|
نظرة أولية في مشروعي الاحوال الشخصية الجعفري والقضاء الشرعي الجعفري
أحمد الشيخ أحمد ربيعة
الحوار المتمدن-العدد: 4308 - 2013 / 12 / 17 - 01:31
المحور:
المجتمع المدني
(1-2)
شكل الموقف من اصدار قانون الاحوال الشخصية رقم 188 الصادرعام 19589احد المعابر لتحالف القوى المناوئة لثورة تموز المجيدة عام 1958 من بعثين وقوميين وبعض رجال الدين وغيرهم من القوى التي حملت سيفها ومحبرتها في وجه الثورة منذ اللحظة الاولى لقيامها. طوال تلك السنين ظلت قوى الاسلام السياسي تناصب تطبيقات هذا القانون العداء، ولم تمنح نفسها فرصة المراجعة لموقفها العدواني هذا، رغم ان القانون لا يتعارض مع تعالم الاسلام ولا المذاهب المتفرعة عنه. جميع تلك القوى ومنذ الفترة اللاحقة لثورة تموز حتى يومنا هذا بقيت ومازالت تنقب عن الفرصة المتاحة للقضاء على الجوهر المدني لذلك القانون. فعليا بدأت تلك المحاولات منذ 8 شباط الاسود 1963، ومن ثم طرأت علية العديد من ( التعديلات ) في جميع الانظمة اللاحقة في الستينات والسبعينات وما بعدها، الا انه رغم ذلك ظل في جوهره ذو طابع مدني. الموقف العقائدي لبعض قادة الاسلام السياسي الجديد وبالذات قوى الاسلام الشيعي أظهرت – بعد نيسان 2003 عزمها المتهالك لانهاء ذلك القانون التقدمي المتحول بنظرها مع مرور الزمن الى عقدة سياسية- نفسية تريد التخلص منها لاعتقادها ان قانون 188 مازال مرتبطا باسم عبدالكريم قاسم وثورة تموز الخالدة والقوى الوطنية والديمقراطية التي ساندتها. تكفي ان تكون وطنية قاسم ونزعته العراقية الصادقة وشرفه ونزاهته وانحيازه للفقراء، شوكة في عيون القوى الطائفية المنتفذة في الحكم، والتي ستبقى تحلم ان تلامس سمات عبدالكريم قاسم، كحلم ابليس في الجنة. تسعى قوى الخراب المنتفذة في الحكم باصدارها مشروعين في ان واحد ( القضاء الجعفري والاحوال الشخصية الجعفري )، ليس بهدف تنظيم المجتمع العراقي وتنظيم علاقاته الانسانية، بل تسعى ا لى شرعنة الطائفية وادخالها لاصغر وحدة في بناء المجتمع وهي ( الاسرة)، مما يودي بالتالي الى استحكام سرطان الطائفية في عموم المجتمع وصيرورتها طائفية سياسية بامتياز. .هذا يعكس بالطبع عقلية الفكر المتحكم الان في العراق. من يطلع على نص مشروعي القانونين يصل الى نتجية مفادها ان هولاء المتحكمين بالاوضاع العراقية ابعد من ان يكون لهم مشروع بناء او اعادة بناء دولة، ليس فقط بتجربتهم الخائبة والمهلكة للعراق منذ 2003 وانما ايضا بطبيعة تفكيرهم الذي يرسم يوم بعد اخر طرق جديدة - ربما من دون ان تدري- لاستكمال ما لم ينجزه النظام السابق من خراب ودمار وتجهيل وافقار ودماء لن تحقن.
مشروع الاحوال الشخصية الجعفري مسئ للاسلام بشكل عام وللمذهب الجعفري بشكل خاص. الغريب ان المشروع استفاد من المذاهب الاخرى. عمليا المذاهب الاسلامية تتداخل في امور عديدة وتتفرق في قسم اخر وهذه الاستفادة هي قضية ايجابية كانت المحور الاساسي في صياغة قانون الاحوال الشخصية 188الذي اخذ في معظم فقراته من المذاهب جميعا بما هو مشترك في غالبه وبما يخدم المجتمع وبما يرافق تطور الحياة والمجتمع، وقد استفاد المشروع حتى من موقف ابن تيمية وابن القيم الجوزية كما في الباب الثالث – الفصل الاول – الطلاق- تاسعا ( ايقاع الطلاق بشكل منجز وعدم تعليقه على امر مستقبلي معلوم او متوقع الحصول .... الخ )، ولكن الغريب ان مشروع القانون الجديد المقترح من وزارة العدل ومن وزيرها السيد حسن الشمري، اخذ في بعض جوانبة بما هو مظلم ومتخلف ومثير للسخرية والاستهجان في المذهب الجعفري – الحلقة القادمة فيها بعض التفاصيل- وكما هو معرورف ايضا فان كل المذاهب الاخرى فيها هذا الامر، كما في مثلا الموقف من الزواج والدخول بالصغيرة( كما يسميها المشروع) دون التسع سنوات، رغم التحايل والتلاعب في الالفاظ التي لا تمتلك صيغة قانونية الا ان المشروع لم يستطيع ان يخفي ذلك. القارئ للمشروعين سيكتشف وبدون عناء كبير ان كتاب المشروع لم يكونوا سوى من اهل الكهف الذين نسى احدأ ان يقضوهم ، الى ان جاء وزير العدل السيد الشمري واوقضهم من سباتهم من اجل كتابة هذا المشروع، ربما هم يعرفون اشياء عديدة وعديدة جدا، ولكنهم وبدون شك ومعهم وزير العدل، لا يعرفون انه هناك شئ اسمه علم وهذا العلم كان وسيبقى في حالة تطور دائم ( الفصل الخامس – احكام الاولاد-..المادة 122 وفروعها, المادة 113). نسوا هولاء ان اثبات نسب الطفل للاب هو عبارة تحليل طبى موجود في متناول جميع الناس الراغبين بذلك، ولكن كما يقال ان لله في خلقه شوؤن كما في شأن تولي السيد الشمرى وزراة العدل دون ان تكون له يوما خبرة في القضاء او في ممارسة المحاماة.
