|
سوريا إلى أين
ريزان فرحان خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4312 - 2013 / 12 / 21 - 06:12
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نتجاوز الألف الأولى من أياما نتذوق شرورها علقما نقاسيه ، شروخا واصطفافات طائفية وعرقية أخرجت كلما أختزنه لنا التاريخ من صراعات ليس لنا فيها ثأرا ولا مطلب ، أيام كانت إشراقتها الأولى بعد سنوات الحكم البعثي المظلمة تحمل لنا ملامح مستقبل جديد مطرز بشعارات الحرية والكرامة التي حرمنا منها كسوريين فلم نعد نشعر مع غيابهما بإننا بشر أسوياء أم لا ، إن كنا أحياء أم أموات ، ثورة بدأناها وكانت أنفجارا طبيعيا في سياق التاريخ الذي أوقف رغما عنه في سوريا البعث والتي أضحت لاحقا سوريا الأسد ، هذا الأسم الذي أضحى مظلة لكل فاسد مفسد في الأرض والبشر ، وهذه هي حكمة كل حاكم مستبد فهو لايملك القدرة على الحكم إلا في مجتمع فاسد متهالك وقد تهلهلت كل مفاصله وروابطه الأجتماعية والأخلاقية ، ولذا كانت ثورة الحرية والكرامة التي أنطلقت من الجنوب الذي كان آخر مكان قد نتوقع منه هكذا أنتفاضة ولكن لم العجب ألم يكن دوما منجمي الثورات غير صادقين في نبوءاتهم ؟ لازلت أبحث في الصور الأولى وتلك الجباه المغبرة التي كان يرسم العرق المتدفق من بين خصلات الشعر عليها ملامح مستقبل تفائلنا به خيرا وكيف لا يكون والبعث لن يكون له فيه مساحة كابوس عابر ، ثورة ظلت سلمية رغم بلادة أسلحة الدكتاتور الذي أقر بلسانه المعروف بزلاته العديدة بأنها لم تتسلح إلا بعد خمس أو ستة اشهر من أنطلاقتها وهذا ما أكده نقيضه ومرادفه الجولاني ! ، ثورة لايمكنني اليوم ربما أن ألقي اللوم على من حمل السلاح فيها في وجه آلة العنف البعثية ولكنني أعلم جيدا بأن ذلك السلاح كان مقتلة للثورة السورية وهنا أضحى الداء هو الدواء والدواء هو الداء ، وبدأت الرايات الخضراء( التي أتحسر عليها الأن وهذا من سخرية الأيام طبعا) ترتفع مرفقة بشعارات دينية ( طائفية ) وهذا ايضا بات من الطبيعي بحكم فشل المعارضة السورية في تشكيل مظلة سياسية لهذا الحراك الشعبي وعدم قدرته على أنتاج وقود فكري يمد هذه الثورة بمخزون عقلي يمكنه أن يسيرها ويأنسنها في مواجهة خصم لا يدرك إلا لغة القتل فإن تحدثت وأياه بنفس كلامه كانت له الغلبة ، وهي أن يجرد الثورة من قيمها الأنسانية العميقة محولا أياها إلى صراع عسكري _ سياسي على السلطة مغلفا برداء طائفي مقيت . وإن كان الله قد سخر لنا كلا من سايكس وبيكو ليؤسسا كليها لنا وطنا إسمه سوريا ذات ليلة استعمارية وقد جمع فيها من كل طيف ولون ، فشلت الدولة الوطنية السورية على تكوين هوية وطنية جامعة مابين كل هذه الطوائف والأعراق فلم نكن سوى جزر بشرية متباعدة عن بعضها البعض منقسمة فيمابينها وعلى ذاتها في أحيانا كثيرة اخرى ، محكومين بيدين لا نكن نملك ربما سوى تقبيلهما ، يد تضرب ويد تطعمنا من خيرات الفساد الذي لم نجتمع كسوريين يوما كما أجتمعنا عليه ، عربا وكردا ، مسلمين ومسيحيين ، سنة وعلويين وموحدين ، ولإننا لا نجتمع إلا على كل ماهو فاسد فقد أجتمعنا وبقلب رجل واحد على حمل السلاح متقهقرين ولكن غير منهزمين بل بملْ إراداتنا إلى إنتماءاتنا الأولى متحصنين خلف خنادقنا العرقية والدينية والطائفية ، ولما العجب فنحن لم نحوز يوما على هوية انسانية ؟ ظننا في أحلامنا الوردية بأنه ربما قد يهدينا اياها الله ذات ثورة . استمعت في الأمس مثل اي سوري آخر إلى خطاب الجولاني الملقب بالفاتح ولست أدري بما هو فاتح ؟ صحيحا إن الرجل كان بليدا ، ثقيل اللسان ، خاملا ، مفتقدا للخيال ولكنه يمثل حقيقة وواقعا على الأرض مع شريكه البغدادي الذي قال عن خلافه معه بأنه خلاف ما بين أهل البيت الواحد وللرجل وصاحبه حاضنة شعبية لا يمكن لنا نكرانها تحتمي بهما ويحتميان بها وهما وكما قال هو مع أخوتهم من الفصائل المجاهدة الأخرى باقون في هذه الحرب دفاعا عن الطائفة السنية إلى آخر رجل يمكنه أن يقاتل وحفاظا على حقوق الملكية قد سبقه السيد غليون في طرح هذا الشعار المبشر بالحياة ، وفي الضفة الأخرى طائفة علوية وجدت نفسها منذ اليوم الاول وقد ربط مصيرها بمصير الاسد الذي إن ازيح عن كرسيه الإلهي ، ذهبوا هم مع الريح ؟ وفي الضفة الثالثة وقد كثرت الضفاف وتكاثرت هناك في الشمال حيث الكورد الذين يقول لسان حالهم مالنا ولهم وهذا القتل الحاصل فيما بينهم نعم نحن لا نهوى القتل ولكننا لانملك القدرة على إيقافه ، فالحل لنا إذن أن نناى بأرواحنا واجسادنا ، فهذه حرب دينية لا ناقة لنا فيها ولا جمل ، وفي الجنوب حيث السويداء بدأت تشرق علينا طلائع جيش الموحدين دفاعا عن الأرض والعرض ، هذا الشعار الذي ربما لايتفق الفرقاء في سوريا إلا عليه وحده فكلهم بات حاميا للعرض والشرف ولكن أين هما هذين التائهين الذين باتا مطية وحمارا كل من شاء يركب عليهما ؟ ، نعم الكل حاضر اليوم بجنده وعتاده ، الكل هنا يصرخ مزمجرا غاضبا ولكن لا لكي يستعيد هويته الانسانية التي أنطلقت من اجله ثورة الكرامة والحرية ...
#ريزان_فرحان_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العمال الكردستاني في صيغته السورية
المزيد.....
-
العراق يعلن توقف إمدادات الغاز الإيراني بالكامل وفقدان 5500
...
-
ما هي قوائم الإرهاب في مصر وكيف يتم إدراج الأشخاص عليها؟
-
حزب الله يمطر بتاح تكفا الإسرائيلية ب 160 صاروخا ردّاً على ق
...
-
نتنياهو يندد بعنف مستوطنين ضد الجيش الإسرائيلي بالضفة الغربي
...
-
اشتباكات عنيفة بين القوات الروسية وقوات كييف في مقاطعة خاركو
...
-
مولدوفا تؤكد استمرار علاقاتها مع الإمارات بعد مقتل حاخام إسر
...
-
بيدرسون: من الضروري منع جر سوريا للصراع
-
لندن.. رفض لإنكار الحكومة الإبادة في غزة
-
الرياض.. معرض بنان للحرف اليدوية
-
تل أبيب تتعرض لضربة صاروخية جديدة الآن.. مدن إسرائيلية تحت ن
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|