حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية
(Hanan Hikal)
الحوار المتمدن-العدد: 4316 - 2013 / 12 / 25 - 13:17
المحور:
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
لا يكشف معادن البشر وأخلاقهم شيئاً كأن يجدوا أنفسهم في موقع سلطة أو تضع الظروف شخص ما تحت أيديهم بلا ضوابط أو محاسبة ..
عندها فقط تتساقط جميع الأقنعة الأخلاقية التي يتفاني هؤلاء في اختيارها وتجميلها لتظهرهم بمظهر المتحضر المهذب أو المؤمن التقي ..
أو ما شاء له من صفات يحاول أن يُعرف بها في مجتمعه ..
فما أن يجد الناس أنفسهم قادرين على إيذاء إنسان ما لسبب من الأسباب كأن يكون قد وقع فريسة لشائعة أو سقط في مشكلة مستعصية
حتى يجرده هؤلاء من حقوقه ويمارسون عليه أقذر وسائل الضغط وأبعدها عن الأخلاق وما أوصت به الديانات السماوية ..
يحركهم هذا الذي يُعرَف بالعقل الجمعي الذي يتدفق فيه الفعل تجاه أدني أفراد الجمع أخلاقاً وثقافة وفهماً ..
لا تجد شخصاً واحداً يرفع رأسه أو صوته معترضاً على أي تصرف مهما كان لا أخلاقياً .. فالمعترض ستدهسه الأقدام ..
ومن أوضح النماذج التي تجلى فيها ذلك بوضوح ما حدث في أشهر التجارب السيكولوجية التي تمت في تاريخ البشرية والمعروفة باختبار سجن ستانفورد
والذي قام به فريقاً من الباحثين بجامعة ستانفورد في عام 1971 بقيادة فيليب زيمباردو الذي أراد اختبار أسباب الصراعات القائمة في السجون
فاختار مجموعة من شباب الجامعات المتطوعين وقسمهم إلى سجناء وسجانين
وسرعان ما تطورت الأمور وخرجت عن السيطرة واضطر الباحثون لإنهاء التجربة مبكراً بعد أن ساد السلوك السادي أخلاق الحراس
وتصرفوا بشكل خارج عن القوانين الموضوعة بالأساس لفعل ما يعتقدون أنه لازم لحفظ الأمن من وجهة نظرهم!
والأبشع أن يسود سلوك الضحية للقائمين بدور المسجونين واستسلام بعضهم لكافة أشكال الظلم والقهر التي مورست عليهم بلا محاولة للإعتراض
وكأنهم كانوا في حاجة لمن يذكرهم أنهم في تجربة يمكنهم الخروج منها عندما يقررون.
كم هو مدهش حقاً ما ينزلق إليه البشر من جرائم أخلاقية عندما يعتقدون أن هناك ما يهدد مصالحهم!
وكم هو مؤلم وبشع أن تضعك الظروف موضع الضحية .. والأبشع قبولك مستسلماً أو مرغماً بهذا
#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)
Hanan_Hikal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