أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صاحب الربيعي - الطاغية والدين














المزيد.....

الطاغية والدين


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1228 - 2005 / 6 / 14 - 10:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يسعى الطاغية إلى تأطير سلطته بغطاء ديني ليبرر من خلاله أفعاله الشريرة في القتل والاضطهاد، وغالباً ما يلجأ إلى التحالف مع التيارات السلفية-الظلامية لغرض تحقيق توجهاتها ومصالحها مقابل أن تضفي عليه نوع من القدسية وتبرر أفعاله الشريرة ضد المجتمع. وتعتبرها أفعال مشروعة لاترتبط بذاته وإنما هو عبارة عن أداة مقدسة تنفذ مشيئة ربانية للانتقام من المجتمع الذي تعاظمت ذنوبه فسخر الله أحد عباده (الصالحين) لينتقم له منهم. عسى أن يكفروا عن ذنوبهم، ويعود إلى رشدهم والتزامهم بالشؤون الدينية ويبتعدوا عن الشؤون الدنيوية.
إن منح الطاغية صفة سلطان الله في الأرض من قبل وكلاء الدين، يعني إعطاءه الحق الإلهي في التنكيل والقهر للعباد دون حساب أو مساءلة من قبل الآخرين. لأنه يستمد شرعيته من السماء مباشرة، وغير مسموح لأحد الاعتراض على مشيئة السماء!.
في خطبة للخليفة العباسي ((أبو جعفر المنصور)) في الناس عند توليه الخلافة قال:" أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده وحارسه على ماله. أعمل فيه بمشيته وإرادته، وأعطيه بإذنه. فقد جعلني الله عليه قفلاً، إذا شاء أن يفتحني، فتحني لاعطائكم وإذا شاء أن يغلقني عليه أقفلني".
هذا الحق الإلهي في السلطة لايمنحه لنفسه سوى طاغية ومغتصب لسلطة لاشرعية لها، يحاول أن يسبغ على نفسه هالة سماوية تردع المعارضين وتخرس المنتقدين وإلا فإن السيف كفيلاً في حزًّ الرقاب وإسكات الأصوات المعارضة لإعلاء (كلمة الله) فسلطانه في الأرض يجب أن يكون مطاعاً ويخضع إليه الجميع دون استثناء.
وبما أن الله هو الذي يمنح الأرواح ويسلبها، فمن حق سلطانه في الأرض وما يمتلك من تفويض سماوي أن يسلب منها ما يشاء دون اعتراض. في حين أن الحاكم السوي وما تولى من شؤون دنيوية بالاتفاق والتراضي لايعتبر نفسه سلطان الله في الأرض، وإنما هو إنسان تم اختياره لإدارة شؤون الناس. وليس له من الفضل على الآخرين سوى أنه حاز على موافقتهم في إدارة شؤونهم الدنيوية دون الحاجة لإضفاء صفة القدسية على نفسه، ليمارس من خلالها صلاحيات أكبر مما أوكلها إليه الناس.
في خطبة للخليفة الراشد ((أبو بكر الصديق-رض)) في الناس بعد مبايعته لخلافة المسلمين قال:" لست خليفة الله، لكني خليفة رسول الله لأن الاستخلاف حق في الغائب أما الحاضر فلا يستخلف".
تعتمد سياسة الطاغية في إدارة شؤون الدولة على الاستبداد وسفك الدماء والتنكيل والقتل، لأن سيكولوجيته تدفعه لانتهاج هذه السياسة للتخلص من المنافسين له على قيادة السلطة والمجتمع. تلك السياسة المؤطرة بهالة دينية، تستمد (شرعيتها) من الله بكونه أحد وكلائه في الأرض ويتمتع بكافة صلاحياته.
وتؤشر مظاهر زهق الأرواح والتنكيل والقتل والاضطهاد لحالة الاستبداد التي لاحدود لها، لترسخ الاعتقاد لدى العامة من الناس بأنها ليست ظاهرة من صنع البشر. وإنما هي ظاهرة سماوية ينفذها (بشر) بإرادة ربانية، لايتحمل وزرها الطاغية نفسه!.
يرى ((عبد الرحمن الكواكبي))" بأنه ما من مستبد سياسي إلا ويتخذ لنفسه صفة القدسية، يشارك بها الله".
