أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة (ضمن توابع يوليو1952)















المزيد.....

تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة (ضمن توابع يوليو1952)


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 22:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بتاريخ 5/7/61 أصدر عبدالناصر القانون رقم 103 لسنة 61بشأن ((إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها)) وبمقتضى أحكام الباب الرابع من هذا القانون تم تحويل المعهد العتيق المشهور(وفق تعبير المرحوم أ. خليل عبدالكريم) من مجرد (جامع) إلى (جامعة) وهكذا قضتْ مشيئة البكباشى / الإمام : تم نفض تراب الزمن من على ذاك المعهد العتيق ومن على كتبه الصفراء التى تـُخاصم الحياة ، بعد أنْ انصرف شعبنا عن الالتحاق به مع بداية القرن العشرين. حيث كان دوره محصورًا فى تخريج خطباء المساجد ومقرئى القرآن فى المدافن ومدرسى دين وقضاة (شرعيين) وظلّ الأمر كذلك منذ إنشاء الأزهرعام 970إلى أنْ حطتْ إرادة عبد الناصر بتحويل الجامع إلى جامعة لا يدخلها إلاّ المسلمون. وهكذا تم بذر بذرة سامة لتفتيت الوطن وذلك بالتفريق بين أبنائه على أساس دينى. وهو ما سوف نتبينه من عرض ومناقشة مواد ذاك القانون.
تتناول المادة رقم 34 الكليات تتكوّن منها جامعة الأزهر وهى : كلية للدراسات العربية. كلية المعاملات والإدارة. كلية الهندسة والصناعات. كلية الزراعة. كلية الطب. وتنص المادة رقم 2 من الباب الأول الذى يتناول الأحكام العامة على أنّ الهدف الرئيسى من أهداف الأزهر هو ((حمل أمانة الرسالة الإسلامية إلى كل الشعوب وتزويد العالم الإسلامى والوطن العربى بالمختصين وأصحاب الرأى فيما يتصل بالشريعة الإسلامية. وتخريج علماء عاملين متفقهين فى الدين، يجمعون إلى الإيمان بالله والثقة بالنفس وقوة الروح، كفاية علمية وعملية ومهنية لتأكيد الصلة بين الدين والحياة)) أى أنّ التفقه فى الدين الإسلامى وفى اللغة العربية يسبق فى الأهمية التخصص المهنى. وترتــّب على ذلك ظاهرة (الطبيب المسلم) و(المهندس المسلم) و(الصحفى المسلم) و(المحامى المسلم) وذلك باقتران المهنة بالديانة ، الذى يُقابل بتعصب مضاد من الأصوليين المسيحيين فيُطالبون بتخصيص كليات للطب وللهندسة إلخ لا يدخلها إلاّ المسيحيون ، طالما أنّ موارد الأزهر من ميزانية الدولة. وطالما أنهم يُساهمون فى موارد تلك الموازنة. ولكن الأخطر أنّ ظاهرة الطبيب والمهندس المسلم إلخ لم يكن لها أنْ تكون فى يوم من الأيام مجرد ظاهرة فردية ، لذلك سيطرالمحامون والمهندسون والأطباء والصحفيون المسلمون على النقابات. فكان من الطبيعى أنْ ينمو التعصب ويصل لدرجة العنف الدموى. ويتحوّل أبناء الوطن الواحد إلى أعداء. وتستحل الأكثرية الدينية أرواح وأموال الأقلية الدينية. كما أنّ هذا التعصب الدينى أخذ شكلا من أشكال الدونية القومية. ونقابة الأطباء خير مثال على ذلك ، حيث ورّطتْ شباب الأطباء الذين ذهبوا ليموتوا فى أفغانستان والبوسنة والشيشان ، فى قضايا مصنوعة بإحكام داخل مؤسسات الإدارة الأمريكية. وكانت نقابة الأطباء تنشر إعلانات مدفوعة الأجر فى صحيفة الأهرام بعنوان (وا بوسناه) فعلتْ النقابة ذلك فى الوقت الذى لم تهتم فيه بالجرائم التى ترتكبها المستشفيات الاستثمارية ضد شعبنا (مسيحيين ومسلمين) ووصل الأمر لدرجة أنّ النقابة رفضتْ إقامة تأبين للطبيب (برزى النحال) الذى قتله أعضاء بالجماعة الإسلامية يوم 30/6/92. وكان د. برزى النحال لا يُعالج المرضى بالمجان فقط فى قرى صعيد مصر، وإنما كان أيضًا يُعالج أوجاع الوطن من فقر وتخلف وتعصب. وأنه كما كتبتْ عنه أ. بهيجة حسين عندما اغتاله المُتعصبون دينيًا كان يمسك فى يده مبضع الجراح وفرشاة الرسم ((صحيفة الأهالى- 9/7/2003) رغم كل ذلك رفضتْ النقابة التى ينتسب إليها الوقوف مع أسرته وأصدقائه لإقامة التأبين وتهتم بما يحدث فى البوسنة والشيشان.
