كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 1226 - 2005 / 6 / 12 - 10:09
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
موعد الانتهاء من وضع الدستور يقترب حثيثاً, وموعد الانتخابات يحث الخطى بسرعة. والواقع العراقي يتحدث بلغة أخرى غير التي يتحدث بها بعض الأحزاب والقوى السياسية العاملة في العراق التي تدخل ضمن التيار الديمقراطي العام والواسع.
الواقع العراقي افرز حالة جديدة عبرت عن اصطفاف جديد للقوى الفكرية والسياسية في المجتمع العراقي فاجأ كثرة من الأحزاب والقوى السياسية رغم كل التنبيهات التي طرحت بأن هذه النتيجة محتملة ما دامت القوى الديمقراطية ما تزال لا تريد الإقرار بالواقع العراقي القائم ولا تتعامل معه وفق رؤية جديدة متحررة من قيود غير قليلة تحد من القدرة على المرونة والحركة الفعالة وما لم تبادر إلى العمل المشترك والتحالف السياسي المطلوب.
أحيي بحرارة لقاء القوى السياسية الديمقراطية بمختلف اتجاهاتها وأجنحتها في مقر الحزب الوطني الديمقراطي وأتمنى أن يتواصل ويتكثف من أجل الوصول إلى نتائج مرضية تتناسب والواقع الراهن ومهمات المرحلة. ويتطلب هذا الأمر أولاً وقبل كل شيء التزام الجميع بما يلي:
1. فهم واقع القوى الديمقراطية العراقية في ضوء نتائج الانتخابات المنصرمة أولاً, ثم في ضوء الواقع المحيط بالقوى الديمقراطية ثانياً, والقوى الاجتماعية والسياسية الفاعلة حالياً في الساحة السياسية العراقية ثالثاً, ودور السياسة الإقليمية والدولية المؤثرة على الواقع العراقي الجاري.
2. طرح الشعارات التي تعبر عن مهمات مرحلية ملموسة وليست للمدى البعيد.
3. التواضع في تقدير قوانا وعلاقاتنا بالآخر.
4. الاستعداد للمساومة في إطار القضايا الوطنية والديمقراطية استناداً إلى مصلحة الوحدة الوطنية للقوى الديمقراطية العراقية والمجتمع العراقي.
5. السعي إلى جمع أكبر عدد ممكن من القوى الديمقراطية العراقية من كل القوميات في هذا العمل المشترك.
6. الابتعاد كلية عن وضع شروط تمنع هذا الحزب أو ذاك عن المشاركة في مثل هذا التجمع المنشود, إلا إذا أراد أحدها أن يعزل نفسه ويتفرد عن البقية, إذ له في ذلك.
أشعر بالعجز عن فهم البعض من السادة الكرام الذين يريدون المشاركة في الحياة السياسية العراقية حين أقرأ بعض المطالعات التي يضع أصحابها شروطاً لقيام تحالفات سياسية ديمقراطية. ومع أن من حقهم أن يفعلوا ذلك من الناحية المبدئية, بغض النظر عن حجمهم وتأثيرهم في الحياة السياسية العراقية, ولكن السؤال العادل هو: هل من حق أحد أن يضع العربة قبل الحصان؟ ليس من حق أحد ذلك, إلا إذا فقد العلاقة بواقع العراق الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والفكري الراهن! أتمنى لاجتماعات القوى الديمقراطية النجاح والوصول إلى نتائج إيجابية سريعة. فالوقت أن لم تقطعه قطعك, ومن يأتي متأخراً يعاقبه التاريخ!
برلين في 12/5/2005 كاظم حبيب
********************************************************
برلين في 12/6/2005
رسالة مفتوحة
أخي وصديقي العزيز وزميلي في الدراسة …. المحترم
تحية ودٍ واعتزاز
أرجو أن تكونوا والأصدقاء بخير وسلام وصحة موفورة ومزاج رائق.
وصل صديقنا المشترك وأبلغني ثلاث ملاحظات وجهتموها لي حول كتاباتي التي تنشر في الصحافة العراقية وعلى الإنترنيت, وهي كالآتي:
1. إن د. كاظم يشدد النقد على الأحزاب السياسية الشيعية ويوجه النقد إلى السيد السيستاني في حين أنه يلعب دوراً مهماً في الحياة السياسية العراقية الراهنة.
2. أنه يلتزم كثيراً القضية الكردية ويدافع عنها أكثر من أصحاب القضية.
