أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت الغانم - العالم سجن وهابي















المزيد.....

العالم سجن وهابي


رأفت الغانم

الحوار المتمدن-العدد: 4307 - 2013 / 12 / 16 - 21:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


العالم سجن وهابي

البارحة, تابعت العمل الإرهابي الذي نفذته مجموعة من تنظيم القاعدة على مجمع تابع لوزارة الدفاع اليمنية, عبر موقع (يوتيوب)، تحتوي المشاهد على أبشع أشكال الإجرام والوحشية، يدخل أحد المنفذين المستشفى مرتدياً الزي العسكري. يتوجه لمجموعة من المرضى والأطباء يقفون كأن على رأسهم الطير، يقترب منهم, وعندما يصبح بمحاذاتهم يسحب قنبلة يدوية ويرميها عليهم ويلوذ بالفرار، آخر يتجول في ردهات المستشفى يشاهد امرأتين فيرديهن برصاصه بدم بارد، وثالث يجد ممرضة تهم بمساعدة أحد المرضى عند سيارة إسعاف, فيرديها هي الأخرى قتيلة.
المشاهد تصور أشد أنواع العنف الموجه ضد نساء عزل ممرضات وطبيبات، مرضى لا حول لهم ولا قوة، إجرام ضد أنبل الأحاسيس والمشاعر الإنسانية التي تعنى بمساعدة الضعفاء في مكان مخصص لإبعاد الناس عن الموت والألم والعجز، ودفعهم نحو الحياة قبل أن يأتي هؤلاء القتلة ويسلبوهم ما وهبهم الله.


أشاهد هذا المقطع, وأتذكر ما عشته سابقاً مع أعضاء القاعدة في سجون السعودية، بعد أن اعتُقلت في العام 2009 لعامين, على خلفية مطالبتي للملك الحالي بالإفراج عن المعتقل الليبرالي (خالد العمير) "الذي لا يزال سجيناً".

بعد أن شاهدت المقطع, الذي لم أكن لأصدقه, لولا الذاكرة التي تؤكده بما تحتويه من مخزون عن أدبياتهم وسلوكهم، انتقلت لتعليقات المشاهدين علني أجد شريكاً في الألم، التعليقات تحتوي هجوماً على الوهابية كون أغلب المنفذين للعملية سعوديين، وأخرى تهاجم القاعدة.
وفي المقابل الكثير من التعليقات التي تتهم أجهزة المخابرات العالمية كالـ (سي آي إيه) و(الموساد) بالوقوف خلف العملية, والتي تصب في نظرية المؤامرة على الإسلام لتشويه سمعته، وفي ذات الوقت تبرئة الوهابية ومن أسمتهم بالمجاهدين، وتلك التعليقات المؤلمة لجهلها أو تجاهلها للحقيقة, حصلت على أعلى عدد من تسجيلات الإعجاب!.

ما عشته وأنا أشاهد المقاطع المصورة عبر كاميرات المستشفى، ومن ثم التعليقات التي تبرئ القاعدة، وتتهم العالم بالتآمر على الإسلام، أشبه ما يكون بصراع سيكولوجي داخلي, بين ما مضى وما هو آني، بين ما أستطيع أن أقدر خطورته وما لا يقدر الآخرين خطورته، والأهم من كل ذلك بين الحقيقة القاسية والكذب الموارب.

أتذكر (أبو عبد الله) في سجن الحائر السياسي بالرياض, في معرض دفاعه عن القاعدة. استخلص أن منهجها هو الإسلام ذاته, وما تقوم به من عمليات يوافق أعمال الإسلام, مستشهداً بالغارات التي كان يشنها خالد بن الوليد قبل طلوع الشمس إذا لم يسمع صوت آذان الفجر، وبأنها كانت تحرق الأطفال والنساء والشيوخ, ويستهل أبو عبد الله حديثه قائلاً: من لم يعجبه الدين "أفعال القاعدة" نقول له ما كان يقوله أبو بكر للمشركين "امصصْ بظر اللات".

الذاكرة المثقلة, التي تجعلني أشعر بأن العالم سجن وهابي كبير، اشتعلت بعد أن وقعت عيناي على فتاوى شيوخ الوهابية, بكفر من يترحم على مانديلا، حضرت العديد من الصور والأصوات التي تتحدث عن وجوب بغض الكفار والتبرُّؤ منهم، وكانت صورة وصوت (الشهراني) سجين سجن شعار السياسي بعسير "حيث نقلت لاحقاً إليه" في العام 2010 أوضحَها, وهو يتحدث عن السجون في العالم, وتجارب الناس معها, ومما قال "الخبيث نيلسون مانديلا يكرم المجلس ويكرم الحاضرين "أي أن ذكر نيلسون مانديلا كذكر الخراء أو البول لأنه مسيحي فقط!"، والخطير هنا ليس موقفه السياسي, إنما موقفه العقائدي, حيث أنه يصلي كل يوم ثلث الليل ويحفظ القرآن والكثير من الأحاديث، والطريقة التي عبر بها عن مانديلا باعتقاده هي الطريقة التي ستنجيه من النار وتدخله الجنة، بناء على أدبيات إسلامية وجدت قبل أمريكا والموساد، أدبيات خالصة صافية من التراث السلفي الوهابي.