كما أنّ التعليم فى كليات الأزهر وفى المعاهد الأزهرية، بجانب التعليم فى الكليات والمعاهد المدنية ، يعنى أننا إزاء نوعيْن من التعليم ، أى أننا إزاء ثقافتيْن، وبالتالى ينقسم شعبنا إلى شعبيْن.
وتنص المادة رقم 38من الباب الرابع المُخصص لجامعة الأزهر على ((تتساوى فرص القبول للتعليم بالمجان فى كليات الجامعة ومعاهدها المختلفة للطلاب المسلمين من كل جنس وكل بلد)) أى أنّ الأمريكانى والأفغانى إلخ له حق التعليم على حساب شعبنا (مسيحيين ومسلمين) الذى لا يجد ماءً نظيفــًا للشرب ويأكل الخضروات والفواكه ملوثة بالمبيدات القاتلة (د. نبيل حفنى محمود- مجلة أحوال مصرية- عدد33صيف 2006) وأنّ عدد سكان القبور وصل إلى 5 مليون حسب إحصاء الجهاز المركزى للتعبئة العامة والاحصاء (حمدى مصطفى- المصدر السابق) ولا يجد سريرًا فى مستشفى ولا مقعدًا فى مدرسة إلخ كما أنّ هذه المادة تعنى أنّ الأمريكانى المسلم يتعلم بالمجان فى مصر، فى حين يُحرم من هذا الحق مصريون لمجرد أنهم مسيحيون.
وذاك الانحياز لصالح المسلمين من كل جنس ومن كل بلد لم يقتصر على الدارس ، وإنما امتد ليشمل من لهم حق التدريس ، وهو ما قضتْ به المادة رقم57 فنصّتْ على ((يجوز أنْ يُعيّن فى هيئة التدريس مسلمون من غير مواطنى ج.ع.م (أى مصر قبل كارثة أبيب/يوليو52) ممن تؤهلهم كفايتهم لذلك)) والمادة رقم 58 تنص على ((يجوز الاستعانة بأساتذة مسلمين من غير مواطنى ج.ع.م بصفة زائرين لمدة معينة)) والمادة 59 تنص على ((يجوز أنْ يُعين مدرسو لغات وموظفون فنيون مسلمون من غير مواطنى ج.ع.م لمدة معينة)) لهذا الحد تصل التفرقة المؤسسة على أساس الدين، فيكون للأجنبى حقوق يُحرم منها المصرى لمجرد أنّ الأجنبى مسلم والمصرى مسيحى. كما أنّ تلك التفرقة لم تقتصر على الدارس والمدرس وإنما امتدتْ لتشمل الموظفين والفنيين ومدرسى اللغات (النشرة التشريعية عام61من ص2060- 2101)
فلماذا لم ينتقد الكتاب ذاك القانون الذى أطلقوا عليه (تطوير) الأزهر؟ وليتهم صمتوا فقط بل أيّدوه وهللوا له. وبعد مرور أكثر من 30سنة على صدوره كتب د. شكرى محمد عياد ((كان من مآثر العهد الناصرى أنه نقل الأزهر نقلة هائلة)) (أهرام 11/3/94)
ونظرًا لأنّ عبدالناصر نقل الخلافة إلى خليفته (السادات) الذى أعلن عن (ديمقراطية المفرمة) ونظرًا لخطورة الأزهر كمؤسسة تعمل على إرضاء سلطة الحكم . كما أنها مؤسسة تتلوّن مع ما يُريد الحكام فقد كان شعبنا مع المذهب السنى قبل مجيىء الفاطميين الذين فرضوا المذهب الشيعى ثم العودة إلى السنى بأمر صلاح الدين الأيوبى . والأزهر أيّد عبدالناصر عندما كان يستخدم اللغة الدينية ضد إسرائيل. فكان مشايخ الأزهر(فى الصحف والمجلات وعلى المنابر) يُكثرون من الاستشهاد بآيات القرآن ضد اليهود ، فلما ذهب السادات إلى القدس المحتلة غيّروا جلودهم مع تغيير خطابهم فأكثروا من ((وإنْ جنحوا للسلم)) وتدور الأيام فيكون الأزهر معقلا للتيارالوهابى. ولأنّ الأزهر مؤسسة مُسيّسة لذلك أصدر السادات القانون رقم2لسنة79 بشأن بعض الأحكام الخاصة بمنصب شيخ الأزهر. فنصتْ المادة الأولى على أنْ ((يكون تعيين الإمام الأكبر شيخ الأزهر وإحالته للتقاعد بقرار من رئيس الجمهورية دون التقيد بالسن المُقرّر للتعيين وترك الخدمة فى القوانين المعمول بها)) وتلك المادة تتضمّن أمريْن فى غاية الخطورة: الأول أنّ تعيين الإمام