكرين.
3ـالارهاب الفكري :والضغط على الاتجاهات العقلية وممثليها ،ومنع الجدل في الفلسفة و العقائد من قبل الدولة والخلفاء
4ـ السياسة الضرائبية الجائرة .
5ـالطموح إلى الحرية .
6ـ قيام الحركات السابقة للحركات القرمطيه
حركه بابك الخرمي 200 ـ222ه ــحركه الفلاحين في مصر 215ه ـحركة العيارين والشطار ـ ثورة الزنج 255ه ـ270ه
7ـتنفيذ البرنامج الثوري: الذي وضعه القرامطة في فترة التحضير للثوره و قد استندوا إليه من اجل تحقيق مطالب الكادحين وذلك بالقيام بالثورة المسلحه التي اداتها القوىالثوريه التي هي القادرة وحدها على تطبيق ذلك البرنامج الثوري الذي كان يرتكز على أسس اجتماعيه ،اقتصادية،ومطالب سياسية طبقيه ،كتوزيع الأرض على الفلاحين ، وإلغاء الضرائب والعشور ،وتحرير العبيد، وتخفيف الضغط على الفلاحين ،ومساواة المرأة بالرجل .
لقد فشلت تلك الانتفاضات والحركات نتيجة فشل التطور (البرجوازي)الصناعي و استيعابه لمطامحها ،ونتيجة اصطدامها بالقوة الاقطاعيه التي رفضت ـ وهي التي رافقها الوجود الرقيقي أن تعترف بحق المساواة حتى شكليا.

الباب الثالث
الحركة القرمطيه في العراق
في ظل الدولة الاقطاعيه الشرقية المستبد ه و(الثيوقراطيه)لا يمكن للفكر(الأيدلوجيا) الإسماعيلي وحده أن يجدي،ولا الوعظ ولا البلاغة ، وتفسير الآيات والتأويل والجدل المذهبي أن يؤدي إلى نتيجة حاسمة .فوجد القرامطة أن الشيء الوحيد الذي يمكن القيام به ،والتأكد من جدواه،هو انتفاضه المسلحه ,ومحاربة أعداء الحرية والعدالة والمساواة ، والعمل بحزم على قهرهم ودحرهم و إقامة سلطه ديمقراطية ،سلطة الفقراء والمستضعفين وجميع المظلومين و انطلاقا من هذه الطموحات جاءت الحركة القرمطيه الثورية في طليعة الحركات المعبرة عن طموح الفقراء ورجاء المظلومين و أمل الكادحين ،وتحركت بقوه وعنف محاولة بلوغ أهدافها الديمقراطية و الثورية.
الزنج أميل إلى مذهب الخوارج الذي يتعارض مع المذهب القرمطي الإسماعيلي وبين القرامطة و ذوي الميول و المبادئ الاسماعيليه
أقام حمدان نوعا من الحكم الثوري المحلي في منطقة السواد يتسم بالحرية و المساواة بين أبناء ذلك المجتمع الذي أقامه ساد فيه التعاون المنتج بين الفلاحين أنفسهم وبينهم وبين الصناع والحرفيين (نظام الالفه)
النظام المالي الضرائبي
ضريبة الفطره ،الهجرة ،البلغه ،الخمس،مشاعية الأموال
قمة ما قام به حمدان و معاونوه وهو يشابه إلى حد كبير من حيث الملكيه العامة لوسائل الإنتاج ،و توزيع الإنتاج و الخيرات الماديه النظام الاشتراكي،مع الأخذ بعين الاعتبار الواقع التاريخي لذلك العصر . وقد قبل اتباع حمدان ،تدابيره بكل حماس ,ولاسيما أنه جعل ما يعطى للفرد,يتناسب وحاجته ,بينما جعل مركزه الاجتماعي ,يتناسب وقابليته لخدمة المجموع .ألانرىفي هذا النظام مثالا يحتذي في التضحية و الغيرية،لتطبيق العدالة الاجتماعية ,والمساواة على الجميع ؟ و حافزا لبناء المستقبل الاشتراكي في بلادنا ؟
أسباب سقوط الحركة القرمطيه في العراق
ـ اختفاء حمدان و عبدان و ابتعادها عن مركز القيادة و عدم مؤاتاة الظروف الموضوعية , وشدة الخلافة في البطش بالقرامطة وعدم اتاحه الفرصة لهم لتنظيم أنفسهم عسكريا ،وانقسا م القرامطة على أنفسهم ،وإسراعهم في إعلانهم الثورة
ـسيطرة علاقات الانتاج الاقطاعيه الشرقيه و تبعثر القوى الفلاحيه و تخلفها و قوة الاعداء الطبقيين و إمكانيات الدولة المادية و المعنويه الكبيره والإرهاب الفكري الذي مارسه الخلفاء بفرض ايدلوجية الدوله ,بمساعدة الفرق الدينيه الموالين لهم ,الذين ألبوا الطوائف الدينيه من غير انصار الحركه القرمطيه وعبؤوها بالتعصب الديني الأعمى
ـالاستقلال عن قيادة الدعوة الاسماعيليه في سلميه و الابتعاد عن خططها
ـ ضعف القوى المنتجه في المدن و فشل تمرداتها.

