|
حوار مطول مع المفكر العالمي نعوم تشومسكي -مترجم-
خالد الصلعي
الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 03:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
في حوار استثنائي خص به المفكر العالمي مجلة " أوقفوا الحرب " Ceasefire ، في شخص " الصحفي "فرانك بارات " بخصوص الأحداث الراهنة بمنطقة الشرق الأوسط ، وتحديدا بسوريا ، وقضية مفاوضات السلام بين اسرائيل و"الفلسطينيين " ، ودور القوة المريكية في المنطقة . نص الحوار : - Ceasefire ، فرانك بارات : ما هي خلاصة لغة الحوار بين اسرائيل وأمريكا ، ولماذا تلعب السلطة الفلسطينية على طول الخط ؟ + نعوم تشومسكي : من وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية ، المفاوضات هي في الحقيقة ، طريقة لمتابعة نفس السياسة بالنسبة لاسرائيل ، للسيطرة بطريقة ممنهجة على كل ما تريده من الضفة الغربية ، والحفاظ على الحصار الوحشي على غزة ، بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، مع الاحتفاظ باحتلال هضبة الجولان السورية طبعا ، وكل هذا بمباركة الولايات المتحدة الأمريكية . وكما جرى في السابق في تجربة مفاوضات أوسلو ، فان اطار المفاوضات هو لتغطية ما يجري . -أوقفوا الحرب : في رأيك ، لماذا تتواطأ السلطة الفلسطينية فيما يجري ، وفي نفس الوقت تذهب للمفاوضات في كل مرة ؟ +نعوم تشومسكي : انها على الأرجح جزء من حالة يأ س ، يمكنك أن تتساءل ؛هل هو الاختيار الصائب أم العكس ، لكنهم لايتوفرون على بدائل أخرى . - أوقفوا الحرب : لذلك فهي الى حد كبير تقبل بمبد أ الحوار ، في الحقيقة ، للبقاء على قيد الحياة ، ولذلك فهي تقبل اطار المفاوضات ؟ +نعوم تشومسكي : اذا رفضوا المشاركة في ماراطون المفاوضات الأمريكية ، فان المساعدات ستتوقف . انهم يعيشون أساسا على المساعدات . فقد عملت اسرائيل على تعطيل الماكينة الاقتصادية بفلسطين . انهم نوع مما يمكن أن نطلق عليع بلهجة "اليديش " Yiddish- وهي من اللهجات الألمانية - جمعية الطفيليين " : انك تولد وتعيش على ما يمكن أن تكتسبه . واذا كان لديهم بديل لهذا فهو غير واضح ، واذا رفضوا طلب الولايات المتحدة الأمريكية للمفاوضات ، فان المساعدات ستتوقف . وهم لا يتوفرون على مساعدات خارجية كفاية ، فالنخبة يمكن أن تعيش في وضع لائق الى حد ما ، بل في وضع فخم ، في حين أن باقي الشرائح الاجتماعية الفلسطينية ستنهار تماما .-;---;-- - أوقفوا الحرب : اذن فان انهيار واختفاء السلطة الفلسطينية سيكون شيئا قبيحا وغير مرغوب فيه بعد كل هذا ؟ + نعوم تشومسكي : هذا يتعلق بمن سيخْلف السلطة الفلسطينية ، اذا كان، كما قال مروان البرغوثي ، سيمنحون المجتمع فرصة المشاركة في المسار الحالي ، الذي يراه نيلسون مانديلا في النهاية ضرورة اعادة تنشيط التأثير ، بتنظيم المجتمع الفلسطيني الذي يمكن أن يضغط أكثر من أجل مطالب جوهرية . لكن تذكر ، انهم لايمتلكون اختيارات متعددة . في الحقيقة ، بالعودة الى اتفاقيات أوسلو قبل عشرين سنة . كانت هناك مفاوضات موازية أخرى جارية ، مفاوضات مدريد التي كان يقودها السيد حيدر عبد الشافي ، وهو شخصية محترمة ، ومن وجوه اليسار الوطني الفلطسيني البارزين . كان يرفض الموافقة على الشروط الأمريكية الاسرائيلية ، التي كانت تقود الى توسع جديد للاستيطان الاسرائيلي . لقد رفض ، وبالتالي توقفت المفاوضات ولم تراوح مكانها . وفي الوقت نفسه ذهب عرفات ومجموع فلسطينيي الخارج في مسار مفاوضات أوسلو ، مما جعلهم يسيطرون على أفق المفاوضات ، ويتحكمون في مسارها ، وقد عارض عبد الشافي هذا المسار ، ولم يشارك في تلك الاحتفالات الدرامية التي تفتقد الى أي معنى ، حيث ابتسامة كلينتون العريضة ، ومصافحة رابين وعرفات باليدين . فضل التنحي عن الظهور -عبد الشافي - لأنه أدرك أنه مجرد بيع تدريجي . لكنه كان رجل مبادئ ، ويمكن أن تحصل على شيئ ما في مكان آخر ، لكنك لن تحصل عليه اذا لم يكن هناك دعم من الاتحاد الأوروبي ، ومن دول الخليج ، وفي النهاية من الولايات المتحدة الأمريكية . -أوقفوا الحرب : في رأيك ما الذي يَثْبُت على المحك فيما يخص أحداث سوريا في هذه الأيام ، وماذا يعني ذلك في تلك المنطقة الواسعة ؟ . +نعوم تشومسكي : حسنا ، سوريا تتأهب للانتحار . انها قصة مرعبة ، وهي تزداد سوءا على سوء ، ليس هناك نقطة ضوء في الأفق ، وما يمكن أن يحدث في سوريا مستقبلا هو قابليتها للانقسام الى ثلاث مناطق . منطقة الأكراد ، وهي عمليا في طور التأسيس ، وهذا ما يجعل الأكراد ينسحبون من حضن سوريا وينضمون الى أكراد العراق الذين يتوفرون على حكم ذاتي ، ربما بعقد صفقة مع تركيا . والمناطق الباقية يمكن أن تنقسم بين تلك التي يتحكم فيها نظام الأسد ، -وهو نظام قمعي شرس - ومنطقة أخرى يتحكم فيها مختلف الميليشيات ، التي تنتظم في اطار من الحقد الأعمى والعنيف ضد ما هو علماني وديمقراطي . بينما اسرائيل تتابع المشهد وهي في حالة انتشاء كبير . اذا قرأت نيويورك تايمز هذا الصباح ستلاحظ مدى اعجاب أحد الاسرائيليين بما يجري بين العرب من ذبح وتقتيل . -أوقفو الحرب : نعم قرأت هذا . +نعوم تشومسكي : بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية هذا جيد جدا ، فهي لا ترغب في نتيجة ضبابية . اذا كانت أمريكا واسرائيل ترغبان في مساعدة الثوريين ، لفعلتا ذلك - وهذا ما لايحدث - وهما يستطيعان أن يفعلا ذلك ، وان بدون تدخل عسكري . وكمثال ، اذا أرادت اسرائيل أن تحرك قواتها في هضبة الجولان ( وهي هضبة سورية ، غير أن العالم يتحمل او يسمح للاحتلال الاسرائيلي اللاشرعي بذلك) ، اذا أرادوا أن يفعلوا ذلك ، سيجبر ذلك الأسد على التحرك نحو الشمال ، وهذا سيخفف بعض العبء على المعارضة . لكن ليس هناك ولو تلميحا على ذلك . انهم أيضا لايقدمون مساعدات انسانية الى ذلك الكم الهائل من اللاجئين السوريين . لايفعلون شيئا مما يمكن أن يفعلوه . كل ذلك يشير الى أن اسرائيل وأمريكا كليهما يفضلان ما يجري في سوريا اليوم ، وهذا بالضبط ما جاءت به نيويورك تايمز هذا الصباح . في حين اسرائيل تستطيع أن تحتفل ، وهي في وضعها الحالي ما يمكن أن نطلق عليه ب" قصر في الغابة " . هناك مقال مهم للصحفي " ألوف بن " في جريدة هاآريتز ، الذي كتب حول الاسرائيليين الذين يذهبون الى البحر ، ويستمتعون ، ويهنئون أنفسهم وكأنهم في" قصر في الغابة " ، بينما بقية الحيوانات تنهش بعضها البعض وتمزق بعضها . وبالطبع فاسرائيل في هذا الوضع لا تفعل شيئا ، باستثناء دفاعها عن نفسها . انهم معجبون بهذه الصورة ، وأمريكا لا يبدو أنها غير راضية على ما يحدث . والبقية أوهام . -أوقفوا الحرب : وماذا عن الضربة الأمريكية ، هل تظن أنها ستحدث ؟ +نعوم تشومسكي : القصف ؟ -أوقفوا الحرب : نعم . +نعوم تشومسكي : حسنا ، انه نوع من الصراع الأساس في الولايات المتحدة الأمريكية . اليمين المتطرف ، والمتطروفن اليمينيون ، الذين يعتبرون نوعا من خارج المشهد الدولي ، هم يعارضون ذلك ، ليس لأسباب ما ،حسب ما أظن . انهم يعارضون ذلك تحت ذريعة " لماذا ينبغي علينا ان نكرس أنفسنا لحل مشاكل الآخرين واهدار ثرواتنا ؟ " انهم يتساءلون أدبيا ، " من سيدافع عن أمريكا اذا هوجمت ، فنحن نكرس أنفسنا للدفاع عن الشعوب وراء البحار ؟ " هذا هو اليمين المتطرف . اذا نظرت الى اليمين المعتدل ، على مستوى الجماهير ، مثل " دافيد بروكس " من نيويورك تايمز ، وهو من النخبة التي تنتقد اليمين ، فان وجهة نظره تتلخص في كون سحب قوات الولايات المتحدة من المنطقة لايعتبر عملا صائبا . وبالنسبة الى بروكس فان بقاء القوات الأمريكية في المنطقة يعتبر عملا مرغوبا فيه ، وهذا يؤكد وضع الولايات المتحدة الأمركية ، كما هو الشأن في العراق مثلا . لكن اذا سحبنا قواتنا فلن يكون بامكاننا تلطيف الأجواء والتحكم فيها . هذه هي وجهةالنظر النموذجية المتحكمة في معظم نخبة اليمين الأمريكي ، وعند الديمقراطيين الليبراليين ، وهلم جرا . اذن هناك الكثير مما يمكن أن نتحدث عنه بخصوص " هل علينا أن نمارس "مسؤوليتنا في الحماية ؟ " . حسنا يمكن النظر فقط في مقولة " مسؤوليتنا في الحماية " . في الحقيقة يمكن أن تجعلنا هذه الكلمات نحس أن هناك شيئا غير عادي في الولايات المتحدة الأمريكية ، وعلى العموم في ثقافة الغرب الأخلاقية والفكرية . هذا ما يحدث بصرف النظر عن كونه يشكل انتهاكا للقانون الدولي . أوباما في آخر سطوره لم يضع خطا أحمرا ، لكن العالم صنعه من خلال الاتفاقيات الدولية حول الحرب الكيميائية . حسنا هناك الآن اتفاق دولي ، لم تنضم اليه اسرائيل للآن ، وأمريكا نفسها أهملته كليا ، وكمثال فهي دعمت استعمال صدام حسين لهذا السلاح الخبيث . واليوم يتم استخدام ذلك للتنديد بصدام حسين ، مع اغفال أن ذلك تم بمساعدة ادارة رونالد ريغان . أيضا ليس هناك شيئ اسمه " مسؤوليتنا في الحماية " انه شعار زائف ينخر جسد النخبة الغربية . هناك مبدأ ، لا في الواقع مبدآن : الأول يمر عبر هيأة الأمم المتحدة ، والتي تتحدث عن " المسؤولية في الحماية " لكنها لاتمنح اي سلطة لأي كان للتدخل ؛ الا تحت شروط وثيقة هيأة الأمم المتحدة . هناك وجه آخر ، حين تعتمده الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها ، الذين يتفقون ويدعون أن الفقرة الثانية من الفصل الثاني تعطي الحق في استعمال القوة اذا طلبت دول المنطقة ذلك ، ودون موافقة مجلس الأمن . حسنا حين نترجم ذلك الى الانجليزية ، فهذا يعني أن هناك تفويضا للولايات المتحدة الأمريكية وللناتو باستعمال القوة متى وأين أرادوا دون اذن من مجلس الأمن . هذا ما يسمونه " مسؤولية الحماية " في الخطاب الغربي . اذا لم يكن مأساويا الى أقصى الحدود فانه سيكون هزليا .-;---;-- -أوقفوا الحرب : شكرا جزيلا استاذ نعوم تشومسكي .
#خالد_الصلعي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دمي هو المعنى
-
سأبدأ ما لم ينته
-
مرثية للنسيان
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-26-
-
الثورة والعدالة مطلب لايموت
-
هل اتضحت الصورة ؟
-
لم أرفع الراية البيضاء
-
السعودية أكبر الخاسرين
-
كل الكون قبري
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-25-
-
سعدي يوسف بين حرية الابداع وحرية الشطط في الابداع
-
في ذهني فكرة
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-24-
-
ايران حصار بصيغة الانفتاح
-
فرار الى قمة الحلم
-
عودة المثقف ومثقف العودة . أي مثقف وأي عودة ؟
-
قمم صارت سفوحا
-
البحث عن الحاضر الغائب -رواية-23-
-
في مفهوم السيادة وأشياء أخرى
-
مثقفو أحوال الطقس
المزيد.....
-
وزير دفاع السعودية يوصل رسالة من الملك سلمان لخامنئي.. وهذا
...
-
نقل أربعة أشخاص على الأقل إلى المستشفى عقب إطلاق نار في جامع
...
-
لص بريطاني منحوس حاول سرقة ساعة فاخرة
-
إغلاق المدارس في المغرب تنديدا بمقتل معلمة على يد طالبها
-
بوتين وأمير قطر في موسكو: توافق على دعم سيادة سوريا ووحدة أر
...
-
غزة البعيدة عن كندا بآلاف الأميال في قلب مناظرة انتخابية بين
...
-
عراقجي يكشف أبرز مضامين رسالة خامنئي لبوتين
-
بعد عقدين- روسيا تزيل طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية
-
روسيا تطلب مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي بشأن -هدنة الطاق
...
-
اختتام تدريبات بحرية مصرية روسية في البحر المتوسط (صور)
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|