الأكبر وإحالته للتقاعد يقع تحت طائلة الشر المطلق المُتمثل فى السلطة المطلقة لرئيس الدولة وحده. أى إلغاء دور المصريين المسلمين فى انتخاب من يرونه صالحًا لذاك المنصب ، وبالتالى إهدار آلية من آليات الديمقراطية. الأمر الثانى أنّ التعيين وترك الخدمة لا يتقيّد بالقوانين المعمول بها. وإذن لا تبقى إلاّ السلطة المطلقة للرئيس ، فإذا كان الإمام الأكبر(مطيعًا) ويُنفذ كل ما يُطلب منه فهو مستمر فى منصبه إلى ما شاء الرئيس ، وإنْ فشل فى امتحان (الطاعة) {وهو ما لم يحدث} فقرار العزل يصدر فى الحال ، لذا نصّتْ الفقرة الثانية من تلك المادة على ((ويتقاضى المرتب والبدلات المُقرّرة لرئيس الوزراء ويُعامل معاملته من حيث المعاش)) (الجريدة الرسمية- عدد 4 فى 25/1/79) وبهذا يكون قد تم وضع اللمسات الأخيرة نحو تأسيس الدولة الدينية. وبهذا القانون أصبح الأزهر أقوى سلطة فى الدولة ، مهمته نشر الفكر الوهابى تمهيدًا ل (سعودة مصر) ومصادرة الكتب والتفتيش فى ضمائر الكتاب ، ووصل الأمر لدرجة التحريض على قتل المُخالفين لفكرهم الوهابى ، رغم أنّ هؤلاء المُخالفين يُعلنون أنهم (مسلمون موحدّون) ووصل الأمر لدرجة الدفاع عن القتلة (إغتيال المفكر فرج فوده نموذجًا) والتفريق بين الرجل وزوجته (نصر أبو زيد نموذجًا)
ويجب ملاحظة خطورة النص على معاملة الإمام الأكبر معاملة رئيس الوزراء من حيث المرتب والمعاش. إذْ تم وضع القيد الحديدى فى رقبة كل من يشغل هذا المنصب. فطبقــًا لقواعد علم النفس فإنّ الإغواء يبدأ مع قبول الإغراء. وفى دراسة مهمة للمرحوم خليل عبد الكريم عقد فيها مقارنة بين الوضع الاجتماعى لرجال الأزهر شديد التواضع قبل يوليو52 ووضعهم شديد البذخ بعد ذاك التاريخ (مجلة أدب ونقد- مايو94) وإذا كان عبد الناصر بدأ مخطط (تعريب مصر) و(أسلمة مصر) فلم تكن مصادفة أنّ من اختاره ليخلفه هو السادات الذى قال ((أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة)) ولأنّ الدولة الدينية ضد دولة الحداثة. وإذا كانت الحداثة تعنى ترسيخ آليات اللبرالية ، فإنّ عبدالناصر(فى لحظة صدق مع النفس أو فى لحظة من لحظات اللاوعى) بعد الغدر بقيادات حزب الوفد وبعد أنْ عاتبه إبراهيم طلعت على اعتقال بعضهم قال له عبد الناصر ((إحنا يا أستاذ مش بنحاكم الوفد . إحنا بنحاكم نظام قديم . بنحاكم نظام رأسمالى اسمه النظام اللبرالى)) (مذكرات إبراهيم طلعت- مكتبة الأسرة- عام 2003- ص 245) والنتيجة التى يستخلصها أى باحث موضوعى هى أنّ نجاح الضباط فى الاستيلاء على السلطة فى يوليو52 ودعم الإدارة الأمريكية لهم كان هدفه وأد تجربة اللبرالية المصرية كى يتم قطع الطريق على أية محاولة للحداثة.



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تابع مرحلة ما بعد يوليو 1952 (2)
- مرحلة ما بعد يوليو 1952
- الثقافة السائدة قبل يوليو 1952
- الوطن درع المواطنة
- الدين والروح القومية قبل يوليو1952
- الدور الحضارى لحكماء مصر القديمة
- التعريف العلمى لهوية الوطن
- جمال عبد الناصر ومحمد مرسى
- القمع باسم العمال والفلاحين
- ضباط يوليو والإدارة الأمريكية
- الكوتة لا تحقق المواطنة
- من سيسل دى ميل إلى يوسف شاهين
- رد على الأستاذة أحلام أحمد
- الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب
- مؤامرة صهيونية لإخراج رمسيس من مصر
- التقدم العلمى فى علم الصيدلة فى مصر القديمة
- التعليم فى مصر القديمة
- صراع الحب والكراهية حول معشوقة الأحرار: المعرفة
- حُمّى السيادة على العالم
- الدولة State والدسلتير


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة (ضمن توابع يوليو1952)