الباب الرابع
الحركه القرمطيه في الشام 289ه ـ294
تميزت بالحروب والمعارك المتصله بزعامة آل زكرويه بن مهرويه .انتقلت الحركه ـ وقتئذ ـمن العراق الى الشام وانتشرت في "بادية السماوه" وبلاد الشام (سوريه) وفي بعض القرى و المدن و التف حولها بصوره خاصه , اعراب تلك الباديه , ومواليهم , الذين كانوا متأثرين بمبادىء التشيع ,و كانوا من الفقراء ,والكادحين ,و الصعاليك .
تم محاصرة آل زكرويه من قبل انصار عبدان الذين يكنون لهم البغض والحقد والكره , والامام الاسماعيلي الذي انشقوا عنه ,والعباسيين الذين يعدون الهجوم لقتالهم .
قيمة الحركه القرمطيه في الشام
تتجلى قيمة الحركه القرمطيه في الشام بالصمود في خوض حرب طاحنه مع جيوش الخلافه العباسيه,اججها الصراع الطبقي ,والتناقضات الاجتماعيه العنيفه بين الطبقه الكادحه من فلاحين وعمال وحرفيين ,وبدو فقراء,وبين الطبقه الحاكمه وممثليها الولاة وعمال الاقاليم وشيوخ البدو المتنفذين .
وكانت انتفاضاتهم المسلحه تعبيرا عمليا عن نقمتهم المتأججه على النظام الاقطاعي المستبد .فلم يعد بامكانهم الا حمل السلاح ,من أجل تحقيق تطلعاتهم الثوريه,الى التخلص من شدة الضرائب , و الاستعباد الاقطاعي الجائر في الريف ,وجور الولاة والظلم الاجتماعي في المدن ,والانتقام لرجالاتهم المقتولين بأبشع الأساليب ,بيد الجيوش العباسيه المغيره بين الحين والآخر على قوات القرامطه في الباديه والريف وفي المدن.
كان الفقراء في المدن يؤيدون حركة القرامطه لأنهم يطمحون الى التخلص من الضغط الطبقي الذي يلاقونه من الحكام ,مما سهل على القرامطه في احيان كثيره السيطره على المدن سيطرة كامله , والاستيلاء عليها لفترات متقطعه مثل حمص , حماه ,الرقه ,حلب , المعره.
وقد استدعى سكان المدن أكثر من مره القرامطه لانقاذهم من التسلط الخارجي كما جرى في دمشق في عهد الطولونيين.
ويمكن القول أن الحركه القرمطيه بصورة عامه (ومنها جزؤها الشامي )ساهمت في زعزعة اسس الاقطاعيه المركزيه , التي بدأت تؤول الى "الاقطاعيه اللامركزيه "وهي بشكل عام احدى الظواهر الثلاث (ثورة البابكين, الزنج , القرامطه )التي يقول عنها الدكتور حسين مروه أنها جعلت اسس النظام الاجتماعي حينذاك عرضة الاهتزاز و الاختلال ,ثم اخذت تحدث أنواعا من التصدع في اهم مرتكزاته ومسلماته الفكريه والحقوقية , ذلك يعني أن التصدع كان يتسرب وقتئذ الى ايدلوجية هذا النظام ذاتها.وقد كانت الايدلوجية الدينيه هي السند الحقوقي الأساسي لسلطة الخلافه,وسيطرتها السياسيه.

