|
مسار قضية الصحراء المغربية في الدائرة الإفريقية .ج 1
محمد مزيان
الحوار المتمدن-العدد: 4316 - 2013 / 12 / 25 - 00:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أولا: انسحاب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية. يرتبط المغرب كسائر البلدان بعلاقات دولية مع مختلف دول العالم تجسيدا لسيادته، وامتثالا للشرعية الدولية، ولامتداده الجيوسياسي ومن هذا المنطلق فقد كانت علاقاته متعددة ومتنوعة تبرز المكانة الدولية التي يتمتع بها. غير أن قرار المغرب بالانسحاب، من منظمة الوحدة الإفريقية جاء نتيجة، كون الإجماع الذي كان يطبع قرارات منظمة الوحدة افريقية بمناسبة المطالبة بتصفية الاستعمار لم يعد متوفرا خاصة عندما أصبح النزاع ذا طابع إفريقيي. إذ أصيبت المنظمة بانقسام خطير حول تحديد موقفها بشأن البوليزاريو وقرار إنشاء الجمهورية الصحراوية، كما أدى عجز فروع المنظمة عن إيجاد حل مناسب لتسوية النزاع إقرارا بمبدإ عقد مؤتمر استثنائي لم تتح الفرصة لانعقاده فدول إفريقيا لم تتمكن حتى الآن من إيجاد أجوبة واضحة بشأن السؤال حول الدولة الأمة وذلك مادمنا نعتبر أن الوحدة يمكن أن تنتج عن توازن مركب بين الدول المشاركة لذلك أعلن المغرب انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية خلال مؤتمر القمة الإفريقي العشرون الذي احتضنته العاصمة الإثيوبية أديس أبابا نونبر من العام 1984. إذ ألقى مستشاره أحمد رضى كديرة كلمة تقديمية استعرض فيها الأطوار الأخيرة التي أعقبت الاتفاق على الاستفتاء، وذكر بوجه خاص بأنه في الوقت الذي كانت فيه المنظمة بصدد تنظيم الاستفتاء، جاء طلب التحاق جمهورية البوليزاريو، فاعترض المغرب على ذلك، وطرح سؤالا قانونيا مقدما على غيره، مضمونه هل تتوفر الشروط لاعتبار ذلك الكيان دولة إفريقية مستقلة؟ وكانت لجنة المتابعة قد أعطيت كامل الصلاحية لتنظيم الاستفتاء، وقررت أن العضوية مرتبطة بنتيجة الاستفتاء. وكان قرارها نهائيا. والآن هاهي بعض الدول تريد أن تحل محل الناخبين، وتقرر المصير بدلا عنهم. وبدون استفتاء، تقول إن الجمهورية الصحراوية دولة مستقلة.فهنيئا لكم برفاقكم الجدد، أما المغرب فإنه ينسحب من منظمة لا تحترم قراراتها. ثم تلا خطاب الوداع الذي وجهه جلالة الملك إلى أعضاء المنظمة جاء فيه:" ها قد حانت ساعة الفراق ، ووجد المغرب نفسه مضطرا ألا يكون شريكا في قرارات لا تعدو أن تكون حلقة في مسلسل لتقويض أركان المشروعية: العنصر الحيوي لكل منظمة تحترم نفسها.و الواقع إن منظمة الوحدة الإفريقية قد ارتكبت بما يتنافى مع الفصل الرابع من ميثاقها، ويعد انتهاكا صارخا له خطأ يعد سابقة خطيرة وستبقى عواقبه لأمد بعيد لا يمكن التنبأ بنتائجه ومن شأنه أن يتكرر. إننا نحن رؤساء الدول رجال السياسة وتلك هي مهمتنا قد تلقينا من شعوبنا تفويضا جوهريا وسياسيا يكمن في انه في إطار ممارسة سياستنا سواء الداخلية أو الخارجية ينبغي أن تقوم هذه السياسة على أساس ثابت وغبر قابل للانتهاك ألا وهو الاحترام الدائم للمشروعية. وإذا لم يتم احترام هذه الأخلاق بدقة فعندئذ سيقع الخلط بين حل الوافق وهو الدعامة الضرورية للسياسة وبين المجازفة التي هي سلاح فتاك ضد المشروعية. وطوال تاريخه العريق وجد المغرب نفسه مرات عديدة أمام اختيارات كانت