3. أنه يكتب كثراً في الآونة الأخيرة وكأنه يريد أن يقول اسألوني قبل أن تفقدوني.
سابدأ بالملاحظة الأخيرة لأبدد الشك باليقين في أن لا أعتبر كتاباتي صائبة تماماً, ولكن أطرح ما أنا مقتنع به, وهو مطروح للنقاش ولأناس لهم عقل يفكر وقدرة على التمييز ولهم كل الحق في قبول ما هو مناسب ورفض ما هو غير مناسب لهم, أو مناقشتي على ما أطرح من وجهات نظر بشأن الأحداث الجارية في العراق. ولهذا فأنا لست باب العلم ولا مؤخرتها, إنا واحد من طلاب العلم وسأبقى كذلك, وسأبقى أطرح تصوراتي عن الواقع العراقي. كما أن هناك المئات بل الآلاف ممن يساهمون بالكتابة وطرح وجهات نظرهم, وهي وجهات نظر مهمة لا بد لنا من الاطلاع عليها دون أن تقرر رأي كل منا. فكل منا مسؤول عن تكوين رأيه. وها أنا أرى أحدهم, وهو أنتم, ترفضون رأيي وتدافعون عن رأي آخر. أحترم ذلك. إذن فليس في رأيي ما ما أريد فرضه على الآخرين. ولكن يبدو أنكم بدأتم تتضايقون من ملاحظاتي, في حين كنتم قبل ذاك توزعون كتاباتي. والسبب هو نشوء اختلاف في وجهات النظر. ولكن ينبغي أن لا يفسد الخلاف في الود قضية وتعتقدون بأني أحاول أن أدعي بأن على الناس أن تسألني قبل أن تفقدني, فأنا لست مدينة العلم ولا بابها. أنتم تعرفون قبل غيركم مدى تواضعي الطبيعي في طرح رأيي والدفاع عنه وفي علاقاتي مع الناس والرأي الآخر. ولكن, مع ذلك, لكم الحق في أن تعتقدوا بما تشاءون, حتى لو كان في ذلك ما لا يرتقي إلى الصواب, كما أرى.
والآن نعود إلى موضوع سماحة آية الله العظمى السيد علي السيستاني.
دعوني ابتداءً أن أقول لكم ما يلي: ليس هناك أي إنسان في العالم معصوم عن الخطأ أو في منأى عن النقد. فكلنا أمام القانون سواسية وكلنا بشر وتحتمل الأرا ء التي نطرحها الخطأ والصواب. وعلى هذا الأساس فلا السيد السيستاني, مع كامل احترامي وتقديري له, ولا أنتم, مع كل ودي واحترامي, ولا أنا, يمكن أن نكون في منأي عن النقد أو ارتكاب الخطأ. والنقد فضيلة وليس رذيلة, إن انطلق من النوايا الحسنة والرغبة الصادقة في الخدمة وليس للإساءة. ولم أفكر يوماً في أن أوجه غساءة لأي إنسان. تقولون بأني مدحت موقف السيد السيستاني على رفضه رفع صوره, ولكني دعوته إلى التصدي لمن يتحدث باسمه ويدعي ما لم يصرح به السيد السيستاني, وأن هذا غير مناسب. ولكن لم غير مناسب؟
يمكن أن يكون غير مناسب لكم, ولكنه مناسب لي أن أطرحه على السيد السيستاني, ومن واجبه أن يسمع آراء الجميع بغض النظر عن قبولها أو رفضها من جانبه. ولا أدري ما الخطأ في ما عبرت عنه. قلت أن موقف السيد السيستاني كان سليماً وعقلانياً حين رفض أن ترفع صورته في الشوارع والبيوت والمحلات. ورجوته أن لا يكتفي بذلك, بل أن يمنع الحديث باسمه في القضايا السياسية, خاصة من أولئك السياسيين الذين لا يثقون بأنفسهم لكي يطرحوا تصوراتهم الخاصة ويحتمون به من جهة, ويحاولون التحدث عما يريدونه ولكن باسم السيد السيستاني, وربما يحتمل أن يكون في ما يطرحون إساءة غير مباشرة للسيد السيستاني, إضافة إلى محاولة استخدام المرجعية الدينية في قضايا لا تريد ولا يفترض أن تتدخل بها. فما الضير والعيب في ما قلت يا صديقي العزيز؟
أعتقد يا سيدي الفاضل رغم أنكم في الحزب الوطني الديمقراطي, الذي له تراث ديمقراطي تعتز به كل عراقية ويعتز به كل عراقي ديمقراطية, ولكن في حقيقة الأمر أنتم تقفون بجوار السيد الدكتور أحمد الجلبي في مواقفه, وهو الذي ولج الائتلاف الوطني الشيعي لأمر في نفس يعقوب, أو أنكم تميلون إلى ما لا أريد البوح به بصوت مسموع ولكن أخبرتكم به عندما التقيتكم في برلين بصراحة ووضوح وتمنيت أن تتخلصوا منه, إذ أنه يشكل الطامة الكبرى لعراقنا الجديد.
