|
نادية ياسين لم تفعل غير الجهر بما خطه الوالد المرشد
سعيد الكحل
الحوار المتمدن-العدد: 1227 - 2005 / 6 / 13 - 10:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
اجتثاث الملكية غاية الجماعة وعقيدتها : نشرت " الأسبوعية الجديدة" في عددها 33 بتاريخ 2 ـ8 يونيو الجاري حوارا مع نادية ياسين ابنة مرشد جماعة العدل والإحسان ، أعادت التأكيد فيه على مبادئ الجماعة وأهدافها . وهذا الحوار يثير عدة أسئلة ، ليس من حيث مضمونه ، ولكن من حيث توقيته . وحتى نتبين الأمر جيدا نعرج على المضمون قبل سؤال التوقيت. 1 ـ إن جماعة العدل والإحسان تقوم على جملة مبادئ وعقائد يجعل مصيرها وهيكلتها متوقفين على الترابط فيما بين تلك المبادئ والعقائد ، والتي منها : أ ـ إخراج نظام الحكم من ملة الإسلام من خلال التنزيل المتعسف لقوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ب ـ الإفتاء بعدم صلاحية نظام الحكم السائد( لا يُصلح الناس فوضَى ، ولا يستقيم أمر المسلمين بلا نظام حكم . ولا يخدم أهداف الإسلام الجماعية والفردية نظام لا يخضع للإسلام ولا تكون طاعتُه من طاعة الله ورسوله)( ص 68 العدل ) . ج ـ اعتبار كراهية الحكم الملكي " منّة" من الله ، كما قال الشيخ ياسين( ومنَّ الله عز وجل علينا بأن بعث فينا غيرة على دينه ، وكراهية لطغيان الحكم العاض المنحرف عن طاعة الله ورسوله . فنحن نريد أن نحكم بما أنزل الله )( ص70 العدل) . د ـ اعتبار كل مشاركة سياسية ترميما لنظام الحكم: ( ليكن واضحا أننا لسنا نرمي لترميم صدع الأنظمة المنهارة معنويا ، المنتظرة ساعتها ليجرفها الطوفان . يندك ما كان يظنه الغافلون عن الله الجاهلون بسنته في القرى الظالم أهلها حصونا منيعة وقلاعا حصينة ، وتندثر وتغرق )( ص 576 العدل) . هـ ـ حصر أهم العوائق الأساسية التي تحول دون إزالة نظام الحكم الملكي كالتالي : = عائق الولاء للنظام ( أهم العوائق في كسب المعركة ضد الأنظمة القائمة المستقرة ، العائق النفسي المتمثل في الولاء الراسخ تعطيه الجماهير لنظام مألوف تفضله على حدثٍ مستجَدٍّ )( ص 104 العدل ) . = عائق الانقياد والركود( الركود العام ، والرقود العميق ، لدى القواعد الشعبية التي تدين بدين الانقياد ). = عائق أن الملك أب الجميع وموحّدهم ( يُقنع الناس لآجال وأجيال أن الحاكم أبٌ حنون واجب الطاعة وأن الحاشية وحدها هي أم الخطايا المسؤولة)(ص 105 العدل). = عائق الطاعة للحاكم ( بماذا ندخل على الساحة من جديد إن تركنا " الصبغة" الانقيادية المَرَضية ولم نعالجها بالتصحيح الشرعي ؟ إن المسلمين اعتادوا الطاعة للحاكم ، وقيلَ لهم كما قيل لآبائهم وأجدادهم منذ قرون : إن طاعة أولي الأمر من طاعة الله ورسوله . وانطبعت في نفوس الأجيال خُطبُ الجمعة التي ترفع " أمير المؤمنين " و " ظل الله في الأرض" إلى مراقي العصمة ، ورسخت في أذهانهم ومخيلاتهم تهاويل الحفلات " الدينية" المصنوعة لتزيين صورة الحاكم وتقديسه)(ص 104 العدل ) . إذن والسيدة نادية ياسين تجيب على أسئلة الصحافي لم تخرج عن هذه المبادئ والعقائد التي حددها المرشد وجعلها منهاج الجماعة ودستورها . لهذا فهي لم تأت بإضافات إلى تلك المبادئ بقدر ما جاهرت بها ، مما يثير أسئلة حول الميقات الزماني والميقات المكاني لهذه المجاهرة . 