حظوظ الانتهازية فيها أقوى من حظوظ الفضيلة في انتزاع قراره، وقد اختار المغرب دوما وعلى حساب مصالحه في غالب الأحيان صيانة الفضيلة والمشروعية ولن نحيد لا اليوم ولا الغد عن هذا السبيل. إن ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية كل لا يتجزأ وكل من سمح لنفسه بتحريف بعض مقتضيات هذا الميثاق بكيفية ظرفية أو لمصلحة خسيسة سيدفع بمنظمة الإفريقية إلى الهلاك وبأعضائها إلى الاقتتال.... وفي انتظار أن يتغلب جانب الحكمة والتعقل فإننا نودعكم، إلا أن المغرب إفريقي بانتمائه وسيبقى كذلك وسنظل نحن المغاربة جميعا في خدمة إفريقيا، وستدركون أن المغرب العضو المؤسس للوحدة الإفريقية لا يمكنه أن يعمل على إقبار هذه الوحدة... وسيأتي يوم يعيد فيه التاريخ الأمور إلى نصابها وفي انتظار ذلك فإن البعض منا وهذه حقيقة مؤلمة قد تحمل مسؤوليات بعيدة عن التعقل.... . أعقب قرار الانسحاب ردود فعل وطنية مؤيدة وإقليمية متأرجحة بين الارتياح أو الإمتعاض له. فعلى المستوى الوطني، كان الإجماع من طرف صحافة الأحزاب على أن من واجب المملكة اتجاه تقاليدها والتزاماتها واتجاه أهداف شعوب القارة الإفريقية أن تتخذ الموقف الذي يدفع الجميع إلى استشعار مسؤولياته . إنقطاع الود مع إفريقيا يجب أن يوضع في سياقه العام، فعلى الصعيد الداخلي نسجل أن المغرب أثناء تعثره طيلة الستينيات، في مشاكله الداخلية ، وضع على الرف ملف إفريقيا في حين أن قضايا الانتماء والارتباط المصيري لا تقبل التهاون. تعثرات الستينيات انعكست بكل ثقلها على مسيرة المغرب خلال السبعينيات. لا شيء يحدث صدفة في السياسة سواء في الداخل أو الخارج . قرار الانسحاب لا يعني الغياب، فالمغرب لن يغب عن إفريقيا المناهضة للتمييز العنصري ولن يغب عن إفريقيا المكافحة ضد الاضطهاد وأشكال الاستعمار، ولن يغب عن إفريقيا التواقة إلى التحرر والتقدم والتعاون المثمر. إن المغرب إفريقي بتاريخه وموقعه وجزء من مقومات حضارته وبعلاقاته الثنائية وبروابطه الماضية والمستقبلية مع الشعوب التي تتجه نحو المستقبل بتآخي وتآزر، هو إذن انسحاب وليس غيابا. أما رسالة الأمة في عدد 15 نونبر 1984 فاعتبرت الحدث استثنائيا (فلأول مرة في تاريخ المنظمات الدولية، عرفت منظمة الوحدة الإفريقية قمة جنائزية ... حين قال المغرب كلمته ومشى). يومية الميثاق الوطني – من جهتها – في عدد 14 نونبر 1984، وصفت الواقعة بالسابقة الخطيرة التي (تكرس السياسة الاستعمارية التي تستهدف تفتيت القارة وبلقنتها وتحريف التاريخ). وإلى الموقف ذاته ذهبت يومية الحركة في عدد 15 نونبر 1984 مضيفة أن الحدث مسرحية ستخلق بالقارة المزيد من بؤر التوتر والاقتتال. وحدها جريدة العلم في عدد 15 نونبر 1984 تحدثت، عن وقع النازلة على خصوم المملكة حين أوردت أن أكثر الناس شعورا وتأثرا بقرار الانسحاب المغربي من منظمة الوحدة الإفريقية هم خصومه وعلى رأسهم الجزائر التي ترى بانزعاج كيف أنه في غياب المغرب لن يعود هناك من يسخن الفرجة. فرجة لم تعد مضمونة – يقول سامي غربال - في ظل الارتياح غير المعلن الذي أبدته العديد من الدول الأعضاء في المنظمة لقرار العاهل المغربي بالانسحاب من المجموعة الإفريقية بعدما أعياها النظر في قضية "بين عربية" ما فتئت تثبط سير عمل المنتظم الإفريقي. وحدها زايير قررت