أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - ليس باللحى وحدها تبنى الأمم















المزيد.....

ليس باللحى وحدها تبنى الأمم


محمود يوسف بكير

الحوار المتمدن-العدد: 4317 - 2013 / 12 / 26 - 20:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أجمعت كل استطلاعات الرأي العام التي اجريت في مصر وخارجها مؤخرا على أن السلفيين يفقدون شعبيتهم لدى الشارع المصري بشكل متواصل منذ سقوط الرئيس مرسي على يد العسكر.
وقبل أن استطرد في تفسيري لما يحدث يكون من الأمانة أن أوضح موقفي الشخصي مما يجري للقارئ الكريم فالكتابة موقف قبل كل شيء وليست مناورة للتخفي أو اللعب على الحبال أو إمساك العصى من منتصفها ولذلك أعبر عن قناعتي الشخصية بأن السلفيين في سوريا ومصر وليبيا واليمن وتونس أجهضوا أحلام شعوبهم وحولوا الربيع العربي إلى شتاء لا تبدو له نهاية.

وأقول بوضوح انني ضد مفهوم الدولة الدينية كما إنني ضد مفهوم الدولة العسكرية الأمنية وذلك لأن الاستبداد والتسلط والتمييز بين الناس هم السمات المشتركة بين النظامين ولا أمل في تحقيق أي استقرار أو تقدم للشعوب مع أي من النظامين. والتاريخ يؤيد هذا الاستدلال حيث كان مآل كل الدول والأنظمة السياسية التي قامت على أساس استغلال الدين أو القوة العسكرية للسيطرة واخضاع الشعوب هو الفشل.
نعم الدين والجيش والأمن من ضمن الأعمدة الهامة التي يقوم عليها البنيان السياسي والاقتصادي والمجتمعي لأي دولة ولكن هناك أعمدة أخرى لا يمكن إغفالها وبدونها ينعدم الاستقرار والسلام الاجتماعي ويموت الإحساس بالانتماء للوطن ومن هذه الأعمدة المساواة وتطبيق القانون على الجميع والعدالة الاجتماعية وحرية الرأي والاعتقاد.

وعودة الى موضوعنا حيث يتأكد يوماً بعد يوم أن السلفيين باتوا أداة من أدوات النظام الحالي المدعوم من العسكر بعد نجاح الأخير في التغرير بهم وتحويلهم الى مجرد ديكور لتحسين صورة النظام الحالي وإخراج الدستور الجديد من تحت ذقونهم.
والشاهد انه منذ نجاح العسكر في حشر شيخ الأزهر الحالي في مشهد إعلان عزل مرسي بات واضحاً أن مطالبة الأزهر بلعب دور سياسي واستغلال مكانته لدى أبناء شعب مصر لتمرير قرارات ومبادرات سياسية جديدة سوف يكون على حساب مصداقية هذه المؤسسة التي شهدت تدهوراً كبيراً داخل مصر وخارجها منذ قيام مبارك بتعيين الشيخ طنطاوي شيخاً للأزهر لفترة طويلة لم يضيع الرجل خلالها فرصة إلا وأساء فيها إلى مركزه ومكانة الأزهر ككل. وازداد الأمر سوءاً للمؤسسة الدينية المصرية العريقة بتعيين الشيخ أو الفريق على جمعة مفتياً للديار المصرية ثم تعيين شيخ الأزهر الحالي الذي كان من أكبر المؤيدين لبقاء مبارك في الحكم إبان ثورة 25 يناير سنة 2011.

ولتفادي تعريض الأزهر للمزيد من الحرج من خلال الدفع به في دهاليز السياسة وألاعيبها رأت المؤسسة العسكرية إنه سيكون من الأفضل البحث عن كيان ديني اخر طيع لإعطاء النظام الحالي لمسة دينية وإضفاء شيء من الشرعية على انقلاب يوليو 2013 ومن ثم اهتدى العسكر بنصيحة مخلصة من مباحث أمن الدولة إلى قيادات حزب النور السلفي للقيام بهذه المهمة الصعبة التي حثهم عليها سلفهم الصالح الذي كان يلعب دائما في مربع الحكام.
ولأن نظام مرسي كان مفتوحاً على بني عشيرته فقط ومغلقاً على جميع القوى السياسية الأخرى بما فيهم السلفيين، فقد رحب السلفيون بلعب هذا الدور لعل وعسى أن ينالوا ثقة العسكر ويسمح لهم بلعب دوراً سياسياً كبير. ولكن التنازلات المتتالية التي قاموا بتقديمها أثناء إعداد الدستور الجديد أثبتت أنه لا قبل لهم بالوقوف في وجه العسكر حتى ولو كانوا مدعومين من السعودية التي تدعم العسكر أساساً ولكن لا مانع لديها من دعم السلفيين أيضا طالما أنهم لا يعكرون صفو العسكر.

