أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمود هادي الجواري - مناظرة بين معلم عراقي ومدرس سويسري















المزيد.....


مناظرة بين معلم عراقي ومدرس سويسري


محمود هادي الجواري

الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 23:46
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


.. بقلم الكاتب والمحلل السياسي ..| محمود هادي الجواري ..
سقوط الطاغية وانتهاء جبروته ..اتاح الفرص للكثير من العراقيين للعودة الى حياض الوطن . فلم يكن ألاغتراب قاسيا لكونه ابعدهم عن الاهل والأحبة وحسب .. الشعور بالاغتراب له دوافع كثيرة ولا تنتهي عند حدود العاطفة في الاشتياق والحنين وفي احيان كثيرة يترض المغترب الى الاصابة بمرض ما يطلق عليه (الهوم سك ) اي مرض الحنين والاغتراب عن الوطن .. ولكن هناك امور اخرى هي التي تؤجج العوامل العاطفية وترفعها الى اعلى درجاتها وتسهم في خلق قاعدة غير مستقرة ومنها صعوبة تعلم اللغة و عدم حضور القابلية على الانصهار والتفاعل مع نظام اجتماعي لا يتشابه وما الفه في المجتمع الام ..ناهيك عن ظروف العمل التي هي ايضا تختلف ونظام العمل الذي اعتاد عليه ..اذن كل هذه الاسباب مجتمعة تصنع حافزا قويا لشد الرحال والعودة الى الوطن الام ..هنا لا يمكن لي التحدث بلغة المطلق وإنما النسبية هي التي تحدد الاختلافات ولربما تتباين وجهات النظر بين من استطاع خلق قاعدة الاستقرار وآخر كان قلقا ويشعر بالغربة ولربما كان يعيش ازمات نفسية لا تعالجها وسائل الراحة التي تتمتع بها تلك الشعوب التي حل ضيفا عليها ..اذن وجود المرء لا يفضي بالضرورة الى ان يغلق ابواب منزله على نفسه ولكن حتمية العيش ومن اجل البقاء تفرض هذه الحالة وفي احيان كثيرة الى البحث عن علاقة ولو محددة الاطر والبحث عن صديق او زميل في العمل ومن ذلك المجتمع .. العمل وكما هو متعارف في الدول الاوربية هو الصعب الجميل ..اي انه معنوي وليس بالضرورة ان يكون مصدر الرزق .. هناك الدولة كفيلة في توفير وسائل العيش سواء كان الفرد منخرطا في عمل او انه قد تعطل او انه لم يسبق له وعمل وفي اي مكان فالدولة ملزمة في رعاية اي انسان يتواجد على ارضها ناهيك من منال الحيوانات الاليفة حقوقها في الرعاية ايضا ..وما يهمني في هذا المقال هو ماذا تعلم انساننا المهاجر الى تلك البلدان وماذا نقل الينا من البرامج التي لربما نحن بحاجة الى تطبيقها املا في تطوير بلدنا ..هنا يجب الفصل بين اسباب الهجرة ودوافعها .وكما يعرف كل عراقي الظروف التي دفعت الملايين من العراقيين الى ترك وطنهم وأستطيع هنا من تقسيم المهاجرين الى فئتين .. فئة هاجرت ولأسباب اقتصادية والبحث عن تعويض لسد النقص و لأسباب انحسار سبل العيش وخاصة بعيد الحصار الذي فرض على العراق .. وفئة اخرى كانت سياسية الدوافع وقاومت النظام ومما اضطرها الى البحث عن الامان وفي دول انسانية وتقدر حالة الانسان المطالب بالتغيير "وهنا استثنى من لائحة الدول التي آوت الانسان دون مصلحة تبتغيها ألا وهي الدول العربية دون استثناء ..وا يهمني من وضع هذه الدراسة هي الفئة الثانية والتي خرجت بسبب سياسة دولة وقد عادت تاركة المهاجر وأيضا بسبب سياسة دولة .. من هنا تبرز لنا علاقة واضحة وجلية بين الانسان والسياسة وواقع الدولة ..في هذه العلاقة التي لا يمكن فصمها البعض عن الاخر ولا يمكن الغاء احداهما سواء كان الانسان في ظل دولة تمارس الدكتاتورية او تنهج بالمنهج الديمقراطي .. اذن سبب خروج الانسان على نظام جائر وتعسفي هو لم يكن لمجرد الاستئناس او التفاخر عما فعله وإنما ينتظر التغيير الحقيقي الذي يتوازى مع ما قدمه من التضحيات وأصعبها هو العيش بعيدا عن الوطن .. والسؤال هل ان السياسة الجديدة استطاعت من تغيير واقع الانسان في ظل سياسة الدولة الجديدة..