أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم سوزه - عن المسيرة الحسينية وزيارات المشي المليونية














المزيد.....


عن المسيرة الحسينية وزيارات المشي المليونية


سليم سوزه

الحوار المتمدن-العدد: 4311 - 2013 / 12 / 20 - 14:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لم يكن بمقدورنا ان نتظاهر ضد نظام الدكتاتور صدام حسين في وقته. المسيرة ممنوعة والتظاهر محرّم الّا حين يكون تأييداً للنظام نفسه. كل شيء مراقب ومقموع، فكانت الزيارة الحسينية مشياً على الاقدام تظاهرة سياسية متنكرة بقناع ديني، نسميها تسامحاً بالشعيرة لكنها ليست شعيرة. انها اشبه بعرف شعبي اسّس لها بعض رجالات الشيعة قبل خمسين عاماً تقريباً لتصبح شيئاً فشيئاً ظاهرة ملفتة.

لقد واظب الاعتقاد الشيعي الامامي على ضرورة تطابق فعل العامي مع ما تركه المعصوم من اثر، فأن لم يثبت ذلك الاثر بطل وبطل معه الاعتقاد بوجوبه او حتى استحبابه، (المعصوم هنا هو النبي محمد (ص) والائمة الاثنا عشر من بعده حسب الاعتقاد الامامي). هكذا فهمنا الفقه الجعفري في شبابنا حين كنا نقرأ تلك الكتب بشراهة الجائع لتلك النصوص.

الزيارة مشياً على الاقدام ليست شعيرة فعلها المعصوم في حياته. لم يثبت وجوبها فضلاً عن استحبابها. لكنها ليست محرمة كذلك.
قد يقول قائل انها جرياً على ما فعله الصحابي جابر بن عبدالله الانصاري حيث كان اول من زار الحسين (ع) مشياً على الاقدام وقتئذ. اقول جابر ليس حجّة وما فعله هو اجتهاد شخصي لا نعرف مبرراته وظروفه. مع هذا لا يوجد مثل هكذا تبرير في هرم القيادة الدينية الشيعية، على الاقل في فترات التشيع المتقدمة. لم نرَ لأكابر المذهب مثل الشيخ المفيد والصدوق والكليني ترويجاً لزيارة المشي. لم يطلبوا من العوام تقليد الانصاري في زيارته تلك، ولا حتى من باب الاستحباب.

جاء التشجيع الشيعي الحديث لهذه "الشعيرة" نتيجة ظروف سياسية معينة، فكان "التساهل في مالم يثبت حرمته" مخرجاً دينياً لها في البداية. تحول هذا التساهل الى استحباب مزوّق بالآية القرآنية "ومَن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ... الحج آية 32" باعتبارها شعيرة طالما تعظم سيد شباب اهل الجنة. ثم سرعان ما تحول هذا الاستحباب الى شيء اشبه بالواجب (ولو بشكل مبطن) من خلال انفجار العشرات من الاحاديث والقصص والروايات التي تحث الزائرين على المشي لقبر الحسين وتتحدث بكرامات تراب اقدامهم.

الحقيقة هي طقس سياسي بنكهة دينية، فالصبغة السياسية في تلك الزيارة تطفو على اهميتها الدينية. كيف لا وهي استعراض سلمي ضخم لكتل بشرية هائلة تستعرض هويتها المقموعة داخل منظومة حكم مخالفة لها في العقيدة. وحتى تكون ذا صدى مؤثر، ينبغي لها ان تُؤطر بأطار رواياتي ضخم مع هالة من القدسية الدينية لا يستطيع احد الوقوف ضدها او نقدها او حتى تشذيبها بما يخدم ومصلحة الزيارة والزوار انفسهم.

اضفاء صفة الشرعية على زيارات المشي وجعلها مقدسة الى هذا الحد يعني تحويلها من خانة "الطقس الشعبي العفوي" الى خانة "الممنوع من اللمس" حيث لا مناص من الالتزام بأوامر الله ولا سؤال لكنهها وفحواها. انها مسيرة سياسية ضخمة تبين قوة التراصف الشيعي حتى في لحظات الوهن والضعف التي يمر بها المذهب ولا علاقة لها بالدين او شعيرة اربعينية الامام الحسين. الدليل انها اتسعت في العشرين سنة الاخيرة لتشمل مناسبات اخرى غير اربعينية الامام الحسين، مثل عاشوراء وزيارة النصف من شعبان (ولادة الامام المهدي المنتظر عند الشيعة الامامية). شملت تلك الزيارات مراقد الائمة الآخرين ايضاً كالامام الكاظم في كاظمية بغداد. ليس هذا فحسب بل اصبحت نبراساً لزيارات مشي مشابهة في خارج العراق ايضاً، وفي مراكز تجمع الشيعة خصوصاً.
ولايات مثل اريزونا وكاليفورنيا ومشيغان تشهد كل عام "مشّاية" عراقيين. يمشون من مناطق محددة الى اخرى في مناسبة الاربعين، لتصبح ممارسة الطقس عندهم اهم من الطقس نفسه. ممارسة الطقس اينما كان وكيفما كان هو القصد وليس زيارة ذلك الضريح الكربلائي المذّهب ذي الرمزية الدينية في الوجدان الجعفري.

انا احب الزائرين. احب ايمانهم. احب قوتهم. احب شجاعتهم في تحدي الخوف والموت والارهاب. احب اصرارهم على هذا الشيء حتى لو كان بعناد الآخرين ولا اعتراض عندي على تلك الزيارات. اعتراضي على بصمة العصمة والتقديس التي يلصقها بعضنا بها. اعتراضي على "العطل" الكبير التي تسببه للدولة. فما الضير اذا زرنا بالسيارات؟



#سليم_سوزه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يريد رجل -السُنّة- في العراق؟
- اما السيد المالكي او الفوضى والتقسيم
- رئيسنا حي
- العراق ورقة امل
- السلاحف تستطيع الطيران .. بهمن قوبادي، اسبرين عالج الوجع الك ...
- قراءة في رواية -حزن الحرب-
- باب علي وضلع الزهراء
- بَعْلَزْبول برلماني
- في قضية مقاهي الكرادة
- سلطة اللاسلطة
- لماذا احمد وليس محمد؟
- اشكالية الحَسَد بين الخرافة والقرآن
- بين الاخْوَنة والدَعْوَنة
- محمد حنش .. سطر جديد في كتاب الدراما العراقية
- ديمقراطية الطوائف
- في قضية البند السابع
- نصوص التأويل والعنف الرمزي
- الحكيم .. سلالة عقل
- شعراء -القنادر-
- لو كان هنا اويس لعَرَفَ كيف يدعو


المزيد.....




- بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران ...
- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...
- أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة ...
- لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م ...
- فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب ...
- ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال ...
- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم سوزه - عن المسيرة الحسينية وزيارات المشي المليونية