2 ـ خلفيات الجهر برفض الملكية والإعلان عن أزوف نهايتها : نعلم جيدا أن الشيخ ياسين أخبر في كتابه " العدل" أن الإسلاميين صاروا على عتبة الحكم ، مما يعني أن النظام الملكي يعيش آخر لحظاته . وتكريسا لهذه "الحقيقة" /الأدلوجة ، بشر الشيخ أتباعه بسلسلة من "المبشرات" التي تنبئ بأن سنة 2006 ستكون خاتمة النظام الملكي ، لتعود " الخلافة على منهاج النبوة " . إذن لماذا اختارت نادية ياسين أن تعلن من أمريكا ، أن الملكية لا تصلح للمغرب وأن نهايتها وشيكة ؟ إن الإجابة على هذا السؤال تقتضي وضعها في السياق الدولي وكذا الداخلي للمغرب . بخصوص السياق الداخلي : لا شك أن المغرب يمر بفترة انتقالية حرجة ، خاصة على مستوى الحريات العامة ، حيث باتت الأصوات المناهضة إما للوحدة الترابية أو لنظام الملكية أو لإمارة المؤمنين أو لوحدة المذهب المالكي ، تعبر عن نفسها وعن التنظيمات المروجة لها دون تردد أو مواربة . وما الأحداث التي عرفتها مدينة العيون وعدد من الجامعات المغربية مؤخرا بتحريض من الفلول الانفصالية إلا دليل على وجود حالة " السيبة" و " الدصارة" التي لا تعكس النضج السياسي لدى هذه التنظيمات المناوئة ، بقدر ما تسعى لإظهار حالة "التدهور" والارتباك في "النظام المخزني" أو بتعبير مغربي دقيق " ما بقى مخزن" . وتصريح السيدة ياسين يأتي لجس نبض "المخزن" وقياس طبيعة ردود فعله ودرجة خطورتها . فقبل سنتين امتنعت السيدة نادية ياسين عن إعطاء جواب أو توضيح موقف جماعتها من علاقة الدين بالسياسة ، في حوار معها نشرته أسبوعية الصحيفة في عددها 125 بتاريخ 8 غشت/11 شتنبر 2003. وبررت هذا الامتناع كالتالي ( الجواب على هذا السؤال حذفه قانون الإرهاب ، أُكتبْ هذا ، أكتب أن هذا جوابي ، وأنه بعد الخطاب ( خطاب العرش لسنة 2003) لا أستطيع أن أجيب على هذا السؤال ، فأنا مواطنة مغربية ، تُظلني سماء المغرب ولا أريد أن تُظلني سماء سجن عكاشة ) . فما الذي حصل حتى حُلّت عقدة لسانها وقانون الإرهاب لم يُلغَ وخطاب العرش لم يُنسخ ؟ أما بخصوص السياق الدولي : فجميعنا يعلم مساعي الولايات المتحدة لإقامة الحوار مع الحركات الإسلامية بغرض تأمين المصالح الأمريكية . في هذا السياق تسعى نادية ياسين ، ومن ورائها جماعة العدل والإحسان ، إلى إقناع الولايات المتحدة ، من جهة ، بأن مدة صلاحية النظام الملكي أوشكت على نهايتها ، ومن جهة ثانية أن جماعة العدل والإحسان هي القوة السياسية الوحيدة التي ستزيل النظام وترث ملكه . وأرادت نادية ياسين بتصريحها إياه من جامعة باركلي أن تضع النظام أمام خيارين أحدهما أصعب من الآخر . إما خيار سكوت النظام على تصريحاتها مما سيعطي مضمونها مصداقية من حيث أن النظام متهالك وآيل للزوال . والسكوت ، في هذه الحالة سيشجع جهات أخرى على " السيبة" و " الدصارة" وشطب الخطوط الحمراء . وإما رد فعل صارم سيجر النظام إلى مواجهات مفتوحة