والحقيقة أن المواقف المتناقضة والتصريحات المبهمة والمتضاربة والتي يدلي بها المتحدثون باسم حزب النور تجعل من العسير فهم الدوافع السياسية لهذا الحزب وما الذي يريده بالضبط ومن ثم لا يكون من المستغرب فقدان السلفيين لشعبيتهم المتواضعة داخل المشهد السياسي في مصر يوما بعد يوم.
وكمثال على المواقف المتناقضة أن السلفيين كانوا معارضين بشدة للإطاحة بمبارك إبان ثورة يناير على أساس أنه حاكم مسلم (ولا يهم أنه كان ينهب أبناء شعبه!) ولكنهم أيدوا عزل مرسي رغم أنه كان حاكماً مسلماً أيضاً وليس يهودياً على حد علمي.

وكمثال آخر للتصريحات المبهمة التي تصدر عن قيادات حزب النور قرأت مقالاً للأستاذ نادر بكار المتحدث باسم حزب النور نشر في جريدة الشروق المصرية بعنوان " ليس مجرد قانون للتظاهر " وقد نشر بعد تمرير هذا القانون في مصر والذي نظم حق التظاهر بشكل فريد ومبتكر من خلال منع التظاهر بشكل عملي تقريباً وكان موضع تندر واستنكار على مستوى العالم. واليكم أهم فقرة في مقال بكار نقلا من موقع جريدة الشروق:

"المشكلة ليست فى قانون التظاهر ذاته قدر ما هى مشكلة ٌفى طريقة التفكير وأسلوب صناعة القرار ثم المعالجة الإعلامية للقرار وردود الأفعال عليه..... فطريقة التفكير التى تحسب أن دفع تهمة «الأيدى المرتعشة» لا يكون إلا بالإعراض عن كل نصح ــ أو قل عن كل رأى مخالف ــ والمضى قدما دون تفكير فى العواقب لا يختلف كثيرا عن أسلوب حكم نظام د.مرسى، بل إنه يؤكد أن إقصاء ومصادرة آراء الآخرين لم يكن بدعة إخوانية قدر ما هو ثقافة فاشية متأصلة عند الكثيرين!"

والحقيقة أنني أمضيت ليلة كاملة دخنت خلالها علبة سجاير كاملة واحتسيت خمس فناجين قهوة في محاولة لفهم ما يعنيه الكلام السابق دون جدوى وسوف أكون شاكراً ومقدراً لو أن أحد القراء أثلج صدري وفسر لي الألغاز السابقة في مقال الأستاذ بكار.

إن الفكرة الأساسية التي يقوم عليها منهج حزب النور السلفي وهي ضرورة اتباع منهج السلف الصالح الذي عاش منذ 14 قرن وهجرة كل اشكال البدع والمحدثات هي فكرة بالية وتصطدم بحركة التاريخ الذي يتقدم إلى الأمام دائماً ولا يمكن أن يعود إلى الخلف. فكما عاش هذا السلف الصالح في ظل معطيات عصره فإن بمقدورنا دائماً أن نعيش بشكل صالح في ظل معطيات عصرنا دون الحاجة الى أن نقلدهم في ملبسهم وطريقة مأكلهم وعقودهم ونظرتهم للحياة والتي كانت تتسم بالبساطة الشديدة مقارنة بالعالم المتقدم والمعقد الذي يحيط بنا اليوم.

ومن ضمن تناقضات الأخوة السلفيين بشكل عام انهم انتقائيين بشكل مكشوف فهم يقلدون السلف الصالح في الأشياء السهلة والمظهرية مثل إطلاق اللحى ولبس الجلباب القصير ولكنهم يركبون أحدث السيارات ويعملون في مكاتب مكيفة الهواء وأتحدى أن يقبل أي منهم أن يتخلى عن سيارته ويتنقل بجمل في شوارع القاهرة أو أن يقيم بخيمة.

وباختصار فإن المبادئ الإنسانية الرفيعة مثل الصدق والأمانة والتسامح والعطف والمحبة هي مبادئ وجدت منذ بدء الخلق وليس مع ظهور الأخوة رواد السلف الصالح والتغير الحاصل اليوم في الشخصية المصرية مرجعه فشل النظام السياسي والظروف المعيشية الصعبة التي تواجه الإنسان وتدفعه لأن يكون أكثر أنانية ووحشية ويتحايل على هذه المبادئ كي يعيش وسط مجتمع يسوده الظلم وتنعدم فيه المساواة وحالة من التوحش لم تعرفها مصر عبر تاريخها الطويل.

