أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الغني سلامه - خواطر ثلجية














المزيد.....


خواطر ثلجية


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 4307 - 2013 / 12 / 16 - 16:37
المحور: المجتمع المدني
    


بعد منتصف ليلة أمس بقليل، وبينما كنتُ متدثرا بالفراش الدافيء، سمعتُ صوتَ جرافةٍ تحت نافذتي، تروح وتجيء في حركة دؤوبة، ألقيتُ نظرة من وراء الزجاج البارد، فعرفت أنها من ضمن آليات البلدية التي تفتح الطرق، وددتُ لو أتمكن من الخروج وأقدم لهذا السائق المثابر "كاسة شاي" ساخنة، لكني – وللأسف – آثرت الدفء، مكتفيا بشكره في قلبي. في الصباح، تشكلتْ طبقة رقيقة من الجليد بفعل برودة الجو التي انخفضت إلى ما دون الصفر، فصارت الأرض والشوارع زلقة، سمعتُ أحدهم يلعنُ البلديةَ والحكومة والسلطة وحتى الأمم المتحدة، لأنها أخفقت في توفير ممر آمن له، فتزحلق.

عدد كبير من المواطنين يستعدون لرفع قضايا ضد شركة الكهرباء، لأنها ألحقت بهم خسائر مادية ومعنوية. وهناك سيلٌ من الاتهامات والانتقادات والشتائم انصبت على البلديات ووزارة الأشغال وكافة الهيئات المسؤولة، لأن العاصفة الثلجية - في نظر البعض - كشفت عن هشاشة البنية التحتية، وعن مكامن الضعف والفساد، وعن عدم الجاهزية لمواجهة الكوارث الطبيعية وحالات الطوارئ.

البعض الآخر، دعا للتعامل بإيجابية وبروح من التعاون مع الظروف القاسية التي تمر بها البلاد، وتأجيل اللوم والمحاسبة لما بعد انقضاء الغمة، وزوال الخطر. حسنا، هذا جيد، وبانتظار أن نعرف لاحقاً إذا كان فعلا هناك تقصير واستهتار وسوء تقدير للموقف من قبل المسؤولين، أم أن العاصفة الثلجية وكميات الأمطار وسرعة الرياح كانت هذه المرة أقوى من أي استعداد، وأن أي بنية تحتية لن تصمد طويلا أمام غضب الطبيعة. وربما نكتشف أن الجهات المختصة قامت بواجبها على أحسن وجه ممكن !

البعض انتقد إغلاق المدارس، لأن المدارس والمؤسسات لا تعطل أبداً في أوروبا، وهي بلاد الثلج والجليد ! حسنا، ولكن إذا تمكن الطلبة من الوصول، فكيف يدرسون وثيابهم مبتلة، وأرجلهم متجمدة، في غرف صفية ليس فيها تدفئة ؟ ومن يضمن سلامتهم ؟

بموازاة نقد الآخرين، علينا أن نقوم بعمليات نقد ذاتي، تطال كل السلوكيات الخاطئة من قبل المواطنين، التي أدت إلى مفاقمة الأخطار ومضاعفة الخسائر .. فهل يُعقل مثلا أن يشتري أحدهم عشر أضعاف حاجته من الخبز، كما لو أن الإغلاق سيدوم شهرا كاملا !! أو أن يخرج بسيارته (غير المؤهلة) لشراء كستنة ! أو يلقي بالثلج من أمام بيته على الطريق ! أو على الرصيف دون أن يعبأ بالأشجار ! أو يتسبب بإغلاق الطريق لأنه خرج لالتقاط صورة ! أو أن يخرج بدون سبب، لمجرد أن سيارته بدفع رباعي ! أو أن يستغل الفرصة فيفتح المجاري ! أو أن يكوّم أكياس القمامة فوق الحاوية، مع علمهِ بأن سيارة جمع النفايات لن تأتي لأيام عديدة !

ولا يجب أن ننسى أنه بينما ننعم نحن بالدفء داخل بيوتنا، هناك جنود مجهولون، من الدفاع المدني والشرطة والبلديات وشركة الكهرباء وغيرهم، يعملون بصمت، على مدار الساعة وفي ظروف شديدة القسوة، علينا أن نشكرهم.
صحيح أن من واجبات الحكومة فتح الشوارع، وتنظيفها؛ لكن العمل التطوعي والمبادرات الفردية والجماعية مش عيب، ومش لازم نمن على الآخرين بما نقوم به .. اليوم صباحا خرجتُ في نيتي الوصول للعمل، كانت المواصلات العامة شبه مقطوعة، سيارة خاصة أقلتنا (رجلين وامرأتين) تعرفنا على بعض، وتحدثنا عن الأوضاع السيئة في غزة.

ورغم الخسائر الفادحة التي خلفتها "أليكسا" فقد تفتحت قريحة الكثيرين، وظهرت إبداعات الشعر والتصوير، ومع انقطاع الكهرباء، عاد التواصل الاجتماعي كما كان في سالف الزمان .. على ضوء الشموع، حميما، عائليا، نافضاً عن كاهليه تبعات التكنولوجيا الحديثة ومخترعاتها .. ولو لفترة قصيرة ..

الفيسبوك مثلا امتلأ عن آخره بصور الثلج، ولم يبق إنسانا على وجه الأرض إلا وعرف أن بلادنا غرقت في الثلج، ولحسن الحظ هناك ما يشبه الإجماع على تذكُّر عذابات اللاجئين السوريين ومعاناتهم، وهذا أضعف الإيمان، وإذا لم يكن هذا كافيا، علينا على الأقل أن نرفض الحرب واستمرارها، وأن نلعن الفتنة ومشعليها.

انتهت "أليكسا" وبانتظار "ناتاشا" .. (وبالمناسبة "الناسا" ليست محطة للرصد الجوي، إنها وكالة الفضاء الأمريكية)، علينا أن نتعلم، وأن نعتاد على مواجهة الصعاب .. وكل منخفض وأنتم بخير ..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقلبات الزمن .. وتدافع الأجيال
- وما زالت الأرض تكشف أسرارها
- مواهب عربية
- حصاد ستة أعوام من حكم حماس في غزة - دراسة من جزئين 2/2
- عن التسامح والكراهية - هل نحن مختلفون ؟
- حصاد ستة سنوات من حُكم حماس في غزة .. دراسة من جزئين 1-2
- عن الانتحار في السويد
- على أرض السويد .. تعبتُ من المقارنات
- في الذكرى العشرين لاتفاق أوسلو .. ما له وما عليه
- تمرد على الظلم في غزة .. وجهة نظر
- سورية .. نذر الحرب والدمار الشامل
- جوهر الصراع الدائر في مصر
- ونجهل فوق جهل الجاهلينا
- لماذا قامت الثورة المصرية ؟؟
- ملاحظات على هامش الثورة المصرية
- الجيش المصري، والموقف الأمريكي
- في مصر .. ثورة أم إنقلاب ؟!
- النجاح والفشل .. فلسطينيان
- الكُره الجماعي المقدس
- المنطقة على حافة الجنون - حرب طائفية على الأبواب


المزيد.....




- تصويت تاريخي: 172 دولة تدعم حق الفلسطينيين في تقرير المصير
- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - عبد الغني سلامه - خواطر ثلجية