في جلسة قصيرة مع مسئولة منظمة التعليم في اليونسكو وبعد سقوط الطاغية في العراق .. وبعد الانتهاء من وجبة الغداء انفردت بتلك السيدة التي تنحدر من اصول افريقية .. ودار حديث مؤلم للغاية وقد ابدت اسفها الشديد على ما شاهدت من تردي الاوضاع التربوية في العراق ..ومعلوم لكل عراقي كم هو حجم المساعدات التي قدمتها تلك المنظمة من المادية والعينية ولكنها كانت عرضة احتكارها من قبل بعض المسئولين وتم توزيعها على الاقربون والمعارف بداية الفساد الاداري .. كانت نواياها انسانية للغاية وبعيدة عن اي مكسب سياسي لكونها ستحصل على التقاعد ومغادرة المهمات عن قريب ..اطلعتني على جدول زمني لزيارات بعض الاساتذة المتمرسين والذين لديهم شهادة اشراف دولية على المدارس وكوادرها للوقوف على اسباب تردي مستوى التعليم في العراق وقد حددت موعد زيارة لأول فريق سيصل الى العراق ..وفعلا بعد ايام قلائل حضر الى فندق الرشيد وفد بسيط للغاية لكنه لم يكن على مستوى رفيع .. اتصلت بأحد اعضاء الفريق وهو سويسري الجنسية وقد عمل في مدارس اوربية متعددة .. كان الحديث معه وديا وغير رسمي ..في الاثناء وصل صديق لي مدرس لكنه كان يعمل في غير مسلكه وبأجور مؤقتة معي .. وبعد فتح ابواب الحديث بين الاستاذين ..ابدى الرجل امتعاضه عن الوضع التربوي وكأنه مدرس عراقي .. حيث قال لزميلي .. ان مهنة التعليم هي مهنة رسالية ومقدسة ولكن في العراق وللأسف الشديد اصبحت مهنة التدريس مصدرا للتكسب وجمع الاموال .. استغرب صديقي محاولا الدفاع لكن المشرف الاجنبي قال لدينا في منظمة اليونسكو ان هناك تقارير تقول ان مدرسكم يعمل سائق تاكسي .. ومدرس في الصباح وعطار في المساء .. وحتى علمت ان هناك من يمارس مهنة المقاولات بحيث اصبح مدير المدرسة مقاولا سيئا ويرتضى التدريس تحت سقف ينساب منه مياه المطر ولا يعترض لكونه كان مشرف قد تعاطى الرشا .. انفعل صاحبي وبشدة لأنه لا يمتلك من وسائل الدفاع ألا الغيض ..حاول صاحبي ان يشرح له اسباب جنوح المدرسين ولجوئهم الى الانسياق وراء البحث عن المال ..وبعد شرح طويل ولكن قال المدرس المشرف .. انني اعاني من قلة راتبي الذي لا يسد متطلبات المعيشة .. واطظر الى الاستدانة او الاقتراض من المصارف عندما اقرر السفر للاستجمام ..لكنني لا يمكن لي خيانة المهنة التي اخترت وخيانة بلدي في التكاسل او التمارض او ان اعمل وبشكل اسود خارج حدود النظام الضريبي " وقال وان اردت زيادة دخلي في تقديم الدرس الخاص يتحتم علي ان ابلغ الضريبة عما حصلت من زيادة في الاجر .. قال لزميلي ان هذه السفرة الى العراق علي ان ادفع نصف اجرها ..ولأنني اريد ان انال مرتبة وظيفية اعلى بعد تقديم تقريري عن العراق .. وليس من المؤكد ان انال ذلك التقييم .. سأل المشرف الاممي صديقي سؤالا حيث قال .. لأي سبب كان تم طردك من العمل فماذا ستفعل .. قال سأحد عملا آخر واترك مهنة التدريس .. ضحك المشرف الاممي ساخرا وقال لو حدث لي ذلك فأنني سأحصل على راتبي بالكامل وإنا مستغل وقتي لأذهب الى المكتبة لأبحث في مواضيع جديدة ستفرض اعادتي وبمرتبة اعلى وبأجراعلى ...اعود الى العلاقة بين الدولة والإنسان واسأل ما هو الاختلاف بين ثقافة المدرس العراقي الذي يدعي الوطنية والسويسري الذي عمل في اكثر من بلد وبروحية ضمير ينتمي الى الانسانية .. فهل ان الوطنية هي وازع لانتزاع الضمير الانساني ام انها ضرب من ضروب ألانتماء للقبلية الجاهلية ..وهل ان المرء وعلى فرض ان اغلب مدرسونا وأساتذتنا هاجروا من اجل الوطن واقف عند من يدعي انه خرج ولأسباب سياسية ولأجل التغيير ..الاسوء مما كنا لا نعتقده ان يحدث ان من كان معلما او استاذا في المهاجر غادر مهمته الرسالية الانسانية وأصبح تاجرا ومقاولا ..وإذا عاد الى سلك التدريس فسيكون اول المتسابقين الى اعطاء الدرس الخصوصي وبمقابل اجور خيالية ولربما الاغلى .. ولا اعمم ولكنني اقول إلا ما رحم ربي ..ما أدركته ان المدرس السويسري كان يرضع الوطنية في قنينةالحليب بينما نحن كنا نرددها في اناشيدنا وكما تفعل الطيور المقلدة لكلام تسمعه