ذات الذاكرة, التي لا أستطيع التخلص منها أو تغييرها, تسرقني من قلب باريس وشوارعها, إذا ما شاهدت سلفياً بدقن طويلة وبنطال قصير, جالساً بأحد المطاعم التي تقدم الأكل الحلال، تسرقني من تلك السهرة إذا ما حدثتني صديقة عن صديقتها التي ضربها شاب سلفي ونعتها بالفاسقة, في شهر رمضان, لأنها تدخن, بعد أن سمعها تتحدث العربية بهاتفها، وتسرقني كلما ناقشت عقلية إسلاموية تعيش في فرنسا منذ عشرين عاماً, وتطمح لدولة الخلافة!.
لا أعرف لماذا أتذكر, عندما أناقش الإسلامويين, من بين كل الصور صورة (أبو أحمد)، وهو باكستاني يدرِّس الطلاب بجامعة (الإمام محمد بن سعود الإسلامية)، إلتقينا في سجن شعار الآنف ذكره, وقال في معرض حديثه عن الحلقة الفلسفية في النادي الأدبي بالرياض: "هذه مسخرة. لو كان ابن عثيمين حياً يرزق, والله لمنعها بفتوى واحدة!", وهو أيضاً يرى أن الماسونية تقف وراء إخوان الصفا, ويكفّر ابن رشد وابن سينا لأنهما عقلانيان, ويقول إن القرآن الذي يحفظه والحديث النبوي يغنياننا عن كل شيء, خصوصاً الفلسفة, التي تدعو للإلحاد.
أبو أحمد الآن يجول حراً في شوارع الرياض, بعد أن أفرجت عنه السلطات السعودية وقامت بتعويضه, لأنها لم تُثبتْ علاقة مباشرة بينه وبين تنظيم القاعدة, بالرغم من كل ما ينضح به عقله وقلبه من كراهية، وصديقي السعودي الليبرالي لا يزال سجيناً.

ليست مجسمات وهمية, كمجسمات قطر التي أطلقها أبواق النظام السوري في بداية الثورة السورية, من قامت بتلفيق أفعال القاعدة, فمنذ فترة أيضاً، شاهدت مقطعاً لعضو من تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام, أو ما بات يعرف بـ "داعش", يقتل ثلاثة أشخاص لأنهم لا يعرفون عدد ركعات الصلاة, كما كان يسألهم القاتل من قبل، وبالطبع سيقول كثر إن هؤلاء يأتمرون بالموساد الإسرائيلي, أو بأوامر المالكي وإيران في حالات أخرى، إلا أن شيخهم (سليمان العلوان), والذي أفرجت عنه السلطات السعودية, قال بأن هؤلاء الذين قُتلوا نصيرية, وحكم النصيري القتل فوراً, حتى أنه لا يستتاب, واستشهد بابن تيمية وابن القيم, حين قالا إنهم من الطوائف الممتنعة التي تظهر الإسلام وتبطن الكفر, لذلك وجب قتلهم، ورد على من يقولون بأن قاتلهم من الخوارج, أنه جاهل، وقال: حتى لو كان القتلى مسلمين, فلا يعتبر قتلهم فعلاً من أفعال الخوارج, مؤصلاً رأيه بشكل شرعي من التراث السلفي، من حيث يسكن الآن بمدينة بريدة بعيداً عن مخابرات المالكي. وكانت قد تزامنت فترة سجني مع العلوان في ذات السجن, ورأيت ما يكنه أعضاء القاعدة مما يفوق التقدير والاحترام, ويصل حد التقديس له ولفتاواه الإجرامية، يقفز العلوان إلى ذاكرتي منذ انوجدت القاعدة في سوريا وأنشودتها على جبهة النصرة ثم الدولة، حتى آخر ما صدحت به حناجرهم من أنشودة خاصة له "سلامي على العلوان قاهر بني علمان".


كل ما تتشبث به الذاكرة اللئيمة يحرضني على هؤلاء الذين يتهمون الموساد بالوقوف خلف الأفعال البشعة التي تنفذها القاعدة، ولا تحرضني على القتل أو القمع بقدر ما تدفعني للكتابة, وفضح عقولهم التي تحاول حجب الشمس بغربال, والتي رسمت بمخيالها المريض عالماً مليئاً بالمؤامرات على أقمشتهم الرثة ولحاهم الكثة، وليلصق المدافعون عنهم أفعالَهم البشعة بـ(راجح), (راجح) الكذبة التي يختبئون خلفها..



#رأفت_الغانم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتصار حماس المحير


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رأفت الغانم - العالم سجن وهابي