أسباب سقوط الحركه القرمطيه في الشام:
منها ما يشبه اسباب سقوطها في العراق مثل عدم مواتاة الظروف الموضوعيه ، واهتمام العباسيين بمكافحة القرامطه ,وحالة الانقسام بين الحركتين العراقيه (حمدان) والشاميه (جماعة زكرويه) والاستقلال عن قيادة الدعوة الاسماعيليه ،بل الاصطدام بها عن قصد أو غير قصد ( بسب استتار الأئمه ) وعلاقات الانتاج الاقطاعيه الشرقيه السائده آنذاك , والاستبداد والقمع الشديدين ,الذين مارستهما تلك الاقطاعيه ضد القرامطه .
تصرفات انصار الحركه من البدو الذين اعملوا النهب في المدن والقرى .والقسوه والعنف في التعامل مع خصوم القرامطه ,وغزوا قوافل الحج وسلبها الاموال ,فضلا عن معاداة الشعائر الدينيه المخالفه لهم ,وما تثيره هذه الأعمال من شعور ديني معادي .واستغلال العباسيين للتعصب الطائفي في توجيه الضربات للقرامطه ,وبمعاونة الفقهاء ورجال الدين . ويدخل الخلاف بين القرامطه الشاميين وبين القاده الاسماعيلين في اطار اسباب السقوط .فقدترك قتلهم عبدان أثرا سيئا في نفوس انصاره في العراق و البحرين ,ثم اصطدم ابناء (زكرويه) بعبد الله المهدي ونكلوا بذويه في سلميه , وطلبوا الامامة لأنفسهم , ولاشك أن هذا الموقف قد جر عليهم غضب الاسماعيليه في كل مكان.


الباب الخامس
الحركة القرمطيه في البحرين 286ه ـ470ه

كانت التربة خصبة والظروف مناسبة لقيام مثل تلك الدولة التي كانت القيادة فيها جماعية,والتي ألغت الرق ,ووزعت الأرض على الفلاحين ,وأمدتهم بالمعونات والسلف والقروض, وشجعت الصناعة و اهتمت بالعمال و الحرف ,و أشرفت إشرافا تاما على التجارة الخارجية,وحاولت ان تطبق مبدأ الاكتفاء الذاتي ,وسد حاجات الناس دون الا عتماد على البلدان الخارجية ولكي تمنع من انتقال الثروه الوطنيه الى الخارج صكت النقود الرصاصيه التي يصعب نقلها , ومداولتها الافي الداخل.
أسباب سقوط الدولة القرمطيه :
الظروف الموضوعية التي كانت قائمه في عصرهم الذي سبقوه في مناحي الإجراءات التي قاموا بها من النواحي السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والعقائدية.فقد كانت تحيط بهم مجموعه من الدول التي تخالفهم في والفكر والرؤية والعقيدة والتوجه وفي جميع التغييرات التي اجروها في بلادهم ,وبخاصة البحرين ,لقد خشي حكام الدول المجاورة لهم من امتداد نظام القرامطه الثوري الى بلادهم .فنجد العباسيين يزجون بكل قواهم ضد القرامطه ,وكذلك الاصطدامات و الحروب قائمه مع الفاطميين في فترة معينه. ولعب الانقسام في صفوف القرامطه دورا بارزا في ضعفهم.
وكذلك الظروف الذاتية من صراع داخلي بين الحكام و ميل إلى تطبيق المبادىء الفلسفية بشكل فردي أحيانا.

الباب السادس
قيمة الحركة القرمطيه
تجربه ثوريه حقيقية تؤكدها حتى المصادر المعاديه الرسميه , التي كانت تحقد عليهم , وتشوه سمعتهم,ولكنها لم تستطع أن تخفي هذا القبس المشرق,في حياة الحركه القرمطيه ,وبصوره خاصة في المجتمع القرمطي في البحرين,بعد قيام الدولة الثورية القرمطيه هناك ,على أساس من العدل و المساواة والديمقراطيه.
ـ غيروا ملكيات الأراضي وخيرات الأرض,وجعلوها لصالح أغلبيةالشعب الذي مثلوه خير تمثيل بالمجلس العقداني .فحققت العدالة في توزيع الأراضي و الخيرات المادية و اعتمدت على العقل والمنطق في الحكم
ـ أسسوا عدد من مزارع الدولة,التي جلبوا إليها العمال الزراعيين من فئات العبيد الذين اعتقوا و نالوا حريتهم ,واشتغلوا في الأراضي التي طالما حلموا بالعمل فيها على أساس أجور جيده
ـ كانت توزع المواد الغذائية مثل القمح والذرة على المواطنين دون مقابل.
