نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 14:43
المحور:
المجتمع المدني
اليونسيف، الميلاد و العطاء – أنت أيضا ً تستطيع!
ثلاث ُ دعايات على اليوتيوب، أبطالها: المهاتما غاندي، الأم تيريزا، يسوع و شاب ٌ عادي. يجتمع الأربعة في بيت "الخير" Goodness و يروي كل منهم كيف وصل إلى هناك. قصة الثلاثة الأوائل طويلة صعبة قاسية حافلة بالمعاناة و الصبر و ترويض النفس و إخضاع الجسد و الخدمة بلا مُقابل و بلا حدود و لا انتظار شكر ٍ أو مردود، أما الرابع فقصته قصيرة و سهلة، لكن وزنها في بيت "الخير" لا يقل عن سابقاتها الثلاث، قصته هي نقرة بزر الفأرة على إعلان شراء هدايا الميلاد من موقع يونيسيف السويد، و ببراعة شديدة يتم إبراز سهولة عمل الخير في هذا الزمن الميلادي و فاعليته أيضاً.
تظهرُ المقابلة جلية ً بين سهولة النقرة و أثرها الإنساني الفاعل في تخفيف الألم و المعاناة، و الإعلانات تقول لنا: لا يحتاج عمل الخير إلى بطولات كثيرة، فقط خذ قرارك ثم انقر و علينا نحن الباقي، شاهدها بالترتيب:
http://www.youtube.com/watch?v=7UIdzSsNbZw
http://www.youtube.com/watch?v=TrgcrnraUnM
http://www.youtube.com/watch?v=X8Q-taDDwFs
تستحق ُّ هذه الإعلانات الإشادة بالمجهود الإيجابي و الفكرة الإبداعية و التوظيف الأخلاقي للاستهلاك المطلوب، و هو هنا ليس استهلاكا ً ذاتيا ً ينصب في رفع مستويات اللذة الفردية لكن هو استهلاك فردي ينصب في نهر ٍ من العطاء الجماعي، و بذلك يُخرج هذا الاستهلاك نفسَه من المادية نحو العطاء و الحب و الاتحاد الإنساني، نحو تخفيف المعاناة و إنقاذ الحياة و استمراريتها و إعادة الحياة لطفل و إعفاء ِ قلب أم ٍ من خوف ٍ ثقيل ٍ على طفلها أو طفلتها في مكان ما من العالم.
صادفت الكثيرين في حياتي من الذين يقولون أن هذا النوع من العطاء هو صدقة لا معنى لها و لا تغير شيئا ً و تشجع الفقراء على المزيد من الفقر و على قبول واقعهم كما هو بدل الثورة على الظلم، و قابلت ُ أناسا ً أيضا ً يقولون أن هذا النوع من السلوك هو جرعة تخدير لضمير الشخص المُعطي كي يشعر أنه شخص محترم و خيَّر لا أكثر، و قابلت ُ أُناسا ً يسمون هذه الحملات بـ "النفاق" لأنها تتركز في أشهر الأعياد و المناسبات و تلعب على أوتار العواطف الإنسانية و الدينية.
كان موقفي من هذه الأفكار موقفا ً واضحا ً و ثابتا ً، و شديد البساطة في آن ٍ معاً، و يمكن تلخيصه بما يلي:
- العالم ليس مكانا ً مثاليا ً، لم يكن، و لن يكون أبداً.
- التنظير و الفلسفة لا مكان لهما أمام ألم الإنسان.
- المهم هو تخفيف الألم و إعطاء الحب.
- نقطة، خلص الكلام.
يمكنك اليوم و الآن أن تقوم بشئ، قم به، أنت أعلم ما هو و الطريقة المُثلى للقيام به، أنت أعلم ما يمكنك أن تُعطي و كيف و لمن، فافعل و لا تتردد.
ارسم ابتسامة ً على وجه أحدهم، و اعط ِ من احتاج، و لو علبة َ دواء، و لو بنطالا ً لم تعد ترتديه لكن فليكن نظيفا ً غير مثقوب ٍ و لا معيب، و لو بلوزة أو قميص، و لو دينارا ً و لو خمسة َ دنانير و لو بطانية في الشتاء، و لو سندويشة، إفعل ما تستطيع لكن افعل و لا تقف مثل التمثال الذي تمر الحياة من أمامه و هو جامد.
لا تكن تمثالا ً، كن إنسانا ً، افعل شيئا ً!
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