#محمود_هادي_الجواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما لم يقله الدكتور علي الوردي عن الديمقراطية في العراق
- ذكاء العراقيين يقتلهم بالجملة
- هجرة العقول .. الخطر الذي يداهم العراق
- ضمانة الديمقراطية بضمانة دستورها
- الانوية والبرانويا العمود الفقري للديمقراطية في العراق
- بورصة الاعلام والاعلام المضادومزادات التحليل السياسي
- كتاب الدستور العراقي استغلوا ضعف الوعي الجماهيري
- القضية الفلسطينية بين التطرف و السلاح
- الانتخابات في العراق بين الاقبال والعزوف
- المناسبات ليس بمقدورها من وضع الحلول ، ولكنها لمجرد الاحتفاء
- العملية السياسية في العراق .. المصطلحات التي افشلت الديمقراط ...
- ثابت أ ومتحرك ب في السياسة العربية والاقليمية والدولية
- الانتخابات غسيل للفساد السابق ، وخلق لصراع جديد
- سياسيونا افشلوا الدستور والحضارة
- الديمقراطية في العراق وجدليةالسياسة و الدين في تركيا والجزير ...
- المحاصصة نتاج للتكنلوجيا وليس نتاج للعقل البشري
- قانون الملكيةللعقارات لازال احد مخلفات الفكر الاقطاعي
- البطاقة التموينية ... الحلول المنطقية
- توزيع فائض الميزانبة على الشعب ..هل هو احد حلول تراكم راس ال ...
- لا للمحاصصة..لا للاغلبية .. نعم لحكومة رشيدة


المزيد.....




- الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و ...
- عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها ...
- نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
- -ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني ...
- -200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب ...
- وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا ...
- ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط ...
- خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها ...
- طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمود هادي الجواري - مناظرة بين معلم عراقي ومدرس سويسري