ـ أسسوا مصرفا زراعيا يقدم القروض للفلاحين.على شكل أدوات أو قروض مالية تسدد بلا فوائد
ـ أصبحت الدوله القرمطيه تملك المواشي الضخمة التي في أيدي البدو بعد تحولهم الى مربي ماشيه
تحت تصرف الدوله التي أممت المواشي والمراعي معا . وهذا ينم عن تكييف البدو على الحياة التعاونية . وكان قسم من هذه المواشي توزع مجانا على من تخصص لهم.
ـ اهتمت الحكومة القرمطيه بإنشاء شبكات الري لسقاية البساتين والحقول .
ـ كان كل غريب يصل يملك صنعه توفر له الدولة الأدوات الضرورية و يسددها بدون فائدة.
ـ فرضت الدوله سيطرتها على التجارة الخارجية ولم تستورد من الخارج سوى مواد قليلة كانوا بحاجة ماسة إليها مثل الحديد الذي جلبوه من الحمدانيين 353ه.
ـ أنشأ القرامطة في البحرين نوعا من المجمعات السكنية الجماعية و الدور الحكومية , والمساكن الشعبية والحمامات , و المدارس ,و دور الحضانة للأطفال.
ـ قام القرامطة بتنظيم أمورهم المالية عبر استيفاء ضرائب معينة وإنفاق المال المجموع على متطلبات الحركة ,بقيادة حمدان قرمط , وكانت الضرائب متدرجة حتى وصلت الى جمع كل أموال الجماعة بشكل مشترك , وإنفاقها بصورة مشتركة. في البحرين كانت تتألف عائد اتهم المالية من عدة مصادر ,مثل ضريبة عقارات البحرين من ثمار الحقول و البساتين ثم المكوس الثابتة على سواد الكوفة والبصرة ,وطريق الحج ورسوم المرور على السفن.
يقول ابن حوقل أن مجموع هذه العائدات ومطروح منها خمس الإمام كان يقدر بمليون الى مليون ومائتي ألف دينار سنويا.
إن فرض الأموال على الناس ,كان لا يتم إلا خارج حدود الدولة القرمطية ,وذلك لأنها تمثل أنظمة مستبدة . بينما كان الشعب معفى من الضرائب
.ـ أما في الشام فقد جمع المال من الخراج على القرى في الريف وعلى الغرامات على المدن على التي كانوا يهاجمونها أو يحاصرونها.
ـ لقد تولى شؤون القتال و الدفاع عن الدولة الثورية القرمطيه في البحرين جيش منظم ,حسن التدريب ,المعدين خصيصا للقتال منذ الصغر بتعليمهم فن الحرب و أساليب القتال , وبث الروح المعنوية في نفوسهم ليكونوا يقظين دائما ضد محاولات الأعداء الطبقيين للنيل من ثورة الكادحين.ـ
في مجال الفكر :
لقد كان للقرامطة تراث لا بأس به في مجال الفكر ,لم يبق منه إلا القليل بسبب القضاء على القسم الأعظم منه بسبب الموجات العدائية .
ـ لقد كانت القرمطية في الحقيقة حركة تنويرية تعتمد على العقل و تستند إلى الأفكار المنطقية و الأقرب إلى الطرح العلمي في عصرها .ولئن اتهمت بالإلحاد فانهافي الحقيقة مستمدة من الفكر الإسلامي , الممزوج بالفلسفة اليونانية , مما نتج عن ذلك فكر قرمطي اسما عيلي أصلا عالج المسائل بشكل مبدع في حركة المعارضة السياسية للسلطة الرسمية آنذاك بحيث تجاوزوا النصوص الظاهرية.
في نظام الحكم الثوري الديمقراطي
لقد مثل المجلس العقداني حقيقة سلطة الشعب بأسره ,في عصر تسيطر فيه الدولة الإقطاعية الاستبدادية و حكم الخلفاء و السلطات الاوتقراطية والملوك الذين يمثلون حكم الآلهة على الأرض أو ظل الله في أرضه .
ولم يستأثر فرد أو مجموعة صغيرة , أو أسرة معينة بالحكم ,فالقيادة كانت جماعية , منتخبة وكان احترام الشعب للقادة المنتخبين ناتجا عن قناعة ذاتية لكل فرد ,بكفاءة هذا الحاكم الذي ينتخبه مجلس العقدانيه.