مع جماعة العدل والإحسان على نمط المواجهات بين النظام المصري وجماعة الإخوان المسلمين . وفي هذه الحالة ستعطى الذرائع للتدخل الأجنبي للضغط على السلطات المغربية بغرض احترام حقوق الإنسان وتوسيع هامش الحريات العامة . الأمر الذي يعني وضع اليد الأمريكية باليد الياسينية لرسم معالم المستقبل المنظور . فنادية ياسين ترسل للأمريكيين إشارات واضحة مفادها أن جماعة العدل والإحسان تتبنى مفهوم الديمقراطية الغربي ، وليس بينها وبينه عداء مذهبي أو رفض عقائدي . هكذا تقول نادية ياسين ( إننا نقول مرحبا للعلمانيين ليبقوا ويقترحوا برامجهم ويكونون مستعدين للدخول في اللعبة السياسية حتى يكون ممكنا للذي يقول باللادينية حقه في التعبير عن رأيه شريطة أن تكون هناك لعبة سياسية واضحة وخيار ديمقراطي حقيقي . نحن لا نرفض العلمانيين واللادينيين ، بل نقول بحاجتنا إلى نظام سياسي قائم على ديمقراطية حقيقة ) . إنها لغة المصالح التي تعطل مفعول المبادئ التي صاغها والدها وتأسست عليها الجماعة . وبهذا تكون نادية ياسين تسير على خطى والدها . فبعد أن رفض النظام الملكي "النصيحة" التي قدمتها له ، عقب الأحداث الإرهابية ليلة 16 مايو ، بالتعاون مع جماعة العدل والإحسان ، كما فعل والدها مع الملك الراحل الحسن الثاني عقب المحاولات الانقلابية ، انتقلت إلى مهاجمته بالإعلان عن عدم صلاحيته . إذن نحن أمام هجمة شرسة ومنظمة ، وإن تعددت أطرافها ، تستهدف تقويض الثوابت التي يجمع عليها الشعب المغربي ـ النظام الملكي ، المذهب المالكي ، الوحدة الترابية ـ الأمر الذي يقود حتما إلى إثارة الفتنة وتقويض الوحدة . [email protected] www.said.ca.cx
#سعيد_الكحل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 2
-
المسلمون وإشكاليات الإصلاح ، التجديد ، الحداثة 1
-
خلفيات إضراب معتقلي السلفية الجهادية عن الطعام
-
معتقلو السلفية الجهادية من تكفير منظمات حقوق الإنسان إلى الا
...
-
المجتمعات العربية وظاهرة الاغتيال الثقافي
-
الأزمة السياسية في إيران تؤكد أن الديمقراطية لا تكون إلا كون
...
-
عبد الكبير العلوي المدغري والشرخ الغائر بين الروائي المتحرر
...
-
الإرهاب يتقوى وخطره يزداد
-
منتدى المستقبل- أو الغريب الذي تحالف ضده أبناء العم
-
العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة 2
-
العنف لدى الجماعات الإسلامية بين الشرعنة والإدانة -1
-
الإرهاب إن لم يكن له وطن فله دين
-
هل أدركت السعودية أن وضعية المرأة تحكمها الأعراف والتقاليد و
...
-
عمر خالد وخلفيات الانتقال بالمرأة من صانعة الفتنة إلى صانعة
...
-
هل السعودية جادة في أن تصير مقبرة للإرهابيين بعد أن كانت حاض
...
-
ليس في الإسلام ما يحرم على المرأة إمامة المصلين رجالا ونساء
-
العلمانية في الوطن العربي
-
حزب العدالة والتنمية المغربي مواقفه وقناعاته تناقض شعاراته
-
ليس في الإسلام ما يحرم على المرأة المشي في الجنازة
-
الإسلاميون يصرون على بدْوَنة الإسلام ومناهضة الحداثة - 3
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|