وبشأن القضية الكردية, فأنا لا أدافع عن قضية باطلة أو غير عادلة, بل طرحت رأيي بوضوح وصراحة, فلا أجد في ملاحظاتكم إلا ابتعاداً عن الموقف المبدئي الذي يفترض أن يتخذه كل مواطن عراقي يدرك:
• تجارب العقود الثمانية المنصرمة.
• المآسي التي مر بها شعبنا العراقي بكل قومياته بسبب السياسات الشوفينية التي مورست ضد الشعب الكردي.
• النضال الذي يخوضه الشعب الكردي في سبيل تمتعه بحقه في تقرير مصيره, وهو حق ثابت ومشروع وعادل.
• الخسائر الفادحة التي تحملها الشعبان الكردي والعربي على هذا الطريق وكذلك القوميات الأخرى.
ومن هنا أجد أني أدافع عن العرب والكرد وبقية القوميات حين أطالب بإنصاف الآخر وليس باضطهاده.
ِلمَ تريدون أن تتمتعوا بحق تقرير المصير وتحرمون هذا الحق عن الآخر, عن المواطن الكردي؟ لِمَ تريدو أن تعيشوا مع الآخر في دولة واحدة ولا تعطوه الحق في قبول أو رفض ذلك؟ لِمَ تجدون في ما أكتبه دفاعاً عن الكرد وليس دفاعاً عن العرب, لكي لا يتعرضوا إلى الموت بسبب سياسات الحكومات السابقة أو ما قد يحصل مستقبلاً, إن كان هناك من يتخذ مواقف مشابهة لما ترونه الآن ويتعصب ليقودنا إلى حروب جديدة.
كم أتمنى أن تفكروا جيداً وأن تبتعدوا قليلاً عن أجواء الصراع والنظرة الضيقة إزاء الآخر.
قبل فترة طلب من أن أعمل في مجال مدني مناسب. وعندما رجوتهم إدخال حق تقرير المصير كأحد المبادئ الأساسية في ما نعمل من أجله, قيل لي أن فينا من يرتعب عند سماعه كلمة الفيدرالية فكيف تريد منا أن ندخل حق تقرير المصير. قلت سأناضل في سبيل هذا المبدأ وسيصعب علي العمل مع من يرتعب ويرتجف من سماع كلمة الفيدرالية, مع احترامي لرأيه. إلا أني سأناضل في سبيل إقناعه بصواب الاعتراف بحق الكرد في تقرير مصيرهم بأنفسهم. أعلموا يا سيدي الفاضل بأن أراءً مشابهة هي التي قادتنا إلى مصائب الماضي غير البعيد وقائدها المغوار المتهم بارتكاب جرائم ضد الجنس البشري صدام حسين.
من هذا ترى, وكما أرى, في أنك غير محق في الانتقادات الثلاثة التي وجهتها لي. سأبقى أكتب ما دمت أشعر بالحاجة في أن أكتب ضد الطائفية السياسية الراهنة وضد العنصرية وضد التمييز, وسابقى أكتب من أجل حماية المرجعية من التورط في الحياة السياسية اليومية, وسأبقى أكتب دفاعاً عن العرب والكرد وبقية القوميات في أن تتمتع بحقوقها كاملة غير منقوصة. وسأبقى استمع لوجهات نظركم النقدية ولغيركم يا صديقي الفاضل, ففي نقداتكم, بغض النظر عن مدى صوابها, ما يجعلني أن أفكر وأعيد النظر بأسلوب تفكيري, واعتبرها خدمة مجانية لتصحيح مسار التفكير إن وجدت في ذلك ما يستوجب التصحيح. ولكن لم أجد في ما وصلني منكم ما يغير من وجهات نظري.
لكم مني خالص المودة وبالغ الاعتزاز.
برلين ف 12/6/2005 كاظم حبيب
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