فبالإضافة إلى الأعضاء الستة الأولين في المجلس يوجد أعضاء ستة آخرون مرشحون أو احتياط يسمون (بالمستشارين ) .وكانوا يصدرون القوانين والتشريعات و جميع القرارات بطريقة(الشورى ) وأغلبها يتم بالإجماع .

إن نجاح المجلس العقداني في ازدهار و تطوير المجتمع الثوري القرمطي في البحرين يرجع إلى امتلاكهم برنامج ثوري حقيقي أكدوا على تطبيقه في الحياة العملية ويمكن الاستدلال على وجود مثل هذا البرنامج من تأكيدهم على الأهداف الثورية التالية:
1ـ إلغاء الاستغلال والقضاء على الصراع الطبقي بإقامة مجتمع المساواة.
2ـالغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والاكتفاء بملكيه صغيره شخصية والإشراف على الحرف و المطاحن وأدوات الإنتاج ,وتطويرها لصالح الشعب , وضرب المستغلين , والحد من الرق و الإقطاعية ,والعشائرية.
3ـ توزيع الأراضي على الفلاحين الفقراء المحتاجين إليها . وإقامة زراعة متقدمة على أساس تعاوني وإقامة مزارع استثمارية إنتاجية كبيرة تابعة للدولة ,وتطوير الصناعات البسيطة القائمة وإنشاء مصارف زراعية و صناعية لدعم الاقتصاد الوطني ,وتقوية التجارة وتوسيعها .
4ـتقوية الجيش الثوري ,لحماية النظام الثوري و الدفاع عنه.
5ـ خلق المجتمع العادل الذي تسوده المساواة والحرية والعدالة الاجتماعية .
6ـ تحرير المرأة من الاستغلال و العبودية و مساواتها بالرجل.
في دور المرأة القرمطية:
لعبت المرأة دورا بارزا وهاما في المجتمع القرمطي , وتبوأت مكانة سامية فيه , وكانت محترمة , ولا غرابة في ذلك لان الحركة القرمطية دعت إلى تحرير المرأة و مساواتها بالرجل والسفور و مشاركتها في العمل وتحمل المسؤولية . وكانت تدفع الضرائب كضريبتي الهجرة والفطرة ,وتتحمل كافة الأعباء المالية التي يتحملها الرجل.أما الإباحية في النساء , فما هي الا اختلاق أعدائهم وبصورة خاصة علماء الدين.
ـ حتى إنها يمكن أن تتدرج في الدعوة وتتبوأ مكانة لرفيعة في صفوف الحركة القرمطية حيث
يسمح لها بالانتظام في سلك الدعوة و التدرج في مراتبها .
أن دور التعليم كانت مختلطة بين الفتيان والفتيات و اهتم القرامطة البحرانيين برفع شأن المرأة و إعلاء مكانتها , وإسعادها , أعطوها حقها بالتعليم والعمل , والمشاركة في التنظيم والإدارة , وحددوا الزواج بامرأة واحدة فقط ,ومهدوا الطريق أمام هذا الزواج ببناء المساكن للخطيبين قبل الزواج , وبإلغاء المهر تماما أو جعله رمزيا . ولها حرية الاختيار وحق الطلاق ورفض الزواج إذا رغبت الفتاة بذلك.
الخاتمة:
واخيرا لابد أن ننهي بحثنا هذا بكلمات لابد منها ,إذا صادفنا و نحن في مجال بحث الحركة القرمطية مشكلة قلة المصادر القرمطية و المبكرة بخاصة , وتوفر المصادر المعادية لهم التي دبجها (أهل العلم ) الموالين للسلطات الحاكمة من عباسية وغير عباسية .وهي غزيرة لا تكاد تحصى , وكلها تدافع عن النظام الاجتماعي الذي تمثله السلطات .وتنعت القرامطة بأبشع النعوت مثل الإباحية في النساء و المحرمات ,والزندقة و الكفر والإلحاد والمجوسية و ترك التكاليف الشرعية ,والأرذال والاسافل والجفاة وما إلى ذلك من الأوصاف التي تملأ مجلدا ضخما .ونحن نربأ
بأنفسنا أن نصدق مثل هذه التهم الباطلة والترهات السخيفة والأقاويل المنحولة ,والأباطيل الملفقة و الحقائق المقلوبة



#أيمن_الشعار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أيمن الشعار - الحركة القرمطية