علق الان اصدار المشروعين بقانون ، ولكن لا يعني هذا نهاية لامر. فهذه هي المحاولة الثانية لالغاء قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 منذ 2003. اليوم لم يستقيم الامر بعدُ لقوى الاسلام السياسي الشيعي في هذا الامر رغم جعجعة الاصوات الطائفية التي تريد ان تقسم حتى الهواء في العراق الى سني وشيعي، فقد تصدت العديد من الاصوات المهنية والكفوءة في مجال القانون لهذا الامر، ورجال دين موقورين وبالذات من الشيعة والعديد الاصوات الوطنية، افراد او مؤسسات، الا ان هذا الامر لم ينتهي وستبقى قوى السرطان الطاثفي تتحين الفرص لاصدار قانون كهذا. لقد فتحت هذه القوى جبهة جديدة ضد العراقين المنكوبين بنظام غير مدني، تستطيع ان تسخينها طبقا لمصالحها، لذا ادعو كل عراقي غيور وبالذات من الشيعة الجعفرية واللذين يجري المتجارة باسمهم وباسم مذهب أهل البيت، ان يقرأ هذين المشروعين، وان يتخذ او يعيد صياغة موقفه من الامر بما يتطلب باعتباره اب او اخ او زوج وبالاحرى يكفي ان يكون عراقيا يسعى لحفظ مكانة وروح المواطنة العراقية، ومن اجل ان تشل يد القوى الطائفية التي لن تكف ان تتعامل مع العراقين الا بصياغات النظام السابق، حين طبل للعراقيات بانهن ( ماجدات) ولكن لم يمنحهن سوى الجوع والخيبة والموت للابناء والازواج والاخوة والاباء في قمعه الفاشي وحروبه العبثية. الان يُستبدل اسم الماجدات الى اسماء والقاب اخرى، ولكن حالهن ليس افضل مما كان عليهن، فما زالت حقوقهن تنتهك كل يوم ومازال الموت والقتل يسرق كل عزيز على قلوبهن وحيث يسود الجوع والتجهيل والاحتقار وغيرها من طرق الاذلال واخرها وليس اخيرها مشروع الاحوال الشخصية الجعفري يلاحقها. ان السياسين الطائفين يسعون بهذين المشروعين دفن عار فسادهم وسرقاتهم وجهلهم واحتقارهم للعراقيين كما يحاولون ستر وطنيتهم التي لم تعد لها منذ زمن بعيد اي عذرية.
#أحمد_الشيخ_أحمد_ربيعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التيار الديمقراطي العراقي وضرورة البحث عن المنطق الفاعل في ا
...
-
ناظم رمزي .. هل نتعرف عليه بعد موته..؟
-
نسمات أب والقادم من الايام
-
القائمة العابرة للمحاصصة. وهم ام حقيقة ؟
-
ثائر لم يلامس احلامه
-
من ينقذ العراق
-
الزعيم الذي قتل اخاه*
-
آية الله الحائري/ الحائر بين السماء والأرض
-
يا لعار السفارة العراقية في هولندا
-
متاهات السياسة بين الاصلاح والتغيير
-
تراتيل العذاب والتحدي
-
من اجل جبهة واسعة لاسقاط نظام المحاصصة
-
حول الفدرالية3-3
-
حول الفدرالية3-2
-
حول الفدرالية
-
دراما النضال من اجل يوم مشرق
-
شمعة من اجل ضحايا الانفال
-
الذكرى العاشرة لتاسيس اتحاد الجمعيات الديمقراطية العراقية في
...
-
خراب الدعوة ام خراب البصرة
-
ظهور القوى الاجتماعية الجديدة طبيعتها وسماتها التاريخية وقدر
...
المزيد.....
-
الاحتلال يشن حملة اعتقالات ومداهمات ليلية واسعة في الضفة
-
الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة الغربية
-
مسئول بحماس: إسرائيل تريد اتفاقا بدون توقيع.. ولم توافق على
...
-
دراسة: إعادة اللاجئين السوريين قد يؤثر سلبا على اقتصاد ألمان
...
-
إيران تُسرع تخصيب اليورانيوم والأمم المتحدة تدعو لإحياء الات
...
-
اعتقال أوزبكستاني يشتبه بتورطه في -اغتيال جنرال روسي بتعليما
...
-
مسئول أمريكي سابق: 100 ألف شخص تعرضوا للإخفاء والتعذيب حتى ا
...
-
تواصل عمليات الإغاثة في مايوت التي دمرها الإعصار -شيدو- وماك
...
-
تسنيم: اعتقال ايرانيين اثنين في اميركا وايطاليا بتهمة نقل تق
...
-
زاخاروفا: رد فعل الأمم المتحدة على مقتل كيريلوف دليل على الف
...
المزيد.....
-
أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|