إن الاتفاق المبرم بين الطاغية والتيارات السلفية-الظلامية يمنح الأخيرة حرية بث سمومها في المجتمع مقابل تأمين الغطاء الديني اللازم لتبرير انتهاكات الطاغية لحقوق الإنسان، لكنه بذات الوقت يحذر على السلفية-الظلامية أن تتجاوز حدودها في بث سمومها لتصل إلى الطاغية ذاته وتعمل على نصحه بضرورة التزام بتعاليمها الظلامية!.
لأن الطاغية هو مصدر التشريع والديانة باعتباره سلطان الله في الأرض، ولايجوز لأحد توجيه النصح إليه في المسائل الدينية أو الشؤون الدنيوية. وبهذا فإن التيارات السلفية-الظلامية لابد أن تأتمر بأوامر الطاغية وتنفذ توجيهاته بالشؤون الدينية والدنيوية، فهي ليست إلا مظلة يستخدمها الطاغية تقيه عن الانتقاد والمعارضة على سلوكه الاستبدادي وتبرر نزواته ونوازعه الشريرة عبر نصوص دينية مجتزئة لاستغفال العامة من الناس.
يقول ((عبد الملك بن مروان))" والله، لايأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه".
إن التحالف البغيض بين الطاغية والتيارات السلفية-الظلامية يمنح الأول (الشرعية) بسفك المزيد من الدماء والقتل والتنكيل بالعباد تحت يافطة (الحملة الإيمانية) التي تنهل توجهاتها من الفكر السلفي-الظلامي الذي لايؤمن إلا بلغة العنف وحزًّ الرقاب للمخالفين له بالرأي.
تلتقي توجيهات الطاغية والفكر السلفي-الظلامي في محصلتها النهائية على مبادئ القتل والذبح والاضطهاد للمخالفين بالرأي. وإن إزاحة الطاغية عن السلطة، يجب أن يترافق مع اجتثاث للفكر السلفي-الظلامي النصير الأساسي لتوجهات الطغاة في الشرق، وإنه منبع الإرهاب والعنف والتخلف ويتوجب محاربته بكافة السُبل.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفلسفة وعلم المنطق
- مفهوم الخير والشر في الفلسفة
- الفرق بين العالم والجاهل
- مفهوم الحب عند جلال الدين الرومي
- *الصراع بين السياسي والمثقف: قيم أم مصالح؟
- دولة القبيلة بين القيم والمصالح
- أسلوب المقاومة السلمية ضد الأنظمة المستبدة
- انماط السلوك غير السوي في المجتمعات المقهورة
- الخطاب العلني للقوى المقهورة ضد القوى القاهرة
- لقاء صحافي مع الباحث وخبير المياه في الشرق الأوسط السيد صاحب ...
- سمات الخطاب المستور للقوى المقهورة
- ردًّ الفعل الشعبي ضد ممارسات القهر والاستبداد
- الصراع السياسي المستور بين القوى القاهرة والمقهورة
- الكراهية والحقد الكامن في ذات الإنسان المقهور
- السياسيون القردة
- صراع القدر والإرادة بين السماء والإنسان
- نشوء الدول القديمة والحديثة
- صلاحية الحاكم والمحكوم
- صراع العاطفة والجمال بين المرأة والطبيعة
- التأثيرات السلبية للفقر والجهل على المجتمع


المزيد.....




- اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا ...
- الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
- المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
- أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال ...
- كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة ...
- قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ ...
- قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان ...
- قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر ...
- قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب ...
- قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صاحب الربيعي - الطاغية والدين