ليس هناك معادلة سحرية أو كلمات ساذجة بسيطة مثل مقولة أن اتباع السلف الصالح كفيل بحل مشاكل مصر المعقدة. الحل صعب وطويل الأمد ويتطلب العمل الشاق وتطبيق مبدأ استقلال السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية عن بعضها البعض ومنع تغول المؤسسة العسكرية على كافة السلطات وسيادة قانون واحد على الجميع وليس قانون للعسكر وقانون للمدنيين كما يرى السلفيون في دستورهم الجديد. الحل يتمثل في محاربة الفساد واستغلال النفوذ والاستخدام الأمثل لمواردنا الاقتصادية المحدودة وتولي ذوي الكفاءة والخبرة والأمانة مسؤولية إدارة الشؤون السياسية والاقتصادية للدولة. وأنا هنا أسأل شيخ السلفيين أين يذهب عندما يحتاج الى عملية جراحية أو بناء منزله الجديد؟ هل يذهب إلى الشيخ السلفي في المسجد أم يذهب إلى الطبيب الجراح والمهندس المختص؟

وللتخفيف من وطأة المقال ومن باب الفكاهة مع السلفيين فقد سئل أحد شيوخ السلفية في السعودية منذ شهر تقريباً عن رأيه في قيادة المرأة للسيارة فأجاب أنه لا يؤيد هذا بالمرة لأن قيادة المرأة للسيارة تضر بمبايضها! وكان هذا الحديث نكتة العام وموضع تهكم الصحف الإنجليزية حتى الآن. والرجال في شتى انحاء العالم يحمدون الله أن قيادتهم للسيارات لم تضر بمبايضهم حتى الآن وربنا يسترها مع سكان مصر رجالا ونساءا بسبب زحام المرور غير العادي هناك هذه الايام.


والآن يعتقد السلفيون أن التصويت بنعم على الدستور الجديد سوف يعيد الاستقرار والازدهار لمصر ونحن جميعاً نتمنى هذا ولكن أليس في هذا الاعتقاد نوع من السذاجة واستقالة العقل التي يشتهر بها السلفيون؟ فمنذ متى كان للدستور أي قيمة أو احترام أو عامل استقرار في مصر عبر تاريخها منذ قيام ثورة 1952 وحتى الآن؟
ألم يؤسس عبد الناصر للحكم الديكتاتوري وقام بتصفية كل الأحزاب والصحافة الحرة وقام بمذبحة القضاء وإلغاء استقلال الجامعات في ظل وجود دستور؟
ألم يلقي السادات بكل معارضيه في السجن قبل اغتياله مباشرة تحت راية الدستور؟
أو لم يحكم مبارك وأسرته وأصدقاءه مصر بيد من حديد طوال ثلاثين عاماً تميزت بالاستبداد والفساد والنهب والسيطرة على كل مؤسسات الدولة من خلال جهاز المباحث في ظل وجود دستور؟
ألم يتم تزوير كل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية منذ انقلاب يوليو 1952 وحتى الآن في ظل الشرعية الدستورية؟

هل التصويت بنعم الآن على هذا الدستور الذي يؤسس لدولة عليا أسمها المؤسسة العسكرية ودولة تابعة اسمها مصر يتحكم فيها الأمن والمحاكم العسكرية سيعيد الاستقرار لمصر؟

أدعو الله من كل قلبي أن يصدق ظن السلفيين هذه المرة وأن يعيد الدستور الجديد الاستقرار والرخاء لمصر وعندها سوف أنضم إلى حزب النور وأصبح سلفياَ.



#محمود_يوسف_بكير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحلة إلى السماء .....تأملات فلسفية
- التاريخ المختصر لرئاسة مصر ومعضلة الرئيس القادم
- الشرعية للبندقية
- آخر التطورات الاقتصادية العالمية وانعكاساتها علينا
- البكاء على البابا والضحك مع الشيخ حجازي
- عودة مرسي
- حتمية استمرار الصراع في مصر
- حول اسباب فشل الدول ( النموذج المصري )
- الاستعدادات الأخيرة لمعركة خراب مصر
- البحث عن نتينياهو عربي
- تأملات فلسفية في أحوالنا الدينية
- أسرع طريقة لإفقار أي بلد
- رؤية لنظام حكم يصلح للعالم الإسلامي
- حوار متمدن وعلمي وديمقراطي
- المنهج التبجيلي واستحالة تأصيل الفكر الديني
- مستقبل الرأسمالية - قراءة نقدية لكتاب جديد-
- الإله والإنسان
- من المسيء للإسلام؟
- الإسلام والربيع العربي
- كيف تحكم مصر الآن


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمود يوسف بكير - ليس باللحى وحدها تبنى الأمم