تجميد عضويتها بهذا الأخير احتجاجا على قرار رئاسة المنظمة ضم الجمهورية الصحراوية إلى الحظيرة الإفريقية . إذ لام وزير خارجيتها رئيس المؤتمر لأنه بادر فوزع تقرير لجنة المتابعة، بدلا من أن يعرضه على المؤتمر ليقول فيه رأيه، بالقبول أو الرفض. لقد وضعنا هكذا أمام الأمر الواقع، وهذا تحد وتلاعب وقلة لباقة اتجاه الوفود. ثم ذكر كيف أن التسرع في هذه النازلة متناقض مع حالة ناميبيا التي لم تخاطب يوما في شأن الالتحاق بالمنظمة. ولهذا فإن زايير ترى منعدم التبصر ومن قبيل انتهاك القانون، أن تبقى حاضرة ي المؤتمر، وسيغادر وفدها أديس أبابا في يوم الغذ . غير أن موقفها ذاك هو بمثابة رد الجميل لمملكة آزرت شعب زايير في محنته ضد عمليات الارتزاق التي استهدفت البلاد سنوات 1977 و1978 . في حين وصف الرئيس الغيني أحمد سيكوتوري قبول الجمهورية الصحراوية بأنه متناقض مع القرارات الصادرة عن منظمة الوحدة الإفريقية، وبأنه رد غير مناسب على التضحيات التي قدمها المغرب للمساهمة في البحث عن حل للنزاع في إطار إفريقي وذلك باقتراح إجراء الاستفتاء في الإقليم تحت مراقبة الأمم المتحدة كما عبر حزب الاستقلال من خلال فريق الوحدة والتعادلية بمجلس النواب على التوقف لاسترداد النفس وتبين المرحلة التي نحن مقدمون عليها. وهذه بعض النقط التي نطرحها للمناقشة والتأمل: أ- يجب تلافى أن يصبح إقحام المرتزقة في منظمة الوحدة الإفريقية والخروج بتوصية لفائدة الجزائر من اللجنة الرابعة، مسلسلا يسير على طريق عزل المغرب ي باقي المنظمات الدولية خاصة وأننا نقبل علة المؤتمر العام لدول عدم الانحياز... يجب ألا نترك للجزائر فرصة لتهضم هذا المكسب الذي حققته في أديس أبابا، وتقفز منه إلى تحقيق مكسب جديد. ب- يجب أن نكف عن مجاراة الجزائر في ملاعبتها بالميادين التي تختارها هي وتحددها لإجراء الصراع. ج- توظيف الإجماع الوطني بخصوص قضية الوحدة الترابية ، في سياق تجنيد كل الطاقات في برنامج عمل مدروس ومنسق. د- التنسيق المحكم بين الدبلوماسيا والإعلام لأن عدم التنسيق ضيع على المغرب الكثير من الفرص نتيجة التصرف بعقلانية روتينية مع مستجدات الملف الغني بالتعقيدات. هـ- توثيق العلاقة مع الأقطار الإفريقية ومع دول عدم الانحياز في آسيا وفي أمريكا اللاتينية، لكي يواصل المغرب طرح قضيته الوطنية بمحتواها الحقيقي كنزاع جزائري مغربي بكيفية دقيقة. كما اعتبر ريمي لوفرو Rémy levrault أن قرار الانسحاب، لم يكن الرأي العام المغربي ليقبل فرضية استمرار المملكة بالمنظمة الإفريقية وقد انضمت إليها الجمهورية الصحراوية، ثم إن الحسن الثاني أيقن بأنه خسر – دبلوماسيا – نقاطا عديدة ضد الجزائر التي كسبت إليها الصف الإفريقي وبالتالي بات خيار المغرب الإنبعاث مجددا على الساحتين العربية والدولية . أما بول ماغي دولاكورس Paul Marie de la Corce فاعتبر أنه كان أمام الدبلوماسية الشريفة خياران : الإبقاء على عضوية المملكة بالمنظمة الإفريقية والدفاع من خلالها عن مشروعية الطرح المغربي أو الانسحاب لإبطال مفعول نصر البوليساريو الدبلوماسي فاختارت المغرب الخيار الثاني ظنا منه أن قرار الانسحاب سيضمن للمملكة تعاطف غالبية أعضاء المنظمة الذين لا يرجون رحيلها عنهم .
#محمد_مزيان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|